سيداتي آنساتي الدول الـ77 والصين، المحترمات
تحية طيبة وبعد،
تعلمن حجم ما تعرضت له في حياتي من إنتهاكات وإعتداءات وإساءات وحملات تشويه سمعة، وتعلمن أنني تحملت كل ذلك من أجل شعبي ومن أجل إرساء مبدأ النضال السلمي، تحملته بكل صبر ورضا وعن طيب خاطر ولم أتذمر يوماً أو أقول: "أح".
تعلمن أيضاً طبيعة الظروف التي أمضيت فيها أيامي الأخيرة، كانت ظروفاً حزينة ومليئة باليأس والخيبة، ولكنني لم أتذمر ولم أتفوه بكلمة. حتى حين تلقيت أربع رصاصات ورحلت عن دنياكم، فقد تلقيتها بصمت ورضا وعن طيب خاطر ولم أقل: "أح".
ولابد أنكن تعلمن أنني ميت منذ 6 عقود ونصف. ورغم أنني غير راضٍ عن كل الأكاذيب والترهات والأمور المخزية التي تم إلصاقها بي، وغير راضٍ عن الكثير من الساسة والأوغاد الذين تم تكريمهم بإسمي، إلا أنني تقبلت كل ذلك بصبر وصمت ولم يسمعني أحد من زملائي الموتى أتفوه بكلمة تذمر واحدة أو أقول: "أح".
لكنّ ما اقترفته أياديكن أمس في حقي لا يمكن السكوت عنه. إن قيامكن بتكريم رئيس الوزراء اليمني محمد سالم باسندوة بإسمي أقضّ مضجعي وآلمني كثيراً وأساء لي أيّما إساءة ومرّغ سمعتي في وحل الآخرة. لقد أمضيت 66 عاماً بالضبط في عالم الموتى معززاً مكرماً أحظى بالإحترام والتقدير من سائر الموتى ولاسيما منهم الموتى اليمنيون، حتى وصل خبر "فعلتكن" الشنيعة التي وصلت رائحتها إلى هنا. ومن لحظتها، أصبحت محل تندر وسخرية جميع الموتى وبخاصة الموتى اليمنيين الذين كانت تربطني بهم حتى يوم أمس علاقات طيبة جداً يسودها الود والإحترام والتقدير الذي يصل لدرجة التبجيل.
سيداتي آنساتي الدول الـ77 والصين،
من الواضح أنكن لا تعرفن شيئاً عن الموتى اليمنيين. وحتى تدركن حجم الخطأ الذي اقترفتينه أمس، اسمحن لي بتقديم نبذة مختصرة عن كيف يتصرف الموتى اليمنيون في الآخرة:
إنهم أشرس الموتى، وأشدهم ضراوة، وغاضبون على الدوام. يجوبون الآخرة من أولها إلى آخرها حاملين الهراوات، ويبطشون بموتى البلدان الأخرى التي لا تعامل بلدهم بشكل لائق في الدنيا، ولاسيما موتى "الشعوب الشقيقة" المجاورة لهم. وحين يقوم أحد بـ"مراجعتهم" ويطلب منهم التعقل، يردون عليه وهم يهزون الهراوات: "نحن ننتقم للأحياء".
إنهم لا يموتون باكراً، بل يفرون باكراً من الحياة الدنيا لهدف أساسي: الإنتقام لليمنيين الأحياء. هذا ما أصبح واضحاً لجميع الموتى لدرجة أنه لم يعد بوسع الكثير منا التدخل بينهم وبين موتى البلدان التي تناصب بلدهم العداء. فكلما قام أحد بـ"مراجعتهم"، صرخوا في وجهه بغضب: "أيش تظن يا أهبل: جينا هنا نتمشى؟ جينا هنا نلعب؟".
الموتى اليمنيون هيمنوا على الآخرة منذ وقت طويل، ويعتقدون أن هذا من حقهم لأن أحداً لم يسمح لهم أبداً بحكم بلدهم في الدنيا. وقد سيطروا على الآخرة بسهولة لأنهم يتصرفون عكس تصرفات اليمنيين الأحياء: أول شيء يفعلونه بعد فرارهم من الدنيا هو تنظيم أنفسهم والبحث عن الموتى السعوديين (مؤخراً بدأت الآخرة تشهد حالات إعتداء متكررة على الموتى القطريين والإيرانيين).
وقد كانت لدي كلمة مسموعة لديهم، ولطالما أنقذت موتى محسوبين على بلدان متهمة بإضطهاد بلدهم في الدنيا. ولكنني فقدت كل هذا بعد فعلتكن الشنيعة أمس.
كانوا يحبونني وينادونني بنفس اللقب الحميم الذي يناديني به أبناء شعبي "بـابـو". الآن، يصيِّحوا لي: "باسندوة".
لم يعد بوسعي مغادرة مهجعي والإلتقاء بأي منهم، فكلما التقيت بأحدهم بالصدفة، انفجر ضاحكاً في وجهي وسألني بتهكم واضح: "زرّقه؟".
لا أعرف كلمة "زرّقه"، لكن من الواضح أن معناها سيء وأنها لا تليق برجل مسن وميت مثلي، ويبدو لي أنها على صلة وثيقة بـ"باسندوة" الذي كرمتينه أمس بميدالية تحمل إسمي.
عزيزاتي،
كان بإمكانكن تكريمه بجائزة نوبل للسلام أو بميدالية تحمل إسم محمد علي جناح.. لماذا أنا بالذات؟
ما لقيتيني إلا أنا؟!
أنا "المَوْطَفَة" حقكن؟!
"تتوطفين" بي لأني مسالم وطيب ومش حق مشاكل وما أحب الصياح واللياح؟!
عاد شي حياء؟!
هيا اسمعيني يا مكسورات الناموس:
قسماً إذا لم تخرجيني الآن من الورطة اللي حطيتيني فيها، قسماً عظماً إن "الدم بايسيل للرُّكَب" و"الوجه من الوجه أبيض"!
النضال السلمي لا أعرفه ولا أصرفه!
والعنف هو أفضل طريق يسلكه الإنسان لإنتزاع حقوقه..
وأنا مش "مهاتما"،
ولا أنا غاندي..
أنا "أزرّقـُـه" لَكِنْ على دولة دولة وخاصة الصين.
المزيد في هذا القسم:
- شهادة لله والتأريخ! المرصاد نت شهادة لله والتأريخ كان لقاء جمعية ابناء ردفان 13 يناير 2006 م ثالث أيام العيد .. كان لقاء مقيل فيه الأستاذ المناضل علي منصر محمد وأعضاء اللجنة المر...
- وين جت العدالة ؟! المرصاد كتب: عبدالجبار الحاج هل الاخ الرئيس المشاط على علم بالمشكلة وبتفاصيلها ؟ هل لديه معلومات من مصادر المحايدة ام س...
- قائد الثورة الذي ينتمي اليهم ويشعر بهم في ملعب الثورة اليوم صمت الجميع واصغوا وكأن على رؤسهم الطير حين بدء سيد الكلام يلقي خطابا شاملا موجهاً للداخل والخارج، كنت أراقب تلك الوجوه والعيون وهي تنظر نحو...
- عامين من حكم سلمان.. إرهاب وديكتاتورية وقطع رؤوس ! بقلم: جمال حسن* المرصاد نت احتفل العالم برمته الغربي منه والشرقي، المسيحي والمسلم بذكرى رأس السنة الميلادية فيما نحن أبناء الحجاز حملنا معنا الوشاح الأسود حزناً وذرفنا الدموع...
- الصفقة الكبرى بين واشنطن وآل سعود ! بقلم : فؤاد إبراهيم المرصاد نت زيارة محمد بن سلمان هذا الأسبوع لواشنطن ليست عادية ولا تقتصر على المشاريع الاستثمارية في سياق رؤية السعودية 2030 المعلن عنها في نيسان 2016. هي استث...
- إستراتيجية السعودية والإمارات من العدوان على الوطن العربي ؟ المرصاد نت إستراتيجية السعودية والإمارات من العدوان على الوطن العربي ؟ كتب : أ . عبدالباسط الحبيشي* الحروب والتدخلات السافرة وزعزعة إستقرار المنطقة العربية ...
- كارثة الاتفاق الذي يحضر لتوقيعه حول اليمن! بقلم : أ . محمد المقالح المرصاد نت ادرك العدو و ادواته خطورة بقاء البنك المركزي محيدا عن الصراع في مشروعهم لتمزيق اليمن وارتهان قرارها . و منذ البداية حاول العدو العمل على تغيير الث...
- يقتلوننا والعالم صامت والصحف نائمة ! بقلم : رند الأديمي المرصاد نت “المقاومة” تقتلنا ولم نستطيع الى الأن إنتشال الجثث المرمية وهنالك العديد العديد من الجرحى نريد إسعافهم وعندنا نسعفهم تتقطع لنا مليشيات ...
- يمانيون حول الإمام الحسين ( ع ) ! بقلم : أمة الملك الخاشب المرصاد نت من المعروف أن أي حادثة تحدث في التاريخ مهما كانت عظيمة يكون مفعولها كبير ومؤلم في وقت حدوثها وتتلاشى بالتدريج ويخف أثرها كلما مرت السنون ويحدث هذا ...
- هل نحن امام نهاية حركة تحررية وتمزق وطن؟ بقلم : محمد المقالح المرصاد نت منحت اليمن فرصة ذهبية اخيرة لكسر السعودية بعد رفض الاخيرة لاتفاق مسقط وبالتالي اخراج اليمن وانصار الله من كل تداعيات العدوان الاقتصادية والارهابية ...