المرصاد نت - متابعات
يحتفل السودانيون، اليوم الإثنين، بذكرى أول ثورة شعبية في بلادهم أطاحت أول حكم عسكري لكن الاحتفال في حد ذاته كان مدار خلاف حتى داخل تحالف الحرية والتغيير، الذي أطاح نظام المعزول عمر البشير في إبريل/ نيسان الماضي. ففي عام 1964 عرف السودانيون طريق الخروج للشوارع للمرة الأولى بغية إسقاط نظام الفريق إبراهيم عبود الذي حكم البلاد بين عامي 1958 و1964. نجحت الثورة يومها في إطاحة النظام وتشكيل حكومة مدنية انتقالية أعقبتها انتخابات عامة. ويعتبر كثير من السودانيين أن ثورة إبريل الأخيرة التي أطاحت نظام البشير ما هي إلا امتداد لثورة أكتوبر التاريخية وامتداد لثورة شعبية أخرى في عام 1985 أطاحت نظام الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري.
ويحاول ناشطون وأحزاب سياسية استغلال المناسبة لتصحيح مسار الثورة الحالية، بسبب ما يعتبرونه أخطاءً في الأشهر التي تلت نجاح الثورة، لذلك جاءت دعوتهم لمليونية، اليوم الإثنين. لكن هذا التوجه أثار مخاوف قوى سياسية أخرى على مستقبل الفترة الانتقالية ومخاوف على حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، فضلاً عن بروز خشية بشأن مدى تماسك تحالف الحرية والتغيير.
وانقسمت قوى الحرية والتغيير على نفسها بشأن الدعوات للمليونية من جهة وحول أهدافها من جهة أخرى، فهناك أحزاب تطالب بأن تكون ذكرى ثورة أكتوبر مناسبة لدعم الحكومة الانتقالية وأخرى تريدها مجرد أداة ضغط على حكومة حمدوك، لتحقيق أهداف الثورة، وفئة ثالثة تضمّ ناشطين في الحراك الثوري، ترغب في أن يكون الغرض تصحيحاً كلياً لمسار الثورة. وانضم لتلك الفئة ناشطون من تيارات إسلامية معارضة كانوا أكثر تشدداً بمطالبتهم المتظاهرين بالاعتصام مجدداً أمام القيادة العامة للجيش السوداني، على غرار ما حصل في 6 إبريل/ نيسان الماضي.
ومن أبرز الأحزاب التي تبنّت الخروج في المليونية، الحزب الشيوعي السوداني، الذي ذكر في بيان له أن الغرض هو تحقيق شعارات الثورة واستكمالها، عبر بنود عدة تتضمن تفكيك التمكين من مفاصل الدولة والإعلام، وتكوين لجنة التحقيق المستقلة الدولية في فضّ اعتصام الخرطوم، ومتابعة قضية المفقودين والقصاص للضحايا، وحلّ مليشيات الدعم السريع، ومليشيات الدفاع الشعبي، وكتائب الظل، والوحدات الجهادية الطلابية. ويضاف إلى ذلك المطالبة باستعادة الأموال المنهوبة وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية وتحقيق السيادة الوطنية بالخروج من محور حرب اليمن وسحب القوات السودانية من هناك، وإلغاء كل القوانين المقيّدة للحريات، وتحقيق السلام العادل والشامل في البلاد، بمخاطبة جذور المشكلة. وطلب الحزب الذي يُعدّ واحداً من مكونات تحالف الحرية والتغيير من المتظاهرين التوجه لمجلس الوزراء، مع التعهد بسلمية الموكب.
كما صدر من تجمع المهنيين السودانيين في اليومين الماضيين وهو الكيان الأكثر تأثيراً في تحريك الشارع، بيان مؤيد للمليونية لكن لغة بيانه جاءت مختلفة عن لغة الحزب الشيوعي. فقد دعا "التجمع" إلى تسيير مواكب وفعاليات اليوم بالعاصمة الخرطوم والولايات تحت شعار حل حزب المؤتمر الوطني حزب البشير وإقالة رموز النظام السابق والوقوف في جبهة موحدة من أجل تصفية الفساد والإرهاب.
على الجانب الآخر ومن داخل قوى إعلان الحرية والتغيير، تعارض أحزاب عدة الفكرة تماماً، مثل حزب المؤتمر السوداني، الذي أصدر بياناً جاء فيه أن بعض الدعوات لمليونية 21 أكتوبر جاءت من جهات معادية للثورة في سياق مخططات لإجهاض الفترة الانتقالية عبر تعبئة الجماهير ضد الحكومة للتغطية على الانقضاض العسكري على السلطة الانتقالية. الموقف عينه ذهب إليه حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي الذي رفض في بيان من أمانته العامة المشاركة في المليونية بحجة أن الدعوة لها لم تصدر من المجلس المركزي لقوى إعلان الحرية والتغيير. ولم يكتفِ الحزب بذلك بل وصف تلك الدعوة بالفتنة والفوضى مضيفاً أن الواجب الوطني يفرض على الجميع حمایة مؤسسات الحكم الانتقالي، من الاختطاف عبر البحث عن منافذ لتقویض الحكومة الانتقالیة.
أما التجمع الاتحادي وهو أيضاً أحد مكونات قوى الحرية والتغيير فقد أعلن مقاطعته الخروج في المسيرة منعاً لخلق البلبلة في أوساط الجماهير، والتشكيك في حكومة الثورة، حسبما جاء في بيان له. واتهم التجمع الاتحادي من سمّاهم فلول النظام البائد بالمبادرة، بالدعوة للمسيرة بتوجهات محددة ليس من بينها الاحتفال بثورة أكتوبر أو الزخم الثوري المستمر منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي بل الهدف الرئيسي للفلول هو خلق البلبلة في أوساط الجماهير، والتشكيك في حكومة الثورة ودق إسفين في وحدة الصف الثوري الذي ظل يستجيب فقط لدعوات تجمع المهنيين، وقوى الحرية للخروج في المواكب والمسيرات السلمية.
وسبق أن نفى المؤتمر الوطني حزب البشير دعوته إلى أنصاره للخروج للشارع. كذلك نفى حزب المؤتمر الشعبي الأمر عينه. وقال أمين الإعلام في الحزب، الفاضل علي إن حزبهم يؤمن تماماً أن الوضع البلاد لا يحتمل أية فوضى أو حتى تظاهرات في الوقت الراهن. كذلك كذب علي ما أُشيع عن اتفاق بين الشعبي والمؤتمر الوطني وجماعات أخرى إسلامية، للخروج في تظاهرات وتفويض الجيش والأمن لتسلّم السلطة مؤكداً أن حزبهم يؤيد إجراء انتخابات مبكرة وضد الانقلابات العسكرية كلياً.
من جهته أوضح القيادي في قوى إعلان الحرية والتغيير شريف محمد عثمان، أن التحالف حدد بوضوح أهداف الاحتفال بذكرى أكتوبر ومطالبته بأمور واضحة تتعلق بحل حزب البشير وملاحقة المفسدين وتكوين لجنة التحقيق وتحقيق السلام الشامل في كل مناطق السودان. وأكد أن جميع المكونات متفقة على أمكنة الاحتفالات والبرامج المصاحبة وأن أي دعوات أخرى تصدر لا تمثل الحرية والتغيير. ونفى عثمان وجود أي انقسام سياسي داخل الحرية والتغيير أو حتى انقسام على مستوى اللجان القاعدية في الأحياء.
لكن محمد الأمين عبد العزيز أحد الناشطين الداعمين لحراك الغد، رأى أن لجان المقاومة في الأحياء اتخذت مساراً بعيداً عن الحرية والتغيير بغرض إبلاغ رسالة لها لتصحيح العديد من الأخطاء التي ارتُكبت في الفترة السابقة بما في ذلك اختيار وزراء لا يمثلون الثورة، مشيراً إلى أن إبعادهم هو واحد من المطالب وبما لا يصل لإبعاد عبد الله حمدوك عن رئاسة الوزراء. وأضاف عبد العزيز أن قوى الحرية والتغيير تطالب بحل حزب البشير وستفعل ذلك تحت ضغط الجماهير، التي تريد أيضاً استكمال كل خطوات الثورة.
أما الناشط، عمار السجاد المحسوب على التيارات الإسلامية فأكد أن ترتيباتهم تمضي بصورة جيدة للوصول إلى القصر الرئاسي ومجلس الوزراء والقيادة العامة للجيش السوداني، للضغط من أجل تصحيح مسار الثورة التي قال إنها تعرضت للاختطاف. وأشار إلى أن تصحيح المسار بالنسبة لهم، يعني إنهاء حالة المحاصصة في تقسيم الوزارات والمناصب العامة التي قامت بها الحرية والتغيير، والتأكيد على وجود كفاءات حقيقية في كل المواقع مع المطالبة بالقصاص لشهداء الثورة بعد المساومات والتسويات بين العسكر والحرية والتغيير، فضلاً عن التأكيد على مدنية السلطة. وقال إن العسكريين وضعوا المدنيين في جيوبهم وإن أبرز تجليات حكم العسكر هو سيطرتهم على المؤسسات الاقتصادية واحتكارهم استثمارات حكومية لا تقل عن 20 مليار دولار، ينبغي أن تكون كلها تحت تصرف الحكومة المدنية. ونفى السجاد بشدة تمثيل حراكهم لواجهات سياسية، بما في ذلك التيارات الإسلامية، قائلاً إن الذين يعملون ضمن مبادرته جميعهم غير مسيسين.
المزيد في هذا القسم:
- مظاهرات تعمّ أربعين مدينة مغربية احتجاجا على طحن مواطن يبيع أسماك المرصاد نت - متابعات يعيش المغرب منذ يوم الجمعة الماضي على إيقاع مقتل بائع سمك في منطقة الحسيمة شمال المغرب لطحنه في شاحنة زبالة أثناء احتجاجه على مصادرة تجار...
- مقتل وإصابة 6 جنود أتراك في هجوم استهدف قاعدة عسكرية المرصاد نت - متابعات قتل جنديان تركيان وأصيب 4 آخرون في هجوم شنه حزب العمال الكردستاني جنوب شرق تركيا الليلة الماضية. وذكرت مصادرأمنية لموقع روسيا اليوم أن...
- الحرب على غزة مباشر.. أكثر من 7000 شهيد والاحتلال يقطع الاتصالات عن القطاع بالكامل المرصاد-متابعات في اليوم الـ21 من الحرب على غزة، أوقعت موجة جديدة من الغارات الإسرائيلية المزيد من الشهداء في مناطق مختلفة بينها خان يونس ومخيم جبا...
- من وعد بلفور إلى معاهدة سايكس ـ بيكو الى.. “صفقة القرن” لن تمر! المرصاد نت - متابعات صفقة القرن.. وما ادراك ما صفقة القرن؟ إن شئت الاختصار فهي النتيجة المحققة والمؤكدة لصفقات القرن الماضي، من وعد بلفور للحركة الصهيونية بق...
- بيونغ يانغ تختبر صاروخَين قصيرَي المدى: احتجاج كوري جنوبي وصمت أميركي ! المرصاد نت - متابعات عادت كوريا الشمالية إلى استئناف تجاربها الصاروخية بعد وقفها لشهرين وإن بصخب أقلّ مما كانت عليه في السابق. وتأتي التجربة الجديدة التي جرت ...
- حصار قطر: التضحية بوحدتنا قرباناً للولايات المتحدة المرصاد نت - متابعات ماذا يحدث في الخليج ماذا حدث لدول مجلس التعاون الخليجي؟ لماذا هذا الانقسام لماذا كل هذه الحرب الإعلامية المسعورة من قبل بعض القنوات الممو...
- اتفاق أوروبي ــ ياباني «تاريخي» لمواجهة ترامب المرصاد نت - متابعات وقّع الاتحاد الأوروبي واليابان اليوم في طوكيو اتفاقاً طموحاً للتبادل الحر (جيفتا) يعتبر بمثابة «رسالة قوية» ضد الحمائية التي ...
- إلى أين يمكن أن يصل الصراع بين بكين وواشنطن؟ المرصاد نت - متابعات وسط الحرب التجارية القائمة بين البلدين شنت الصين هجوماً حاداً على الولايات المتحدة واصفة إياها بأنها أكبر عامل لعدم الاستقرار في العالم. ...
- بعد واحد وأربعين عاماً على زيارة السادات للقدس ! المرصاد نت - متابعات واحد وأربعون عاماً مضت على زيارة الرئيس المصري أنور السادات للكيان الصهيوني فقد فاجأ الرئيس السادات الشعب المصري والوطن العربي والعالم حي...
- 46 عاماً على انتصار أكتوبر: أحيا ذكرى حرب تشرين! المرصاد نت - متابعات يحيي السوريون والمصريون اليوم ذكرى حرب تشرين التحريرية في عام 1973 م بالتزامن مع الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري في حربه على ا...