«مصر السيسي»: هذا ما بناه مُبارك قبل الرحيل !

المرصاد نت - متابعات

هادئاً جدّاً كان رحيل محمد حسني مبارك عن مصر. البلاد التي ثارت بـ«مليونيات» ضدّه لا يستطيع أحد فيها الآن الاعتراض على إعلان الحداد عليه ثلاثة أيام أو إبداء الانزعاج من إقامة جنازة Mobarak2020.2.25عسكرية له. أسباب كثيرة لذلك منها أن ما فعله مبارك في زمانه من «كامب ديفيد» إلى صفقات الغاز إلى حصار المقاومة إلى... ليس إلا نقطة في بحر ما يفعله اليوم عبد الفتاح السيسي وأنظمة الخليج وآخرون. سبب آخر يرتبط بالداخل هو أن «دولة مبارك» حاضرة ومستمرة لكن بوجوه أخرى وبصيغة أكثر تطوّراً في القمع والعنف والسجون... وحرق مستقبل ملايين الشباب.

فالسيسي الذي كان مبارك مَن اختاره مديراً لـ«المخابرات الحربية» هو «خير» مَن وَرِث الرجل ودولته ولا سيما المنظومة الأمنية التي تعلو كلّ شيء بعدما غيّر الرئيس المخلوع «دولة الجيش» التي بناها جمال عبد الناصر لتصير «دولة وزارة الداخلية» ويَتحوّل الجيش الذي حارب إسرائيل إلى شركات واستثمارات. كما ورث السيسي عنه أساليب كثيرة منها الشكّ في كلّ شيء وإقصاء أو حتى سجن مَن يفكر في أن يحمل صفة الخليفة المحتمل للرئيس.

بغض النظر عن فارق الكاريزما والخطاب بين الاثنين تستمرّ «المحروسة» في جني الحنظل والعلقم من ثلاثة عقود لم يَهُن على مبارك بعدها التنحّي بسهولة إلا بإراقة الدماء التي فتحت الباب لاحقاً أمام حمّامات دم أخرى. حتى إخفاق «الإخوان المسلمون» في سنة حكمها (والذي يعود في جزء منه إلى خلل في فكر الجماعة وبرنامجها) كان من نتائج سياسات مبارك الذي سجن قادتها لعقود وأرهبها بالدم. أخيراً لم يجد المعزّون من أهل البلاد في مبارك حسنةً سوى أنه كان عليهم «أرحم» من السيسي فيما كانت للمعزّين الحقيقيين من أبو ظبي والرياض وتل أبيب أسبابهم الوجيهة في نعي الرجل.

نعيٌ جماعي وجنازة عسكرية: المخلوع «بطلاً» مؤبّناً!
بدت الأجهزة السيادية في مصر كأنها مستعدّة لتلقّي إعلان وفاة الرئيس المخلوع، محمد حسني مبارك، في أيّ ساعة. فالخبر لم يكن سرّاً وتدهور حالة الرجل الصحية في الأيام الأخيرة جعل النبأ متوقعاً بين لحظة وأخرى. ولذا ظهر أن ثمة ترتيبات مسبقة للتعامل مع الإعلان، وتأبين الشخصية التي مهّدت الطريق مبكراً لوَرَثتها في البلاد بتعيينها في العام الأخير من حكمها عبد الفتاح السيسي مديراً لـ«المخابرات الحربية». وعلى رغم أن الرئاسة تأخّرت في إعلان الحداد ثلاثة أيام إلا أن تعامل أجهزتها الإعلامية مع الحدث انطوى على إثناء على «جهود الراحل» خاصة خلال قيادته القوات الجوية، وإشادة بدوره في «تجنيب» البلاد صراعات عديدة في ظلّ تغيّر النظرة السلبية إلى سنوات حكمه مقارنة بالأوضاع التي أعقبت «ثورة 2011» وما تبعها من تردٍّ في الاقتصاد والحريات.

اللافت أن الرئاسة اضطرت إلى إعلان الحداد بعد قرار الإمارات تنكيس الأعلام ليوم واحد على مبارك ومن ثمّ توالي اتصالات التعزية للسيسي من قادة الخليج. كما اضطرت الدولة إلى تفسير إقامة جنازة عسكرية رسمية (مقرّرة ظهر اليوم) من مسجد المشير طنطاوي بأن الأمر مرتبط بقانون صدر عام 1979 في عهد أنور السادات ينصّ على «تكريم جميع القادة العسكريين المشاركين في حرب أكتوبر».

ونعت رئاسة الجمهورية في بيان أمس، مبارك، «ببالغ الحزن لِمَا قَدّمه إلى وطنه كأحد قادة وأبطال حرب أكتوبر المجيدة حيث تولّى قيادة القوات الجوية أثناء الحرب التي أعادت الكرامة والعزة إلى الأمة العربية» كما صدر نعي من نائب رئيس الجمهورية الأسبق محمد البرادعي وهو المعارض البارز لمبارك ونظامه ثمّ توالت البيانات من البرلمان والحكومة والقوات المسلحة والأزهر. وبخلاف النعي العربي والخليجي تحديداً كان بارزاً الرثاء الإسرائيلي الذي جاء على لسان رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو بقوله: «كان الرئيس مبارك صديقاً شخصياً لي وزعيماً قاد شعبه نحو تحقيق السلام والأمن، والسلام مع إسرائيل».

حياة مبارك بعد خلعه من الحكم عبارة عن ثماني سنوات من المحاكم والمستشفيات في غالبيتها إذ واجه أربع قضايا رئيسة حصل في ثلاث منها على البراءة وأهمّها على الإطلاق «قتل المتظاهرين» التي صدر فيها حكم من الدرجة الأولى بالسجن المؤبّد قبل أن يتحوّل إلى براءة من محكمة النقض مع إعادة المحاكمة وإثبات أن مبارك «لم يُصدر أيّ أوامر للجيش والشرطة بقتل المتظاهرين أو إطلاق الرصاص الحيّ عليهم». شكّلت هذه القضية تحديداً إحدى أبرز القضايا التي كان يُتوقع أن يُحكم فيها بالإعدام، لكنّ تَكرّر قتل المتظاهرين في وقائع أخرى وادّعاء غياب ما يثبت الأمر المباشر بالقتل فضلاً عن إدلاء كلّ من المشير محمد حسين طنطاوي الذي كان رئيس «المجلس العسكري» خلال المرحلة الانتقالية الأولى ووزير الدفاع وكذلك الرئيس الحالي الذي كان مديراً لـ«الحربية» بشهادات برفض مبارك التعرّض للمتظاهرين السلميين كلّها شكّلت ذرائع للحكم بالتبرئة.

في المقابل أدين الرئيس المخلوع في قضية بناء قصور خاصة من أموال الدولة في مدينة شرم الشيخ وصدر عليه فيها حكم بالسجن المشدّد ثلاث سنوات وتغريمه ونجلَيه علاء وجمال مبلغ 125 مليوناً و779 ألف جنيه وإلزامهم معاً بردّ 21 مليوناً و197 ألفاً، فيما عمل بنفسه على تسوية قضية هدايا مؤسسة «الأهرام» بردِّ مَبالغ تُعادل قيمة الهدايا التي حصل عليها. أما قضايا الكسب غير المشروع التي فُتح التحقيق فيها بعد إخراجه من السلطة، فلم يُدن فيها.

خلال سنوات السجن، لم يعش مبارك في سجن طرة سوى مدة وجيزة، إذ قضى غالبية حبسه ما بين مستشفى شرم الشيخ، الذي نُقل إليه مع أول قرار بحبسه على ذمة التحقيقات بعد أيام قليلة من تنحيته، و«المجمع الطبي العالمي» في القاهرة، ثمّ مستشفى الجلاء حيث خضع لرعاية طبية خاصة بسبب تدهور حالته التي تَحسّنت فجأة فور انتهاء حبسه وإخلاء سبيله، ليعود إلى منزله المجاور لقصر الحكم في منطقة مصر الجديدة. خلال هذه المدة اكتفى بإطلالات إعلامية نادرة بدأها بتسجيل صوتي بَثّته قناة «العربية» عام 2011م وأنهاها بمقطع مصوّر نَشَره عبر قناته على «يوتيوب» في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بالتزامن مع احتفالات «أكتوبر» التي فضّل أن يُذكّر المصريين فيها بدوره آنذاك بعدما عمد النظام الحالي إلى تجاهله والتركيز على أبطال آخرين. وعلى رغم عروض عديدة لاستضافته من قادة الخليج إلا أنه يُسجّل لمبارك أنه رفض الهرب وأبدى استعداداً للمثول أمام القضاء رافضاً تكرار نموذج الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي الذي فرّ إلى السعودية.

من «دولة الجيش» إلى «دولة وزارة الداخلية»
فاجأه أنور السادات باختياره نائباً للرئيس، قبل أن تفتح نجاته من حادثة المنصة - التي اغتيل فيها الأول - الباب على جلوسه على كرسيّ الحكم لثلاثة عقود. تلك هي الرواية التي ينقلها محمد حسني مبارك ومَن حوله لـ«المصادفات» التي جعلت منه رئيساً. عن عمر يناهز 92 عاماً رحل مبارك أمس بعد صراع قوي مع المرض لنحو شهر قضاه في الجناح المخصّص له في مستشفى المعادي العسكري حيث خضع لجراحة قبل أن تتدهور حالته ويلفظ أنفاسه الأخيرة داخل غرفة العناية الفائقة.

في سيرته الذاتية أنه وُلد في 4-5-1928 في قرية كفر المصيلحة في المنوفية. وعقب انتهاء تعليمه الثانوي التحق بالكلية الحربية وحصل على البكالوريوس في العلوم العسكرية عام 1948م ثمّ على البكالوريوس في العلوم الجوية عام 1950م من بعدها تدرّج مبارك، الذي لم تكن علاقته بعائلته جيّدة في سلّم القيادة العسكرية، إذ عُيّن عام 1964 قائداً لإحدى القواعد الجوية غرب القاهرة حتى تَقلّد منصب قائد القوات الجوية، وحصل على رتبة فريق، ثمّ جاء تعيينه نائباً للرئيس إلى أن صار رئيساً في 14-10-1981 بعد نجاته من حادثة المنصة التي أودت بعدد من الشخصيات المصرية البارزة. إلى ما قبل «مفاجأة» السادات له باختياره نائباً للرئيس كان يقول إنه يطمح إلى إنهاء مسيرته العسكرية ملحقاً عسكرياً أو سفيراً في إحدى الدول الأوروبية كعادة غالبية العسكريين لكن السنوات التي تولّى فيها نيابة الرئيس أهّلته ليكون خليفة السادات.

على رغم عمله العسكري عاش مبارك قصة حب مع سوزان ثابت (ظلّا يتحدثان عنها باستمرار) انتهت إلى زواجه منها وإنجابها نجلَيه علاء وجمال. ومثّلت سوزان مستشار مبارك البارز في السنوات الأخيرة من حكمه التي ابتعد فيها عن السلطة نتيجة حالة الحزن التي أصابته عقب الوفاة المفاجئة لحفيده محمد عام 2009م شكّلت إصابته في حادثة المنصة نقطة تحوّل في عقليته العسكرية جعلته يعتمد على الأمن في المقام الأول طوال سنوات حكمه الذي جعله ثاني أطول حاكم لمصر الحديثة بعد محمد علي باشا. هكذا، عزّز الرئيس المخلوع قبضته الأمنية زاجّاً بالمعارضين في السجون لسنوات طويلة ومتّبعاً أسلوباً حازماً في التعامل مع الجماعات المسلحة.

وعلى المستوى الشخصي دائماً ما سيطر الهاجس الأمني على تحرّكاته الأمر الذي أدى في إحدى المرّات إلى مقتل مواطن لدى محاولته اختراق موكب الرئيس في بورسعيد وإيصال شكوى إليه، وهي الحادثة التي وصفت بأنها محاولة طعن تجنّباً للغضب الشعبي. اهتمّ مبارك بوزارة الداخلية وبتعزيز قدرتها على ضبط الأمن خاصة عبر جهاز «أمن الدولة» الذي عُرف بـ«زوّار الفجر» (تَحوّل اسمه بعد «ثورة يناير» إلى «الأمن الوطني»). واستُخدمت خلال عهده وسائل التعذيب والتنكيل بالمعارضين من أجل انتزاع اعترافاتهم وهي السياسة التي تَسبّبت في زيادة الغضب تجاهه وأدّت من ضمن جملة أسباب إلى اندلاع «25 يناير». كما عُرف عن مبارك رغبته في منع بروز أيّ شخصيات يمكن أن تَخلُفه تماماً مثلما يفعل عبد الفتاح السيسي الآن إذ عمد مثلاً، إلى إقصاء رئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزوري بسبب شعبيته في الشارع كما محا أسماء زملاء له في «حرب أكتوبر» ليختزل النصر بالقوات الجوية وحدها دون غيرها من القوات المسلحة.

الرئيس الذي أفاق متأخّراً
تَأخّر محمد حسني مبارك في استيعاب ما حدث في 25/1/2011 بعد 30 سنة من حكمه. التقارير الأمنية التي كانت تُرفع إلى الرجل جافَتِ الصواب والرئيس الذي تجاوز عامه الثمانين آنذاك بدا عاجزاً عن اتخاذ «قرار حاسم» ولذا بدت ردود فعله مفارِقة لتحرّكات الشارع، وخاصة في ظلّ الصراع بين جناحَي السلطة في تلك الفترة: الحرس القديم بزعامة الأمين العام لـ«الحزب الوطني» الحاكم (المحلول) صفوت الشريف والحرس الجديد بقيادة أمين التنظيم في الحزب أحمد عز المقرّب من ابن الرئيس، جمال.

عملياً لم يدرك مبارك حجم ما كان يحدث في الشارع إلا عقب ثلاثة أيام أنهك خلالها القوات الأمنية في قمع المتظاهرين والقبض على المئات منهم. حينئذ، بدأ يتراجع، محاوِلاً اللعب على عواطف الجماهير بخطاب في بداية شباط/ فبراير تَعهّد فيه بألّا يترشّح مجدّداً بعد ولايته التي كانت ستنتهي في أيلول/ سبتمبر 2011م ولا أيٌّ من أبنائه. لكن هذه المحاولة لم تفلح في استرضاء المتظاهرين وخاصة مع تخوّف الأخيرين من الملاحقات الأمنية عقب العودة إلى منازلهم. المحاولات الأخرى تَمثّلت في إجراءات سريعة كتوقيف متّهمين بالفساد من الحزب الحاكم وإقصاء وزير الداخلية، وكذلك رئيس الحكومة والاستعانة بمدير المخابرات اللواء الراحل عمر سليمان ليكون نائباً للرئيس، والفريق أحمد شفيق ليكون رئيساً للحكومة... لكن «حادثة الجمل» في الثاني من شباط/ فبراير 2011م والتأخر في الاستجابة لمطالب الشارع الذي كان ينادي أولاً بـ«العيش والحرية والعدالة الاجتماعية» جعلا المطالب تتحوّل إلى إسقاط النظام ومحاسبة رموزه الذين دخل معظمهم السجن خلال مدة وجيزة.

أيامَ الثورة خاطب مبارك المواطنين ثلاث مرات لكن الرابعة كانت عبر بيان سليمان الذي أعلن تنحّي الرئيس، وهو البيان الذي أذيع أثناء انتقال مبارك مع عائلته بطائرة مروحية من قصر الاتحادية في مصر الجديدة إلى القصور الرئاسية في شرم الشيخ، لتكون آخر مرة يرى فيها وعائلته القصر بعد ثلاثة عقود من الإقامة فيه. صحيح أنه في خطاباته أظهر استجابة واضحة لمطالب الشباب، لكن الممارسات القمعية والأخطاء السابقة للنظام منعت تصديق وعوده بما فيها تلك المتصلة بمرحلة انتقالية تتمّ فيها عملية تسليم وتسلّم للسلطة في غضون أقلّ من سبعة أشهر.

هكذا، لم يجد الرجل «خيراً» من وزير دفاعه، المشير محمد حسين طنطاوي الطاعن في السن، ليُسلّمه مقاليد السلطة عازياً اختيار الرجل الذي خدم معه عقدين إلى «أمانته»، ومانحاً إياه رتبة لا يحصل عليها في العسكر إلا قليلون بعدما كان وضعه على رأس الجيش الذي كان من المستحيل أن يصل إليه نوبيون (كطنطاوي). قدّم طنطاوي لاحقاً إبان تولّيه المرحلة الانتقالية مبارك إلى المحاكمة علماً بأنه لم يكن أمامه سوى هذا الخيار في ظلّ ضغوط الشارع عليه. لكنه في شهادته أمام المحكمة حرص على تبرئة مبارك من أيّ اتهامات، كما ساهم بطريقة أو بأخرى في إخفاء المستندات التي يمكن أن تدين الرئيس المخلوع وأبناءه بل حافظ على مكانة زوجته سوزان التي لم تَمثُل في أيّ محاكمة على رغم اتهامات لها في أكثر من قضية أُغلق التحقيق فيها سريعاً، ومن بينها تسويات مالية.

على رغم أن «ثورة يناير» اندلعت على نحو مفاجئ وصادم لمبارك ونظامه إلا أن الأخير سبق له أن تجاهل إرهاصاتها التي كانت قد بدأت بالظهور منذ تحرّك المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي لجمع توكيلات من أجل التغيير، باستغلال الانفتاح الإعلامي والحريات الشكلية الممنوحة آنذاك من قِبَل المخلوع لتكون «مساحة الحريات» تلك هي القشّة التي قصمت ظهر النظام. ولعلّ هذه هي العبرة الأساسية التي استخلصها عبد الفتاح السيسي، ليبقى ملف الحريات ومعه ملفات أخرى مثل الإعلام والإنتاج الفني في عهدة المخابرات حصراً.

علاء وجمال... قلق إضافي للسيسي
على رغم الغضبة الشعبية على جمال مبارك جراء رغبته في تولّي الرئاسة من بعد والده قبيل إطاحة الأخير عام 2011م إلا أن تلك الغضبة سرعان ما تحوّلت إلى نوع من المودّة للابن الأصغر، يمكن رصدها بوضوح في الاستقبال الذي يحظى به في أيّ مكان يزوره! وهو استقبالٌ لا يختلف كثيراً عمّا يحظى به شقيقه الأكبر علاء الذي صار أكثر احتكاكاً بالمجتمع السياسي لجملة أسباب؛ من بينها حرصه الشديد على تجنيب أبنائه الانتقادات التي تطاول أسرته كما ينقل عنه مقرّبون. واستطاع علاء، الذي اختفى عن الأضواء إبّان تولّي والده الحكم، مكتفياً بالأعمال التجارية، أن يكسب تعاطف المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي حتى مِن منتقدي أبيه.

ولا تخفى رغبة أبناء مبارك في العودة إلى الحياة السياسية بالاستفادة من ترحّم غالبية من المواطنين على حكم والدهم الذي يُسجّلون له أنه لم يمسّ بحياة البسطاء على عكس ما يحدث في عهد عبد الفتاح السيسي. لكن هذه العودة تبقى غير مُرحّب بها وخاصة من النظام الحالي الذي يخشى أبناء مبارك ويتعامل معهم كجزء من الماضي، علماً بأنه على الرغم من أن هناك حكماً قضائياً بإدانتهم بفساد مالي في قضية القصور الرئاسية فإنه بعد ست سنوات على صدور الحكم في 2018م سيكون في مقدورهم مباشرة حقوقهم السياسية مجدّداً.

ولا يزال السيسي ورجاله يخشون رموز نظام مبارك القادرين على العودة إلى السلطة سواء بانتخابات أو بتحرّكات اجتماعية، ولذلك يحاولون إقصاءهم وهو ما حدث مع أمين التنظيم السابق في «الحزب الوطني» المحلول، أحمد عز، الذي جرى تهديده بإعادته إلى السجن عقب إبدائه رغبته في الترشح للانتخابات البرلمانية وكذلك رئيس الأركان الأسبق الفريق سامي عنان الذي سُجن عامين تقريباً لرغبته في الترشّح للرئاسة منافساً للسيسي. يبقي الأهمّ خلال المرحلة المقبلة لنجلَي مبارك مدى قدرتهما على مواجهة السيسي وهي مواجهة باتت مفروضة عليهما بهدف دفعهما إلى السفر لكن يبدو أنهما غير راغبَين في الاستجابة لضغوط النظام الذي فشل في إدانتهما قضائياً بأيّ قضايا جديدة.

من ملف : «مصر السيسي»: هذا ما بناه مُبارك قبل الرحيل - الأخبار

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية