المرصاد نت - متابعات
مع دخولها أسبوعها الرابع تتسع الاحتجاجات المطالِبة برحيل الرئيس عمر البشير يوماً بعد يوم، في ظلّ إصرار السلطات على مواجهتها بكل السبل البعيدة عن حلّ الأزمة المعيشية السبب الرئيس لاندلاع التظاهرات ..
وعلى مايبدو منظِّمو «احتجاجات الخبز» غير مستعدين للتراجع عن مطلبهم إسقاط نظام الرئيس عمر البشير الذي بلغ عمر إمساكه بالسلطة ثلاثة عقود. منذ الـ 19 من الشهر المنصرم لم تهدأ مدن السودان، ولا سيما العاصمة الخرطوم ولم تسكن تظاهراتها التي يدعو إليها «تجمع المهنيين السودانيين» المستقل بدعم من قوى «الإجماع الوطني» وقوى «نداء السودان» و«التجمع الاتحادي المعارض».
وعلى رغم قدرة البشير الذي تولى السلطة إثر انقلاب مدعوم من الإسلاميين عام 1989 على الصمود حتى الآن أكثر مما صمد النظامان السابقان اللذان أطاحتهما انتفاضتا 1964 و1985 (الأولى خلال 7 أيام والثانية خلال 11 يوماً)، تبدو التظاهرات الحالية، التي انطلقت قبل 26 يوماً لتكون الأكبر منذ بداية الحكم الحالي في اتساع بما يضاعف المخاطر المحيطة بفرص بقاء البشير الذي يسعى، من خلال تعديل الدستور، إلى تجديد ولايته في انتخابات 2020.
وتدشيناً لما سمّوه «أسبوع الانتفاضة لإسقاط النظام» خرجت تظاهرات حاشدة أمس شمالاً ووسطاً وغرباً. ففي العاصمة الخرطوم انطلقت مسيرات في معظم أحياء المدينة ولم تنجح المتاريس الأمنية الكثيفة التي احتلت كل الميادين وخاصة ميدان عقرب منذ مساء أول من أمس في إيقاف سيل المشاركين فيها الذين تجمعوا في الحاج يوسف والدناقلة شمال وجنوب والمزاد وسوق سعد قشرة والحلفايا وحلة حمد والصافية وشمبات وبحري حيث أطلقت القوات الأمنية الرصاص الحي بوجههم، واعتقلت المئات منهم؛ بينهم نساء.
ولم تقتصر تظاهرات أمس على العاصمة فقد شهدت مدينة الفاو في ولاية القضارف خروج المئات، وأغلقت المحال التجارية فيها أبوابها وسط انتشار القوات النظامية في المدينة، التي شهدت خلال الأسابيع الماضية احتجاجات خلّفت 9 قتلى وعدداً من الإصابات بحسب إحصائيات حكومية. كما شهدت مدينة أمري (شمال) احتجاجات واجهتها السلطات بالغاز المسيل للدموع ثم ما لبثت أن لحقت بها بورتسودان (شرق) ومدني (وسط).
واتسعت رقعة الاحتجاجات أمس أيضاً، لتشمل للمرة الأولى إقليم دارفور غرب البلاد (تعادل مساحته مساحة فرنسا)، لكن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، ونيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور حيث يستعد البشير لثاني لقاء بعد «الساحة الخضراء» لحشد التأييد، علماً بأن الرئيس متهم من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بالوقوف وراء عمليات الإبادة وجرائم الحرب التي يُشتبه في أنها ارتُكبت في دارفور وذلك خلال مواجهته أقليات عرقية حملت السلاح عام 2003 بسبب تهميشها اقتصادياً وسياسياً.
نتيجةَ العنف المفرط، بلغ عدد الوفيات منذ اندلاع الاحتجاجات حتى الآن، 24 حالة وفاة وفق الأرقام الرسمية الأخيرة التي أعلنها أمس رئيس لجنة التحقيق (المُشكّلة من قِبَل النائب العام) عامر محمد إبراهيم من دون أن يدلي بأي تفاصيل حول أسباب وفاة المتظاهرين. إلا أن منظمات حقوق الإنسان ذكرت رقماً أعلى لحصيلة القتلى ومن ذلك ما أفادت به «هيومن رايتس ووتش» من أن ما لا يقلّ عن 40 شخصاً قتلوا خلال التظاهرات، بينهم أطفال ورجال إسعاف. وتؤكد منظمات حقوق الإنسان (كالعفو الدولية) ومعها الاتحاد الأوروبي أن القوات الأمنية استخدمت الذخيرة الحية في الاحتجاجات الأمر الذي دانته هيئة حقوق الإنسان في السودان من دون أن تحدّد من أطلق النار في حين يتملّص البشير من المسؤولية موجّهاً أصابع الاتهام إلى «متآمرين» مجهولين تارة أو إلى «الشيوعيين» و«اليساريين» تارة أخرى.
أما في شأن الاعتقالات، فتشير المجموعات الحقوقية إلى أن السلطات السودانية أوقفت أكثر من ألف شخص منذ اندلاع الاحتجاجات، بينهم قادة في المعارضة وناشطون وصحافيون إلى جانب متظاهرين ما دفع الاتحاد الأوروبي أمس إلى مطالبة النظام السوداني بـ«نزع فتيل التصعيد» والإفراج عن جميع المعارضين المعتقلين «تعسفاً»، في حين أثارت حملة السلطات الأمنية انتقادات بريطانيا وكندا والنروج والولايات المتحدة، التي حذرت الخرطوم من «تداعيات» ما تقوم به على العلاقات مع حكوماتها.
وبعيداً عن فشل أساليب البشير في إخماد شرارة الاحتجاجات، سواء باستخدام العنف أو الاعتقال أو التخوين أو الحشد المضاد أو إطلاق الوعود بتحسين الأوضاع المعيشية أو تحميل واشنطن المسؤولية يبدو أن الرئيس بات مدركاً مقدار التغير الذي طرأ على المشهد في بلده بحسب صحيفة «ذا إندبندنت» البريطانية. وبفعل ذلك، حاول ــــ إلى حد ما ــــ التعامل مع هواجس المحتجين، فأقال وزير الصحة ووعد برفع رواتب موظفي القطاع العام بدءاً من هذا الشهر بنحو 5 دولارات.
لكن في مقابل تلك الوعود، فرضت وزارة الداخلية زيادات جديدة على رسوم استخراج جواز السفر ورخصة القيادة أكثر من الزيادة المزمعة على الرواتب. كما رفعت الإدارة العامة لشؤون الموانئ رسوم الأرضيات بنسبة 130 في المئة. لكن مشاكل السودان تبدو بالنسبة إلى الخبراء أعمق من ذلك بكثير إذ يرى مدير الخدمات الوقائية في شركة «بلاكستون» الاستشارية الأمنية روب بيتس في حديث إلى «ذا إندبندنت» أن «(الاحتجاجات) تبدو هذه المرة القشة التي قصمت ظهر البعير».
المزيد في هذا القسم:
- عن الحركات الاحتجاجية الشعبية في الملكيات العربية المرصاد نت - متابعات الحراكات والثورات الشعبية التي هزّت الوطن العربي منذ أواخر عام 2010 وبدايات 2011، وأحدثت متغيرات في الجمهوريات العربية كشفت عن وصول موجات...
- روسيا : عقوبات أميركية جديدة وموسكو تدرس «بدائل» الدولار المرصاد نت - متابعات لوّحت الولايات المتحدة الأميركية بفرض حزمة جديدة من العقوبات بعدما انتهت مهلة التسعين يوماً التي أعطتها لموسكو كي تثبت أنها لن تستخدم أسل...
- استقطاب "يهود الفلاشا" وإحياء المشروع الصهيوني "من النيل إلى الفرات" المرصاد نت - متابعات رفع الكيان الإسرائيلي مؤخراً من مستوى إهتمامه بإثيوبيا لسبيين أساسيين الأول يتعلق بمشروع بناء سدّ النهضة الذي سيؤثر دون شك على أمن مصر من...
- الوصايا الأميركية بين مؤتمري وارسو وميونيخ ! المرصاد نت - متابعات لم تكن الولايات المتحدة بهذا الوضوح في التعامل مع حلفائها يوماً بقدر ما تجلّى ذلك في مؤتمري وارسو وميونيخ الأخيرين. كان واضحاً نائب الرئي...
- 3 قتلى في إطلاق نار في ولاية تينيسي الأمريكية المرصاد نت - متابعات قُتل 3 أشخاص وأصيب 4 آخرون فجر اليوم في حادث إطلاق نار داخل مقهى «وافل هاوس» في مدينة نافشيل بولاية تينيسي الأميركية. وذكر...
- الائتلاف الحاكم في ألمانيا إلى مصيرٍ مجهول: استقالة تقلب الموازين! المرصاد نت - متابعات في خطوة قد تضع مستقبل الحكومة الألمانية في مهبّ الريح مجدداً استقالت رئيسة الحزب «الاشتراكي الديموقراطي» ندريا ناليس من منصبها الأمر الذي...
- خلفان يغرد عن أوضاع بعض الدول العربية المرصاد-متابعات ألقى الفريق ضاحي خلفان، نائب رئيس شرطة دبي، الضوء على عدد من الدول، بعض منها شهد ما بات يُعرف باسم "الربيع العربي". جاء ذلك في سلسلة تغريدات ع...
- إسبر في الرياض : واشنطن تبثّ الروح في مؤتمر وارسو! المرصاد نت - متابعات في وقت كانت تجلس فيه مسؤولة إسرائيلية في البحرين مع «أصدقائها» من «عرب أميركا» للتباحث في «الأمن البحري» ضمن ورشة منبثقة عن «مؤتمر وارسو»...
- وزارة الدفاع السودانية تدعو متقاعدي الجيش وكل القادرين على حمل السلاح للتعبئة ردا على تجاو... المرصاد-متابعات دعت وزارة الدفاع السودانية اليوم الجمعة متقاعدي القوات المسلحة و"كل القادرين على حمل السلاح" للتوجه إلى أقرب قيادة عسكرية لتسليحهم تأمينا لأنفس...
- تونس : تأجيل إعلان الحكومة.. سعيّد يعطّل خطة النهضة! المرصاد نت - متابعات كان متوقعاً أن يعلن رئيس الحكومة المكلّف، أمس، عن فريق عمله الحكومي لكن ذلك لم يحصل. بعد لقائه رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، أدلى الجملي بتص...