المرصاد نت - متابعات
تتجه الأوضاع بين باكستان والهند نحو التهدئة بعد جولة التصعيد الأخيرة التي وصلت إلى حدّ الاشتباك الجوي بين قوات البلدين.
وأعلنت الخارجية الباكستانية أمس عودة سفيرها لدى الهند إلى مهماته قبل 14 آذار/ مارس الجاري بعدما كان قد استُدعي إثر الأزمة. كذلك بدأت إسلام آباد حملة ضد جماعات متشددة محظورة اعتقلت في إطارها 44 عضواً بينهم أقارب زعيم جماعة «جيش محمد».
ورغم هذه الأجواء لا يزال منسوب من التوتر يخيم على الجارين النوويين إذ أعلنت البحرية الباكستانية أمس أنها منعت غواصة هندية من دخول مياهها الإقليمية. ونشرت البحرية الهندية فيديو للغواصة الهندية بتاريخ الاثنين الماضي وقالت إنها أُبعِدَت من دون أن تتعرّض للاستهداف.
الإعلان الباكستاني ردّت عليه البحرية الهندية بالنفي مشيرة إلى أنه جزء من «حملة دعائية كاذبة» تقوم بها إسلام آباد. في الأثناء عادت نيودلهي لتؤكد نجاح عملية القصف الجوي الأخيرة داخل الأراضي الباكستانية ضد تنظيم «جيش محمد» حيث أكد وزير الداخلية الهندي أنه رُصد وجود 300 هاتف محمول في المكان المستهدف قبل العملية.
جذور التوتر الهندي الباكستاني
الأزمة التي اندلعت بين الهند وباكستان تعود لأكثر من 70 عاماً بسبب قضية كشمير. فمنذ أن أصدر البرلمان البريطاني في 17 تموز/ يوليو 1947 قانون استقلال الهند الذي أنهى الاستعمار البريطاني لها الذي تبعه بعد شهر قرار تقسيم شبه القارة الهندية برزت قضية كشمير كعقدة بين دولتي الهند وباكستان اللتين تشكلتا حديثاً. إذ قرر حاكم كشمير الهندوسي هاري سينغ الانضمام إلى الهند متجاهلاً رغبة الأغلبية المسلمة بالانضمام إلى باكستان ومتجاهلاً القواعد البريطانية السابقة في التقسيم التي تنص على أن تنضم الولايات ذات الأغلبية الهندوسية إلى الهند على أن تنضم الولايات ذات الأغلبية المسلمة إلى باكستان.
وتمثل كشمير أهمية استراتيجية لكل من الهند وباكستان فالأولى تتمسك بها بشدة وترفض التنازل عنها فهي تعتبرها عمقاً أمنياً إستراتيجياً لها أمام الصين وباكستان فيما تطالب باكستان بانضمام كشمير إليها أو على الأقل منح سكانها حق تقرير المصير.
وجاء الهجوم الانتحاري الأخير في 14 شباط/ فبراير الماضي الذي تبنّاه "جيش محمد" وقتل فيه 42 عسكرياً هندياً في الشطر الهندي من كشمير ليشعل فتيل التوتر بين البلدين. قامت الهند بداية بقصف ما قالت إنه معسكرات لـ"جيش محمد" المصنفة "إرهابية" داخل الأراضي الباكستانية وبينما كانت طائرتان هنديتان تخترقان الأجواء الباكستانية أسقط سلاح الجو الباكستاني طائرة داخل مجاله الجوي في كشمير وتمّ توقيف طيّارها الهندي من قبل العسكريين الباكستانيين فيما أعلنت إسلام آباد أن طائرة هندية أخرى تحطمت في الجانب الهندي من كشمير. ولاحقاً أفرجت باكستان عن الطيار الهندي كبادرة حسن نية لإنهاء فتيل التوتر الذي كاد أن يشعل حرباً بين الدولتين النوويتين بعد دعوات من الدول المجاورة والمجتمع الدولي لنزع فتيل الحرب.
وعن إمكانية تطور الأحداث الأخيرة إلى حرب بين الدولتين اعتبر مسؤول العلاقات الخارجية لحزب "مجلس وحدة المسلمين في باكستان" السيد شفقت شيرازي أن الأزمة هي أزمة من الطرف الهندي لأن الحكومة الهندية لديها مشاكل داخلية.
وأضاف شيرازي أن رئيس الوزراء الهندي ناريدرا مودي يريد أن يربح الانتخابات المقبلة من خلال هذا التصعيد، بعد إثارته مشاكل بين المسلمين والهندوس داخل الهند في الانتخابات الماضية، وهو الآن هو في وضع حرج لأنه يواجه ضغوطاً داخلية حيث لا تريد حكومته ولا الشعب الهندي أيه مواجهة أو حرب وكذلك الأمر بالنسبة لباكستان.
"الدولتان لديهما أسلحة نووية وهما على بركان نار وبارود وإن اندلعت الحرب ستكون دماراً وستكون لها تداعيات في كل المنطقة وليس من مصلحة أحد أن تندلع الحرب" بحسب شيرازي الذي يلقي "اللوم على التصرفات الهندية غير المقبولة".
ويوضح أن "ثمة قراراً للأمم المتحدة في عام 1948 بإجراء استفتاء للسكان لتقرير مصير كشمير بالاستقلال أو بالانضمام إلى باكستان أو الهند في حين كانت الهند ترفض الاستفتاء والجلوس إلى طاولة الحوار مع السلطات الباكستانية ولا مع المؤسسات الدولية".
ومع أن شيرازي لا يرى وجود "بوادر أو دواعٍ لكي تبدأ الحرب بين الهند وباكستان لكنه يخشى أن ترتكب الحكومة الهندية "الحماقة" مؤكداً أن "هناك قراراً باكستانياً بالرد السريع على أي اعتداء من الطرف الهندي".
وبحسب السياسي الباكستاني فإن "الكرة الآن في الملعب الهندي". ورغم دعوات المجتمع الدولي وبعض دول الجوار للتوسط ولحل المشكلة لا يزال الموقف الهندي غير مفهوم بالنسبة للسلطات الباكستانية وخاصة حين تعلن الهند أن لديها قنوات أخرى للتحاور في حين أنها ترفض واقعياً الحوار "وبهذه الذهنية من الممكن أن ترتكب الحماقة ويحصل ما لا يحمد عقباه".
الهند تتهم باكستان بتمويل "جيش محمد" المرتبط "بالقاعدة" والذي تبنى الهجوم الأخير بحسب السلطات الهندية لكن شيرازي يعتبر أن هذا الكلام كان له واقع في تسعينيات القرن العشرين. "أما اليوم فباكستان دحضت كل هذه الوقائع إذ ليس من مصلحتها أن تقوم أي جماعة من داخل أراضيها بمهاجمة أي دولة أخرى مجاورة" مشيراً إلى أن "السلطات الباكستانية طالبت مراراً السلطات الهندية بتقديم أدلة على اتهاماتها "وحتى الآن لم تقدم الهند أية دلائل لتأكيد اتهاماتها".
"كشمير تعاني من أزمة كبيرة جداً منذ 71 عاماً وهناك مسلمون مضطهدون يُقتلون داخلها وأكثر من مئة ألف شهيد وعشرات الآلاف في السجون يتعرضون لانتهاكات غير انسانية وفق الأمم المتحدة" يقول شيرازي.
ويضيف: "الكشميريون اليوم لا يخافون لا من قوة الجيش الهندي، ولا من السلطات الهندية وهم حاضرون في الشارع ومطلبهم الاستقلال والحرية" المحكمة العليا داخل كشمير المحتلة أعلنت أن كشمير لا تخضع لدولة الهند وكرّست هذا القرار قبل أيام.
في المقابل قالت المحللة والصحافية الهندية أديتي بهادوري في موقع "انترناشول أفيرز ريفيو" إن الهند لديها مطلب واحد فقط من باكستان هو "وضع حد للإرهاب في الهند".
وفي رأي بهادوري "فإن باكستان خسرت دائماً في مواجهة الهند في حرب تقليدية بدأت بتغذية واستخدام جهات غير حكومية ضد الهند مثل مسعود أزهر وحفيظ سايكس وغيرهما، هؤلاء الناس يعملون من أراضي باكستان وبدعم من الدولة الباكستانية، وهناك الكثير من الأدلة المتاحة". وأكدت أن "كشمير ليست السبب الحقيقي للنزاع رغم أنها نقطة احتكاك وإختلاف".
واعتبرت بهادوري أن السبب الأساسي هو أن "الجيش الباكستاني هو القوة الحقيقية في باكستان وأنهم يستمدون مبرر وجودهم في أعين الناس من خلال الإشارة إلى التهديد الهندي. هذا أيضاً تمّ بحثه وتسجيله من قبل الباحثين والخبراء والصحافيين الباكستانيين الذين اضطر بعضهم للانتقال إلى بلدان أخرى في المنفى من أجل ذلك".
وأضافت المحللة الهندية أنه بعد أن أصبحت كل من الهند وباكستان دولة نووية "استخدمت باكستان التهديد النووي لمنع أي انتقام من الهند مرة أخرى لشنّ هجمات متعددة أطلقتها من خلال هذه الجهات غير الحكومية مثل هجمات مومباي عام 2008، وهجمات أخرى بعد ذلك". وأشارت إلى أن "الصحافي الباكستاني المشهور حامد مير سافر إلى قرية الإرهابي الذي اعتقل في مومباي وأكد ما اكتشفته السلطات الهندية".
وتابعت بهادوري أنه "باستثناء عزل باكستان دبلوماسياً لم تستخدم الهند الخيارات العسكرية الأخرى حتى الآن.. هذه المرة عندما قتل 42 من أفراد القوات شبه العسكرية في هجوم إرهابي في كشمير الهندية ردّت الهند للمرة الأولى بضربها في عمق الأراضي الباكستانية".
وأشارت إلى موقف وزارة الشؤون الخارجية الهندية بأنها "لا تريد إيذاء المدنيين الباكستانيين أو حتى أي هدف لباكستان مثل الجيش أو القوات الجوية لكنها ستهاجم فقط أهدافاً إرهابية".
المزيد في هذا القسم:
- المشهد السوري يحتدم والجيش يصنع البطولات والكلمة ما تزال للميدان العسكري! المرصاد نت - متابعات في ظل الحديث عن التغيرات الدولية الحاصلة لا سيما بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا لأمريكا يخرج البعض ليضع الشأن السوري ضمن الملفات القابلة ل...
- انه يوم ' داعش ' وهجماته الدموية .. ما هي الرسالة ؟ ولمن؟ المرصاد نت - رآي اليوم هجمات دموية مميتة وغير مسبوقة يوم (الاثنين 23 مايو2016 خلفت المئات من الضحايا في عدن جنوب اليمن وفي مدينتي جبلة وطرطوس في الساحل الش...
- لافروف يبدأ جولة خليجية ..هل تبتعد دول الخليج من الغرب وتتقرب للروس؟ المرصاد نت - متابعات أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يبدأ اليوم الأحد بجولة خليجية تشمل المملكة السعودية والإمارت وقطر والكو...
- حرب ترامب على النفط: السعودية «راكب يدفع»... لوجهة مجهولة! المرصاد نت - متابعات يثبت الرئيس الأميركي كل مرة أن إدارته لا تتشارك مع السعودية النظرة ذاتها إلى العلاقة بين البلدين برغم كل تسليفات ولي العهد السعودي للأمير...
- الجيش العربي السوري يكثّف عملياته لتطهير قرى وادي بردى الورقة الأخيرة لداعش وأخواتها المرصاد نت - متابعات كثّف الجيش العربي السوري والحلفاء من عملياتهم العسكرية في قرى وادي بردى بريف دمشق خلال الأيام الأخيرة لاسيما بعد خرق المسلحين التابعين لج...
- ماكرون رئيسا لفرنسا .. ولوبان تعترف بهزيمتها المرصاد نت - متابعات أصبح مرشح حركة "إلى الأمام" إيمانويل ماكرون رئيسا لفرنسا بنسبة أصوات بلغت 65.5% فيما حصلت مرشحة "الجبهة الوطنية" (أقصى اليمين) مارين لوبا...
- مقتل 9 من قوات الأمن المصرية في هجوم انتحاري في مدينة العريش المرصاد نت - متابعات أفادت مصادر أمنية مصرية بقتل تسعة أفراد من قوات الأمن المصرية وإصابة 16 آخرين في تفجير انتحاري استهدف صباح اليوم كمين «المطافي&raqu...
- سوريا : العين على حدود الجولان: لا «موك» بعد اليوم المرصاد نت - متابعات شكّلت الحدود السورية ــ الأردنية لسنوات طويلة عصب الدعم العسكري والاستخباري للفصائل المسلحة العاملة في الجنوب وتحكمت غرف العمليات الغربية...
- الأردن.. سخط شعبي رفضاً لإتفاقية الغاز مع الاحتلال! المرصاد نت - متابعات أثار دخول إتفاقية الغاز الموقعة بين الاردن وكيان الاحتلال الإسرائيلي حيز التنفيذ، موجة واسعة من الإدانات والأحتجاجات الشعبية على شبكات ال...
- أنفجارين في سوريا بمدينة الحسكة مصادر أعلامية : استهداف مواطنين في مدينة الحسكة بسوريا بتفجيرييين نفذه انتحاريين ارتقى على اثرها قرابة 100 شخص ما بين شهيداً وجريح .....