المرصاد نت - متابعات
رفض الشارع «المسار الدستوري» الذي أوصل رئيس مجلس الأمة السابق عبد القادر بن صالح إلى رئاسة الجمهورية لمدة أقصاها 90 يوماً على أن تُنظَّم خلالها انتخابات رئاسية لا يحق له الترشح فيها بناءً على أحكام المادة 102 من الدستور. هذا التطور الذي كان متوقعاً، وَضَع النظام ولا سيما الجيش الذي سرّع من استقالة عبد العزيز بوتفليقة قبل أسبوع أمام خيارين: الأول يتمثل بالإصرار على المسار الحالي وبالتالي استمرار التظاهرات والثاني طويل الأجل يتمثل بالبحث عن حل آخر ربما سياسي يُرضي طموحات المحتجين الذين يرفضون تولي «وجوه النظام» المرحلة الانتقالية.
ولم تمضِ ساعات على إعلان البرلمان تعيين بن صالح رئيساً مؤقتاً حتى خرج المئات، معظمهم من الطلبة في وسَط العاصمة مطالبين برحيله فيما دعت أحزاب المعارضة إلى استمرار الحراك رافضة ما سمته فرض سياسة الأمر الواقع مؤكدة أن «الشعب طالب بالتغيير ولم يطالب بالتدوير». وبحسب ردود الفعل أمس يبدو أن هناك ستة أسباب لرفض تولي بن صالح مهمات الرئاسة:
أولاً : كونه من الوجوه القديمة للنظام إذ شغل منصب رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية في البرلمان) منذ عام 2002 بتعيين من بوتفليقة، وينتمي إلى «حزب التجمع الوطني الديموقراطي» الذي ظلّ متحالفاً مع حزب بوتفليقة لما يقارب 20 عاماً.
ثانياً : كون تعيينه يأتي تطبيقاً للمادة 102 بحرفيتها رغم أنها لا تضمن تحقيق مطالب التغيير الجذري للنظام علماً أن ظروف تطبيقها كانت متوافرة منذ بدء الاحتجاجات؛ لكونها تُطبّق في ثلاث حالات، هي: الوفاة أو الاستقالة أو العجز والأخيرة حالة أقرّ بها بوتفليقة في إحدى رسائله قبل الاستقالة.
ثالثاً : رفض المحتجين والمعارضة تولي المرحلة الانتقالية مِمَّن يعتبرونهم من أفراد الدائرة المقربة من بوتفليقة والتي هيمنت على السلطة لسنوات (ربما منذ بدء الولاية الرابعة الأخيرة لبوتفليقة) إلى أن وصفها رئيس أركان الجيش أحمد قايد صالح، أخيراً بـ«العصابة» رغم أن الدستور يقيّد صلاحيات «الرئيس المؤقت» بما يضمن عدم تماديه في الحكم؛ فهو لا يمكنه إعلان حالة الطوارئ أو إعلان الحرب أو توقيع اتفاقيات الهدنة ومعاهدات السلام كذلك لا يمكنه إصدار عفو أو خفض العقوبات أو استبدالها أو دعوة الشعب إلى استفتاء أو التشريع.
رابعاً : أن المادة 102 تفرض الذهاب إلى انتخابات رئاسية في ظرف ثلاثة أشهر بإشراف حكومة نور الدين بدوي الحالية التي تمنع أيضاً تعديلها أو إقالتها، فيما بات المتظاهرون يُحمّلونها مسؤولية التعاطي غير المسبوق لقوات الأمن مع مسيرات الطلبة أمس حين استخدمت خراطيم المياه وذلك بعد يوم من إرسال وزير الداخلية، صلاح الدين دحمون، إلى المدير العام للأمن الوطني عبد القادر بوهدبة تعليمات يأمره فيها بمنع تنظيم المسيرات في العاصمة خلال أيام الأسبوع ما عدا الجمعة.
خامساً : كون التطبيق الحرفي والكلي للمادة 102 من الدستور يستبعد المادتين 7 و8 اللتين طالب بهما قايد صالح، وتنصان على أن السلطة تُستمدّ من الشعب.
سادساً : وقوع تزوير علني في العدد الرسمي لأعضاء البرلمان إذ أُعلن بن صالح رئيساً بتصويت 487 عضواً بدلاً من 606 أعضاء فيما قاطعت الكتل النيابية للأحزاب المعارضة جلسة البرلمان.
وبعد الصدمة التي خلّفها تعيين بن صالح اتجهت الأنظار إلى قايد صالح، لكنه اكتفى بتأكيد «حق الشعب في الاطمئنان إلى حاضر بلاده وإلى مستقبلها» وهو تصريح يفتح مجال التأويل واسعاً بحسب مراقبين رأوا أن الرجل أراد اختبار الحل الدستوري قبل الذهاب إلى حل آخر خصوصاً أن ظهوره أمس كان لأول مرة منذ إعلان استقالة بوتفليقة كما لو أنه أراد تمرير «المسار الدستوري» من دون أن يكون هو في الواجهة على أن يتدخل خلال الأيام المقبلة لفرض حل سياسي بعد أن يكون الحل الدستوري قد استنفد إمكاناته.
لكن ما هي الحلول الممكنة الآن؟ تبقى مسألة استقالة بن صالح حلاً لامتصاص غضب الشارع. حينها سيضطر نواب البرلمان إلى انتخاب شخصية توافقية غير محسوبة على النظام، لتولي منصب رئيس مجلس الأمة، وقيادة المرحلة الانتقالية، على أن يتبع ذلك تشكيل حكومة تكنوقراطية تحظى بموافقة الشارع وهيئة مستقلة للإشراف على تنظيم الانتخابات، أو الركون إلى مطلب المعارضة، أي الاتفاق على «هيئة رئاسية» أو شخصية مقبولة من الجميع تقود المرحلة المقبلة.
وهو ما جدد حزب «العمال» الدعوة إليه في بيان أمس اعتبر فيه أن «مجلساً تأسيساً وطنياً مكوناً من ممثلين حقيقيين تفوضهم مختلف مكونات الشعب» هو «المؤهل» لإدارة المرحلة الانتقالية.
أيضاً يبقى الحل السياسي وارداً بحسب ما أشار رئيس حركة «مجتمع السلم» عبد الرزاق مقري الذي دعا إلى استمرار «الحراك الشعبي إلى أن يستقيل (بن صالح) ثم يستقيل بعده أو معه أو قبله (رئيس المجلس الدستوري الطيب) بلعيز عندئذ سنكون في وضعية لا تُحَلّ إلا بإسناد مواد الدستور بالتدابير السياسية من خلال الحوار».
المزيد في هذا القسم:
- فرنسا : إضراب وسائل النقل واحتجاجات جديدة الأسبوع المقبل! المرصاد نت - متابعات بات الإضراب احتجاجاً على إصلاح نظام التقاعد في فرنسا، أطول إضراب متواصل في وسائل النقل منذ 30 عاماً في البلاد في غياب أفق لإيجاد حلّ للأز...
- استقالة أمينة الاسكوا على خلفية تقريرها الذي أدان الكيان الاسرائيلي المرصاد نت - متابعات قدمت الأمينة العامة للإسكوا ريما خلف الجمعة 17 مارس/ آذار استقالتها من منصبها على أثر سحب الأمين العام للأمم المتحدة تقارير لها تدين الكي...
- الكوبيون يحيون الذكرى الأولى لرحيل كاسترو المرصاد نت - متابعات يحيي الكوبيون الذكرى الأولى لرحيل القائد الثوري فيديل كاسترو عبر أسبوع من الأنشطة المتنوعة التي تتنقل في كل الجزيرة الكاريبية. وفي ذكر...
- علاقات روسيا والأطلسي في "أصعب" مرحلة منذ الحرب الباردة المرصاد نت - متابعات قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ الخميس أن العلاقات بين الحلف ورسيا شهدت تدهورا حادا وتمر الآن في "أصعب" مرحلة منذ الحرب ...
- معادلة بوتين للسباق النووي: الصواريخ بالصواريخ... وأميركا في دائرة الرد المرصاد نت - متابعات وضع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين الولايات المتحدة في دائرة الردّ على نشر صواريخ نووية قصيرة المدى في أوروبا نتيجة سباق التسلح المحتمل في...
- السعودية في 2018: الشعب مصدر أموال السلطات المرصاد نت - متابعات عام هو الأصعب بدأ في السعودية يمثل بداية التحول من نظام «دولة رفاه» إلى نظام جباية عموده «رؤية 2030» هو انتقال من...
- أبرز التطورات الميدانية والعسكرية في المشهد السوري! المرصاد نت - متابعات أعلن التلفزيون السوري انتشار وحدات من الجيش السوري في مدينة منبج في شمال سوريا فيما يواصل انتشاره في ريف حلب الشرقي عند قرية السلطانية جن...
- ترحيب دولي بتشكيل الدستورية: دمشق تؤكد «سوريّة» اللجنة! المرصاد نت - متابعات «خطوة طال انتظارها في المجال السياسي للأزمة السورية قد اتُّخذت». هكذا علّق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على إنجاز تشكيل الل...
- ثمار انتصار غزة : تصدُّع سفينة نتنياهو وليبرمان يسقط أولاً ! المرصاد نت - الأخبار «أتمنى أن استيقظ من النوم ذات صباح فلا أجد غزة على الخريطة». هكذا كاشف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين الرئيس الفر...
- واشنطن بوست: لماذا يعد السم سلاح بوتين المفضل لتصفية خصومه؟ المرصاد-متابعات بعد أن كان وسيلة للتخلص من الأعداء لم يعد تسميم الخصوم أسلوبا مرغوبا فيه في العصر الحديث، لكنه لا يزال تهديدا قائما في روسيا،...