المرصاد نت - متابعات
لم يكن توقيع اتفاق السلام بين إثيوبيا وإريتريا أمس في مدينة جدة إلا استكمالاً لمسار بدأه الحلف الإماراتي ـــ السعودي منذ أشهر بهدف كسب المزيد من الحلفاء في القرن الأفريقي ومحاصرة النفوذ التركي ـــ القطري في غرب البحر الأحمر
بعد قرابة شهرين من عقدهما قمة في أبو ظبي توّجت مساراً «تصالحياً» بدت البصمات الخليجية والأميركية واضحة فيه قدِم رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد والرئيس الإريتري أسياس أفورقي إلى مدينة جدة السعودية حيث وقّعا أمس اتفاق سلام استكمالاً لما كانا بدآه منذ تموز/ يوليو الماضي.
اختيار السعودية لتوقيع الاتفاق النهائي بعد الإعلان المبدئي وما تلاه من خطوات ليس من دون دلالة، خصوصاً في ظل حضور العنصر الإماراتي مُتمثلاً في وزير الخارجية عبد الله بن زايد، إذ يبدو، من خلال تتبّع مسار الأحداث أن الإماراتيين الذين لعبوا الدور الأبرز في إرساء «السلام» الإثيوبي ـــ الإريتري أوحوا إلى السعوديين بضرورة أن يأخذوا على عاتقهم مهمة الإخراج حتى تكون الرسالة المراد إيصالها إلى التحالف التركي ـــ القطري ومن بعده إيران أفعل وأكبر وقْعاً.
في الـ23 من تموز الفائت وقبيل توجّهه إلى الإمارات حطّ الرئيس الإريتري في جدة وأجرى مباحثات مع الملك سلمان ونجله محمد، تناولت ـــ من ضمن ما تناولت ـــ سبل زيادة الاستثمارات السعودية في إريتريا. في اليوم التالي، انعقدت في أبو ظبي قمة إثيوبية ـــ إريترية برعاية ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد صدر في أعقابها بيان حرص على التشديد على دور السعودية في «المصالحة» حيث قال إن «الدور التوفيقي الذي قامت به الإمارات» في هذا الإطار إنما هو «بدعم الملك سلمان، وبمساندة الأمير محمد بن سلمان».
في الـ9 من آب/ أغسطس الماضي طار وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في زيارتَين خاطفتَين إلى كلّ من أديس أبابا وأسمرة عقد خلالهما محادثات مع زعيمَي البلدين، ظهر أمس أنها لم تكن سوى تمهيد لتوقيع «اتفاقية جدة للسلام» والتي وصفها الجبير بأنها «علامة تاريخية فارقة». في الوقت نفسه تحدثت وسائل إعلام إماراتية عن أن إثيوبيا طلبت من السعودية شحنات نفطية بتسهيلات مالية في تأكيد لما كانت «رويترز» ذكرته قبل شهرين من أن أديس أبابا التمست من الرياض إمدادات وقود لمدة سنة مع إرجاء السداد 12 شهراً تخفيفاً لنقص مزمن لدى الإثيوبيين في العملة الصعبة.
تسلسل الأحداث هذا معطوفاً على ما بات معلوماً من جهود محمومة بذلتها أبو ظبي ـــ بضوء أخضر أميركي ـــ من أجل إنهاء الخلاف بين إثيوبيا وإريتريا ومن ثم إخضاع جيبوتي واستمالة الصومال ينبئ بأن الدخول السعودي على الخط إنما هو بتشجيع إماراتي بهدف تقاسم تكلفة «شراء» دول القرن الأفريقي وتظهير حالة من التكتل الوازن بمواجهة المحور التركي ـــ القطري الذي تكثّفت مساعيه لتوسيع رقعة نفوذه في هذه المنطقة عقب اندلاع الأزمة الخليجية. بشكل أو بآخر تلعب أبو ظبي على وتر الحساسية السعودية إزاء إمكانية تطويق المملكة من الجهتين الجنوبية والغربية للبحر الأحمر بغرض توسيع السيطرة الإماراتية على المواقع الحيوية ولا سيما الموانئ في اليمن والقرن الأفريقي، مستفيدة في ذلك من الوكالة الممنوحة لها من قِبَل الولايات المتحدة التي تتوجّس هي الأخرى من الحضور الصيني في شرق أفريقيا وتسعى إلى محاصرته.
بعدما أغرت كلاً من أديس أبابا بالودائع والاستثمارات مُستغِلّة «الأجندة التصالحية» لرئيس الوزراء الإثيوبي الجديد من أجل دفع الجارَين المتناحرَين إلى وضع أحدهما يديه في يدي الآخر ومن ثم الاستفادة من ذلك في ضرب جيبوتي (عن طريق حرمانها من عوائد الاستخدام الإثيوبي لموانئها) واستمالة الصومال الذي بدا إثر الأزمة الخليجية منحازاً إلى جانب تركيا وقطر وفاتِحاً أبوابه لهما، أعلنت الإمارات في الـ10 من آب نيتها بناء خط لنقل النفط بين ميناء عصب الإريتري الذي تسيطر عليه عملياً وتستخدمه في العدوان على اليمن، والعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
يومذاك وعدت أبو ظبي أيضاً بمزيد من الاستثمارات في قطاعات من بينها «التصنيع والزراعة والعقارات وأنابيب النفط والمنتجعات» بحسب ما أعلن مدير مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي فيتسوم أريجا. هذه الاستثمارات والمشاريع التي لا تفتأ الإمارات والسعودية تحتفيان بها بوصفها خطوة متقدمة على طريق «بناء منظومة أمنية جديدة في البحر الأحمر»، يبدو من المبكر الجزم بمدى نجاحها في السيطرة على قرار أديس أبابا الأمني والسياسي مثلما هي الحال مع أسمرة. ومع ذلك يمكن القول إنه أضحى للحليفَين الخليجيَّين، وتحديداً أبو ظبي موطئ قدم لا يستهان بحجمه في إثيوبيا، يمكن بالنسبة إليهما الانطلاق منه لتحقيق الأهداف غير المباشرة لإسقاط «جدار برلين الأفريقي».
في الـ5 من الشهر الجاري انعقدت في العاصمة الإريترية أسمرة قمة بين زعماء إثيوبيا وإريتريا والصومال في ما بدا تطوراً إضافياً في اتجاه اجتذاب مقديشو إلى المحور الإماراتي ـــ السعودي بعد قرابة شهرين من زيارة لآبي أحمد إلى الصومال، ذكرت مصادر أميركية حينها أن الهدف منها التوسط بين أبو ظبي وحكومة محمد فرماجو. وفي الـ8 من الشهر الحالي أيضاً أعلنت أديس أبابا أن جيبوتي وافقت على إعادة علاقاتها مع إريتريا بوساطة إثيوبية لتنهيا توتراً تجدّد مع اندلاع الأزمة الخليجية إثر قيام قطر بسحب قواتها من المناطق المتنازع عليها بين البلدين. بذلك تكون أبو ظبي قد سحبت من يد الدوحة ورقة أفريقية كان بإمكانها إعادة استخدامها وجرّت جيبوتي قليلاً إلى المربع الإماراتي بعد النزاع الذي فجّرته الأولى قبل أشهر بسحبها امتياز إدارة محطة «دوراليه» للحاويات وتشغيلها من «شركة موانئ دبي العالمية».
المزيد في هذا القسم:
- انبطاح الخليج يحول دون لقاء وزراء الخليج بـ 'هاموند' كلا على حده المرصاد نت - متابعات رضخ وزراء خارجية دول الخليج لطلب وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند بلقاءهم دفعة واحدة بدلا من أن كان من المقرر الالتقاء بهم كل على...
- تفاؤل باقتراب اتفاق بريطاني أوروبي بعد تنازلات من جانب لندن! المرصاد نت - متابعات يبدو أن الحكومة البريطانية والاتحاد الأوروبي يقتربان من التوصل إلى اتفاق على مسألة الحدود الأيرلندية في إطار اتفاق بريكست بعد أن تقدمت حك...
- قالن: تصريحات بايدن ضد أردوغان تزيد صورة أميركا سوءا المرصاد-متابعات قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن إن تصريحات المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية جو بايدن حول تركيا تزيد صورة الولايات المت...
- التوتر التركي ـ الأميركي: غولن أم آخرون؟ المرصاد نت - حسني محلي اتخذ التوتر المتزايد بين تركيا والولايات المتحدة منعطفاً خطيراً أول من أمس عندما رفض الرئيس رجب طيب أردوغان استقبال السفير الأميركي في ...
- تفاصيل حصرية .. التوصل الى أتفاق في دوما المرصاد نت - متابعات أعلن مصدر رسمي سوري اليوم الأحد أن تكفيريي ما يسمى “جيش الإسلام” المنتشرين في الغوطة الشرقية بريف دمشق طلبوا التفاوض من الدول...
- بوتين: العلاقات بين روسيا وأوروبا على مفترق طرق المرصاد نت - متابعات قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن موسكو لم تلاحظ حتى الآن استعدادا من جانب الاتحاد الأوروبي لاستئناف حوار الشراكة وحذر من أن العلاقا...
- الحرب الإعلاميّة الباردة بين روسيا وأمريكا تتصاعد! المرصاد نت - متابعات تتصاعد وتيرة الحرب الاعلامية بين روسيا وأمريكا لتمر بأسوأ أيامها منذ انتهاء الحرب الباردة. فبعد أن أعلنت السلطات الامريكية عن فرضها قي...
- آلاف المنازل بلا كهرباء في فرنسا وإسبانيا... بسبب غلوريا! المرصاد نت - متابعات تسبّب إعصار «غلوريا» الذي ضرب منطقة «البرانيس» الشرقية جنوبي فرنسا، بانقطاع التيار الكهربائي عن ألف منزل، بحسب وسائل إعلام محلية. تأثرت ف...
- الرئيس الصيني: ما من قوة يمكنّها أن تهز دعائم أمّتنا! المرصاد نت - متابعات أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ أنّ "ما من قوة في العالم يمكنّها أن تهزّ دعائم الأمة الصينية".وفي كلمة له في العرض العسكريّ في العيد الوطني...
- الربيع العربي 2.. بين العسكر والشباب والاجندات الخارجية! المرصاد نت - متابعات لم تكن مخرجات الربيع العربي بنسخته الاولى التي بدات عام 2010 م على قدر توقعات او احلام او اهداف المجتمعات التي ثارت على رؤسائها وقادتها، ...