«فالانتاين وارسو»: «الشماغ والغترة» في خدمة نتنياهو !

المرصاد نت - يحيي دبوق

تُطلق على غبار المعركة ووطيسها تسميات عدة من بينها «الرهج» و«القترة» و«القسطل» و«العجاج» إلا أن أيّاً منها لم تجر معاينته خلال مؤتمر وارسو الذي أريد له أميركياً أن Natinyahu2019.2.14يكون منصّة قفز للانقضاض الجماعي على إيران.

مع ذلك اتسم المؤتمر بكونه تظاهرة عشاق في «الفالانتاين السياسي» في بولندا بين رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ووزراء خارجية دول خليجية؛ على رأسها السعودية والإمارات والبحرين من دون الشعور بالعار والحرج من التموضع إلى جانب إسرائيل.

وإذا كانت نتائج المؤتمر لناحية مواجهة إيران قد انتهت بانتهاء أعماله وفعالياته الخطابية فإنها لناحية إسرائيل وإن جاءت مغايرة لما كانت تأمله الأخيرة ضدّ إيران حملت سلّة فوائد بلا أثمان بعد تظهير تل أبيب تطبيعها مع الحكام العرب.

في التعليقات الإسرائيلية كما وردت في الإعلام العبري إشادة بموقف الدول العربية، وتحديداً الخليجية منها وفي المقدمة السعودية. «تايمز أوف إسرائيل» كتبت: «تربط إسرائيل علاقات دبلوماسية فقط مع دولتين عربيتين، وهما الجارتان مصر والأردن. لكن القادة العرب في الخليج وخاصة ولي العهد السعودي صاحب النفوذ محمد بن سلمان بدأوا بوضع الصراع الإسرائيلي ــــ الفلسطيني في أسفل سلّم الأولويات». ونقلت عن وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة قوله لها: «بلادي ستقوم في نهاية المطاف بإنشاء علاقات دبلوماسية مع الدولة اليهودية».

اللافت أن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو جعل من «الشماغ والغترة»، وكذلك الإنكليزية باللهجة الخليجية، في خدمة حملته الانتخابية وخاصة بعد التفاف الخليجيين حوله وإلى جانبه في المؤتمر وداخل القاعات المغلقة التي حرص على تظهير مشاهد منها بـ«الخطأ» على قناته الرسمية على «يوتيوب» وهي مقاطع مصوّرة من الجلسة المغلقة تبين مدى التوافق الخليجي مع إسرائيل حيث تحدث وزراء الخارجية الخليجيون عن أن القضية الفلسطينية في أسفل سلّم اهتماماتهم.

أعقبت نشر تلك المشاهد تغريدة أكد لنتنياهو فيها أنه التقى زعماء عرباً لديهم مصالح مشتركة مع إسرائيل وتحديداً في الحرب ضد إيران. ولئن عمد لاحقاً إلى سحب التغريدة بعد نصائح بضرورة الامتناع عن تداول كلمة حرب إلى جانب الخليجيين ضد إيران إلا أن مدة نشرها كانت كافية لتداولها، وخاصة أنها وُجّهت بالأساس إلى خارج فلسطين المحتلة كونها نُشرت باللغة الإنكليزية.

مع ذلك وعلى رغم أن نتنياهو أراد تظهير العلاقة الإسرائيلية مع الخليجيين باعتبارها الفائدة التي تحققت فعلياً إلا أنه عملياً أغفل الهدف الرئيسي من وارسو كما أرادته الإدارة الأميركية: «دحر إيران» الأمر الذي تكفّل بتظهيره الإعلام العبري مع التعليق على العلاقة مع الحكام العرب وعلانيتها تعليقاً اعتيادياً وخاصة أن أخبار التطبيع باتت في السياق الروتيني للأنباء.

صحيفة «يديعوت أحرونوت» أشارت إلى أن الأهداف التي أمِلت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب أن تصل إليها من خلال المؤتمر جاءت تحت سقف التوقعات، وخاصة بعدما أرسل الأوروبيون تمثيلاً «مهيناً» لعرّابي المؤتمر مشيرة إلى أن ما تحقق هو فائدة إسرائيلية في التقرب أكثر من دول «الاعتدال» العربي الأمر الذي يصب في خدمة نتنياهو في الانتخابات المقبلة.

من جهتها شددت القناة «13» العبرية في تقرير لها تعليقاً على ما وصفته بتظهير العلاقات الدافئة بين إسرائيل والدول الخليجية في وارسو على أن الأخير مجرد تظاهرة محدودة الأثر في محاربة إيران. ولفتت في المقابل إلى مؤتمر موازٍ في سوتشي الروسية، جمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالرئيس الإيراني حسن روحاني والرئيس التركي رجب طيب إردوغان معتبرة «أنهم يقولون لنا إن بإمكانكم الحديث والكلام في وارسو أما الأفعال في سوريا والمنطقة فنحن من يقرر حولها وإزاءها».

سباق عربي مخجل نحو التطبيع مع العدو المحتل

تشهد منطقة الشرق الاوسط نشاطات تطبيعية بين دول عربية على رأسها السعودية والإمارات والبحرين مع "إسرائيل" وأخذ بعضها طابعاً أقرب إلى العلنية بعد سنوات من اللقاءات السرية. وها الان شهدنا هذه الهرولة نحو الاحتلال في مؤتمر وارسو الذي كشف الغطاء عن عمل جرى التحضير له في الخفاء على مدى سنوات تخلله لقاءات بين مسؤولين صهاينة وعرب تحت أجنجة الخفاء.

استضافت العاصمة البولندية وارسو الأربعاء والخميس الماضيين فعاليات مؤتمر بشأن إيران والشرق الأوسط بمشاركة مسؤولين من عشرات الدول لا سيما وزراء خارجية دول الشرق الأوسط. وجلس نتنياهو وإلى جانبه وزير الخارجية البحريني في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر قبل أن يجاوره في جلسة لاحقة وزير خارجية حكومة هادي خالد اليماني.

وقال نتنياهو في حديث للصحفيين إن مؤتمر وارسو "يشكل نقطة تحول تاريخية" بمشاركة ستين ممثلاً عن دول غربية ووزراء خارجية دول عربية بارزة إلى جانبه، بصفته رئيس وزراء "إسرائيل" ووزير خارجيتها. وتوجه نتنياهو بالشكر للإدارة الأمريكية لتنظيم هذا المؤتمر الذي جمع "إسرائيل" بدول عربية لمواجهة إيران.

بعد هذا الحدث، انتقد نشطاء خليجيون وكويتيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشكل حاد موجة التطبيع الأخيرة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، في أعقاب مؤتمر وارسو الذي حضره عدد من الوزراء العرب بمشاركة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.

وصدرت آخر التصريحات التطبيعية عندما زعم وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد بـ"حق دولة الاحتلال في الدفاع عن نفسها"؛ إزاء تهديدات من إيران و"حزب الله". وأعرب نشطاء عبر مواقع التواصل وتحديداً منصة "تويتر" عن رفضهم التام لحملات التطبيع مع الاحتلال. واعتبروها "مخزية" في ظل تزايد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.

وخلال الساعات الماضية دشن النشطاء وسمي #خليجيون_ضد_التطبيع و #كويتيون_ضد التطبيع وغرّد عليهما آلاف الناشطين في دول الخليج الفارسي الست.

سرب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مقطع فيديو يظهر فيه وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان يرد على هجوم "إسرائيل" المتكرر على سوريا قائلاً: من حق "إسرائيل" الدفاع عن نفسها من خطر إيران حسب زعمه. وذكرت وكالة سبوتنيك أن الفيديو المسرب حذفه مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بعد وقت قليل من نشره.

وأقرّ من خلاله وزير الخارجية الإماراتي في رد على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على مواقع في سوريا بـحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها من خطر إيران دون أن يعلق على قيام إسرائيل بانتهاك السيادة السورية كونها دولة عربية شقيقة  بحسب الإعتبارات العربية .

وبحسب الوكالة الروسية، فقد ظهر في الفيديو وزير الخارجية الإماراتي جنب نظيره البحريني خالد بن أحمد آل خليفة ووزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، وهم يتحدثون عن ضرورة التصدي لنفوذ إيران خلال اجتماع عقد وراء الأبواب المغلقة ضمن مؤتمر وارسو الدولي لقضايا الشرق الأوسط والذي نظم تحت رعاية الولايات المتحدة.

كما نشر فيديو للوزير البحريني وهو يقول في وارسو، إن إقامة علاقات دبلوماسية بين بلاده و"إسرائيل" "ستحدث عندما يحين وقتها"، مشيرا إلى أن مواجهة ما وصفه بـ"التهديد الإيراني"، يعد "أخطر وأهم" من القضية الفلسطينية في الوقت الحالي.

وسبق أن أعلن وزير خارجية البحرين ذاته، في 10 مايو/ أيار 2018، عبر حسابه الموثق بـ "تويتر"، دعم بلاده ما سماه "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، عقب استهداف تل أبيب على حد زعمها "أنها عشرات المواقع العسكرية الإيرانية في سورية"، وذلك وسط ترحيب إسرائيلي بالتغريدة.

ولم يعد غريبا تصريح نتنياهو حينما قال للصحافيين: "إننا نصنع التاريخ من خلال مؤتمر وارسو، الذي يشكل نقطة تحول بمشاركة ستين ممثلاً عن دول غربية ووزراء خارجية دول عربية بارزة"، في ظل الهرولة العربية المخجلة نحو الكيان المحتل.

من جهته اجتمع وزير الخارجية العُماني يوسف بن علوي بعد ظهر الأربعاء برئيس وزراء الإحتلال بنيامين نتنياهو، في وارسو وذلك استمرارا لزيارة نتنياهو إلى بلاده.

وقال نتنياهو خطابا لعلوي، في بيان صدر عن مكتبه، إنه "يسرني الالتقاء بكم مرة أخرى. القرار الشجاع الذي اتخذه السلطان قابوس بدعوتي إلى زيارة سلطنة عمان يحدث تغييرا في العالم. إنه يمهد الطريق أمام أطراف كثيرة أخرى للقيام بما تفضلتم به، أي الامتناع عن التمسك بالماضي والمضي قدما نحو المستقبل" حسب قوله.

وأضاف أنه "أطراف كثيرة تحذو حذوكم بما فيها أطراف تتواجد هنا في المؤتمر. أشكركم على هذه السياسة الإيجابية التي تتجه نحو المستقبل والتي قد تؤدي إلى تحقيق السلام والاستقرار لصالح الجميع. أشكركم باسم المواطنين الإسرائيليين وأسمح لنفسي بأن أقول ذلك أيضا باسم الكثيرين في الشرق الأوسط"على حد زعمه.

ورد بن علوي: "هذه هي رؤية جديدة وهامة حول المستقبل. لقد عانى الشعوب في الشرق الأوسط كثيرا لأنهم بقوا في الماضي. هذا هو عهد جديد يخدم المستقبل ويخدم تحقيق الازدهار لصالح جميع الشعوب" على حد زعمه.

يذكر أن نتنياهو كان قد زار عُمان للمرة الأولى، في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، وحل ضيفا على السلطان قابوس في القصر الملكي. وبعد زيارة نتنياهو إلى عُمان، بادر عدد من الوزراء الإسرائيليين إلى زيارات لدول الخليج الفارسي، بينهم وزير الاتصالات أيوب القرا الذي زار دبي للمشاركة في مؤتمر دولي للاتصالات، ووزير المواصلات والاستخبارات يسرائيل كاتس الذي زار عُمان في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي للمشاركة في مؤتمر دولي للمواصلات.

وكان نتنياهو قد صرح في كانون الأول/ ديسمبر الماضي أن سلطان عُمان وافق على السماح لطائرات "إلعال" بالمرور في المجال الجوي لبلاده.

وفي ذات السياق أكد كمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل المحتل عام 48، أن للسعودية دوراً مشبوهاً وخطيراً ضد القضية والمشروع الوطني الفلسطيني.

ويقول الخطيب: "ما يجري داخل العواصم العربية، وعلى رأسها الرياض من خطوات متقدمة نحو دولة الاحتلال، والضغط على دول عربية وإسلامية أخرى وإقناعها من أجل فتح باب التطبيع، يعد خيانة وتآمراً على القضية الفلسطينية".

ويوضح الخطيب أن السعودية باتت تلهث خلف "إسرائيل" وإقامة العلاقات السياسية والثقافية والعسكرية والأمنية معها، وهي كذلك تريد أن تهيئ كل الدول العربية والإسلامية لخطواتها القادمة بإقامة علاقات علنية ورسمية مع دولة الاحتلال.

ورأى نائب رئيس الحركة الإسلامية أن أي خطوة تمهد وتعبد للتطبيع وإعادة العلاقات مع "إسرائيل" تعد "خيانة لفلسطين وقضيتها ومقدساتها وشهدائها"، لافتاً إلى أن الدول العربية تريد أن تتجاوز القضية الفلسطينية للوصول إلى الحضن الإسرائيلي بأي ثمن كان لضمان بقاء حكامها على كراسي الحكم.

وضمن خطوات التطبيع والعلاقات المتطورة التي تسير دون حواجز، وجه مديان بار، رئيس "رابطة الطيارين الإسرائيليين"، دعوة إلى ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، والطيارين السعوديين للمشاركة في "مؤتمر الطيران الإسرائيلي" بمدينة "تل أبيب" في مايو المقبل.

ووفقاً لما ذكرت وكالة "سبوتنيك"، 21 يناير الجاري، استهل بارسال رسالته بالقول إن عمره مثل عمر ولي العهد السعودي، وهو العمر المناسب في "إسرائيل" للعمل في الطيران المدني، مضيفاً أن المنطقة "تشهد تغييرات تبشر بمستقبل يسود فيه التعاون"، بحسب صحيفة "جيروزاليم بوست".

وفي أبريل الماضي صرح بن سلمان أن للإسرائيليين الحق في العيش بسلام على أرضهم، وذلك في مقابلة نشرتها مجلة (ذا أتلانتيك) الأمريكية، الأمر الذي مثّل إشارة علنية إلى أن الروابط بين الرياض وتل أبيب تزاد قرباً يوماً بعد يوم.

وفي المقابل، اكدت "حركة حماس" أن مؤتمر وارسو لن ينجح في تمرير صفقة القرن أو الالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وتصفية قضيته العادلة.

واعتبرت الحركة في بيان لها أن لقاء وزير خارجية عُمان برئيس وزراء العدو على هامش المؤتمر هو استفزاز للشعوب وتنكر لإرادتها وتجميل لوجه الاحتلال.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية