المرصاد نت
أخطاء كثيرة في تاريخ اليمن السياسي كلفت اليمن واليمنيين الكثير من التضحيات اعتاد المجتمع اليمني على تجاوزها والتغلب علی آثارها بالصبر واحتمال المشاق والمعاناة يمكن ان نصفها بالأخطاء وليس بالخطايا قياسا بما يجري اليوم من سفك عبثي للدم اليمني ومن تدمير جنوني لكل مقدرات الوطن ومن فوضى هستيرية شاملة لكل ارجاء البلاد والذي يعتبر خطيئة بكل المقاييس، اما الخطيئة الكبرى في تاريخنا المعاصر فهي ضياع اليمن الارض والانسان والسيادة والوحدة والاستقلال ..
هذه الخطيئة التي انتجت ثمرتها غير الشرعية المتمثلة في هذه الاوضاع الكارثية التي ربما لم يسبق لها مثيل في تاريخ اليمن الحديث إذ أننا لم نكتف بقتل انفسنا وتدمير حياتنا بايدينا بل جلبنا الاخرين للاجهاز علی كل مقدراتنا واحتلال اهم اجزاء بلادنا ومصادر ثرواتها ومواردها وتقاسم موانئها ومنافذها الاستراتيجية .
المحزن والمؤلم اننا جلبناهم بايدينا ومكناهم من احكام قبضتهم على مصائرنا بانفسنا !! في أغبى وابشع سلوك (شمشوني) سلكه اليمنيون في تاريخهم المعاصر .. كان اليمنيون يكفرون عن اخطائهم الماضية بالصفح والغفران وبالتسامح فيما بينهم .. فكيف يمكن لهم اليوم التكفير عن خطيئتهم الكبری وباي وسيلة ؟ بعد خراب مالطا؟ ..
كانت أخطاء الماضي بالرغم من فداحة بعضها أو معظمها, الا انها كانت غالبا محصورة في اطرافها ونطاقها, ومحدودة في اثارها وانعكاساتها علی الثوابت الوطنية , رغم ما كان يصيب المجتمع من أضرار مادية ونفسية، فقد
كانت التعبئة الاعلامية والسياسية والشعارات التي يرفعها اطراف الصراع تتوقف عند سقف محدد لا يتعدى الخطوط الحمراء للثوابت الوطنية التي تمثل القواسم المشتركة بين كل ابناء الوطن, فالوحدة الوطنية كانت شعار كل اطراف النزاع في الحروب الشطرية, والحفاظ على المصالح الوطنية العليا!! كانت اللوحة العريضة التي يرفعها قادة الانقلابات العسكرية والصراعات الدموية علی السلطة, وكان الموقف الشعبي لكل شرائح المجتمع وفئاته المغلوبة على امرها هو الحياد القسري والتسليم بالنتائج والاذعان للطرف المنتصر , وكأنه – اي المجتمع- كان يكتفي من الغنيمة بالاياب كما يقال ،فقد كان يخرج من تلك الاحداث بأضرار وجروح قابلة للتعويض والالتئام والنسيان بمرور الزمن , فوحدته الوطنية ثابتة لم يهتز ايمانه بها، ونسيجه الاجتماعي متماسك لم يتمزق ،وتعايشه المذهبي في أفضل صور التسامح والإخوة الايمانية كما جاءت بها الشريعة الإسلامية السمحاء ..
كان الصراع بين احزاب وقوی سياسية وعسكرية, تمتلك القوة والقدرة على فعل ما تريد الا انها لم تكن تجرؤ علی اثارة العصبية المذهبية أو النعرات الشطرية والمناطقية او العنصرية أو غيرها من الدعوات الجاهلية التي تمس الثوابت الوطنية والدينية والثقافية للمجتمع اليمني ..
لا ننكر ان الصراعات السياسية الماضية، اضرت بالمصالح الوطنية واعاقت النهوض الحضاري لليمن في مجالات الحياة المختلفة, لكن اليمن بقي متماسكا .. اليمن بهويته الوطنية الواحدة والموحدة، بتاريخه وماضيه الحضاري وبمشاعر ابنائه وآمالهم والامهم وتطلعاتهم الواحدة . اليوم نقف امام هذه الثوابت وهي تنهار وتتلاشى امام أعيننا كما يتلاشى الوطن ويتمزق ، والألم يعتصر قلوبنا والخوف علی مصير بلادنا ومستقبل اولادنا ومشاعر الاحباط والياس تسيطر علی عقولنا وتفكيرنا .. إنها الخطيئة الكبری التي اوقعنا فيها جهلنا وسوء تقديرنا وتكالبنا على السلطة ..
فهل نكتفي بما اصابنا حتی الان تكفيرا عن تلك الخطيئة. .؟ ام اننا ما زلنا في حالة الاعراض التي اصابت اسلافنا وما زالت تلاحقنا. .؟ لقد حذرنا الله من تكرارها في قوله تعالى: ( لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ … الآية َ * فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ * وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقًا مِّنَ المُؤْمِنِينَ * ) ( سبأ : 15 – 22 ) صدق الله العظيم..
كتب : د. يحيى الماوري
المزيد في هذا القسم:
- عن إحاطة ولد الشيخ لمجلس الأمن ! بقلم : فهمي اليوسفي المرصاد نت قراءتي بإختصار عن الإحاطة الأخيرة التي تقدم بها المندوب الاممي ولد الشيخ لمجلس الأمن . سيجد من يتناول قراءتها بعمق إكتشاف مابين السطور وما تحتوي...
- وقفات سريعة في مذبحة الجنود ! *صور الرؤوس المقطوعة بالسكاكين ذبحتني من الوريد الى الوريداشعر بالالم القاتل اشعر بالغثيان اشعر بالغضب اشعر بالقرفارجوكم لا تعرضوا هذه الصور على حائطياخاف على ن...
- سقوط العِقال السعودي مع الغُترة! المرصاد نت سقوط العِقال السعودي مع الغُترة كتب: عبدالباسط الحبيشي في أول غارة للتحالف السعودي على اليمن عام 2015م حكم النظام السعودي على نفسه بالسقوط وبدأت ...
- جماعات الموت والدمار ! المرصاد نت على طول الساحة العربية والإسلامية ابتداء من أفغانستان مرورا بمصر وسوريا والجزائر والعراق وليس انتهاء باليمن فشلت الجماعات المتأسلمة في صناعة أي مشر...
- هل يفسد باتريك ما أصلحه غريفيث؟ المرصاد نت لم يكُنِ الاحتفاءُ الدوليُّ والأُمَــمي ممثلاً بحضور رأس الهرم للأُمَــم المتحدة غوتيريش لاتّفاق ستوكهولم الذي تم التوقيعُ عليه بين الأطراف اليمنية ...
- الإرهاب رؤية إسرائيلية ! بقلم : فضل عباس جحاف المرصاد نت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسعودية كمحطة أولى في جولتة الخارجية الأولى عقب تنصيبه رسميا رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية في يناير الماضي &...
- آينشتاين .. والقادم المرعب في الجنوب ! بقلم : د.علي الطائفي المرصاد نت نظريه آينشتاين الشهيرة والمعروفة بالنظرية النسبية للمادة والتي كان لها الدور الرئيسي في برهنه وإثبات قانون حفظ الكتلة وبعد كل هذه السنين من اكتش...
- خطورة الأقلمة على اليمن ! بقلم : د. علي حسن الخولاني المرصاد نت الأقلمة لا تستهدف اليمن فقط، بل تستهدف أيضاً، سوريا، ليبيا، شمال السودان.. حتى العربية السعودية نفسها، وقد آتت وفق أجندات تخدم الصهيونية العالمية، ...
- اليمن في خارطة صناع عاصفة الوفاق ! بقلم : عبدالعزيز البغدادي المرصاد نت ما لم يقف اليمنيون وقفة جادة أمام أسباب تعثر بناء الدولة اليمنية الحرة المستقلة ذات السيادة سنبقى في حالة شكوى دائمة من انعدامها أو وجودها ولكن ...
- المشروع التكفيري مشروع حرب بالوكالة! بقلم : محمد فايع المرصاد نت الحرب بالوكالة" هي حرب بين طرفين أو أكثر يتم تقديم الدعم والمعونة الى أحد اطرافها من قبل رعاة وحماة أجانب بغية تحقيق مصالح اولئك الرعاة والحماة الا...