الرئيس الأسد: الحلّ في شرقيّ الفرات عودة الدولة!

المرصاد نت - متابعات

توازياً مع التطورات الميدانية المتسارعة في شمال شرق سوريا وافتتاح اجتماعات «اللجنة الدستورية» في جنيف خرجت عدة مواقف عن الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة طويلة بُثّتALaseed2019.11.1 مساء أمس على القناة الأولى الرسمية والإخبارية السورية. وتطرقت المقابلة إلى إدارة دمشق لعلاقتها مع «قوات سوريا الديموقراطية» وتصوّرها لمستقبل منطقة شرقي الفرات إلى جانب موقفها من العدوان التركي ومن السياسة الأميركية على الساحة السورية.

 حيث أكد الرئيس بشار الأسد أن "التحرير التدريجي الذي يحصل في إدلب سيحصل في الشمال السوري بعد استنفاذ كل الفرص السياسية" مشيراً إلى أنه "في حال لم تعطِ العملية السياسية بأشكالها المختلفة نتائج فإن سوريا ستدهب إلى خيار الحرب ولا يوجد خيار آخر".

وأوضح الرئيس الأسد أن الاتفاق الروسي التركي بشأن شرق الفرات "مؤقت للجم الأطماع التركية وقطع الطريق على الأميركي" لافتاً إلى أن هذا الاتفاق هو "خطوة إيجابية تخفف الأضرار وتهيئ الطريق لتحرير المنطقة". كما أكد أن الاتفاق الروسي الوحيد مع الكرد هو من أجل دخول الجيش السوري إلى المناطق الشمالية الشرقية وهذا الدخول يعبر عن دخول الدولة بكافة الخدمات التي يجب أن تقدمها لافتاً إلى أنه من حق سوريا الدفاع عن وحدة أراضيها وأن تكون حذرة من الطروحات الانفصالية.

وقال الرئيس الأسد إن كل من يقاتل في إدلب هم جيش تركي سواء كان اسمهم قاعدة أم أحرار الشام معتبراً أن الرئيس التركي رجب الطيب إردوغان "يمارس الزعرنة السياسية على أوسع نطاق ويكذب على الجميع"، كاشفاً عن حصول لقاءات سورية تركية بحضور الجانب الروسي بمجملها كانت على مستويات أمنية.

ورداً على إمكانية لقاء إردوغان قال الرئيس الأسد إنه "إذا كان اللقاء سيحقق نتائج ومصلحة الوطن نضع مشاعرنا جانباً"، إلا أنه أوضح أنه لا يتوقع نتائج لأي لقاء مع إردوغان في الظروف السياسية الراهنة لا سيما في تركيا.وحول اللجنة الدستورية قال إن دمشق لم تقدم أي تنازلات على الإطلاق، وإن الانتخابات التي ستحصل ستكون من الألف إلى الياء تحت إشراف وسيادة الدولة السورية.

وأكد أن كل ما يحصل في جنيف اليوم هو جزء من اتفاق سوتشي حصراً منوهاً إلى أن الدولة السورية ستقبل بأي شيء ينتج عن لقاءات اللجنة الدستورية لمصلحة الوطن حتى لو كان دستوراً جديداً بالكامل إلا أن أن أي تعديل دستوري لا يراعي مصلحة البلاد، لن يتم القبول به مهما كان صغيراً. وحول مقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابي قال الرئيس الأسد "لا نعرف ما إذا كانت عملية قتل البغدادي حصلت أم لا" مذكراً أن البغدادي كان في السجون الأميركية في العراق وأخرجوه ليلعب هذا الدور. وأشار إلى أن كلام دونالد ترامب عن أنه يريد النفط في سوريا يعكس السياسة الأميركية الحقيقية.

ويمكن إيجاز أبرز ما قاله الرئيس الأسد في عدد من الملفات كما يأتي:

تصفية «البغدادي»
■ نفى الرئيس الأسد وجود أي دور لبلاده في العملية الأميركية التي استهدفت زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي مشيراً إلى عدم وجود تواصل بين دمشق وأي مؤسسة أميركية «والأهم من كل ذلك لا نعرف إذا كانت العملية حصلت حقاً أو لا».
■ السيناريو الأميركي للعملية «جزء من الخدَع الأميركية وعلينا ألّا نصدّق كل ما يقولونه إلا إذا أتوا بالدليل والبغدادي هو مجرد شخص يبدّل بأي لحظة وبأي وقت».

«اتفاق سوتشي» الأخير
■ الاتفاق الروسي التركي بشأن الشمال السوري «مؤقت وهو يلجم الجموح التركي باتجاه احتلال المزيد من الأراضي السورية» كما أنه «يقطع الطريق على الأميركي»
■ التركي هو «وكيل الأميركي في الحرب، وعندما لا يخرج بكل الوسائل فلن يكون هناك خيار سوى الحرب».

شرقي الفرات
■ دخول الجيش السوري إلى مناطق الشمال السوري «هو تعبير عن دخول الدولة السورية بكل الخدمات التي تقدمها».
■ لا تزال هناك عقبات... والهدف النهائي هو «سيطرة كاملة للدولة عليها... والأكراد في معظمهم كانوا دائماً على علاقة جيدة مع الدولة ويطرحون أفكاراً وطنية حقيقية».
■ من حقنا أن ندافع عن وحدة أراضينا وأن نكون حذرين من الطروحات الانفصالية.

الاحتلال الأميركي
■ الدور الطبيعي للدولة أن تهيّئ كل الظروف وكل الدعم لأي مقاومة شعبية تحصل ضد المحتل. والمقاومة بحاجة الى حالة شعبية نقيض العمالة.
■ العامل الأساسي الذي جلبَ الأميركي والتركي إلى هذه المنطقة «هو سوري عميل».
■ دونالد ترامب أفضل رئيس أميركي، ليس لأن سياساته جيدة، ولكن لأنه «خصم شفاف» فهو يقول: نحن نريد النفط... نريد أن نتخلص من فلان... نريد أن نقدم خدمة مقابل مال. وهذه هي حقيقة السياسة الأميركية.

مستقبل إدلب
■ كل من يقاتل في إدلب هم جيش تركي، سواء كان اسمهم «قاعدة» أو «أحرار الشام»، وهؤلاء أقرب إلى قلب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من الجيش التركي نفسه
■ نحن والروس والإيرانيون نخوض معركة عسكرية واحدة ومعركة سياسية واحدة.
■ إن لم يخرج الإرهابيون إلى تركيا فسيكون أمامهم خياران: إما العودة إلى حضن الدولة وتسوية الأوضاع وإما الحرب

«اللجنة الدستورية»
■ الحل يبدأ من ضرب الإرهاب ومن إيقاف التدخل الخارجي، وأي حوار سوري ــــ سوري يكون مكمّلاً ومساهماً
■ أي انتخابات ستحصل ستكون بشكل كامل تحت إشراف الدولة السورية وبسيادتها... واللجنة الدستورية لا علاقة لها بموضوع الانتخابات
■ سنوافق على أي شيء ينتج من لقاءات اللجنة الدستورية، شريطة أن يتوافق مع المصلحة الوطنية حتى لو كان دستوراً جديداً....

نشاط روسي لافت لضبط جبهات شرق الفرات

تتشابك خيوط الملف السوري بين اجتماعات «اللجنة الدستورية» في جنيف وتطورات الميدان في شرقي الفرات وإدلب والتي باتت رهينة قنوات تفاوض عدّة ومصالح متضاربة أو رهانات مختلفة لترسم مشهداً مركباً قابلاً للتطور في مسارات عدّة يغلب عليها التصعيد. فبينما تتزاحم النقاط الإشكالية على طاولة تنفيذ «اتفاق سوتشي» الروسية - التركية وسط معارك متقطّعة على جبهات ريف الحسكة الشمالي الغربي، لا تزال القوات الأميركية تعيد الانتشار وفق «هدف مرحلي» جديد هو «تأمين النفط». وبدا أمس أن دمشق حريصة على تظهير مواقفها من تلك التطورات بوضوح، إذ خرج الرئيس بشار الأسد في مقابلة تلفزيونية مطوّلة أجاب خلالها على معظم الأسئلة المتعلقة بخيوط المشهد السوري الحالي.

الموقف الأبرز كان تكذيب الرواية الأميركية التي تضمنّت شكراً لدمشق بما يوحي بوجود «تعاون ضمني» معها في العملية الأمنية التي استهدفت زعيم تنظيم «داعش» أبي بكر البغدادي في إدلب. إذ نفى الرئيس الأسد وجود تواصل بين بلاده وأيّ مؤسسة أميركية، مُشكّكاً في سيناريو «عملية البغدادي» على اعتباره «جزءاً من الخدع الأميركية... إلا إذا أتوا بالدليل». كذلك، كان لافتاً في حديث الأسد تأكيده وجود لقاءات على المستوى الأمني فقط مع الجانب التركي بالتوزاي مع هجوم حادّ على الرئيس رجب طيب أردوغان وأطماعه في الملف السوري. وقال إن عدة لقاءات تمت برعاية وحضور روسيين بعضها في معبر كسب الحدودي وبعضها الآخر في روسيا لافتاً إلى قناعة بلاده بأن عدداً كبيراً من أفراد السلكين العسكري والأمني في تركيا «يكرهون أردوغان» في حين وصف الأخير بأنه «لصّ» يمارس «الزعرنة السياسية».

وعن قراءة دمشق للاتفاق الروسي - التركي الأخير في سوتشي حول شرقي الفرات اعتبر الرئيس الأسد أنه «مؤقت... يلجم الجموح التركي باتجاه احتلال المزيد من الأراضي السورية»، كما أنه «يقطع الطريق على الأميركي»، معتبراً أن تركيا تتصرف بالوكالة عن واشنطن. ولفت إلى أن وجود إجراءات هامة يجري العمل عليها يتيح انخراط أبناء المنطقة التي تسيطر عليها «قوات سوريا الديموقراطية» في كنف مؤسسات الدولة الرسمية في إشارة إلى ما صدر أخيراً عن وزارتَي الدفاع والداخلية (وما قد يصدر لاحقاً عن وزارات ومؤسسات عامة أخرى). وشدد الرئيس الأسد على أن دخول الجيش السوري إلى مناطق الشمال الشرقي «هو تعبير عن دخول الدولة السورية بكل الخدمات التي تقدمها... على رغم وجود بعض العقبات»، مؤكداً «حق الدولة في الدفاع عن وحدة أراضيها والحذر من الطروحات الانفصالية». واعتبر أن دور الدولة في مقاومة الاحتلال الأميركي «تهيئة كلّ الظروف وكلّ الدعم لأيّ مقاومة شعبية تحصل ضد المحتل... فالمقاومة بحاجة لحالة شعبية نقيض العمالة».

أما عن إدلب وتطوراتها فقد لفت إلى أن كلّ المسلحين هناك يمكن عدّهم «جيشاً تركياً... وهم أقرب إلى قلب أردوغان من الجيش التركي نفسه». وأكد أنه «في حال لم يخرج الإرهابيون إلى تركيا (باتفاق) سيكون أمامهم خياران فقط، إما العودة إلى حضن الدولة وتسوية الأوضاع أو الحرب». وخرج الرئيس السوري بمواقف لافتة تخصّ «اللجنة الدستورية»، إذ أكد أن الحكومة غير ممثلة هناك بشكل رسمي، ولكن الوفد «يحمل توجهات الدولة، وهو مدعوم منها». وقال إن عمل اللجنة محصور بصوغ الدستور، في حين تبقى قضية الانتخابات «تحت إشراف الدولة السورية وبسيادتها»، وهي تختار من تدعو إلى مراقبتها أو الإشراف عليها. ونوّه إلى أن دمشق ستوافق على أي شيء ينتج من لقاءات «الدستورية» شريطة أن «يتوافق مع المصلحة الوطنية حتى لو كان دستوراً جديداً».

هدوء نسبي على خطوط التماس
ميدانياً، تزامن الهدوء النسبي على الجبهات في أرياف تل تمر ورأس العين في ريف الحسكة مع لقاءات منفصلة أجراها الجانب الروسي مع «قوات سوريا الديموقراطية» والحكومة السورية ونظيره التركي. إذ عقدت الدوريات الروسية التي جالت أمس بين القامشلي والدرباسية اجتماعين منفصلين مع العسكريين الأتراك في بوابتَي نصيبين والدرباسية الحدوديتين. النقاشات تضمنت شقين رئيسين وفق المعلومات المتوفرة هما الإفراج عن 18 عسكرياً سورياً كانوا أسرى لدى الجيش التركي وتنسيق الدوريات المشتركة. وتزامنت هذه الاجتماعات مع لقاءات متكررة يجريها الروس مع قادة «قسد» وضباط في الجيش السوري، لبحث ترتيبات المرحلة الثانية من «اتفاق سوتشي» الأخير والعمل على وقف إطلاق نار ثابت في المنطقة.

وأثمرت الجهود الروسية أمس تحرير العسكريين السوريين (بينهم ضابطان برتبة ملازم) عبر معبر الدرباسية. وتعكس هذه الخطوة نجاح روسيا في ضبط إيقاع المواجهات بين الجيشين السوري والتركي وتجنب توسيع رقعتها وحدّتها كما في فرض «وقف إطلاق نار مؤقت» تُرجِم هدوءاً على جبهة طويلة من عين عيسى وحتى أطراف الدرباسية، في انتظار خطوة تسيير الدوريات، والتي ستكون حاسمة لجهة توسع العملية التركية أو استمرار تعليقها.

وعلى رغم إيجابية التحركات الروسية لا يزال تيار كبير في «قسد» يراهن على الأميركيين وينظر إلى الروس على أنهم «يعملون لخلق واقع جديد» لا وجود لهيكيلة «قسد» الحالية فيه. وهو ما يؤكّده مصدر كردي مقرّب من «قسد» إذ قال إنهم ينتظرون «تطبيق وعود أميركية بحماية مناطقهم من أيّ هجمات تركية جديدة بعد إتمام الانسحاب من الشريط الحدودي». ولفت إلى أن «عودة الأميركيين إلى صرين وريف دير الزور وعودة الدوريات الأميركية للمنطقة الممتدة بين المالكية والقامشلي هي جزء من هذه الوعود».

ومع كل هذه التطورات تؤكد مصادر مطلعة على التنسيق الروسي ــ التركي أن «الأتراك يرفضون القبول بأيّ وجود عسكري كردي سواءً من الوحدات أو قسد أو الأسايش... ويبدون حزماً في استعدادهم لمتابعة العملية العسكرية في حال لم ينفذ الأكراد انسحاباً كاملاً من المنطقة الحدودية بعمق 32 كيلومتراً» لافتة إلى أن «الروس يبذلون جهوداً كبيرة لتجنيب المنطقة معارك جديدة، مع جهود لتجنب أي مواجهة سورية - تركية واسعة».

وبخلاف التوتر الذي ساد بين الحكومة السورية و«قسد» نتيجة البيانات المتضادة، دفع الجيش السوري بتنسيق مع «قسد» أمس بتعزيزات عسكرية تتضمن أسلحة ثقيلة للمرة الأولى إلى الحسكة. وتوجّهت التعزيزات إلى جبهتَي ريف تل تمر الشمالي وإلى جنوب طريق حلب ــ الحسكة الدولي بهدف تحصين مواقع الجيش استعداداً لوصول القوات الموجودة على أطراف الرقة وفتح طريق إمداد بري باتجاه الحسكة.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية