المرصاد نت - متابعات
لم يعد الخلاف السعودية المصري سحابة صيف يبدو أن هناك قناعة راسخة لدى الجانبين على المضي بمواقفهما حتّى النفس الأخير.
بالأمس قطعت المحكمة الإدارة المصرية العليا الشكّ باليقين حول قرار مصر "القضائي" فيما يتعلّق بهويّة جزيرتي تيران وصنافير المصريتين.
القرار الجديد الذي وّصف بـ"انتصار إرادة الشعب" عزّز "بطلان" اتفاقيّة ترسيم الحدود البحريّة الموقّع بين الملك سلمان والرئيس عبد الفتاح السيسي والذي تضمّن نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعوديّة وحسم الخلاف بين السلطة القضائية والتشريعية كما أن رئيس المحكمة القاضي أحمد الشاذلي رفض طعون الحكومة بعدم اختصاص المحكمة الإدارية في الفصل بالاتفاق.
قرار المحكمة بدا قاطعاً وغير قابل للطعن وقد اتسمت لهجته بنوع من الحسم الصريح جاء فيه "المحكمة التي قر واستقر في عقيدتها أن سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير مقطوع بها، وأن دخول الجزيرتين ضمن الأراضي المصرية أثر للسيادة المستقرة، وأن الحكومة لم تقدم ثمة وثيقة أو شيء آخر يغير أو ينال من تلك السيادة المستقرة" ما يؤكد نتيجة الطعون التي قدمتها الحكومة بعدم اختصاص المحكمة الإدارية في الفصل بالاتفاق والتي ستنظر بها المحكمة الدستورية العليا في 12 الشهر المقبل.
كثيرون هم سعوديين كانوا أم مصريين، من وجدوا في طعون الحكومة إجراءات شكليّة، لحفظ ماء وجه السيسي الذي أخطأ في إدخاله مناطق سياديّة ضمن إطار البازار السياسي خاصّة أنّ السلطة ألقت بكرة حسم الجدل حول الملف على المحكمة الدستورية العليا، "وهذا الأمر ليس من اختصاص الرئيس ولا مجلس النواب والوزراء بل من اختصاص الجهات المعنيّة باعتبار أنّ الدستور أقر مبدأ الفصل بين السلطات وأوجب على جميع السلطات احترامه" وفق مصادر قانونيّة مصريّة.
وأما ردّ الفعل السعودي، يبدو ضبابياً حتى الساعة رغم أنّ مسؤول سعودي رفض الكشف عن اسمه أكّد أن السعودية سوف تلجأ إلى عدت سيناريوهات من أجل حل قضية الجزيرتين، الأول هو اللجوء للتحكيم الدولي، ويشترط فيه موافقة الدولتين على ذلك، والثاني هو لجوء المملكة لمحكمة العدل الدولية (على غرار ما فعلت كل من قطر والبحرين حول جزيرة حوار المُتنازع عليها)، وبالتالي قد تنتقل العلاقات السعودية المصرية التي تعيش في الآونة الأخيرة أوضاعاً صعبة للغاية، إلى مرحلة الطلاق البائن بعد "الإنذار السعودي شبه الأخير". الإنذار الذي بدأ بوقف الدعمين المالي والنفطي في خطوة تهدف لإحراج النظام المصري داخلياً عبر إعادة "طوابير البنزين" التي شاهدناها أيام حكم الرئيس السابق "محمد مرسي" ومرّ عبر وضع عراقيل سعودية وخليجية في حصول مصر على دفعات من قرض صندوق النقد الدولي، قد يصل اليوم إلى أبعد من ذلك.
لا شكّ في أن القرار المصري الذي نزل برداً وسلاماً على الداخل الذي عاش حالة من الفرح العارم بالأمس أغلق الباب بشكل شبه نهائي حول أي مشروع سعودي جديد للسيطرة على الجزيرتين، فضلاً عن إعادة العلاقات بين البلدين إلى صورتها الطبيعية.
فالرئيس المصري الذي فجّر بقراره في أبريل/نيسان 2016 الماضي تبعية الجزيرتين للسعودية حالة من الغضب الشعبي، لم يعد يمتلك زمام الأمور في التنازل عن الجزيتين عبر تجاوز هذا الحكم القضائي الذي حظي بتأييد رسمي وشعبي كبير بل إن البعض يؤكدون أن الرئيس منذ اليوم الأول لم يرد ذلك بل حاول تمرير ورقة ترسيم الحدود والتنازل عن الجزيرتين لتحقيق أهداف اقتصاديّة بغية دعم اقتصاد بلاده المتردّي وبالفعل قد حصل عليها إلا أنّ ما تمخّض عنها اليوم مأزق قانوني وسياسي قد يؤدي إلى منزلق خطير تخشاه السعوديّة، كما مصر.
ربّما تقتنع السعودية اليوم بأن هذا القرار قد انتهى وبالتالي تراجع حساباتها مع مصر التي تحتاجها اليوم أكثر من أيّ وقت مضى خاصّة أنّها تخوض عدّة جبهات خشنة في اليمن وسوريا، وبدرجة أقل مع إدراة ترامب الجديدة.
العقوبات السعودية لن تجدي نفعا، ووقف النفط كذلك، كما أنّ أي تحالف خليجي لوقف الدعم المالي لمصر بغية تسليم الجزيرتين للسيادة السعودية لن يغيّر من قرار المحكمة الدستوريّة، وبالتالي إما أن ترضخ السعودية للقرار المصري وتتنازل في الكباش القائم منذ عدّة أشهر، وعلى أكثر من صعيد، إما أن تخطي خطوات أكثر جرأة في معاقبة السيسي عبر التلويح بطرد العمالة المصريّة، وربّما طرد بعضهم، ما يجعلها أمام مواجهة أكثر من 90 مليون. مصر أيضاً، تمتلك جملة من الأوراق القادرة على استخدامها أمام السعودية، وفي مقدّمتها تشكيل تحالف عربي أمام أي تحالف خليجي يضم إلى جانبها كل من سوريا والعراق وبعض دول شمال أفريفيا.
إلى أين؟
السؤال الذي يطرح نفسه اليوم يتعلّق بتبعات القرار التي نرى أن الرئيس السيسي سيطرح مبادرة جدية "للمماطلة" تشكّل جرعة مسكّنة للسعودية التي لا نعول على "حكمتها" خاصّة أن تأزيم الأوضاع ليس في صالحها. ربّما تكون عمليّة الإستفتاء العام هي الجرعة المقبلة من السيسي، لأنه بحسب المادة ١٥١ القضيّة ليست مجرد ترسيم حدود إنما تقع في نطاق التنازل عن السيادة على الأرض، وهذا ما تخشاه السعوديّة أيضاً، لانّها تدرك مسبقاً جواب الشعب المصري.
أتقنت مصر فن إدارة الأزمة مع السعودية الأخيرة تريد الإدارة بالأزمة إلا أن الذكاء المصري حال دون ذلك.
المزيد في هذا القسم:
- «حماس ومحور المقاومة»: منه بدأت وإليه تعود! المرصاد نت - متابعات بعدما رأى العدو الإسرائيلي في زيارة وفد من «حماس» لإيران ردّاً على اشتراطه قطع الحركة علاقتها بطهران واستغلّ ذلك للتصعيد أعلن...
- أبرز التطورات الميدانية والعسكرية في المشهد السوري! المرصاد نت - متابعات وسط تحذيرات غربية من التصعيد العسكري في منطقة إدلب تبدو التحضيرات الميدانية مقدّمة لمعارك أوسع على طول جبهات «منطقة خفض التصعيد» بما يعيد...
- كيان دول البحر الأحمر وخليج عدن.. "إسرائيل" الهدف والغاية ! المرصاد نت - متابعات استقبلت الرياض كبار رجالات الدبلوماسية في ست دول عربية مطلة على البحر الاحمر وخليج عدن؛ وهي الأردن ومصر والسودان وجيبوتي والصومال واليمن ...
- الحريري: الحكومة اللبنانية ستتشكل خلال الأيام العشرة المقبلة المرصاد نت - متابعات أعلن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مساء الثلاثاء أن "الحكومة ستتشكل خلال الأيام العشرة المقبلة لأن البلد بأمسّ الحاجة لهذه الحكومة والو...
- السودان : اتفاق أولي نحو السلام! المرصاد نت - متابعات توصل المجلس السيادي والحركات المسلحة في السودان إلى اتفاق على خارطة طريق لمحادثات سلام تبدأَ في تشرين الأول/أكتوبر حتى منتصف كانون الأول/...
- تونس .. الفخفاخ يسرّع المشاورات الحكومية! المرصاد نت - متابعات قال رئيس الحكومة المكلّف، إلياس الفخفاخ، في ندوة صحافية أمس، إن عشرة أحزاب عبّرت عن دعمها له، بينها حركة «النهضة» و«التيار الديمقراطي» وح...
- أبرز التطورات الميدانية والعسكرية في المشهد السوري! المرصاد نت - متابعات مع ساعات الصباح الأولى من يوم أمس، تَمكّن الجيش السوري من استعادة السيطرة على كامل مدينة سراقب الاستراتيجية، جنوبي شرقي مدينة إدلب بعد عد...
- تل أبيب وأنقرة: محادثات «سريّة» لإعادة السفراء المرصاد نت - متابعات قبل أربعة أشهر توتّرت العلاقات الإسرائيلية - التركية على خلفية المجزرة التي ارتكبها جيش العدو بحقّ المتظاهرين في «مسيرة العودة&raqu...
- السعودية "تحظر" الخاشقجي إعلامياً وتمنع التعامل معه المرصاد نت - رآي اليوم قالت مصادر خاصة أن السلطات السعودية اصدرت امرا بمنع الكاتب جمال الخاشقجي من الكتابة سواء في الصحف المحلية او الخارجية ومنع ظهوره في الم...
- تونس بين قوارب الموت وهجرة الكفاءات المرصاد نت - متابعات مثلها مثل الانقطاع المبكر عن الدراسة والفساد أصبحت الهجرة ظاهرة إجتماعية بارزة في المجتمع التونسي. لكن هذه الظاهرة تناولت زاويتين هجرة غي...