المرصاد نت - علي حيدر
لم يكن استبدال وصف «الأراضي المُسيطَر عليها» بـ«الأراضي العربية المحتلة عام 1967» في تقرير وزارة الخارجية الأميركية الأخير مجرد استبدال كلمة بأخرى ولا تناولاً لقضية هامشية ولا حتى مجرد تقديم دعم معنوي بل هو موقف ينطوي على أكثر من رسالة في المضمون والتوقيت. ومع أنه لا يمكن فصل التقرير عن سياقَيه الأميركي والإسرائيلي الداخليين فإن أبرز ما تندرج ضمنه الخطوة ويُتوقع أن تتوالى مفاعيله السلبية على معادلات الصراع مع إسرائيل والقضية الفلسطينية هو الاندفاع الخليجي للتطبيع مع كيان العدو بما يمهّد الطريق أمام مزيد من الخطوات السياسية لمصلحة إسرائيل.
إذا ما تجاوزنا المفاعيل الداخلية الأميركية للموقف المستجد من الجولان والضفة الذي أعلنته الخارجية الأميركية بما تمثله من جهة تعبّر عن التوجه الرسمي للإدارة الأميركية في كلّ ما يتعلق بالقضايا الدولية فقد كان لهذا الموقف وقعه الاستثنائي على الساحتين السياسية والإعلامية في تل أبيب ودَفَع أكثر من جهة إلى محاولة استثماره وتوظيفه في السياق الانتخابي، فضلاً عن رسائله المتصلة بمعادلات الصراع.
في المضمون لبّى الموقف الأميركي نسبياً طموح رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، لجهة نزع صفة الاحتلال عن الجولان وبقية الأراضي الفلسطينية. وهو وإن لم يعترف في المرحلة الحالية بالسيادة الإسرائيلية كما لفت إلى ذلك مسؤول أميركي فإنه يشكل قفزة نوعية في هذا الاتجاه، خاصة أن الموقف الأميركي التقليدي كما أكدت التقارير الإسرائيلية، يرى أن الضفة ومرتفعات الجولان أراضٍ يجب أن تكون أساساً لاتفاقية «الأرض مقابل السلام» بين إسرائيل والدول العربية والفلسطينيين. لكن هذا التحول أتى ترجمة لسياسات أميركية تهدف إلى تصفية كلّ ما يتصل بالقضية الفلسطينية والعربية انسجاماً مع متطلبات المصالح والأطماع الإسرائيلية.
في البعد الإسرائيلي أتى هذا الموقف تلبية لمطالب سبق أن كرّرها نتنياهو، منذ انتخاب دونالد ترامب رئيساً وحتى قبل ذلك إذ دعا إلى الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان. وكرّر ذلك الاثنين الماضي خلال جولة له في الجولان المحتل مع السيناتور الأميركي ليندسي غراهام والسفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان بالقول إن «هضبة الجولان كانت دائماً جزءاً من إسرائيل منذ الأيام الأولى من تاريخنا وهي بالتأكيد جزء من دولة إسرائيل منذ 1967 وبشكل أكبر في الآونة الأخيرة من عام 1981. مرتفعات الجولان جزء من إسرائيل ويجب أن تظل جزءاً منها إلى الأبد. أعتقد أن من المهم أن يدرك المجتمع الدولي هذه الحقيقة ويقبلها خاصة صديقتنا العظيمة الولايات المتحدة».
الموقف الأميركي أتى في توقيت مثالي لمصالح اليمين عامة ونتنياهو خاصة لكونه جاء قبل أقلّ من شهر على انتخابات الكنيست الإسرائيلي الحادي والعشرين المقرّر إجراؤها في التاسع من الشهر المقبل. وكانت بعض التقديرات تشير إلى أن ترامب قد يقدم على خطوة ما تهدف إلى دعم نتنياهو في الانتخابات وهو ما تحقق بالاعتداء الأميركي الجديد على الأراضي السورية والفلسطينية الذي أدى إلى إنتاج أجواء عزَّزت أسهمه الانتخابية وسط جمهور اليمين. وعلى الخلفية نفسها لفت العديد من المحللين إلى ما يمكن أن يترتب عن زيارة نتنياهو لواشنطن بعد نحو أسبوعين، وما إن كانت ستشكل دفعاً نحو خطوة أميركية حاسمة في شأن الجولان المحتل.
في إطار التنافس الانتخابي ومحاولة منع نتنياهو من احتكار نتائج هذا «الإنجاز»، أعلن رئيس حزب «اليمين الجديد» نفتالي بينت أنه سيقدم اقتراحاً لتطبيق القانون الإسرائيلي في المنطقة «ج» في الضفة مبرراً موقفه بأن الولايات المتحدة «لا تعدّ الضفة الغربية أرضاً محتلة (وبالتالي) لم يعد هناك سبب للانتظار. لقد حان الوقت لتطبيق السيادة في المنطقة ج». وفي محاولة لحشر نتنياهو أضاف بينت أن إعلان الولايات المتحدة «يلزم إسرائيل باتخاذ قرارات حقيقية وجريئة تساعد أمن إسرائيل...».
في كل الأحوال يتساوق الموقف الأميركي مع الخطوات التمهيدية لـ«صفقة القرن» التي تأجّل إعلانها لحسابات إسرائيلية انتخابية ويُعدّ نتيجة تلقائية للتطبيع الخليجي مع العدو بما ينطوي على رسائل صريحة الدلالة إلى كل الجهات الدولية والإقليمية بضرورة الانتهاء من كل متعلقات الصراع مع إسرائيل وعلى رأسها الأراضي المحتلة عام 1967 باعتبارها الحد الأدنى الذي عرقل في الماضي الارتماء في أحضان إسرائيل.
المزيد في هذا القسم:
- التلفزيون الرسمي: الدفاعات الجوية السورية تتصدى لعدوان إسرائيلي على مصياف المرصاد - متابعات قال التلفزيون الرسمي إن الدفاعات الجوية السورية تصدّت لعدوان إسرائيلي فجر اليوم الجمعة على منطقة مصياف بريف حماة. ونقل الت...
- السترات الصفر تدعو إلى تحركات عصيان في فرنسا اليوم ! المرصاد نت - متابعات تجمّع المئات من ناشطي حركة "السترات الصفر" في جادة الشانزيليزيه في باريس اليوم السبت وعمدوا إلى وقف حركة السير وفق وسائل إعلام فرنسية محل...
- هل يصمد نظام الطائف على إيقاع انتصار حزب الله؟ المرصاد نت - متابعات في ظل المتغيرات التي يفرضها المشهد الإقليمي الجديد هل بإمكان النظام السياسي الحالي المنبثق من الطائف تحمل رجحان كفة فريق على آخر وارتداد ...
- بعد تقارير عن تحرك إسرائيلي.. إيران تحذّر من تجاوز "خطوط حمر" في الخليج المرصاد - متابعات حذّرت إيران اليوم الاثنين من تجاوز "خطوط حمر" متعلقة بأمنها في الخليج، وذلك بعد تقارير صحفية عن تحركات لغواصة إسرائيلية باتجاه المنطق...
- الاتحاد الاوروبي يعتبر السفير الأمريكي الجديد "شخصاً غير مرغوب" المرصاد نت - متابعات اعتبر رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاياني، أن السفير الأمريكي الجديد لدى الاتحاد والذي اقترحته ادارة الرئيس دونالد ترامب شخصاً غير مرغو...
- الصومال : انفجار سيارة مفخخة بالقرب من أحد فنادق العاصمة مقديشو أكدت عناصر من شرطة مقديشو أن هجوماً بسيارة مفخخة نفذته مجموعة اجرامية بعيد ظهر اليوم السبت وسط العاصمة الصومالية مقديشو، وقال شهود عيان ان التفجير أسفرا عن س...
- تصعيد «كيميائيّ» غربيّ تجاه دمشق وموسكو المرصاد نت - متابعات يتابع الجيش معاركه على محاور متقابلة في الغوطة الشرقية فيما بقيت «الهدنة» التي أقرّها مجلس الأمن على الورق فقط من دون أن تجد ...
- 11 قتيلاً في إطلاق نار داخل كنيس يهودي في مدينة بيتسبرغ الأميركية المرصاد نت - متابعات شهدت مدينة بيتسبرغ في ولاية بنسلفانيا يوم أمس هجوماً مسلّحاً على كنيسٍ يهودي أسفر عن مقتل 11 شخصاً في حادثةٍ وُصفت بكونها «أسوأ هجو...
- الخطة الأمريكية الجديدة لمواجهة "بریکس" المرصاد نت - متابعات أكد معهد "غلوبال ريسرتش" البحثي التحليلي إن أمريكا تسعى للحدّ من قدرات بلدان مجموعة بريكس"BRICS" من خلال عقود الاتفاقية التجارية الدولية ...
- لماذا نعتت الغارديان تدخل كاميرون بليبيا بالحماقة؟ المرصاد نت - متابعات حفلت صحيفة الغارديان بالعديد من المقالات حول ليبيا المقالات تنوعت بين التعليق على قرار اللجنة الخاصة بالشؤون الخارجية في مجلس العموم البر...