المرصاد نت - مي علي
لا تبدو احتجاجات السودان للشهر الثاني في طريقها إلى الانحسار فيما يجهد عمر البشير في الخارج بحثاً عن دعم سياسي واقتصادي لا يبدو سريع المفعول في حل أزمات شائكة حلولها تبدأ من الداخل ..
يمضي محتجو السودان في حراك شعبي «مفتوح» بتنسيق وتوجيه من «تجمع المهنيين» والقوى الموقعة على «ميثاق التغيير» الذي يعمل على جدولة التظاهرات. اليوم (الخميس) يخرج السودانيون في كل المدن والأرياف بالتزامن مع «موكب التنحي»، في عدد من المناطق في العاصمة الخرطوم، وصولاً إلى القصر الرئاسي، للمطالبة بتنحي الرئيس عمر البشير للمرة الخامسة لكن الآن بمشاركة وتأييد رجالات الطرق الصوفية التي أعلنت رفضها تأييد البشير الذي كان قد أكد خلال لقاء مع دعاة وعلماء ومشايخ منهم الخميس الماضي اهتمام الدولة بأهل التصوف بوصفهم «قادة للمجتمع».
وفي أول تحرك له منذ عودته مع اندلاع الاحتجاجات يؤم زعيم «حزب الأمة» القومي الصادق المهدي المصلين غداً (الجمعة) في مسجد الهجرة في ودنوباوي حيث من المرجح أن تكون انطلاقة لتظاهرة.
أين الجيش؟
على رغم اتساع دائرة المحتجين وإصرار منظمي التظاهرات على المواصلة سلمياً لإسقاط أي ذريعة لمواجهتهم لم يُقر البشير بفشل «الحلول» الأمنية ما يُبعد احتمال تخليه سلمياً عن السلطة، ومن ثمّ استمرار الاحتجاجات. إزاء ذلك، تتجه الأنظار إلى الجيش، صاحب الدور الحاسم تاريخياً على رغم أنه حتى الآن لا يزال يُحافظ على تعهده دعم القائد الأعلى للقوات المسلحة (الرئيس) ويلتزم الصمت حيال التجاوزات التي مارستها القوات النظامية الأخرى بحق المتظاهرين بخلاف موقفه السابق المؤيد للانتفاضتين عامي 1964 و1985 وأدتا إلى الإطاحة بنظامي الرئيسين إبراهيم عبود وجعفر نميري.
أحد الناشطين في الاحتجاجات عباس إبراهيم رأى أنه في حال «انحياز الجيش إلى الثورة، سيعني (ذلك) انتصارها وعزل رأس الدولة». لا يستبعد إبراهيم إلى «تدخل الجيش إلى جانب الثورة في أي وقت من الأوقات» لكنه يرهن ذلك بـ«سيطرة الثوار على الشارع وفشل آلة القمع في إيقافهم ما قد يدفع إلى خلاف بين القيادة وصغار الضباط والجنود الذين سيختارون الانحياز إلى الثوار وسيلتفون حولهم للدفاع عن أهاليهم العزل».
هذا السيناريو حدث في انتفاضة 1985 بعد 11 يوماً من اندلاعها، حين تخلى قائد الجيش عن الرئيس النميري نتيجة ضغط من ضباطه الذين تأثروا بالضباط الأقل رتبة بينما كان قبل تخليه بيوم واحد يقف تماماً مع الرئيس. وفي الاحتجاجات الحالية «لا يمكن الجزم بأن قوى الأمن سواء الجيش النظامي أو جهاز المخابرات لن ينقلبوا يوماً ضد البشير» كما قالت المؤرخة البريطانية ويلو بيريدج الخبيرة في شؤون السودان في مقابلة مع وكالة «فرانس برس» قبل أسبوعين إذ لوحظ وجود ضباط جيش وشرطة وسط المتظاهرين مرات عدة، في وقت يؤكد محتجون أنه كثيراً ما حال أفراد من الجيش بينهم وبين أفراد من الأمن.
لكن البشير العائد من قطر (أمس) في زيارة استغرقت يومين تاركاً خلفه البلاد تمور في تظاهرات ليلية ونهارية لا يُبدي خشية من انقلاب الجيش الذي يضع ثقته الكاملة في قيادة أركانه ولا سيما القيادات العليا ذات الأبعاد الإسلامية إذ يستبعد أن ينقلب عليه رفاق الفكر والسلاح. لكن ليس «انقلاب الجيش» وحده السيناريو الذي قد يطيح به وفق رئيس حزب «الأمة والإصلاح والتجديد» نائب رئيس الوزراء السابق مبارك الفاضل المهدي الذي أشار في مقابلة مع صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية الأحد الماضي إلى أن من بين السيناريوات المحتملة «انقلاب (في) القصر يجعل من الرئيس كبش فداء ليستمر حكم الإسلاميين».
أزمات شائكة
بعدما عبر البشير عن شكره وامتنانه لـ«الدول الصديقة» لم يعلن أي مساعدات مالية جديدة حتى في قطر التي كانت من بين أوائل الدول التي عبرت عن استعدادها «تقديم كل ما هو مطلوب لتجاوز هذه المحنة» كما قال الأمير تميم بن حمد خلال اتصال مع الرئيس السوداني في أول أيام التظاهرات، علماً أن الدوحة توصلت العام الماضي إلى اتفاق قيمته أربعة مليارات دولار من أجل التطوير المشترك لميناء سواكن ولم يعرف هل سرى مفعوله حتى الآن.
مصدر في حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم أوضح أن الرئيس «ربما يريد طمأنة القطريين إلى أنه سيجري إصلاحات جذرية في حال حدوث أي هدوء نسبي في البلاد» لكنه لم يستبعد «تنحي البشير بعد هدوء الأوضاع».
إلى جانب قطر وصلت مساعدات من الإمارات أمس كما أعلنت الرئاسة السودانية، مضيفة أن روسيا وتركيا عرضتا مساعدات من ضمنها وقود وقمح لكن لم تتضح بعد أي تفاصيل بشأن حجم أو توقيت تلك المساعدات. في هذا الوقت ما فتِئ المسؤولون الحكوميون يقدمون الوعود التي تُبشر بقرب حل جميع الأزمات ولا سيما الخبز والوقود والسيولة النقدية، لكن المؤشرات وفق مصادر مطلعة تؤكد استمرار الأزمة حتى النصف الثاني من العام الجاري، فيما لا تزال صفوف الوقود وكذلك أمام الصرافات مستمرة.
ووفق معلومات من مصادر في وزارة النفط تحتاج أزمة الوقود على الأقل ثلاثة أشهر حتى تتم السيطرة عليها وذلك بسبب شح العملة الأجنبية التي يشترى الوقود بها، بينما يكون البيع بالعملة المحلية الأمر الذي يتسبب في ندرة النقد الأجنبي. وأوضح المصدر أن كلفة الباخرة الواحدة سعة 40 ألف طن من الوقود تبلغ 40 مليون دولار وأن استهلاك البلاد خلال يوم يبلغ 9 آلاف طن ما يعني أن الباخرة لا تكفي حاجة البلاد لأسبوع واحد.
المزيد في هذا القسم:
- عباس يتفق مع السيسي على إطار نهائي لحل الأزمة قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس السبت إنه اتفق مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على إطار نهائي لحل الأزمة. عباس يتفق مع السيسي على إطار نهائي لحل الأزمة وأش...
- الانتخابات المحليّة الأمريكية: الشعب يستيقظ..متأخراً المرصاد نت - متابعات لم تكن هزيمة المرشح الجمهوري إد جيليسباي المدعوم من الرئيس ترامب على يد الديمقراطي رالف نورثام الذي انتخب حاكما لولاية فيرجينيا مفاجئة. ...
- آسيا تايمز: الوهابية باتت تشكل خطرًا على أمن الدول الآسيوية المرصاد نت - متابعات كتبت الباحثة "Christina Lin" مقالة نشرت على موقع "Asia Times" شددت فيها على أن التحالف بين الولايات المتحدة والمملكة السعودية بات يشكل خط...
- عشر حقائق استراتيجية بعد تحرير حلب وقبل تنصيب ترامب المرصاد نت - متابعات دشّن تحرير حلب من الإرهابيين مرحلة جديدة من الصراع في سوريا وعليها بل من الصراع في الإقليم وعليه لا غلوّ في القول إنّ إعلان وقف إطلاق الن...
- العوامية ... سجن شيعة السعودية الأسود المرصاد نت - متابعات في السنوات الأخيرة الماضية تعرّضت بلدة العوامية إحدى بلدات مدينة القطيف لجنايات وجرائم ارتكبتها الحكومة السعودية وقد أخذت موجة الجرائم هذ...
- ترامب يؤجل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة وأستقالات جماعية في الخارجية المرصاد نت - متابعات اعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه من السابق لأوانه حالياً نقل سفارة بلاده لدى الاحتلال الإسرائيلي إلى مدينة القدس المحتلة متراجعاً ع...
- مناوشات في كوباني بعد إحباط هجوم لـ"داعش" صد المقاتلون الاكراد الذين يدافعون هجوما جديدا شنه تنظيم "داعش" على مدينة عين العرب السورية الحدودية مع تركيا. وتزامن هذا الهجوم مع دخول قوات من البشمركة الاتي...
- قاعدة أمريكية في الرقّة : طبول حرب أم تكريس للتقسيم؟ المرصاد نت - متابعات تخطو واشنطن خطوة جديدة في سوريا الخطوة التي قد تطيل الأزمة ستُستتبع بخطوات أخرى. فبعد تحوليها مطار الطبقة العسكري في وقت سابق من ال...
- الاحتلال يفتح باب المطهرة في الأقصى ويعتقل 15 فلسطينيا من الضفة المرصاد نت - متابعات قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم الأحد بفتح باب المطهرة بالمسجد الأقصى وهو مكان للوضوء والطهارة ولا يفضي هذا الباب إلى خارج الحرم...
- الصومال ساحةً لصراع قطري ــــ إماراتي: الدوحة وراء تفجير بوصاصو؟ المرصاد نت - متابعات نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس تقريراً بعنوان «بالبنادق والمال والإرهاب تتنافس دول الخليج على السلطة في الصومال» اتهمت في إطاره قطر بالوق...