المرصاد نت - متابعات
خابت توقعات ميشال تامر الذي عمل جاهداً وقت إسقاط ديلما روسيف على إقناع حزبه بها. فبعدما انكشفت مساهمته في الفساد يغامر الآن ليس بسمعته فقط بل بسمعة حزبه الذي لم يستطع إدارة الأزمة الرئاسية كما فعل «العماليون»
قبل سنة ونصف اجتمع الرئيس البرازيلي (الحالي) ميشال تامر بعدد من قياديي حزبه لدراسة العرض الذي قدمته المعارضة آنذاك. العرض كان مغرياً إلى درجة أصمّت آذان تامر عن النصيحة التي أسداها إليه عدد من قياديي حزبه الذين لم تأخذهم اللحظة السياسية باتجاه مغامرة قد لا تكون عاقبتها حرق مستقبل تامر السياسي فحسب، بل وضع مستقبل الحزب برمته أمام مقامرة خطيرة.
نجح تامر آنذاك في إقناع العدد الأكبر من القيادات بأن الفرصة السياسية باتت ملائمة للانقضاض على الشريك التاريخي والانضمام إلى تكتل يميني بات يمثل القوة الراجحة على الصعيدين المحلي والدولي، وأن تسلمه رئاسة البرازيل سيمثل مكسباً كبيراً لحزبه. تامر كان يسعى إلى القفز من قارب حزب «العمال»، خصوصاً بعد وصول إشارات خارجية أبرزها من واشنطن توحي بأن اليسار بات خارج المعادلة البرازيلية.
في تلك المرحلة، سعى معارضو تامر داخل الحزب، وأبرزهم رئيس الكتلة النيابية، إلى تحذيره من أن الصفقة لا تعدو إلا أن تكون خدعة ظرفية ترمي إلى محاصرة العماليين.
كان المعارضون لتامر يعلمون بأن رئاسته ستحصر مهماتها في عملية التبريد السياسية حصراً، والأهم هو أن خسارة حليف كـ«العمال»، حتى لو بدا ضعيفاً في مرحلة معينة، يشكل الخيار الأسوأ، خصوصاً أن خصوم اليسار لا ينظرون إلى الحركة كشريك أساسي، بل كمستخدم مؤقت، وهو ما أشار إليه نص الاتفاق المبرم آنذاك، ومفاده أن رئاسة تامر مشروطة بتخليه عن الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2018.
لم يمرّ أكثر من سنة على حكم تامر، حتى أدرك الرجل أن حلمه دفعه إلى الهاوية، وأن إقصاءه صوت العقل داخل حزبه كان خطيئة سياسية كبرى، والأهم أن الضمانات التي أعطته إياها واشنطن عبر مبعوثه الخاص وفي الاجتماعات الدورية في السفارة الأميركية لدى برازيليا لم تستطع حمايته، وهو الذي راكم ملفات الفساد منذ نشأته السياسية، مستنداً إلى «حكمته» في تدوير الزوايا والتعامل مع الواقع بعين التاجر الذي يسعى إلى الصفقة الرابحة بغض النظر عن الارتباطات السياسية أو الأيديولوجية.
لم يبق أمام تامر إلا أيام حتى يغادر الحلم الذي أغدق عليه «انقلاباً» تاريخياً أطاح خلاله الرئيسة السابقة ديلما روسيف، فيما راح حزبه يفتح قنوات اتصال مع «العمال» الذي أظهرت الأحداث أنه الأقدر على التحكم في خيوط اللعبة، خصوصاً في ما يتعلق بالتظاهرات الصاخبة التي تخرج يومياً، مطالبة بإقالة تامر. ويحسب المراقبون لحزب «العمال» تعاطيه بذكاء مع «الانقلاب» الذي أطاح حكمه، ففضل الاستقرار وإدارة مواجهة سياسية ناعمة خولته ليس الخروج من أزمته فقط، بل قلب السحر على الساحر.
جهود العماليين أفضت إلى فتح ملفات الفساد على مصراعيها، ما أفقد اليمين زمام المبادرة في المناورة، وسرع كشف العديد من عمليات السرقة وتقاضي الرشى وهكذا، فبدأت تتساقط الأسماء الواحد تلو الآخر حتى طاول رأس النظام «الجديد»، ميشال تامر، وحليفه رئيس «الحزب الاجتماعي» المعزول، أيسيو نيفيز. هذه التداعيات استدعت تدخلاً سريعاً من الزعيم اليميني والرئيس الأسبق فرناندو إنريكي كاردوزو، الذي أطلق مبادرة اللقاء الثلاثي، وهي تجمعه بالرئيسين السابقين لويس إيناسيو لولا دا سيلفا وجوزي سارني لتحضير خروج هادئ لتامر وتشكيل ائتلاف يضمن استقرار البلاد.
أمام هذا الواقع، يسعى تامر الآن إلى مقاومة يائسة لحفظ موقعه الرئاسي رغم وجود ثلاثة عشر طلب إقالة أبرزها من نقابة المحامين البرازيليين، التي أخذت على عاتقها المهمة القانونية لإقالته بعدما تثبت لها تورطه في إدارة عدد من الصفقات وتمرير التلزيمات إلى عدد من الشركات التي أقر أصحابها بدفع مبالغ ضخمة لتامر وشركائه. محاولات تامر تستند إلى ما يصفه مقربون منه بـ«بنك المعلومات» الذي يطاول عدداً من القيادات اليمينية، ما يعني أن رجل الانقلاب الأول ما زال مصراً على مواجهة المصير المحتوم تحت قاعدة إما البقاء وإما سقوط الهيكل على رأس الجميع.
علي فرحات - الاخبار
المزيد في هذا القسم:
- عام سقوط «داعش»: تحولات عسكريّة كبرى... و«ستاتيكو» سياسي المرصاد نت - صهيب عنجريني شهد العام المنصرم حدثاً مفصليّاً في سوريا هو تقويض الوجود العسكري لتنظيم «داعش» ما أسفر في الوقت نفسه عن ازدياد المساحة ...
- سجال كلامي بين أنقرة وبرلين: ميركل تتوعد وأردوغان يرد المرصاد نت - متابعات عاد التوتر بين ألمانيا وتركيا إلى الواجهة الإعلامية من جديد على خلفية الاستفزازات الأخيرة التي قامت بها أنقرة بدءا من قمعها للحريات في بل...
- الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا تُقيل رئيسها بسبب لقائه الرئيس الأسد المرصاد نت - متابعات أعلنت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا أنها سحبت الثقة من رئيسها الإسباني بيدرو أغرامونت وجرّدته من صلاحياته على خلفية لقائه الرئيس بشار ا...
- قايد صالح: نال «وسام الاستحقاق» الجزائري... ورحل! المرصاد نت - متابعات توفي رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، إثر سكتة قلبية وفق ما أعلنت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية وذلك بعد أربعة أيام فق...
- السعودية.. قضية "إرضاع الكبير" تثير جدلا بين مدير "الهيئة" السابق في مكة ومغردين المرصاد-متابعات أثارت قضية "إرضاع الكبير" جدلا بين الداعية الإسلامي، أحمد الغامدي، المدير العام السابق لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة بالمملكة ال...
- أحمد العسيري: متحدّث فاسد لنظام أفسد! المرصاد نت - متابعات البيض الفاسد على شاكلته يقع. لم يكن مشهد رمي البيض الفاسد على الناطق باسم تحالف العدوان السعودي على اليمن البوق أحمد عسيري أمراً مأ...
- أزمة دبلوماسية بين البرازيل ودول لاتينية بعد عزل روسيف المرصاد نت - متابعات بعد تصويت مجلس الشيوخ البرازيلي أمس على عزل رئيسة البرازيل ديلما روسيف الموقوفة عن العمل منذ حوالى 3 أشهر استدعت حكومة ميشال تامر نائب...
- فشل هجوم ثالث لتنظيم "داعش" على مطار الطبقة بريف الرقة شمال سوريا نفذ الطيران الحربي السوري ست غارات منذ صباح السبت على مدينة الطبقة التي يسيطر عليها تنظيم "داعش"، وذلك بعد ساعات من فشل هجوم جديد للتنظيم على مطار الطبقة العسكر...
- الحرب المفتوحة .. طهران أبلّغت موسكو تبليغ الرسالة للأميركيين المرصاد نت - ماجدة الحاج لم يكن سقوط خان طومان حدثاً ميدانياً مفاجئاً هزّ دمشق وحلفاءها كما صوّره الإعلام الخليجي و”الإسرائيلي” قياساً بما...
- اعتداء إسرائيلي وسط عمان... والقاتل يعود «سالماً»! المرصاد نت - متابعات جريمة جديدة يقع ضحاياها أردنيون لكن بما أن القاتل إسرائيلي فآخر المنى هو أن تتحقق العدالة. وفعلاً لم تألُ عمان وتل أبيب جهداً لابتكار حلّ...