المرصاد نت - متابعات
في تطور دراماتيكي يعكس توجهات وطموحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للخروج من العباءة الدينية الوهابية والالتفاف عليها تمهيدا لاعلان "مملكة بن سلمان العلمانية"
أصدر الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز قرارين يتعلق بالمرأة السعودية.
القرار الأول كان ذا أهمية كبيرة على تركيبة المجتمع السعودي حيث سمح الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز في سابقة تاريخية للمرأة بقيادة السيارة واعتبر الأمر الصادر عن ديوان الملك السعودي أن عدم السماح للمرأة بقيادة السيارة يترتب عنه العديد من "السلبيات" مؤكدا في السياق أن السماح لها بقيادة المركبة له العديد من الإيجابيات مع مراعاة تطبيق الضوابط الشرعية اللازمة والتقيد بها.
قرار الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الصادر اسميا عنه وفعليا عن ابنه محمد بن سلمان، بخصوص اصدار رخص قيادة للنساء في السعودية لم يكن الوحيد والفريد من نوعه في تاريخ المملكة خلال الـ 24 ساعة الماضية اذ عينت الرياض ايضا ولأول مرة امرأة في منصب رسمي خارج البلاد حيث تم تعيين فاطمة باعشن متحدثة رسمية باسم السفارة السعودية في واشنطن (منصب شغله عادل الجبير سابقا) كأول امرأة تتقلد هذا المنصب في تاريخ الدبلوماسية السعودية.
هذه القرارات أثارت حالة من الجدل داخل المجتمع السعودي، وايضا داخل الاوساط المراقبة لمنظومة "الإصلاحات" التي يقوم بها ولي العهد محمد بن سلمان لما تحمله من دلالات سياسية ومجتمعية ومدى تقاطعها مع تصريحات السفير الإماراتي لدى واشنطن يوسف العتيبة بشأن طبيعة النظم الحاكمة في الشرق الأوسط مما وضعنا أمام عدد من التساؤلات عن مستقبل وطبيعة الحكم في السعودية؟ وكيف يمكن قراءة تلك القرارات في ضوء السياسة الجديدة التي يرسمها محمد بن سلمان للمملكة؟
أولاً: التخلص من الصورة النمطية الشائعة عن السعودية
يسعى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الى التخلص من الصورة النمطية التي رسمتها وسائل الاعلام الغربية عن بلاده، كونها بلاداً تعيش في العصور الوسطى وربما أبعد، وذلك من حيث انعدام الحريات وانعدام أدنى مقومات الديمقراطية في البلاد التي لا تملك اي دستور واضح أو مجالس منتخبة ومصدر السلطة فيها لطالما كان هو التزاوج والتمازج بين ال سعود الذين يتسلمون جميع المناصب السياسية والاقتصادية في البلاد ومشايخ الوهابية الذين يشكلون الجهاز الديني الذي يتم ترويضه حسب رغبة الحاكم، اذ عادة ما يتم الاستشهاد عن فقدان المرأة السعودية لحقوقها نتيجة العقلية الوهابية التي تُسير امور البلاد اجتماعياً، وكاد لايخلو تقرير اعلامي غربي يسلط الضوء على وضع النساء في السعودية دون الاشارة الى عدم تمكن المرأة من قيادة السيارة، حتى اصبح الموضوع عقدة حقيقية لابن سلمان وبالتالي يريد الاخير اظهار ان نمط الحكم في عهده سيتغير، وسيكون اقرب الى نمط الحكم في الدول الغربية، وهنا بالتأكيد لا نتكلم عن أوروبا الغربية وديمقراطيتها التي يصعب لابن سلمان ان يقترب منها، انما نتحدث عن نظام حكم يخرج من العباءة الدينية القديمة ويلبس لبوس الديكتاتوريات التي تنعدم فيها ادنى مقومات حرية الرأي والتعبير ولكن الدين لن يكون هنا مصدر التشريع الاساسي، وان كان القمع عاملاً مشتركاً بين النظامين.
ثانياً: الانقضاض على الهيئة الدينية وكسر تقاليدها
من ناحية أخرى يسعى ولي العهد السعودي الى الالتفاف على المؤسسة الدينية وعلى دورها عن طريق التخلص من أعضاء هيئة كبار "العلماء" بالتوازي مع أنباء تتحدث عن تقليص صلاحيات "الشرطة الدينية" في السعودية، التي أصبحت تشكل احراجاً وفضيحة للسعودية أمام وسائل الاعلام الغربية، اذ تؤكد كل التوقعات ان محمد بن سلمان ينوي التخلص من بعض أعضاء هيئة كبار العلماء المتورطين في "كتابات وتسجيلات فيها تأكيد صارم على الولاء والبراء ونواقض الإسلام"، والسبب هو ارتباط هيئة كبار العلماء في الإعلام الغربي ومؤسسات البحوث ومراكز الدراسات بالتطرف والوهابية والتكفير وعداوة اليهود والنصارى، حيث أصبح محمد بن سلمان في وضع مجبر فيه على خسارة أكثر المشايخ تقديسا وتزكية لآل سعود، وأحرصهم على تكفير وتجريم خصوم آل سعود، لأن أسماء هؤلاء المشايخ اصبحت مرتبطة بالأسلوب الوهابي، وبالتالي فان الفكرة المطروحة أمامه لن تكون بإبعادهم كأفراد فقط، بل بإعادة تشكيل المؤسسات الدينية، وإلغاء هيئة كبار العلماء وإبقاء مؤسسة الإفتاء فقط"، بحيث تبقى دار الافتاء الوهابية مطاوعة لسياسات بن سلمان وجاهزة لتبرير اي قرار يتخذه الاخير من منظار ديني وقت الحاجة.
ثالثاً: الانتقال من نمط حكم الى آخر
يسعى محمد بن سلمان الى الانتقال بالسعودية من نمط ديكتاتوري الى اخر، فبحسب علماء السياسة فان الدكتاتورية كمصطلح لها قسمان اساسيان هما: الدكتاتورية الجماعية التي تعني تسلط جماعة على مقومات الدولة(الأرض، الثروة، الشعب، الحكم)، وهو النمط الموجود حاليا في السعودية، ولكن بن سلمان يريد الانتقال حاليا الى النمط الثاني أي الدكتاتورية الفردية، اي لايريد أن يكون له شريك في الحكم ويحيط نفسه بالحصانة والعصمة وصولا الى الدكتاتورية المطلقة، فقصقصة أجنحة المؤسسة الدينية في السعودية لم يقتصر على الشرطة الدينية وهيئة كبار علماء الوهابية، بل طال ايضا عدداً من الشيوخ السعوديين الذين يتمتعون بجماهيرية كبيرة داخل المجتمع السعودي، ومن بين هؤلاء الشيخ سلمان العودة والشيخ عوض القرني والداعية السوري محمد المنجد، الذي يقيم في المملكة منذ سنوات طويلة، والشيخ مناور النوب، والشيخ محمد البراك والشيخ محمد صالح المقبل، وعدد اخر لا مجال لذكرهم جميعا، واعتقال هؤلاء كان الهدف منه القضاء على اي صوت ديني يمكن اي يفكر (مجرد التفكير) ان يتخذ موقفاً حيادياً من قرارات ولي العهد السعودي بدل أن يطبل ويزمر لها، فاذا ما تجاهلنا موقف هؤلاء الدعاة من الأزمة مع قطر والتي كانت السبب الرئيس لاعتقالهم، فان بن سلمان يهدف ايضا من خلال اعتقالهم الى تأسيس نظام شمولي يكون فيه هو المؤسسة الدينية وهو المؤسسة السياسية وهو مصدر السلطات ومصدر التشريع والقضاء، والشخص الوحيد المتمتع بجماهيرية في البلاد، وهذا ما اشارت اليه عدد من الصحف الغربية التي اعتبرت أن السعودية باتت أشبه بزنزانة كبيرة، بعد حملة الاعتقالات الواسعة التي شهدتها البلاد خلال الأيام الماضية وأن محمد بن سلمان يخطط لتأسيس نظام شمولي لا يتسامح حتى مع الصامتين فهل ينجح بن سلمان في ذلك؟
المزيد في هذا القسم:
- البحرين: حكم نهائي بالمؤبد على الشيخ علي سلمان ! المرصاد نت - نور مريم الزين وجدت البحرين في النزاع مع قطر فرصةً للانتقام من المعارضة السياسية في البلاد بعد إخفاق القمع الأمني وإسقاط الجنسيات وتنفيذ أحكام ال...
- أبرز التطورات الميدانية والعسكرية في المشهد السوري! المرصاد نت - متابعات لم تمنع «الهدنة» الروسية ــــ التركية المتّفق عليها في إسطنبول، القصف والاشتباكات على خطوط التماس في محيط إدلب لكن التحركات داخل «منطقة خ...
- «هيومن رايتس ووتش» للأرجنتين: لاحقوا بن سلمان المرصاد نت - متابعات قدّمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أمس شكوى إلى القضاء الأرجنتيني ضد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي سيتواجد في بيونس آيرس ن...
- الجيش العربي السوري يحقق أنتصارات عظيمة في حرستا وأدلب المرصاد نت - متابعات كسر الجيش العربي السوري الطوق حول إدارة المركبات في حرستا شمال شرق دمشق أمس وهو ما مكّن إمداد عناصر الحامية داخلها بما يحتاجون إليه لمتاب...
- السعودية والإمارات تسمحان لشركات إسرائيلية بالعمل على أراضيها المرصاد نت - متابعات نشر موقع مجلة بلومبيرغ بيزنيس ويك الأمريكية تحقيقًا صحفيًا في نهاية الأسبوع الماضي يكشف في تفاصيله كيفية عمل شركات التقنية الإسرائيلية دا...
- إعدام جماعي لعشرات السعوديين: بن سلمان يفتتح فصلاً جديداً من البطش! المرصاد نت - متابعات في موجة قد تكون الأكبر منذ إعدام الشيخ نمر النمر من ضمن 47 شخصاً عام 2016م أعلنت السلطات السعودية أمس على نحو مفاجئ، ومن دون إبلاغ أهالي ...
- الرئيس الأمريكي: سنطرد 3 ملايين لاجئ أو سنزج بهم في السجون المرصاد نت - متابعات قال دونالد ترامب الرئيس الأميركي أن امريكا ستقوم بطرد ثلاثة ملايين لاجئ غير شرعي وبشكل فوري عقب توليه مهام منصبه في العشرين من يناي...
- استشهاد جنود مصريين خلال إحباط هجوم إرهابي في العريش المرصاد نت - متابعات استشهاد عدد من أفراد قوات الأمن المصرية فيما أصيب آخرون خلال إحباطهم هجوماً مسلحاً على نقطة أمنية في مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء بالأ...
- العامري يؤكد سحب ترشّحه: حظوظ عبد المهدي تتراجع؟ المرصاد نت - متابعات يبدو أن الاتفاق على اسم رئيس الوزراء العراقي المقبل لن يكون بعيداً من الصعوبات والعراقيل في ظلّ الـ«فيتوات» المتضادة الموضوعة...
- أين موسكو من الاعتداء الإسرائيلي على سوريا؟ المرصاد نت - قاسم عز الدين في العدوان على بعض نقاط الدفاع الجوّي في سوريا تحاول "إسرائيل" تثبيت ما تسميه "حرية العمل" بذريعة مواجهة التهديد الإيراني في العودة...