المرصاد نت - متابعات
«مغامرة» جديدة أقدم عليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا تقل خطورة عن قرارات فرض العقوبات الأخرى والحروب التجارية في كل الاتجاهات. فأن تقرّ واشنطن عقوبات على وزارة الدفاع الصينية وتستهدف الجيش بطريقة أو بأخرى ومعه موسكو على خلفية صفقة الأسلحة الروسية ذلك يعني أن لدى بكين الأسباب الكافية للتعبير عن غضب غير مسبوق من السياسة الأميركية.
ومن خلال إقرار واشنطن أول من أمس عقوبات على إدارة تطوير المعدات في وزارة الدفاع الصينية وعلى كبير إدارييها لشراء مقاتلات «سوخوي» (سو ــ 35) ومنظومة «أس ــ 400» للدفاع الجوي تكون الولايات المتحدة قد ذهبت بعيداً في «لعبتها» وبالغت في فرض إرادتها على الساحة الدولية. من جهة يؤكد الأميركيون عدم رغبتهم في رؤية تعاون روسي ــ صيني متصاعد بلغ مرحلة لافتة مع اشتراك القوات الصينية في مناورات «فوستوك 2018» الضخمة التي نظمتها موسكو قبل أيام.
ومن جهة أخرى تؤكد الولايات المتحدة أن حربها التجارية على الصين لا تقتصر على مصالح واشنطن الخاصة ولا تقف عند حدود الدوافع الذاتية للاقتصاد الأميركي بل تتعداه إلى تثبيت هيمنتها الدولية بشتى الوسائل على اللاعبين الكبار الآخرين في الساحة الدولية.
من هنا أتت ردود الفعل الصينية، كما الروسية، على القرار الأميركي على شكل تصريحات غير مسبوقة لجهة حدّتها في التعبير عن الموقف الرافض للعقوبات التي تفرض للمرة الأولى من نوعها على الصين استناداً إلى قانون «كاتسا» (مواجهة أعداء أميركا عبر العقوبات) المقرّ عام 2017 بهدف معاقبة روسيا على خلفية أزمة القرم. ورأى الناطق باسم الرئيس فلاديمير بوتين ديمتري بيسكوف أن واشنطن تستخدم العقوبات لإخراج موسكو من سوق بيع الأسلحة، منتقداً ما سمّاه «هستيريا العقوبات» بالقول: «إنها منافسة غير منصفة، ومحاولة لاعتماد وسائل مخالفة لقواعد السوق ومبادئ التجارة الدولية لإخراج المنافس الأساسي للولايات المتحدة من سوق الأسلحة». وقال المسؤول الروسي إن القرار يوجه ضربة جديدة للعلاقات الروسية - الأميركية.
الرد على لسان وزير الخارجية سيرغي لافروف، أتى بنبرة أعلى إذ ألمح إلى سعي بلاده للتخلي عن الاعتماد على الدولار الأميركي بالقول: «الثقة في النظام النقدي العالمي الحالي مقوضة»، مضيفاً: «سنفعل كل ما باستطاعتنا لإنهاء الاعتماد على دول تعامل شركاءها بهذه الطريقة». وقال لافروف إن بلاده «تستخلص العبر من هذا الوضع» في إشارة إلى تمادي العقوبات الأميركية. وكان نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، حذر الولايات المتحدة في معرض تعليقه على العقوبات الجديدة بالقول: «سيكون من الجيد بالنسبة لهم (الأميركيين) أيضاً أن يتذكروا مفهوم الاستقرار العالمي الذي يهزّونه من دون تفكير عبر تصعيد التوتر في العلاقات الروسية - الأميركية»، وتابع: «اللعب بالنار أمر غبي لأنه يمكن أن يصبح خطيراً».
بكين من جهتها دعت واشنطن إلى «تصحيح خطئها على الفور والتراجع عما تسمّيه عقوبات وإلا فعليها تحمّل العواقب» وفق تصريحات الناطق باسم الخارجية غينغ شوانغ. وقال غينغ إن «الخطوة الأميركية انتهكت بشكل خطير المبادئ الأساسية للعلاقات الدولية وألحقت أضراراً جسيمة بالعلاقات بين البلدين والجيشين» مشيراً إلى أن بلاده تقدمت باحتجاج رسمي لدى واشنطن. لم توضح بكين «العواقب» التي حذرت واشنطن منها إذا لم تتراجع عن قراراتها إلا أن الصين تبدو مصرة هذه المرة على مواجهة القرارات الأميركية، كحال مجابهتها للحرب التجارية بإجراءات مضادة.
في هذا الإطار سيكون استفزازياً للأميركيين تعبير مساعد وزير الخارجية الصينية لي يوجينغ أمس عن استعداد بلاده تسهيل الاستثمار والتجارة مع تركيا عبر استخدام العملة المحلية، متحدثاً عن «ابتكار سياسات جديدة من شأنها إتاحة الفرصة لاستخدام العملات المحلية في المبادلات التجارية».
لن يكون من الواضح الآن حجم أثر القرارات الأميركية ضد تجارة الأسلحة الروسية، سوى أن بكين وموسكو لن تتوقفا عن التعاون خوفاً من الإجراءات الأميركية. إلا أنه بلا شك لا سيما في توقيتها سوف تحدث العقوبات ترددات في أكثر من اتجاه لن تكون بكين وموسكو الوحيدتين في دائرتها. فأنقرة، التي تسعى حثيثاً لإتمام صفقة تسلحها بمنظومة «أس 400» الروسية أول المتلقين للرسالة. رسالة تقول بوضوح إن المضي في الضغوط على تركيا لن يكون أصعب من استهداف الصين في حال لم تراجع الحكومة التركية سياساتها الدولية وفكرت في إعادة تموضعها السياسي.
وقالت صحيفة الشعب الصينية الناطقة باسم الحزب الشيوعي الحاكم إن وزارة الخارجية الصينية سلمت السفير الأميركي في بكين احتجاجاً رسمياً على العقوبات الأميركية المفروضة على الصين لشرائها أسلحة روسية واستدعى مساعد وزير الخارجية الصيني زهنغ زيغوانغ السفير الأميركي في بكين تيري برانستاد لتسليمة الاحتجاج بحسب ما أفادت الصحيفة على موقعها الالكتروني.
وأعربت الصين يوم أمس الجمعة عن استنكارها إعلان واشنطن في اليوم السابق فرض عقوبات استهدفت وحدة في الجيش الصيني هي "دائرة تطوير المعدات" ومديرها لي شيانغفو بسبب شراء طائرات مقاتلة من طراز سوخوي "سو-35" في نهاية 2017، والتجهيزات المرتبطة بنظام الدفاع المضاد للطيران الروسي "اس-400" في مطلع 2018.
ودعت بكين الولايات المتحدة إلى سحب العقوبات وإلا فإنه سيكون عليها "تحمل العواقب" وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية غينغ شوانغ إن "الخطوة الأميركية انتهكت بشكل خطير المبادئ الأساسية للعلاقات الدولية وألحقت أضراراً جسيمة بالعلاقات بين البلدين والجيشين".
وفي سياق متصل اتهمت موسكو واشنطن بتهديد "الاستقرار العالمي" وهي المرة الأولى التي تفرض فيها واشنطن عقوبات على كيان أجنبي بسبب شرائه أسلحة روسية.
ويأتي التوتر الصيني - الأميركي فيما يخوض الطرفان من جانب آخر حرباً تجارية ويتبادلان فرض رسوم جمركية.
المزيد في هذا القسم:
- الريسوني يعلن استقالته من "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" المرصاد-متابعات أعلن أحمد الريسوني، رئيس "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، يوم الأحد، استقالته من منصبه، فيما أعرب "مجلس الأمناء للاتحاد"، في بيان، عن استجابت...
- بعد زلزال السودان الغربة في الوطن : داء عربي! المرصاد نت - متابعات تُعدّ مشاركة الشباب في الحياة السياسية في الوطن العربى أمراً ضرورياً ولأنه كذلك، خاصة بعد تجربة ما سُمّي بثورات الربيع العربي ؛ فإن من ال...
- مصر: فشل المحادثات مع السودان وأثيوبيا حول سد النهضة! المرصاد نت - متابعات بعد محادثات استمرت يومين في العاصمة الإثيوبية أديس ابابا، أكد وزير الري المصري محمد عبد العاطي عدم توصل مصر وإثيوبيا والسودان إلى اتفاق ح...
- بكين تردّ (مجدداً) على واشنطن: الرسوم مقابل الرسوم المرصاد نت - متابعات أعلنت الصين أنها ستواصل الرد على الولايات المتحدة بعد فرض الأخيرة المزيد من الرسوم التجارية عليها، رغم انعقاد مباحثات بين الطرفين في واش...
- سوريا ... ما بعد 25 من أيار ليس كما قبله المرصاد نت - دمشق فضحت الهدنة أو نظام التهدئة أو اتفاق وقف الأعمال القتالية - سمها ما شئت - النوايا الحقيقية للجماعات المسلحة والدول التي تقف وراءها إقليمي...
- إسرائيل ــ السعودية: تخادم أم خدمات أحادية الاتجاه؟ المرصاد نت - علي حيدر لا يحتاج المراقب إلى الكثير من المعلومات الخاصة كي يدرك بأن العلاقات بين النظام السعودي وكيان الاحتلال الإسرائيلي ستخرج إلى العلن في وقت ...
- ناشطون وسياسيون بريطانيون يدعون لوقف بيع الأسلحة لإسرائيل المرصاد نت - متابعات نشرت صحيفة الغارديان البريطانية عريضة وقعها ناشطون وسياسيون وفنانون وعاملون في مجال الصحة في بريطانيا طالبوا فيها الحكومة البريطانية باتخ...
- المقومات الرئيسية لاتحاد آل سعود و الوهابية المرصاد نت - متابعات تقوم العلاقة بين الدين والدولة في السعودية على عناصر رئيسية وهي عناصر تلعب دورا رئيسيا في استمرار العلاقة المشار إليها ويسلط كل من هذه ال...
- الجيش اللبناني يضبط ثلاث سيارات مفخخة في يوم واحد ضبط الجيش اللبناني ثلاث سيارات مفخخة كانت معده للتفجير اثنتين منها في منطقة كورنيش المزرعة بعد أن اعترف شخص يدعى نعيم عباس بوجود السيارة المفخخة وبأنها ستتوجه...
- صفقة القرن… العرب يهبون أوطانهم لعدوهم! المرصاد نت - متابعات ما تشهد به أحوال “العرب” دولاً بملوكها ورؤسائها، بمدنها والقصبات والأرياف قبل العواصم وبعدها أن التأريخ الذي يحفظه الناس مجموعة من الاكاذ...