متابعات :
ربما لا نبالغ اذا قلنا ان قمة منظمة التعاون الاسلامي التي بدأت اعمالها اليوم الخميس في اسطنبول هي الاسوأ
منذ تأسيسها كرد فعل على حرق المسجد الاقصى في آب (اغسطس) عام 1969، ولا نستبعد ان تكون الاخيرة بشكلها الحالي، اذا لم يتم تطويق “الفتنة” المذهبية التي تسود العالم الاسلامي، او الشرق اوسطي منه على وجه الخصوص.
صحيح ان هذه المنظمة كانت خاملة وغير فاعلة، وباتت “تكية” لحفنة من الموظفين، وتوفر لهم رواتب وامتيازات مجزية، لان دولة المقر، اي المملكة العربية السعودية، ارادتها كذلك، ولكن القمة الحالية عكست امراض العالم الاسلامي وخلافاته في ابشع صورها، بحيث لم يعد لها نصيب من اسمها، اي انه يصح وصفها بأنها قمة “الخلاف” وليس “التعاون” الاسلامي، والقاء نظرة على مستوى الحضور، وغياب زعماء كثر، يؤكد هذه الحقيقة.
وحتى لا نتهم في هذه الصحيفة “راي اليوم” بالتحامل او المبالغة، يكفي الاشارة الى ان الحد الادنى من المجاملات البروتوكولية غابت عنها، فالرئيس التركي رجب طيب اردوغان تسلم رئاسة هذه القمة، دون ان يوجه دعوة رسمية الى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للحضور، وتجنب في الوقت نفسه مصافحة وزير الخارجية المصري سامح شكري الذي القى كلمة بلاده نيابة عن رئيسه، وهرول مغادرا المنصة متعمدا حتى لا يصافح بدوره الرئيس التركي الذي صعد اليها من الركن الآخر المقابل.
لا نعتقد ان مثل هذه التصرفات يمكن ان تحدث في اي قمم اخرى غير القمم العربية والاسلامية، فماذا سيحدث لو حضر الرئيس السيسي هذه القمة، وماذا سيخسر الرئيس التركي لو وجه الدعوة اليه، او صافح وزير الخاريجة المصري الضيف؟ القادة العرب والمسلمون باتوا يصافحون نظراءهم الاسرائيليين ويطبعون العلاقات مع دولة الاحتلال القادمين منها في وضح النهار، ويتجنبون حتى وصفها بـ”العدو” وينسج البعض تحالفات استراتيجية معها.
انهارت مؤسسة القمة العربية المنبثقة عن الجامعة العربية، وها هي القمة الاسلامية تواجه المصير نفسه، حيث انتقلت اليها فيروسات الخلافات العربية المسمومة، ويعلم الله اين سيكون هدفها المقبل.
قمة اسلامية على هذه الدرجة من الهشاشة والانقسامات و”الحرد” لا يمكن ان تقدم حلولا لاي من القضايا المدرجة على جدول الاعمال مثل الارهاب والاسلاموفوبيا، وفلسطين، والقائمة تطول، بل ستؤدي الى زيادة اشتعالها، وتفاقم اخطارها، فلو اخذنا قضية مثل “الارهاب” مثلا، فإن الدول المشاركة في القمة، او بعضها، هي التي توفر الاوكسجين المالي والعسكري والاعلامي الداعم لهذا الارهاب، علاوة على الحاضنات الدافئة له، وما يجري في سورية والعراق واليمن وليبيا، هو احد ابرز الامثلة في هذا الاطار.
النقطة الابرز التي وردت في خطاب الرئيس اردوغان الافتتاحي، تلك التي قال فيها “ديانتي ليس السنية ولا الشيعية، وانما ديانتي الاسلام”، وهي عبارة تجسد المرض السرطاني الذي يهدد الامة الاسلامية برمتها، ويهدد باغراقها في حروب طائفية مدمرة، والمقصود هنا هو “الطائفية” و”المذهبية” والتحريض عليهما بشكل متعمد ومدروس هذه الايام.
نتمنى ان یقوم الرئیس اردوغان الذی اطلق هذه العبارة، وبصفته رئیسا لهذه القمة، بجهود حقیقية لانقاذ العالم الاسلامی من کارثة الطائفیة وحروبها التي یزحف الیها بسرعة قیاسیة، وان یبادر بفتح حوار بین ایران والسعودية، خاصة ان علاقاته مع الطرفین جیدة على اسس الاحترام المتبادل، والترکیز على العدو المشترك الذي یحتل المقدسات الاسلامیة في القدس المحتلة، ویمارس ابشع انواع الاذلال والاهانة في حق اکثر من ستة ملایین مسلم.
الحوار وبالتالي المصالحة بين ايران والسعودية هما البوابة التي يمكن ان تؤدي الى تسوية كل، او معظم، الازمات الاخرى، في سوريا والعراق واليمن، والتصدي للارهاب الاسرائيلي، وكل انواع الارهاب الاخرى، وفرض الاحترام للاسلام والمسلمين في العالم بأسره، وعلى ارضية الاعتراف بالاخطاء، والبدء في مراجعة تصحيحية، فهل نبالغ في امانينا.
* راي اليوم.. بتصرف
المزيد في هذا القسم:
- مؤرخ صهيوني: "الكيان الإسرائيلي" يسعى لاحتلال مكة المكرمة المرصاد نت - متابعات قد يُصاب المرء بالدهشة والذهول حينما يقرأ عنوان هذا التقرير فهل يُمكن أن "الكيان الإسرائيلي" فعلاً يسعى لاحتلال مكة المكرمة ولا غرابة في ...
- عدوان غزة: «ألغام المصالحة» تتفجر المرصاد نت - متابعات سرعان ما تلقّت إسرائيل المصالحة الفلسطينية كموضوع دسم لتمرّر عبره ومن تحته أيضاً جملة من الخطط والنيّات المسبقة. حذّرت في البداية من ا...
- لبنان : احتجاجات على سوء الأحوال المعيشية في وسط بيروت المرصاد نت - متابعات تجمّع المئات من المحتجين على سوء الأوضاع الاقتصادية ورفضاً للفساد في ساحة الشهداء وسط العاصمة بيروت وعبّر المتظاهرون عن رفضهم للأحوال الت...
- أزولاي على رأس منظّمة «اليونسكو» وداعاً فلسطين وداعاً العالم الثالث؟ المرصاد نت - متابعات وانتهى السباق بخسارة المرشحين العربيين اللذين استماتا خلال الأسابيع الماضية في خطب ودّ إسرائيل. فازت الفرنسية أودري أزولاي بمنصب مدير منظ...
- «نيويورك تايمز»: البيت الأبيض «يقاوم» ترامب المرصاد نت - متابعات يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب اختباراً صعباً لرئاسته بعد الكشف عن أن كبار مسؤولي إدارته يعملون على «إفشال أجندته» كما سعى...
- بمناسبة يوم القدس العالمي .. التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة يعقد لقاءً سياسيا... المرصاد نت - متابعات بمناسبة يوم القدس العالمي عقد التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة لقاءً سياسيا في مقره الرئيسي في بيروت بحضور شخصيات وفعاليات سياس...
- المنافسة على زعامة العالم الإسلامي تُشعل حرب النفوذ بين تركيا والسعودية المرصاد نت - متابعات زعامة العالم الإسلامي ادعاءٌ ما فتئت المملكة السعودية على تكراره مراراً وترى المملكة أنّ ما تقوم به تركيا من أعمال في شمال وشمال شرق إفري...
- سوريا : الجيش في جبل الزاوية من بوابة كفرنبل! المرصاد نت - متابعات منذ انطلاق العمليات على محور جبل الزاوية قبل يومين سيطر الجيش العربي السوري على نحو 20 بلدة في الجزء الشرقي من الجبل غربي الطريق الدولي (ح...
- أوسي: "50 دبابة تركية تحارب مع داعش" لم يكن الصمود الكردي متوقعا إلى هذا الحد ولم تكن الشراسة الكردية في الدفاع عن كيانها الوجودي متوقعة بهذه الطريقة، خاصة بعد ما وصلت إليه الأمور من حماية الغرب لظ...
- اجتماع جديد في واشنطن لحل أزمة "سد النهضة"! المرصاد نت - متابعات أعلنت وزارة الري المصرية عن عقد اجتماع يوم غد الإثنين في واشنطن برعاية وزير الخزانة الأميركي بين وزراء الخارجية والموارد المائية في مصر و...