المرصاد نت
ثمة أناس لا ينظرون إلا إلى جسد المرأة، ولو سنحت لهم الفرصة لعادوا بنا إلى الجاهلية الأولى حين كان وأد المرأة ديدن بعض الأعراب قبل أن تأتي الرسالة المحمدية وتضع حدا نهائيا لتلك الجريمة البشعة التي أشار إليها القرآن الكريم في قوله عز وجل: وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت. !
واليوم فإن المتطرفين يعمدون إلى وأد المرأة معنويا بزعم نشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة التي يلصقونها بالنساء والنساء فقط.. وهؤلاء الذين تحركهم غرائزهم فحسب يظنون أنهم أكثر غيرة على الدين والمجتمع، مع أنهم قد لا يكونون القدوة والأسوة الحسنة في مجتمعاتهم بالضرورة، بل لعل حال بعضهم يناقض مقاله، وبدل أن ينشغل بعيب نفسه وبالأولويات، تجده لاهثا وراء سفائف الأمور التي لا تقدم ولا تؤخر، بقدر ما تخدم العدو المتربص لكل هفوة صغرت أو كبرت.!
ولو تأمل هؤلاء ومن يسايرهم في حال المجتمع اليمني المسلم لوجدوا كثيرا من الظلم والغبن الذي يلحق بالمرأة وسط تخاذل وصمت ذوي الأمر والنهي، في واقع أليم لا يستقيم مع أمة تدعي أن ثقافتها القرآن ومنهجها الإسلام، وتباهي أنها أكثر الدول احتفالا بالنبي محمد واحتفاء بسيرته عليه الصلاة والسلام، وهو الذي خاطب جموع المؤمنين في حجة الوداع قائلا: استوصوا بالنساء خيرا.
هل سأل أمثال هؤلاء أنفسهم، كم امرأة لا تفقه في أمر دينها ودنياها شيئا لأنها حرمت من التعليم..
وكم امرأة تعيش ألوان المهانة في بيت أبيها أو زوجها تحت دعوى بض العادات والتقاليد التي لا تستقيم مع الدين ولا مع العصر..
وكم من النساء يعشن الفقر والحاجة بينما لا يعترف البعص بحقوقهن المشروعة في الميراث والنفقة والحياة الكريمة..
وهل سأل البعض نفسه، لماذا تخرج النساء للتسول وللبحث عن كسرة خبز بعد أن ضاقت بهن الأرض، وتخلى عنهن القريب والبعيد..
وبالله عليكم، أي صورة أشد عارا في مجتمع مسلم من صورة امرأة تخرج لطلب العون والحاجة، فلا تجد سوى عيون تتفحص ما وراء نقابها وجلبابها..!
***
أثبتت المرأة اليمنية خلال خمس سنوات من الحرب والحصار والعدوان أنها الرقم الصعب في معادلة الصمود، فوراء الأبطال في الجبهات أمهات وأخوات وزوجات صابرات محتسبات.. ووراء كل قافلة عطاء ومدد قوافل من النساء الباذلات المال والدم.. وبين سطور حكايات الشهداء دموع ودعوات ضارعة لله في النهار، وخلف كل انتصار تسابيح وصلوات في جوف الليل وساعات السحر..
الجبهة الصحية عنوانها طبيبات وممرضات ومتطوعات، وكذلك الحال في الجهة التربوية ..
وللمرأة اليمنية حضور كبير في الجبهتين الثقافية والإعلامية، وفي مختلف منصات المواجهة مع الحرب الناعمة والتضليلية التي يشنها العدوان السعودي الأمريكي على المجتمع ويعمل من خلالها على إذكاء الفرقة وخلخلة الجبهة الداخلية. وبعد ذلك يأتي من يريد أن يختصر المشهد النسوي في معركة جانبية سبق واختلقتها تنظيمات وهيئات في عدة دول ومجتمعات إسلامية ثم جاءت نتائجها على النقيض تماما. وما الوهابية السعودية عنا ببعيد..
وإذا كان هذا هو عطاء المرأة اليمنية، فما الجزاء الدنيوي الذي يعود عليها ؟
لا شيء مقارنة بما يحصل عليه شقيقها الرجل..
أليس هذا هو الظلم بعينه ؟
فأين الغيرة الدينية؟
بل أين الحكمة يا شعب الإيمان والحكمة؟
***
بالأمس القريب كانت الأحزاب والمكونات السياسية قد توافقت في مؤتمر الحوار الوطني على منح المرأة "كوتا/ حصة" من القرارات والتعيينات السياسية والإدارية بنسبة 30%..ومع أنه لم يعلن أي تنظيم سياسي تحفظه على الكوتا النسائية إلا أن القرارات والتعيينات خلال السنوات التالية للمؤتمر ما زالت ذكورية وبنسبة تزيد عن 90% للأسف.
الأسوأ من ذلك أن النساء أنفسهن يرقبن المشهد بنوع من اللامبالاة، ولم نعد نسمع للحركة النسوية صوتا هنا أو هناك.. !
لا شك أن للحرب دور كبير في هذا الضيم الأكبر.
مع ذلك أدعو القيادة السياسية إلى إعادة الاعتبار للمرأة، بإنصافها وتمكينها سياسيا، دون منة أو تفضل..
ونصيحتي للنساء المشتغلات بالشأن العام أن يقرعن جرس الإنذار، ويغادرن حالة الصمت هذه قبل فوات الأوان..
كتب: أ . عـــبدالله صبري
المزيد في هذا القسم:
- مصلحة شؤون قبائل المجتمع المدني اليمني ! بقلم : أزال الجاوي المرصاد نت فشلنا في اليمن من ان نكون دولة وفشلنا ايضاً في ان نصل الى حالة نكون فيها شعب حيث مازلنا مادون ذلك في مرحلة الانتساب للقبيلة والعشيرة البسيطة او للم...
- مؤتمر الحوار الوطني السوري ومؤتمر السمسرة الخياني اليمني … مالفرق؟ كتب عبدالباسط الحبيشي سيترأس مؤيد غزلان قبلاوي مؤتمر الحوار الوطني العام الذي سينعقد في دمشق بعد ايام. هذه الشخصية هو رجل أعمال سوري مغترب في إسبانيا يُشهد له بالأمانة والنزاهة والوط...
- كرم السيد نصر الله حتى مع العدو! المرصاد نت عندما يظهر السيد نصر الله على شاشة قناة المنار تفرح قلوب الكثيرين من المسلمين في مختلف اصقاع الأرض حتى وان كانت الكلمة او الخطاب شأن داخلي لبناني ف...
- أطفال اليمن عذرا ! بقلم : علي حسين علي حميدالدين المرصاد نت رؤية : مع المتغيرات والحروب يفتقر الطفل اليمني للحليب والاستقرار الاجتماعي والمادي لكي يظمن عائله مستقبلا واضحا وحياة كريمة لمن يعول ،ويظل العدوان ...
- أمريكا .. ودروب الغفلة ! المرصاد نت مع بداية العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين لا بد أن نمعن النظر في الواقع العربي والإسلامي لنقرأ التحولات المريبة بوعي ومسؤولية ، ونعرف ما طرأت ...
- العدو يريد تكريس اليأس .. والقلق ! بقلم: حميد رزق المرصاد نت لا تيأسوا.. أو تقلقوا… التحرك الجاد والشعور بالمسؤولية من قبل الجميع هو الضمانة الحقيقية لاستمرار صمودنا أمام العدوان .. الدول المعتدية ...
- "فظيع جهـل مـا يجـري"! بقلم : د. صادق القاضي المرصاد نت عندما قال "البردوني": أمير النفط .. نحن يداك.. نحن أحدُّ أنيابكْ. لم يكن يتحدث بلسان الحوثي وعفاش للمرشد الإيراني بل بلسان أنصار هادي والمشترك للعا...
- بالفم المليان ولوجه الله نقولها اعرف مقدما اني ساتعرض لسيل من الانتقاد وربما الشتائم ففي هذا الزمان من يجرؤ على الكلام ؟؟!!!! ورغم ذلك وحتى ان تحملنا اكثر من الشتيمة يجب ان ننصف وطننا وانفسنا...
- بالمختصر المفيد.. ثورة ضد المستعمر الجديد! المرصاد نت ما تمارسه قوى الغزو والاحتلال والبغي والعدوان السعودية والإماراتية في المناطق الجنوبية الخاضعة لسيطرتها من جرائم وممارسات تعسفية وقمعية تصادر كافة ...
- سقطرى .. في مهب الامارات ! بقلم : علي جاحز المرصاد نت هناك تدني لافت ومخيف في منسوب الوعي بالقضايا الاستراتيجية في اوساط مجتمعنا مجتمع الصمود ومواجهة العدوان بالذات لدرجة ان قضية الاحتلال الاماراتي وتح...