المرصاد نت - متابعات
عمّت الاحتفالات مدينة حلب مساء الاثنين احتفاء بالانتصارات الكبيرة للجيش العربي السوري والحلفاء على اعتاب تحرير المدينة بالكامل واندحار الارهابيين فيها.
وبث التلفزيون العربي السوري مشاهد من الفرح والابتهاج في هذه المنطقة مؤكدا ان “سكان حلب يعبرون عن سرورهم بالانتصار على الارهابيين” وخرج السكان بمسيرات عفوية تعبيرا عن الفرح حيث اطلقوا هتافات تحيي الجيش السوري والقوات الحليفة والرديفة له وانطلقت مواكب سيارة على شكل تظاهرات، واطلقت العنان لابواقها وهتفات من فيها.
في المقابل اتهمت تنسيقيات المسلحين الفصائل المسلحة التي تركت المعارك في حلب والانضمام الى معركة “درع الفرات” بأنها فصائل خائنة باعت المدينة من اجل المال وشهدت الايام الاخيرة انهيارا سريعا للارهابيين في شرق حلب وحققت قوات الجيش السوري والحلفاء تقدما كبيرا بتحريرها احياء هذه المنطقة الواحدة تلو اخرى.
عيد انتصار حلب قلب طاولة الأحداث في الميدان السوري. فلن تكون مفاعيل الإنتصار عادية خصوصاً لأسبابٍ تتعلق بما سيُحدثه هذا الإنتصار ببنية الأزمة السورية وليس فقط على صعيد نتائجها الظرفية. كلُّ ذلك، لا يمنع المسار الأمريكي في احتضان الإرهاب ومحاولة إنقاذه من كل مأزقٍ عسكري. في حين يمكن لحاظ أن تأثير السلوك الأمريكي بدعم الجماعات الإرهابية أو ارسال السلاح لها، لم يعد كبيراً. فماذا في انتصار حلب وتأثيره المفصلي على الأزمة السورية وملحقاتها؟ وماذا يعني الدعم الأمريكي؟ وما هي أهداف ذلك؟
باختصار: ماذا يعني نصر حلب؟
حلب بوابة الشمال السوري هي نفسها المنطقة التي رسم لها الإستكبار العالمي مخططات السقوط بهدف ضرب وحدة الأراضي السورية الى جانب إضعاف النظام السوري وتفكيك بنية الدولة. ومع سقوط المشروع الغربي الخليجي في حلب، ترسَّخت النتائج العكسية في الميدان السوري انتهى حُلم أمريكا وعملائها الحكام العربان وخسرت الجماعات الإرهابية خسارة كبيرة على الصعيدين المادي والمعنوي. كل ذلك حصل بالضربة القاضية التي وجهها الجيش العربي السوري لأعداء الشعب السوري في أكبر معركة شهدتها سوريا.
الدعم الأمريكي: ردة فعلٍ تفتقد التأثير
لم يمض وقتٌ قصير على وضوح مسار الوضع الميداني في حلب لصالح الجيش العربي السوري، حتى صادق الكونغرس الأمريكي على مسودة قانون يسمح بتسليم صواريخ محمولة مضادة للطائرات للجماعات المسلحة الإرهابية في سوريا. فيما تواترت الأنباء عن قيام الرئيس الأمريكي باراك اوباما بإلغاء القيود التي كانت مفروضة على تزويد الجماعات الحليفة لأمريكا في سوريا بالسلاح. وهو ما يسمح بتوريد صواريخ وأسلحة للجماعات الإرهابية مثل جبهة النصرة والجيش الحر من أجل مواجهة القوات الجوية السورية وإستهداف مواقع مدفعية الجيش السوري. لكن هذا الأمر غير الجديد في السياسة الأمريكية، لن يكون مؤثراً بعد النتيجة التي حققها الجيش العربي السوري وحلفاؤه في حلب. لأن انتصار حلب يعني تغيُّراً في المعادلات الإستراتيجية وأوراق الميدان الأساسية على الساحة السورية. وهو ما سنوضحه لاحقاً.
التوجه الأمريكي ليس بجديد فما هي الأهداف؟
لم يكن الإعلان الأمريكي توجهاً جديداً. وهنا نُشير للتالي، من باب الإستدلال وتأكيد بعض الحقائق:
أولاً: خلال شهر شباط المنصرم، سرَّبت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، في تقرير لها أن اللجنة الإستشارية العسكرية والأمنية للرئيس الأمريكي أوباما، مارست عليه ضغوطاً كبيرة لتطبيق الخطة البديلة بهدف مواجهة النفوذ الروسي في سوريا. وهي خطة ستُنفذ في حال فشلت المساعي الأمريكية لوقف إطلاق النار. فيما أشارت التسريبات أنها تقضي بتسليم الجماعات الإرهابية في سوريا أسلحة ذات نوعية وفعالية أكبر. وهو ما تم نقاشه في الأردن خلال إجتماعات سرية بين رؤساء أجهزة المخابرات الأمريكية والحليفة لها، قبل الإعلان الرسمي لوقف اطلاق النار في 27 شباط المنصرم.
هذا يدل بوضوح على أن الهدف الأمريكي كان دعم الجماعات الإرهابية لإضعاف الجيش العربي السوري وليس تحقيق وقف إطلاق النار خدمة للمدنيين ومنعاً لإرتفاع عدد الضحايا كما حاولت أمريكا الترويج!
ثانياً: الإدارة الأميركية كانت واضحة وصريحة في تصريحاتها منذ تشكيل تحالفها ضد تنظيم داعش الإرهابي حيث أعلنت مراراً أنها غير معنية بضرب أهداف الجماعات الإرهابية في نقاط تماس أو خطر في مقابل الجيش العربي السوري. وهو ما يعني أن الأولوية التي كانت ومازالت لدى أمريكا، هي إضعاف الجيش العربي السوري والعمل على تحقيق الواقع الفعلي للتقسيم. وذلك ما يمكن أن يحصل من خلال غض الطرف عن نفوذ المسلحين في المناطق المركزية في سوريا. مما يؤكد أن عودة حلب للدولة السورية اليوم، يعني خيبة أمل لأمريكا وليس فقط الجماعات الإرهابية، وبالتالي فإن قرار الدعم، جاء رداً على ذلك، مع الأخذ بعين الإعتبار عدم فعاليته أو تأثيره على التوازنات الجديدة.
كثيرة هي الدلائل التي يمكن الإستدلال من خلالها على أن التوجه الأمريكي ليس بجديد وجاء كردة فعل على سقوط المشروع الغربي الخليجي في سوريا. لكن نكتفي بما تقدم.
بعد حلب داعش في تدمر: كلمة سريعة
لا شك أن احتلال مدينة تدمر، لم يكن صدفة أو إنجاز. بل هو كالتالي:
أولاً: إذا كانت لؤلؤة البادية "تدمر" كما يصفها التاريخ، قد أصبحت فعلاً تحت نفوذ تنظيم داعش الإرهابي، فهذا لا يساوي وفق الحسابات الإستراتيجية والميدانية في سوريا، أي إنجاز يمكن أن يوازي انتصار الجيش السوري في حلب. لنقول أن بعد حلب باتت الدولة السورية صانعة المعادلات الجديدة ولن يؤثر سقوط تدمر ميدانياً أو سياسياً عليها.
ثانياً: لم يكن ما جرى في تدمر صدفة. بل إن طائرات التحالف اختفت من الأجواء وشكَّل اختفاؤها غطاءاً جوياً للجماعات الإرهابية من أجل التحرك بأمان وإعادة تجميع القوات بين منطقتي دير الزور والرقة لفترة، مما ساهم في نجاح الهجوم العسكري على الجبال المحيطة بتدمر قبل دخولها. وهو ما يعني تواطؤاً أمريكياً واضحاً مع الإرهاب.
ثالثاً: ظنَّ الأمريكيون وحلفاؤهم أنهم من خلال إسقاط تدمر سيؤثرون على مفاعيل الإنتصار المدوي في حلب نفسياً ومعنوياً. وهو ما يهدف لإظهار الجماعات الإرهابية في موقع القدرة على التأثير أو امتلاكها زمام المبادرة العسكرية. كلُّ ذلك لأهداف واضحة سعت واشنطن لتهيئتها ضمن رقعة الشطرنج العسكرية بعيداً عن الشمال السوري.
إذن لن تكون نتائج انتصار حلب أقل من استراتيجية. بل إن ردة الفعل الأمريكية بدعم الإرهاب، وتغطيته توسُّع نفوذ الإرهابيين في مناطق أخرى، لن يُقدِّم إلا نصراً معنوياً سريعاً ستزول آثاره بعد وضوح آثار معركة حلب. لنقول أن الأمور وصلت الى خواتيمها، بعد أن دفنت حلب مشروع أمريكا وحلفائها.
المزيد في هذا القسم:
- السعودية.. تطبيع كامل مع “اسرائيل” مقابل رأس حزب الله المرصاد نت - متابعات يجول الوفد السعودي برئاسة انو عشقي في فلسطين المحتلة وينقل «رسائل» واضحة برغبة المملكة في التطبيع وهذه المحادثات ليست الا &la...
- تناغم عدائي يجمع السعودية والإمارات وإسرائيل ضد لبنان المرصاد نت - متابعات يمارس التحالف الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فبراير الماضي ويضم السعودية والإمارات مع إسرائيل ودول أخرى مهامه على الواقع ح...
- السعوديّة والإمارات تدعمان فرنسا في تأجيج الفتنة بين المغرب والجزائر المرصاد نت - متابعات كشف وزير الشؤون الخارجية الصحراوي محمد سالم ولد السالك عن ضغوطات مارستها فرنسا على كل من السعودية ودولة الإمارات المتحدة إلى جانب عدد ...
- حي برزة الدمشقي يلفظ آخر مسلحيه إلى الشمال السوري المرصاد نت - متابعات طوى حيّ برزة الدمشقي سنوات عدة من عمر الحرب السورية بخروج آخر دفعة من مسلحيه باتجاه شمال البلاد. 400 مسلح مع عائلاتهم غادروا وأحرقوا العدي...
- من غيتس إلى كارتر: الشقّ السعودي في مذكّرات وزراء الدفاع المرصاد نت - متابعات يقدّم وزراء الدفاع الأمريكيون في مذكّراتهم صورة إجماليّة عن أيّامهم في البنتاغون المذكّرات ورغم أهميتها للكاتب والقارئ على حدّ سواء...
- انهيار جيب واشنطن في التنف ..والجيش يجهز لعملية عند المثلث الحدودي المرصاد نت - إيلي حنا تُنسج تفاصيل الاتفاق الأميركي ــ الروسي في سوريا بعيداً عن الإعلام والتصريحات الرسمية جولات متعددة من الكباش الدبلوماسي والتراشق السياسي ...
- هل الإمارات وراء مؤتمر الشيشان الذي فصل "السنة عن الوهابية".. ولماذا؟! المرصاد نت - الصياد أعلنت مؤسسة “طابة” الصوفية ومقرها أبوظبي ومؤسسها رجل الدين اليمني الحبيب علي الجفري أنها هي التي نظمت مؤتمر “من هم أهل ا...
- «الفخّ الليبرالي» ... كيف تفرّغ ثورة من مضمونها ! المرصاد نت - عامر محسن «تأتي الثورة حين تريد هي، لا حين نريدها نحن» فلاديمير إيليتش لينين من أصعب الأمور أن تُسبغ عنواناً سياسياً ونيّات واضحة عل...
- بروكسل تستبعد إعادة التفاوض: خطر «بريكست» يمتد إلى «العُمّال» ! المرصاد نت - متابعات تعيش رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي لحظات حرجة على المستوى السياسي في المملكة المتحدة وذلك بعد سلسلة من الصدمات التي تعرضت لها على مد...
- الجيش يتقدم على جنوب الفرات نحو دير الزور.. "القاعدة" ينفرد بحكم إدلب المرصاد نت - متابعات تنذر التغيرات التي يشهدها الشمال السوري وعلى رأسها إطاحة «النصرة» نفوذ «أحرار الشام» وطردها من مدينة إدلب والمناط...