المرصاد نت - محمد العيد
رغم إجماع كثيرين على أن للجيش الجزائري يداً طويلة في المشهد السياسي اختلفت القراءات بشأن سلسلة من الإقالات لعسكريين كبار محسوبين على عبد العزيز بوتفليقة مع أن قائد الأركان لم يُبدِ أي تحفظ من ترشّح الرئيس لولاية خامسة
لا يمكن في الجزائر أن يقترب موعد انتخابي دون إثارة النقاش حول دور المؤسسة العسكرية رغم إصرار الجيش على أنه غير معني تماماً بالسياسة ويركز على مهماته الدستورية فقط. ويشتد الحديث أكثر في ذكرى 20 آب من كل سنة، وهو التاريخ الذي أقرّ فيه قادة الثورة الجزائرية مبدأ «أولوية السياسي على العسكري» في تصورهم لسير الدولة الجزائرية.
تتعدد التأويلات هذه الأيام حول المؤسسة العسكرية وعلاقتها بالانتخابات الرئاسية المرتقبة ربيع العام المقبل وهي ظاهرة مألوفة في البلاد بسبب طبيعة النظام السياسي والسوابق التاريخية التي جعلت من الجيش من حيث لا يريد أحياناً فاعلاً رئيسياً في المشهد السياسي. وفي دليل على ذلك أخذت القرارات الأخيرة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إقالة ضباط كبار في الجيش منحىً سياسياً بامتياز عند أغلب القراءات، إذ ربطت مباشرة ببدء الترتيبات المتعلقة بالانتخابات الرئاسية.
فمثلاً شهد الأسبوع الأخير إقالة قائدي الناحية العسكرية الأولى اللواء لحبيب شنتوف (وسط البلاد)، والناحية العسكرية الثانية سعيد باي (غرب البلاد) وهما من كبار ضباط المؤسسة العسكرية ومن المؤثرين في صناعة القرار فيها على مدار السنوات التي شهدت فيها البلاد مواجهة عنيفة مع التنظيمات الإرهابية. وسبقت هذه الإقالات أيضاً إطاحة اللواء نوبة مناد وهو قائد جهاز الدرك الوطني واللواء عبد الغني هامل المدير العام للأمن الوطني، كذلك استُبدل لواء كبير في وزارة الدفاع الوطني.
ومن بين أكثر القرارات التي تداولها محللون سياسيون أن إقالة هؤلاء الضباط خاصة قائدي الناحية العسكرية الأولى والثانية، تُضعف سلطة الرئاسة على الجيش على أساس أن اللواءين شنتوف وباي محسوبان على الرئيس بوتفليقة. في المقابل هذه الإقالات إذا صحّت هذه القراءة، تقوّي سلطة قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، الرجل القوي في النظام حالياً. وهذا ما يضعف وفق أصحاب هذه النظرة فرضية ترشح بوتفليقة لولاية خامسة.
لكن ترى قراءات أخرى أن هذه التفسيرات تبقى مجرد تأويلات لا تستند إلى أي دليل، إذ إن إقالة الضباط السامين تبقى من صميم صلاحيات الرئيس الذي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وفي الوقت نفسه هو وزير الدفاع الوطني، ولا يوجد ما يحمله على استعمال صلاحياته لإضعاف محيطه. فضلاً عن ذلك لا توجد أي مؤشرات حالياً توحي أن ثمة خلافات بين قيادة الجيش والرئاسة بل على العكس يصر صالح في كل تدخلاته على الثناء على بوتفليقة والتذكير بأن الجيش يعمل تحت توصياته وإرشاداته كذلك لا يظهر ما يدل على أن قائد الأركان ليس موافقاً على ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، فهو يصر دائماً على أن الجيش ينأى بنفسه عن السياسة كلّما دعاه سياسيون إلى دور معين لمصلحة التغيير في البلاد.
وكان أبرز سجال في الأسابيع الأخيرة دعوة رئيس حركة «مجتمع السلم» (إسلامي التوجه)، عبد الرزاق مقري، الجيش إلى المساهمة في الانتقال الديموقراطي للبلاد وإنجاحه، وهو ما قابله قائد الأركان بردٍّ عنيف إذ اتهم السياسيين بمحاولة جرّ الجيش بسبب فشلهم في الاهتمام بطموحات الجزائريين وتطلعاتهم. وفُهم ذلك الرد بأن المؤسسة العسكرية لا تعترض على ترشح الرئيس لولاية جديدة على أساس أن مبادرة «مجتمع السلم» تحمل في باطنها رفضاً لاستمرار بوتفليقة في الحكم.
وبشأن إقالة هؤلاء الضباط، قال ناصر حمدادوش، وهو عضو المكتب السياسي لـ«مجتمع السلم»، إن حزبه يتمنى أن «تكون هذه التغييرات في إطار عصرنة وتحديث واحترافية الجيش، وأن تكون في إطار المسار المهني لقيادات المؤسسة، وأن تفرض سيادة القانون على الجميع بعيداً عن أي نوع من التوازنات أو الحسابات أو الولاءات». وقال حمدادوش لـ«الأخبار»، إنه «لا يشرف المؤسسة العسكرية أن تكون هناك قراءات لهذه التغييرات أنها مرتبطة باستحقاقات مقبلة أو أنها تصفية حسابات أو خاضعة لمنطق لا ينسجم مع احترافية الجيش، لأنّ الأصل في المؤسسة العسكرية أنها بعيدةٌ عن الصراعات والمناكفات السياسية كما صرح بذلك قائد الأركان أخيراً». لكن النائب البرلماني تأسف لكون «وزير الدفاع والوزارة لا يخضعان للرقابة البرلمانية»، مضيفاً: «لم نشهد حتى الآن حضور وزير الدفاع لجلسات البرلمان».
مع ذلك ترفض غالبية أحزاب المعارضة تصديق أن الجيش منسحب من السياسة إذ ردّ زعيم «جبهة العدالة والتنمية»، عبد الله جاب الله، على تصريحات قائد الأركان بالقول إن كلام الأخير «ينافي الواقع والتاريخ». أما «جبهة القوى الاشتراكية»، فذكرت على لسان قيادي فيها هو علي العسكري أن الجيش يمتلك السلطة ويتحكم بصلاحيات النظام وذلك خلال احتفالاتها بذكرى «مؤتمر الصومام» الذي انعقد في 20 آب 1956، وخلاله وُضع تنظيم للثورة الجزائرية وإعداد تصور لشكل الدولة الجزائرية وكيفية تسييرها. كذلك جددت الجبهة عزمها على «النضال من أجل تحقق مبدأ أولوية السياسي على العسكري»، الذي كُرِّس في ذلك المؤتمر.
المزيد في هذا القسم:
- احتجاجات الجزائر: زوابع «العملاق الهائم» المرصاد نت - مراد طرابلسي في ظلّ تواتر الحركات الاحتجاجية في مختلف القطاعات وأبرزها في قطاعي التعليم والطب يُمكن القول إنّ الثقافة الاحتجاجية بات الجميع يتبنا...
- السيد نصرالله : ترامب سينتظر طويلاً قبل أن يتلقى اتصالاً من إيران! المرصاد نت - متابعات أعلن الأمين العام لـ "حزب الله" اللبناني السيد حسن نصر الله أن مواجهة ما يسمى بـ "صفقة القرن" حول التسوية الشرق أوسطية التي أعدتها إدارة ...
- «النووي» وأستحقاق الضغوط الأميركية: أوروبا عاجزة المرصاد نت - متابعات أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات جديدة ضد إيران. ومن المتوقع أن تتواصل إلى مستوى يُحكِم فيه الأميركيون حصاراً «فعّالاً&raqu...
- «عبوّة الحمدالله» تنفجر بالمصالحة: «أبواب الغضب» تُفتح على «حماس» المرصاد نت - متابعات مرة جديدة تختلط أوراق المصالحة في غزة لكن بطريقة عملية لا بمجرد خلاف سياسي أو إعلامي إذ انفجرت عبوة في مؤخرة موكب رامي الحمدالله الذي قرر...
- قمة سنغافورة بين تشدّد بولتون ودبلوماسية بومبيو المرصاد نت - متابعات اقترنت القمة "النووية" بين رئيسي الولايات المتحدة وكوريا الشمالية بسلسلة من التساؤلات لا زالت مراكز القوى الأميركية في حيرة من تفسير ما ج...
- حادث تكساس: ترامب يطالب بإعطاء أولوية لتأمين المدارس الأمريكية قبل دعم أوكرانيا المرصاد-متابعلت قال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إنه يتعين على الولايات المتحدة إعطاء الأولوية لتمويل إجراءات تأمين المدارس قبل تقديم مساعدات لأوكرانيا....
- "داعش" والفتنة "الشيعية السنية".. صناعة أمريكية المرصاد نت - شفقنا منذ اليوم الاول لاندلاع نيران الفتن الطائفية في منطقة الشرق الاوسط، تحت عنوان "الصراع السني – الشيعي" وكان حطبها المسلمين حصراً حذ...
- 5 قتلى واصابة العشرات بعملية دهس بشاحنة في ستوكهولم المرصاد نت - متابعات اعلنت الشرطة السويدية اليوم الجمعة مقتل 5 أشخاص وأصابة العشرات بعد دهس شاحنة للمارة في شارع رئيسي للتسوق في ستوكلولم. وأوضحت الشرطة ال...
- حرب أميركا النفطية ... ملاحقة إيران إلى الهند المرصاد نت - متابعات تستمر الإدارة الأميركية في إعداد كل التحضيرات اللازمة لدعم برنامج عقوباتها ضد إيران. لكن حتى الآن لم يجد الأميركيون ما يكفي من التجاوب مع...
- الجيش العربي السوري يستعيد السيطرة على بلدة الهبيط الاستراتيجية بريف إدلب! المرصاد نت - متابعات أحكم الجيش العربي السوري سيطرته على بلدة الهبيط الاستراتيجية في ريف ادلب بعد مواجهات مع عناصر "جبهة النصرة" المنتشرين في المنطقة. وتعتبر...