المرصاد نت - متابعات
لم تكن أزمة اقتحام البرلمان في هونغ كونغ أول من أمس إلا خطوة أخرى في سياق التصعيد الذي اتّخذ طابعاً دولياً بإعلان كلّ من الولايات المتحدة وبريطانيا دعمهما مطالب محتجّين «ينشدون الديموقراطية». وذهبت لندن إلى حدّ تحذير بكين من «عواقب وخيمة» في حال عدم احترامها اتفاقاً موقعاً بينهما عام 1984م قضى بعودة المستعمرة البريطانية السابقة إلى الصين في 1997.
ورفعت تصريحات أدلى بها الرئيس الرئيس الأميركي دونالد ترامب من مستوى التوتر إذ رأى أن المتظاهرين الذين اقتحموا البرلمان إنما «ينشدون الديموقراطية» ولكن «بعض الحكومات لا تريد الديموقراطية» في إشارة إلى بكين التي لم تتأخّر في الردّ واصفةً تصريحه بأنه «تدخّل فاضح» في شؤونها الداخلية. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية جينغ شوانغ: «نشجب ونعارض بشدة التدخل الفاضح للبلد المعني في شؤون هونغ كونغ والشؤون الداخلية للصين» داعياً «الدولة المعنية إلى التحدث والتصرف بحذر والكف عن التدخل في الشؤون الداخلية لهونغ كونغ بأيّ شكل».
في الإطار عينه حذرت لندن على لسان وزير خارجيتها جيريمي هانت من «عواقب وخيمة» لعدم احترام بكين اتفاقاً موقعاً في عام 1984 يضمن الحريات في هونغ كونغ. وقال الوزير البريطاني من بلفاست إن «هونغ كونغ جزء من الصين، علينا تقبّل ذلك. لكن حريات هونغ كونغ منصوص عليها في إعلان مشترك. وننتظر أن يُحترَم هذا الإعلان الملزم قانوناً. وإذا لم يحصل ذلك، فستكون هناك عواقب وخيمة». وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية، آلان دانكان إن الحكومة البريطانية «ترفض اعتبار الحكومة الصينية الاتفاق وثيقة تاريخية وهي طريقة يريدون من خلالها التأكيد أن الاتفاق لم يعد صالحاً وأن حقوقنا والتزاماتنا بموجبه قد ألغيت». وأضاف: «نرى بوضوح أن الإعلان المشترك الصيني ــــ البريطاني لعام 1984 يجبر الحكومة الصينية على الحفاظ على درجة عالية من الاستقلالية في هونغ كونغ وأيضاً على الحقوق والحريات».
الأزمة التي بلغت مستوىً جديداً باقتحام البرلمان تزامناً مع الذكرى الثانية والعشرين لعودة المستعمرة البريطانية السابقة إلى الصين كانت قد بدأت قبل أسابيع على خلفية مشروع قانون يسمح بتسليم مطلوبين للصين القارية. ورداً على عملية الاقتحام دعت الحكومة المركزية في بكين السلطات في هونغ كونغ إلى تحديد «المسؤوليات الجنائية» لمرتكبي أعمال العنف التي وصفتها بأنّها «أفعال خطيرة وغير قانونية» و«تحدٍّ صارخ» لترتيب «دولة واحدة ونظامين» الذي سمح للإقليم بوضع قوانينه الخاصة. وأعلن ناطق باسم مكتب شؤون هونغ كونغ وماكاو أن «هذه الأعمال الخطرة وغير القانونية تعطّل دولة القانون وتقوّض النظام الاجتماعي وتهدد المصالح الأساسية في هونغ كونغ» داعياً إلى «إعادة النظام الاجتماعي إلى وضعه الطبيعي في أسرع ما يمكن». ونددت الرئيسة التنفيذية في هونغ كونغ كاري لام من جهتها باقتحام «شديد العنف» للبرلمان معتبرةً أنه «أمر علينا استنكاره بحزم، لأن لا شيء أهم من دولة القانون في هونغ كونغ».
معارضو الحكومة يحنّون لأيام الاستعمار
سرعان ما اتّخذت التظاهرات في هونغ كونغ منحىً مغايراً حتى بات البعض يحنّ إلى عودة الاستعمار البريطاني فيما تسعى حكومة الإقليم بعدما علّقت مشروع قانون أشعل فتيل التوترات على مدى ثلاثة أسابيع إلى التهدئة لكن دون جدوى
وفي الذكرى الثانية والعشرين لعودة المستعمرة البريطانية السابقة هونغ كونغ إلى الصين، يبدو أن ثمة من لا يزال يحنّ إلى أيام الاستعمار. تجلّى ذلك خصوصاً في خضمّ التوترات التي تشهدها المدينة على خلفية مشروع قانون (سُحب من التداول) يسمح بتسليم مطلوبين للصين لتتحوّل لاحقاً إلى التنديد بعمل الحكومة وصولاً إلى المطالبة باستقالة الرئيسة التنفيذية للإقليم كاري لام.
ولم تهدأ التوترات في هونغ كونغ على الرغم من تعليق مشروع القانون الذي شكّل الشرارة الأولى لاحتجاجات لا تنفكّ مطالبها تأخذ منحىً تصعيدياً، بلغ ذروته أمس، بعد اقتحام متظاهرين معادين للحكومة مقرّ البرلمان في هونغ كونغ لمناسبة ذكرى إعادة المستعمرة البريطانية السابقة إلى الصين عام 1997م ورفعهم العلم البريطاني على المقرّ. ورداً على هذا التصعيد أصدرت شرطة هونغ كونغ أوامر للمتظاهرين بالانسحاب تحت طائلة استخدام «القوة اللازمة»، فيما أدانت «العنف المفرط» لهؤلاء.
ويرى منتقدو مشروع القانون أنّ الأخير يزيد النفوذ الصيني في هونغ كونغ، ويجعل أيّ شخص على أراضي الإقليم عرضة للتوقيف من قِبَل السلطات الصينية، لأسباب سياسية، أو لجرائم تجارية غير مقصودة، إضافة إلى أنه يقوض النظام القانوني شبه المستقلّ للمدينة. وتقول الحكومة من جهتها إنّ المشروع يهدف إلى سدّ الثغر في القانون الحالي من خلال السماح لهونغ كونغ بالبتّ في كل حالة على حدة وتقرير ما إذا كانت سترسل الهاربين إلى مناطق ليست لديها اتفاقات تسليم رسمية معها مثل تايوان، وماكاو، وبرّ الصين الرئيسي.
وكان عشرات الآلاف قد خرجوا في تظاهرة حاشدة في ذكرى العودة إلى الصين يوم أمس بحجة أن حكومة هونغ كونغ لا تستجيب لمطالبهم بسحب مشروع القانون واستقالة لام. وسبقت تلك التظاهرة سيطرة مجموعات ملثّمة على المحاور الثلاثة الرئيسية في وسط الإقليم بعدما أقامت عوائق معدنية وبلاستيكية لقطع حركة السير.
في موازاة ذلك حضرت لام مراسم رفع العلم للمناسبة ذاتها، وألقت خطاباً أقرّت فيه بأن «ما حصل في الأشهر الأخيرة أثار خلافات ومشاحنات بين الحكومة والسكان» مستخدمةً مرة جديدة خطاب التهدئة الذي تعتمده منذ أيام دون أن تتمكن من إخماد الاحتجاجات. وقالت: «هذا جعلني أعي أنّ عليّ كسياسيّة أن أدرك وأفهم تماماً مشاعر الشعب».
المزيد في هذا القسم:
- الاضطرابات في العراق وإعلام "بن سلمان" المرصاد نت - متابعات الأضطرابات التي شهدها العراق على مدى الأسبوعين الماضيين وان كانت قد تأججت بداية بسبب القضايا المعيشية وسوء الخدمات العامة وحظيت بدعم الحك...
- مصر : السيسي يبحث عن «محرم» رئاسي! المرصاد نت - متابعات عبثاً يحاول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تجميل المسرحية الانتخابية بـ«منافس» تتم التضحية به في التراجيديا الهزلية التي بات...
- المعارضة تتّحد على إسقاط البشير: «تجمع المهنيين» يرسم خريطة الطريق ! المرصاد نت - متابعات يُمهّد اتحاد قوى المعارضة خلف شعار «إسقاط النظام» الذي يرفعه المحتجون منذ ما يقارب الشهرين لتغيير جذري في خريطة القوى السياسي...
- "مجتهد" يكشف تفاصيل صفقة أسلحة لبن سلمان "ستحرج فرنسا" المرصاد نت - متابعات كشف المغرد السعودي الشهير "مجتهد" عبر "تويتر" تفاصيل ما قال إنها صفقة أسلحة ستبرم بين السعودية وفرنسا مؤكداً أن فرانسوا هولاند يستخدم الف...
- فوضى العراق : واشنطن تبتسم للفتنة! المرصاد نت - متابعات تشهد المدن العراقية منذ يومين تظاهرات شبابية محقة في مطالبها تفتقد قيادة واضحة تديرها. افتقادٌ يفتح الباب أمام التساؤل عن المحرّك الفعلي ...
- البرلمان الأوروبي يشكك بنوايا أنقرة ولن تلغى التأشيرات للأتراك المرصاد نت - متابعات كرر رئيس البرلمان الأوروبي مارتين شولتز موقف البرلمان بأن إلغاء التأشيرات للأتراك في أكتوبر/تشرين الأول لن يتم إن لم تنفذ أنقرة شروط ...
- العفو الدولية: الصين والسعودية والعراق وباكستان الأكثر إعداما في العالم المرصاد نت - متابعات ذكر تقرير لمنظمة العفو الدولية اليوم الثلاثاء أن نسبة الإعدامات انخفضت بـ 37٪ في العالم العام الماضي إلا أن الصين ما زالت تنفذ سنويا أحكا...
- 6000 آلاف ارهابي غادروا لبنان للالتحاق بالنصرة وداعش في سوريا المرصاد نت - متابعات كشفت الأجهزة الأمنية اللبنانية ان أكثر من 6000 شخص من اللبنانيين والفلسطينيين غادروا الأراضي اللبنانية للانضمام صفوف الجماعات المسلحة وتن...
- القضية الفلسطينية.. ضحية المشاريع الغربية والمصالح الاقليم ! المرصاد نت - حسين الموسوي عوامل كثيرة تؤثر في فهم القضية الفلسطينية منذ نشأة كيان الاحتلال الإسرائيلي قبل نحو سبعين عاماً. لكن في السنوات الأخيرة أخذت هذه الع...
- الاتفاق التركي - الليبي وغاز المتوسّط: «الآن بدأت اللعبة»! المرصاد نت - متابعات سجّلت تركيا هدفاً محقّقاً في مرمى خصومها في المنطقة. الاتفاق الذي وقّعه الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الو...