وعدُ السيد نصرالله للعدوّ: سندمّر ألويتكم على الهواء مباشرةً !

المرصاد نت - متابعات

بعد 13 سنة على انتصار تموز 2006م بات يُمكن التوجه إلى جنود الجيش الإسرائيلي بالقول: «إذا دخلتم إلى أرضنا، فإنّ كلّ بقعة في لبنان ستكون على شاكلة مربع الصمود (بنت جبيل)، الذيNasr allah2019.8.17 نحتفل فيه اليوم، بأكثر من 500 مرة. ستحضرون بثّاً مباشراً لتدمير الألوية الإسرائيلية». الكلام للسيّد حسن نصرالله الأمين العام للحزب الذي «أرادوا سحقه، فتحول إلى قوّة ذات حضور إقليمي… بعد كل هذا الوقت منذ حرب تموز الكلّ اليوم يتحدث عن قوة المقاومة والأهم نظرة العدو إليك ورؤيته وما فرضته هذه المقاومة، وفي طليعتها حزب الله، من معادلات في هذا الصراع.

الكلّ في كيان العدو يعترف بهذا التوازن مع المقاومة، وبعضهم يتحدث عن التوازن الاستراتيجي وهذا قوة للبنان» ذاكراً رئيس قسم التخطيط الاستراتيجي السابق في جيش العدو الذي اعترف بأنّ «إسرائيل» كيان «صغير وهش وبعدد قليل من الصواريخ العالية الدقة يمكن حزب الله أن يكبده ثمناً باهظاً في أي حرب». ورأى نصرالله أنّ «إسرائيل» يجب أن «تتحمّل مسؤولية أي عدوان تشنه. والسؤال المطروح في الكيان الغاصب هل ستنتصر إسرائيل في أي حرب أخرى ضدّ لبنان؟ هم يحاولون اختراع مفهوم جديد للنصر لإقناع شعبهم به… حرب تموز كشفت حقيقة إسرائيل.

والمسؤولون الإسرائيليون ليسوا متيقنين من تحقيق أي نصر على لبنان». لكن في المقابل لدينا اليوم «جبهة مقاومة ممتدة من فلسطين إلى لبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن، وقوى سياسية حيّة في البحرين وتونس والمنطقة والعالم». يدفع ذلك المرء إلى «المفاخرة بأنّنا جزء من محور المقاومة الذي يمكن أن نستند إليه لمنع الحروب… لم يستطيعوا أن ينهوا المقاومة، والدليل ما يجري في فلسطين في غزة والضفة (قاصداً طعن شرطي إسرائيلي في القدس يوم الخميس ونتج من العملية استشهاد الفتيين نسيم أبو رومي ومحمد خضر الشيخ). في حرب تموز أرادوا سحق المقاومة فتولّدت عبر السنين والدموع والدماء جبهة كبرى للمقاومة».

وأضاف السيد نصرالله أنّ «اسرائيل» لا تعتدي على لبنان لأنها تخاف حصراً من حزب الله «وإنما هي تعتقد أنّ أي حرب جديدة على لبنان، قد تُفجّر المنطقة عبر محور المقاومة. الاستناد إلى محور المقاومة سيمنع أي حرب كونية على سوريا وسينهي العدوان على اليمن، وسيمنع عودة الهيمنة الأميركية على العراق». فبحسب الأمين العام لحزب الله «كلفة الصمود والمقاومة أقلّ بكثير من كلفة الخضوع والمساومة والاستسلام». ليست قوة محور المقاومة الرادع الوحيد أمام كيان العدو. فكما أنّه في حرب تموز «كان هناك موقف سياسي رسمي متميز مثّله الرئيس إميل لحود والرئيس نبيه بري، ومن تضامن من كتل وتيارات والأهالي الذين فتحوا مناطقهم وبيوتهم، ولو كان لدينا وحدة وطنية حقيقية لكان لبنان في موقع من يفرض الشروط في ذلك الوقت»، ففي أيامنا هذه أيضاً، يبدو موقف الرئيس ميشال عون أساسياً لتحصين الجبهة الداخلية.

فقد نوّه السيد نصرالله بموقف عون، «الذي أكّد أنّه لو تكررت الحرب سننتصر من جديد. وبمثل هذه المواقف لن يستطيعوا أن يُلحقوا بنا أي هزيمة على الإطلاق»، لافتاً إلى «أنّنا نريد استمرار الأمن والسلام، ولكن من يدفع للحرب في المنطقة هو نتنياهو والسعودية». خطاب نصرالله أتى خلال مهرجان «نصر وكرامة»، الذي نُظّم في مدينة بنت جبيل، واحدة من بلدات الجنوب التي كانت «خلال الأيام الماضية عامرة بأهلها بكل أمن وطمأنينة… هذا الأمان لم يأتِ بالمجان، وإنما بناءً على عمل وجهد على مدار الساعة». ورأى السيد نصرالله أنّ اللبنانيين هم من «صنعوا أمنهم في لبنان والجنوب، عبر المعادلة الذهبية: الجيش والشعب والمقاومة». وعندما نتحدث عن «المقاومة وتوازن الرعب مع العدو فهذا بناء على عمل على مدار الساعة بالتسلح والتجهيز والتطوير، لنكون في أعلى وأقوى جهوزية. وهنا نفهم لماذا تعمل الولايات المتحدة على تجفيف منابع القوة للمقاومة». فواحد من أهداف الحرب على لبنان في الـ2006م «كان سحق المقاومة، والقضاء عليها في فلسطين، وإنهاء حكم الرئيس بشار الأسد في سوريا والقضاء على المقاومة الجدية في العراق، وعزل إيران تمهيداً لإسقاطها. وهذا المشروع لو نجح كان سيؤدي إلى هيمنة أميركية على منطقتنا».

ركّز السيد نصرالله على دور الولايات المتحدة في حرب تموز لأنّها «شُنّت بقرار أميركي، أما إسرائيل فكانت مجرد أداة. والأخيرة كانت ستكتفي بردّ الفعل الذي قامت به في اليوم الأول لأسر الجنود، لكن القرار الأميركي هو ما دفع إسرائيل إلى الحرب دون جهوزية». أرادت واشنطن الحرب، «لإقامة شرق أوسط جديد، وتكملة للغزو الأميركي لأفغانستان والعراق»، قال السيد نصرالله، مؤكداً أنّ الحرب لم تتوقف إلا بإدراك الأميركي والإسرائيلي «بفشلهما من تحقيق هدف الحرب، وكانت إسرائيل تُدرك أنها تتجه إلى كارثة عظيمة وبدايات الانهيار في كيانها». وروى  السيد نصرالله، نقلاً عن مسؤول عربي، التقى جون بولتون (كان في حينه مندوب الولايات المتحدة في الأمم المتحدة) كيف أنّ الأخير طلب بذل الجهود لإيقاف الحرب بأي ثمن، بعد أن كان يزعم أنّ الحرب، في بدايتها، لن تتوقف إلا باستسلام حزب الله وتسليمه سلاحه، لأنّ الإسرائيليين لم يعودوا قادرين على الاستمرار بها، «لذلك تنازل الأميركيون والإسرائيليون عن كثير من الشروط التي طرحوها في بداية المفاوضات». وأعاد نصرالله التذكير بأنّ «الذي أوقف الحرب هو قوة لبنان والمقاومة، ولن يمنّ علينا أحد في العالم بأنّه أوقف الحرب في 14 آب 2006… نحن أقوياء وسنكون أقوياء».

ورأى السيد نصرالله أنّ من بركات حرب تموز «محاولة الإسرائيلي ترميم صورة جيشه البرية، وما جرى سابقاً في غزة يؤكد هذا الأمر، في المقابل استفادت المقاومة من تجربة حرب تموز، ولا سيما في مربع الصمود ووضعنا نظاماً عسكرياً للدفاع عن مدننا وقرانا وأرضنا»، مُشيراً إلى وجوب البناء على «قوة محور المقاومة، في لبنان وبقية دول المنطقة، سياسياً وعسكرياً، ولمنع الحروب». وفي هذا الإطار قال السيد نصرالله إنّ تماسك ووحدة محور المقاومة ستمنع الحرب الأميركية على إيران، مشيراً إلى أنّ الأخيرة «تملك القوة العسكرية والشجاعة والدليل إسقاط الطائرة المسيرة الأميركية في الخليج واحتجاز السفينة البريطانية قانونياً». وهدّد السيد نصرالله بأن «الحرب على إيران تعني الحرب على محور المقاومة ويعني أنّ كلّ المنطقة ستشتعل، وهذا الكلام دعوة لفهم الحقائق. الرسالة وصلت خلال الأيام الماضية، وأدرك بعض اللاعبين الصغار في منطقتنا أنّ النار ستحرق وجوههم وكياناتهم».

داخلياً أكد السيد نصرالله أنّه «لا نتصرف من موقع المنتصر، ولا فائض القوة، ونريد أن يتعاون الجميع. لا نريد إلغاء أحد ولا تحجيم أحد، بل ندعو إلى تفعيل العمل والتعاون لمعالجة الملفات». لكن المشكلة هي في «الحداوات» الذين «يريدون إلغاء الآخرين في ساحاتهم وطوائفهم. نحن نريد أن يكون جميع الذين لديهم أحجام حقيقية». ودعا نصرالله إلى احترام نتائج الانتخابات النيابية، «والصدام ليس لمصلحة البلد. نحن من دعاة السلم الأهلي والعيش المشترك. المطلوب أن لا يلغي أحد أحداً».
وتطرق السيد نصرالله إلى الانتخابات الفرعية في قضاء صور لانتخاب بديل من النائب المستقيل نواف الموسوي «الذي نفتقده في الساحة البرلمانية وسيواصل العمل في حزب الله كأحد كوادرنا في مواقع أخرى». ودعا نصرالله الناخبين إلى الاقتراع آملاً فوز مرشح ثنائي حزب الله - حركة أمل الشيخ حسن عز الدين.

مربع الصمود ثبّت عقيدة «بيت العنكبوت»
عقيدة «بيت العنكبوت» التي أراد العدو الإسرائيلي «القضاء عليها ثبّتها المجاهدون والمضحون وأهالي مربع الصمود (عيناتا - بنت جبيل - مارون الراس - عيترون) وبنت جبيل» قال الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله متحدثاً عن أنّ مربع الصمود شهد «واحدة من المعارك الكبرى في حرب تموز، وهو محطة أساسية من المحطات الحاسمة في الحرب». وكانت الحرب على مدينة بنت جبيل عام 2006م «بعد فشل الاعتداء الجوي، وكان لا بد للعدو من الذهاب على الأرض إلى المعركة، للقول إنّهم حققوا إنجازاً برّياً كبيراً للتأسيس عليه بقية الحرب». وكانت هناك مؤشرات على أنّ الهدف سيكون بنت جبيل، «لرمزيتها في احتفال التحرير عام 2000م للقول إنّ إسرائيل ليست بيت العنكبوت». ولكنّ الهزيمة في بنت جبيل «حمت بقية البلدات وأيقن الإسرائيلي أنّ ألويته وجيشه أضعف من السيطرة على مربع من السيطرة على مدينة وعلى بقية القرى لذلك كانت محطة مربع الصمود محطة حاسمة… المقاومة لم تترك الإسرائيلي يخرج من المواجهة إلّا تحت النار ولهذا قام بارتكاب المجازر في القرى».

الرئيس عون: الانتصار سيتكرر
في الذكرى الثالثة عشرة لحرب تموز 2006م أكّد الرئيس ميشال عون أنّه إذا تكّررت الحرب الإسرائيلية على لبنان فإنّ الانتصار سيتكرر. كلام عون جاء خلال دردشة مع الإعلاميين في المقر الصيفي لرئاسة الجمهورية في بيت الدين فعلّق على كلام المسؤولين الأميركيين خلال اللقاءات في واشنطن مع رئيس الحكومة سعد الحريري قائلاً: «أقوم بمصلحة لبنان وما تقتضيه بغضّ النظر عن كل المواقف الخارجية والكل تابعني في كلّ المراحل وفي كلّ المحافل العربيّة والدوليّة».

13 عاماً على الحرب: صواريخ حزب الله ليست فقط دقيقة
رغم أن إسرائيل تدرك أن خيارات الاعتداء في لبنان دونها ردود قد تتجاوز التناسبية إلى ما يفوقها إلا أن هذه الخيارات ثابتة على طاولة القرار في تل أبيب. وهذا لا يعني فقط وجود حالة توثب إسرائيلية لإمكانية اللجوء إلى الاعتداء وهو كذلك، بل يؤشّر أيضاً على فاعلية وثبات ما يحول دون الاعتداء نفسه.

الحديث هنا يتعلق بالوسائل القتالية التدميرية الدقيقة، التي تتقدم اللائحة فيها قدرات صاروخية، لا ينكر الاحتلال - على مضض - أنها باتت لدى حزب الله، وأن ما يحول دون استخدامها، هو القرار السياسي لقيادة المقاومة المتموضعة دفاعياً في وجه الاعتداءات.

واحدة من أهم المعضلات التي تواجه المؤسسة العسكرية في إسرائيل، تتعلق بتعذر الانتصار في الحروب المقبلة. وهي معضلة واكبت كل رؤساء أركان الجيش الإسرائيلي منذ الفشل في الحرب على حزب الله عام 2006م وصولاً إلى الوافد الجديد لرئاسة الأركان الحالي، أفيف كوخافي. وكوخافي هو رئيس الأركان الرابع ما بعد الحرب، الذي أعاد أيضاً مثل سابقيه في المنصب البحث في الانتصار وطرق تحققه وأساليبه في إشارة واضحة إلى تعذر تجاوز هذه المعضلة التي تعد واحدة من أهم نتائج «الدروس والعِبَر» لتلك الحرب: محدودية القدرة العسكرية على تحقيق الانتصار في مواجهة كيانات غير دولتية مهما كان الميزان العسكري وأرجحياته المادية.

وهذه الحقيقة لا ينكرها الاحتلال، ولا يخفي إنكاره لها، وقيل وكُتب الكثير بشأنها، ولا يخلو بحث أو دراسة عبرية، من الإشارة إليها لكونها ثابتة من ثوابت المعادلة القائمة. وإذا كانت هذه معضلة السنوات القليلة التي أعقبت الحرب إلا أنها تصغر أمام معضلات ما بعدها. وهو الأمر الذي دفع المؤسسة العسكرية الإسرائيلية إلى الابتعاد عن مفردة الانتصار باتجاه تطويع معناها القائم على هزيمة العدو باستسلامه أو سحقه إلى معنى جديد: الانتصار هو تحقيق الهدف العسكري من الحرب بصرف النظر عن النتيجة الكلية للحرب نفسها وترتيباتها السياسية. في ذلك ترحّل المؤسسة العسكرية مسبقاً فشل الحرب المقبلة إلى المؤسسة السياسية وتبعد نفسها عن المساءلة وإن كان الواقع مغايراً خاصة أن ما يستتبع الهزيمة العسكرية للعدو نتائج سياسية كاملة وتلقائية، بصرف النظر عن أداء المؤسسة السياسية ودورها لكون الهزيمة تنهي التهديد وتزيله.

مع ذلك كان بإمكان الاحتلال إبعاد نفسه عن اختبار الحرب وفشلها وتراشق المسؤولية عن هذا الفشل الذي بدأ قبل أن تبدأ الحرب عبر الامتناع عن المبادرة إليها، كما الامتناع عمّا يسببها، وهو ما يفسّر امتناع إسرائيل عن الاعتداء في لبنان إلى الآن لكون هذا الاعتداء يحمل إمكانات التسبب بالحرب مع التزام حزب الله الردّ التناسبي أو ما يتجاوزه.

لكن ما يثقل على الاحتلال، أنه بعد 13 عاماً على الحرب، لم تتنام القدرة العسكرية لحزب الله كمّياً وحسب، بل تطورت نوعياً، بما يشمل امتلاك قدرات تدميرية دقيقة الإصابة مع هامش خطأ لا يذكر، يضاف إليه أن الصواريخ الدقيقة الموجودة بحوزة المقاومة تتجاوز قدرة الاحتلال على اعتراضها، مهما كان تطور «طبقات الاعتراض» الصاروخي المقابل. استناداً إلى هذا العامل تحديداً، الذي ورد الإقرار به في الإعلام العبري أخيراً، بات على إسرائيل أن تدرس خياراتها جيداً قبل أن تقدم على الاعتداء في الساحة اللبنانية، ليس على خلفية أن المبادرة للاعتداء قد تسبب الحرب وحسب، بل بإمكان أن يؤدي الاعتداء إلى «أيام قتالية محدودة» أو مجرد تراشق للردود. خاصة أن المقاومة ملتزمة الرد التناسبي على أيّ اعتداء وبما يتجاوزه تناسبياً أيضاً بما يمكّن الرد من تحقيق دوره كاملاً في منع الاعتداء نفسه مسبقاً أو ما يليه لاحقاً وليس فقط ما يرتبط بـ«ردود علاقات عامة» تتعلق بالصورة الاعتبارية للمقاومة التي كان يمكن الاحتلال أن يراهن عليها كي يتملص من أثمان اعتداءاته.

والقدرة التدميرية الدقيقة لدى حزب الله، المتملصة من المنظومات الاعتراضية الإسرائيلية، من شأنها أن تؤمن لقيادة المقاومة مروحة ردود ربما كانت متعذرة في ما مضى، تمكّنها من تحقيق مطلبين اثنين متلازمين: تدفيع الاحتلال ثمن اعتدائه أولاً، ومنعه من تكراره ثانياً.

على هذه الخلفية، بات التهديد الإسرائيلي باستهداف لبنان بمدنييه وبنيته التحتية، وأيضاً استهداف مراكز الثقل العسكرية والمدنية للمقاومة، يقابله تهديد حزب الله لمدنيي إسرائيل وبنيتها التحتية ومراكز الثقل العسكري والمدني فيها، وإن كان التهديد الثاني (حزب الله) مبني على التموضع الدفاعي الردي مقابل التموضع الهجومي الابتدائي للعدو، وهو أهم ما في المعادلة بين الجانبين.

على ذلك باتت فرضيات تراشق الردود والأيام القتالية المحدودة مبدئياً مرحلة من دائرة الإمكان إلى دائرة التعذر، وإن كان الاطمئنان إزاء هذه النتيجة ليس شبه مطلق كما هي الحال في فرضية الحرب الشاملة نفسها. بالطبع لا يستدل هنا على تواضع قدرة العدو على الإيذاء إذ لديه قدرة تدميرية هائلة، وخاصة ما يتعلق بالنيران عن بُعد عبر استخدام سلاح الجو. لكن مهما بلغت قدرة التدمير لديه، فالمعادلة تبنى من ناحيته على القدرة التدميرية لدى حزب الله التي باتت موجودة بعناصرها الثلاثة: الوجود المادي للقدرة التدميرية ووسائل إيصالها؛ والقدرة على الإصابة الدقيقة والتملص من المنظومات الاعتراضية؛ والأهم هو القرار السياسي المتخذ إزاء استخدامها رداً.

من هنا يمكن فهم الاندفاعة الإسرائيلية المجبولة بالصراخ المدوي الذي وصل إلى منبر الأمم المتحدة، في محاولة للحؤول دون امتلاك حزب الله للقدرات الدقيقة. لكن السؤال ليس عن الصراخ ومحله وإمكاناته الفعلية بل هو بشأن امتناع إسرائيل عن استخدام القوة العسكرية للحؤول دون «مشروع الدقة» (المشروع الذي أدى، ويؤدي، إلى حيازة المقاومة لترسانة من الصواريخ الدقيقة). فهل هي الخشية من التبعات، أم أن «الدقة» سبقت قدرة العدو على المنع، أم الاثنان معاً؟ في كل الفرضيات، «الدقة» وصلت وتموضعت في مكان متقدم في المعادلة القائمة مع العدو.
في الحرب العسكرية الشاملة المباشرة عام 2006 فشلت إسرائيل - في حد أدنى - وانتصر حزب الله نتيجة إفشاله لها. بعد 13 عاماً على ذلك، تبينت نتيجة واحدة من أهم حروب إسرائيل على حزب الله، وهي الهزيمة في الحرب على «مشروع الدقة»، الأمر الذي سيترك تبعات سيئة على تل أبيب وقراراتها تجاه لبنان وعلى المعادلات البينية مع المقاومة، وتحديداً في رفع قدرة الردع اللبناني ومستواه ومنعها من الاعتداء على لبنان.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية