المرصاد نت - متابعات
لم يحظَ ملف إيران في نيويورك بما عمل عليه إيمانويل ماكرون لجمع الرئيسين الإيراني والأميركي في ظلّ تمسّك دونالد ترامب بسياسة العقوبات ومفاعيل التصعيد في الخليج. إلا أن معادلة حسن روحاني، التي أطلقها أمس ولم يتجاوب معها الرئيس الأميركي وشكّكت أنجيلا ميركل في واقعيتها إذا ما شملت جميع العقوبات، أعطت انطباعاً بإمكانية تزخيم نقاش في مقبل الأيام، خصوصاً مع إعلان عمران خان تكليف ترامب له بالتوسّط. وساطة جديدة تفصح عن جوهر الموقف الأميركي المتمسّك بعدم الذهاب إلى خيار الحرب وفق ما أكّد ترامب أمس في خطابه، وهو ما يمنح طهران ثقة أكبر باستراتيجيتها القائمة الآن.
أرادت السعودية أن تكون اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك مناسبة لتحريض وتحشيد دوليين واسعين ضد إيران. إلا أن الاهتمام انصبّ على توسّع الوساطات ليجلس على هامش الحراك الدبلوماسي المكثّف وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير مطلقاً شكاواه من نظام طهران. وفيما كانت الأنظار تتجه إلى ترامب وخطابه أمام الجمعية العامة برز إعلان رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان عن تكليف الرئيس الأميركي دونالد ترامب له بالقيام بوساطة تسهم في «تهدئة الأوضاع وربما التوصّل إلى اتفاق (نووي) جديد». وقال عمران خان إنه تحدّث أمس إلى روحاني في الأمر مضيفاً: «لا يمكنني الكشف عن أبعد من ذلك». كما كشف عن جهود يقوم بها بين السعودية وإيران إذ قال: «قمت بزيارة السعودية وقد طلب مني ولي العهد السعودي محمد بن سلمان التحدث مع القادة الإيرانيين في هذا الصدد وقد قمت بذلك» من دون إيضاح تفاصيل أكثر. ويأتي الإعلان الباكستاني في وقت يقوم به رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي بزيارة إلى السعودية تؤكد مصادر أنها تحظى بدعم إقليمي ودولي.
واستبق الرئيس الأميركي الخطاب بإشاعة أجواء الانفتاح على التفاوض بقوله: «أعتقد أننا نقوم بعمل جيد للغاية. فلنرَ ماذا سيحدث مع إيران لكننا في موقف قوي للغاية بشأنها وأعتقد أنهم يودون فعل شيء ومن الذكاء إن هم فعلوا».
أمّا كلمته التي أخذ الملف الإيراني منها الحيّز الأهم لدى المتابعين، وإن كرّرت لغة الهجوم المعتاد على طهران، فإن مراقبين رأوا فيها لهجة أكثر هدوءاً مقارنة بالخطابين السابقين المماثلين بالمناسبة، خصوصاً في ظلّ الحاجة إلى التضامن مع الحليف السعودي بعد هجمات «أرامكو». وقال ترامب أمس: «جميع الدول عليها واجب التحرك... يجب ألا تساند أي حكومة مسؤولة تعطّش إيران للدم. والعقوبات لن تُرفع ما واصلت إيران سلوكها الذي ينطوي على تهديد. ستُشدَّد العقوبات». وتابع: «بعد أربعة عقود من الفشل حان الوقت ليتخذ زعماء إيران خطوة للأمام وأن يتوقفوا عن تهديد الدول الأخرى ويركزوا على بناء دولتهم... أميركا على استعداد لإقامة علاقات صداقة مع من يسعون بصدق لأن يسود السلام والاحترام». وفي تأكيد لاستبعاده خيار الحرب، زاد بالقول: «أميركا تعرف أنه بينما يمكن أيّ أحد أن يشعل حرباً، فإن الأكثر شجاعة فقط هم من يستطيعون اختيار السلام».
في أثناء خطاب ترامب كان الرئيس الإيراني حسن روحاني في الفندق في نيويورك حيث فرضت السلطات الأميركية قيوداً على تحرّكاته. وإن ابتعدت فرص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لجمع الرجلين إلا أن روحاني استفاد من الكرنفال الدولي ليرمي بورقة تساعد على تحقيق استراتيجية بلاده أي التفاوض لا من موقع الضعف. إذ أعلن استعداده «لبحث إدخال تغييرات أو إضافات أو تعديلات محدودة على الاتفاق النووي حال رفع العقوبات». لكن لا فرص واضحة بعد لهذه المبادرة خصوصاً أن ترامب أعلن تمسّكه بسياسة «الضغوط القصوى» مع إشارته إلى إمكانية فرض المزيد من العقوبات.
كذلك فإنه في مؤشر على تعقيد الأزمة أظهر الأوروبيون دعماً غير مسبوق لفكرة خوض مفاوضات جديدة تشمل ملف الباليستي والأمن الإقليمي في بيان الترويكا (بريطانيا وألمانيا وفرنسا)، وهو ما رفضه بشدة وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف. لكن، مع ذلك فإن للمتفائلين مؤشراتهم، ومنها مبادرة روحاني وتكليف ترامب لعمران خان التوسّط واستكمال ماكرون تحرّكاته في نيويورك بموازاة قول ترامب في خطابه إن «هناك سبيلاً للسلام». تصريحات ماكرون على هامش أعمال الأمم المتحدة ولئن بدت يائسة مع دعوته الطرفين إلى «التحلي بالشجاعة» لبناء السلام فإنه شدد على أنه ليس ساذجاً ولا يؤمن بالمعجزات وأعلن تمسّكه باستكمال جهوده مؤكداً أن التطورات الأخيرة تفرض خطر انفجار الأمور.
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي ناقشت ملف إيران مع ترامب أمس خرجت بالتعليق الأكثر وضوحاً عبر إشارتها إلى صعوبة تحقيق معادلة روحاني أي «رفع جميع العقوبات أولاً ثم تنعقد المحادثات» وأضافت: «أرحب بالمحادثات بين الولايات المتحدة وإيران لكن... أعتقد أن هذا ليس واقعياً». الجدير ذكره أن طهران لمّحت في أوقات سابقة إلى عدم الحاجة إلى رفع «جميع العقوبات» وإنما إيقاف ما تعتبره «حرباً تجارية» وهو ما يحيل إلى إعادة الإعفاءات على تصدير النفط. في الخلاصة فإن «فرصة» نيويورك لن تحقّق سريعاً كما يتضح ما كان يتمناه ماكرون إلا أنها كشفت ضيق خيارات ترامب وأن ما يقوم به كسب للوقت لاستثمار العقوبات وهي استراتيجية تصطدم اليوم بمفاجأة سياسة التصعيد الإيراني التي توزّع الأكلاف على العالم. كذلك فإن حراك نيوييورك مرشّح لتزخيم النقاش حول ما حدّدته مبادرة روحاني ليكون السؤال في مقبل الأيام: هل يتمسّك ترامب بالمراوحة في سياسة العقوبات بلا طائل أم يقدم على تعليق جزئي لها لإعادة فتح الاتفاق النووي والتفاوض على تعديله؟
المزيد في هذا القسم:
- لماذا منعت واشنطن قراراً دولياً يدين "حفتر" بمجزرة المهاجرين؟ المرصاد نت - متابعات عرقلت الولايات المتحدة إصدار بيان عن مجلس الأمن الدولي يدين ضربة جوية استهدفت مركزاً لاحتجاز المهاجرين في ليبيا وأوقعت أربعة واربعين قتيل...
- داعش یلفظ انفاسه ألأخيرة.. بين الموصل والتنف المرصاد نت - متابعات كانت الساعات القليلة الماضية مليئة بالتطورات المهمة في الميدان السوري والعراقي تطورات قد لا يكون من المبالغة القول أنها كانت أحد ال...
- سيناء: حين ينهض الوطن في وجه خاطفيه ! المرصاد نت - متابعات مع العمليات البطولية للجيش المصري في سيناء منذ بدء العام 2018 وحتي اليوم تعيش مصر مرحلة سياسية شديدة التعقيد مُتصارِعة الأحداث وهي من شدّ...
- رايتس ووتش : نظام ولاية الرجل في السعودية يبقى أكبر حاجز أمام تحقيق المرأة لحقوقها المرصاد نت - متابعات قالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته الأحد الماضي إن نظام ولاية الرجل في السعودية يبقى أكبر حاجز أمام تحقيق المرأة لحقوقها ...
- السودان : دول خليجية تدخل على الخط و«احتجاجات الخبز» تتواصل ! المرصاد نت - مي علي ساد هدوء حذر في العاصمة السودانية الخرطوم في خامس أيام الاحتجاجات المطالبة برحيل حكومة الرئيس عمر البشير رغم استمرار المحتجين في قطع بعض أح...
- "بغداد بخير" .. في مواجهة إشاعات "داعش" "الكرادة .. الاعظمية .. مدينة الصدر، رصافة و كرخ.. الكل بخير، رغم ما يحصل"، عبارة تضمنتها حملة أطلقها ناشطون لمواجهة إشاعات طالما صدرت لتربك وضع العاصمة من باب ...
- احتجاجات فرنسا مستمرة: نقابات النقل تمدّد إضرابها ! المرصاد نت - متابعات في تصعيد جديد ضدّ الحكومة الفرنسية صوّت سائقو خطين لمترو أنفاق باريس بالموافقة على تمديد إضرابهم حتى نهاية الأسبوع وذلك فيما شهدت وسائل ا...
- خروج مئات الآلاف من الجزائريين في مسيرات تحت شعار«لا للعهدة الخامسة» المرصاد نت - متابعات خرج مئات الآلاف من الجزائريين أمس في مسيرات جابت كلّ محافظات البلاد تأكيداً لرفض استمرار عبد العزيز بوتفليقة في الحكم تحت أي ظرف من الظرو...
- «العودة» مُستمرة... والقصف الإسرائيلي أيضاً المرصاد نت - متابعات يستمر الفلسطينيون في قطاع غزة بفعاليات مسيرة العودة الكبرى التي بدأت قبل أسبوعين. وفيما ارتفع عدد الشهداء إلى 29 والجرحى إلى الآلاف قصفت ط...
- الغارديان : تعرض الاطفال للاغتصاب بمخيمات اللاجئين في اوروبا المرصاد نت - متابعات كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية النقاب عن تعرض أطفال لا تتجاوز أعمارهم سبع سنوات للاعتداء الجنسي في المخيمات الأوروبية الرس...