المرصاد نت - رآي اليوم
قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتأجيل نقل السفارة الامريكية الى القدس لمدة ستة اشهر تحت ذريعة دعم فرص التفاوض للتوصل الى اتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين يثير قلقنا
لانه ربما يستخدم كوسيلة ابتزاز للحصول على تنازلات استراتيجية من العرب والفلسطينيين معا.
ترامب “التاجر” لا يمكن ان يقدم على خطوة كهذه دون الحصول على ثمنها اضعافا مضاعفة، فهو يصعد مواقفه ويبالغ في تهديداته ضد ضحاياه من اجل ارهابهم، ودفعهم للتجاوب مع مطالبه ليحصل على اعلى سعر، فأثناء حملته الانتخابية تطاول على الحكومات الخليجية، ووصفها بانها مجرد خزائن للمال، لا تستطيع ان تعيش يوما واحدا بدون الحماية الامريكية، وعليها دفع ثمن هذه الحماية من دخلها النفطي.
المملكة السعودية دفعت الثمن نقدا، وكانت الدفعة الأولى 460 مليار دولار على شكل صفقات أسلحة واستثمارات في مشاريع البنى التحتية الامريكية، ومعظم الحكومات الخليجية الأخرى تقف في الطابور، تنتظر دورها ودفتر شيكاتها للتوقيع وتحديد الرقم.
بعد ان وقع الرئيس ترامب وثيقة تأجيل نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس المحتلة، سيلتفت الى العرب والفلسطينيين مطالبا بأن يكون المقابل تطبيع اكبر وعلاقات اوثق بين الدول العربية، والخليجية منها بالذات، ودولة الاحتلال الإسرائيلي، مثل إقامة شبكات اتصال هاتفية وخطوط طيران مباشر، وفتح سفارات او مكاتب تجارية، وإلغاء جميع القيود على دخول الإسرائيليين الى العواصم العربية، ورجال الاعمال منهم خاصة، وتوقيع صفقات أسلحة، واتفاقات تعاون امني، ومناورات عسكرية مشتركة.
اما ما هو المطلوب من الفلسطينيين يتمثل في لائحة طويلة من التنازلات، ابرزها الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، والعودة الى المفاوضات المباشرة دون أي شروط مسبقة، ووقف كل اعمال “التحريض” ضد الاحتلال، وتوسيع نطاق التنسيق الأمني، والامتناع عن دفع السلطة مرتبات الاسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال.
قبل يومين من اعلان تأجيل نقل السفارة الامريكية الى القدس المحتلة، التقى السيد رامي الحمد الله، رئيس وزراء السلطة، بموشيه كحلون، وزير المالية عضو الحكومة الإسرائيلية المصغرة، وجها لوجه للمرة الأولى منذ عام 2000 بهدف التوصل الى اتفاق على توسيع صلاحيات السلطة في المنطقة “ج” التي تشكل 60 بالمئة من مساحة الضفة الغربية، من حيث إعطاء تصاريح بناء ووقف عمليات الهدم، وفتح معبر الكرامة على نهر الأردن لمدة 24 ساعة طوال اشهر الصيف لتسهيل العبور.
ولا نستبعد ان تكون خطوة ترامب هذه جرى الاتفاق عليها اثناء قمم الرياض في 20 من شهر أيار (مايو) الماضي، وتمهيدا لعقد “مؤتمر سلام” في واشنطن يجمع العرب والإسرائيليين تنطلق منه عمليات التطبيع الكاملة في شتى الميادين.
جميع الرؤساء الأمريكيين تعهدوا بنقل السفارة الامريكية الى القدس المحتلة، ولكنهم لم ينفذوا تعهداتهم هذه، مع فارق أساسي وهو ان ترامب صعد من موقفه، وارسل سفيرا يهوديا متطرفا الى تل ابيب، من اجل ان يرفع الثمن، ويبدو انه سيحصل على ما يريد من العرب والفلسطينيين ومجانا مقابل هذه الخطوة.
السلام الذي يريد ترامب تشجيعه بين العرب والإسرائيليين هو السلام الاقتصادي، وفي طريق باتجاه واحد، من العرب الى الإسرائيليين على شكل أموال وصفقات أسلحة واستثمارات، وتبادل تجاري ينعش الشركات الإسرائيلية، اما حل الدولتين، او الانسحاب الاسرائيلي، ووقف الاستيطان، فهذه من الأمور المحرمة التي يجب على العرب نسيانها.
اللقاء الأخير بين الرئيس محمود عباس وترامب في بيت لحم كان عاصفا، حيث تجاوز الرئيس الأمريكي كل اللياقات البروتوكولية عندما صرخ في وجه مضيفه الفلسطيني متهما إياه بخديعته ومواصلة اعمال “التحريض” ضد إسرائيل وعدم الالتزام بثقافة السلام، ومفهوم التحريض عند ترامب، والإسرائيليين الذين زودوه بوثائق مصورة في هذا الصدد، هو وجود مواد في المناهج الدراسية الفلسطينية تطالب بالعودة، وتعتبر إسرائيل عدو محتل، واطلاق أسماء الشهداء على بعض المدارس والشوارع، وتمجيد الاسرى.
مطلوب من الفلسطينيين، والعرب أيضا، محو ذاكرتهم، واحتضان الإسرائيليين كأصدقاء وحلفاء وحملان وديعة، اما غير ذلك فهو تحريض وهمجية، فالعدو الآن هو ايران، ومن يقول غير ذلك فهو ارهابي ومتطرف ومجوسي ومرتد.
خيبة امل بنيامين نتنياهو من تأجيل قرار نقل السفارة مسرحية، وابشع أنواع الدجل والتضليل، فهو على علم به، وموافق عليه، واتفق على الثمن او المقابل مسبقا.. ونحن المخدوعون والمضحكة، وهذا ليس جديدا على أي حال.
المزيد في هذا القسم:
- بعد استقالة المهدي.. الاحتجاجات تتصاعد في المدن العراقية! المرصاد نت - متابعات أفاد مصدر أمني بإقامة فوج الطوارئ الثاني في محافظة النجف جداراً بشرياً لمنع المتظاهرين من الوصول إلى جسّور ثورة العشرين. وفي محافظة ذي قا...
- نذر حرب دبلوماسية غربية مع روسيا.. وموسكو تهدد بالمثل المرصاد نت - متابعات أعلنت الولايات المتحدة الإثنين طرد 60 "دبلوماسياً" روسيا في إطار عمل منسق بين الدول الغربية للرد على قضية تسميم عميل روسي سابق وابن...
- مباحثات سعودية اسرائيلية لتعزيز التعاون الاقتصادي المرصاد نت - متابعات أكدت صحيفة التايمز البريطانية في تقرير جديد أن السعودية عقدت محادثات دبلوماسية مع الكيان الاسرائيلي لإقامة علاقات اقتصادية رسمية بين الطر...
- روسيا ترغب بضم سريع للمناطق الأوكرانية بعد الاستفتاء وتطورات متسارعة في دونيتسك المرصاد-متابعات عبّر الكرملين اليوم الجمعة عن رغبته في ضم سريع للمناطق الأوكرانية التي انطلقت فيها عمليات استفتاء وصفتها كييف وحلفاؤها بغير الشرعية، في حين ت...
- إنفجاران يهزا محطتي مترو في روسيا وسقوط عدد كبير من الضحايا المرصاد نت - متابعات هز اليوم الاثنين انفجارين مترو الأنفاق في مدينة سانت بطرسبورغ الروسية الامر الذي اسفر عن إصابة عشرة أشخاص على الأقل. هذا وصرح مصدر أمن...
- بعد مذبحة نيوزيلندا: الإسلاموفوبيا في زمن (داعش ) مُجدَّداً! المرصاد نت - متابعات بعد المذبحة المُروِّعة التي وقعت في مسجدي نيوزيلندا يوم 15/4/2019 وراح ضحيّتها 50 شهيداً وعشرات الجرحى والتي ارتكبها مُتطرِّف عُنصري غربي...
- الانقلاب على الاشتراكية العربية .. انتصار الريع! المرصاد نت - متابعات المنحى الثابت لصعود الصراع الطبقي في الإقليم لم يتعثّر إلا حين بدأت الضربات تتوالى على المشروع الاشتراكي العربي. لم تكن البداية في عام 19...
- النظام التركي يعترف بمقتل أكثر من 30 جندياً في عفرين المرصاد نت - متابعات كشفت وكالة دوجان التركية للانباء أن حصيلة القتلى في صفوف الجيش التركي ارتفعت الى 31 بوفاة جندي يوم أمس الاحد. واضافت إن الجندي قتل في ...
- بعد صمت طويل وتوطؤ في شتي القضايا العربية ..إجتماع للوزراء العرب المرصاد نت - متابعات أستضفت القاهرة اليوم اجتماع استثنائياً لوزراء خارجية الدول العربية وذلك بطلب من النظام السعودي لادانة ما أسمته التدخلات الايرانية في شؤون...
- المرشد الأعلي للثورة الإسلامية: ضمانات أوروبية... أو نعود لأنشطتنا المعطلة المرصاد نت - متابعات حدّدت إيران أمس على لسان أعلى سلطة في البلاد المرشد الأعلى للثورة اللإسلامية السيد علي خامنئي استراتيجية مقابلة للتعامل مع ته...