المرصاد نت - متابعات
على الرغم من سعي الإمارات إلى تلميع صورتها أمام المجتمع الدولي وتخصيص جزء كبير من حملاتها الإعلامية للترويج على أنها بلد حريات متقدم تحترم حقوق العمال على أراضيها وتساهم خارج البلاد بعدد من المشاريع "الخيرية" إلا أن الواقع يقول شيئاً مختلفاً.
فانتهاكات حقوق الإنسان أصبحت سياسة رسمية في الإمارات وهذا ما تؤكده مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان التي أشارت مطلع العام الحالي إلى أن السلطات الإماراتية تمارس الخطف والتعذيب ونزع الاعترافات قسراً من المعتقلين على خلفيات سياسية معربة عن قلقها من الوضع الحقوقي في الإمارات وظلم العمال الأجانب والتمييز ضد المرأة.
كذلك تشير التقارير الصادرة عن المنظمات الحقوقية الدولية إلى أن السلطات الإماراتية أوقفت عدداً من الأشخاص خارج الإطار القانوني وأخفتهم بشكل قسري وتم نقلهم إلى سجون سرية بذريعة اتهامهم بالإرهاب وارتكاب جرائم ضد أمن الدولة كما تشير تقارير الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الإنسان إلى أن محاكم الإمارات بعيدة عن الاستقلالية حيث يخضع القضاة والمدّعون العامون للسلطة التنفيذية وجهاز أمن الدولة، كما يتم محاكمة النشطاء تحت ذريعة الأمن القومي، لادعاءات تتعلق بحرية التعبير.
بناء الحضارة على حساب الانتهاكات الإنسانية
وعلى المقلب الآخر فإن وضع العمال الأجانب الوافدين إلى دولة الإمارات ليس أفضل حالاً من الإماراتيين أنفسهم ويشكّل العمال الأجانب أكبر مثال حيّ عن الانتهاكات الإنسانية الممنهجة التي تمارسها السلطات سواء بشكل مباشر أم بشكل غير مباشر من خلال التغطية على أرباب العمل والمؤسسات التي توظف هؤلاء العمال.

وتتهم المنظمات الحقوقية الدولية السلطات الإماراتية بترحيل العمالة الأجنبية إذا اشتكوا من ظروف عملهم القاسية مؤكدة أن بعض العمال الأجانب (الذين يشكلون أكثر من 60 بالمئة من نسبة السكان) يتعرضون لظروف تصل إلى حد السخرة حيث تمت مصادرة جوازاتهم ويتقاضون أجوراً قليلة بحيث لا يستطيعون دفع رسوم التوظيف ولقيت محاولات بعض العمال الذين استاؤوا من ظروفهم سوء التعامل وعدم استلام أجورهم وتعسف الشرطة والإبعاد.
أضف إلى ذلك أن السلطات الإمارتية تتساهل مع أرباب العمل والمؤسسات الرسمية التي تجبر العمال الوافدين على العمل لساعات طويلة قد تمتد إلى نصف يوم كامل دون أن يكون بمقدور العمال الأجانب رفض الأوامر، كما أن بعضهم لا يعرف على وجه الدقة يوم العطلة الأسبوعية إذ إن الأمر متروك لصاحب العمل، ناهيك عن ظاهرة الزجّ بعدد كبير من العمال في غرفة واحدة حيث يسعى أصحاب الأعمال إلى حشر أكبر عدد ممكن من العمال في غرفة واحدة مزودة بمرفق صحي واحد من دون الأخذ في الاعتبار الآثار السلبية المحتملة على صحتهم، تحت مرأى ومسمع السلطات الإماراتية.
أهداف عسكرية خارجية بغطاء الأعمال الإنسانية
وفي الصومال تروّج الإمارات ووسائل إعلامها لأي تحرك في هذا البلد على أنه من باب إنساني وخيري يهدف لتحسين الوضع المعيشي للشعب الصومالي الذي تقطعت به سبل الحياة، وفي هذا الصدد أطلق الهلال الأحمر الإماراتي حملة بعنوان "لأجلك يا صومال" تهدف بحسب ادعائه إلى "صنع الأمل لمن تقطعت بهم السبل في الصومال"، كذلك روّجت صحف الإمارات خبر وصول "باخرة تحمل 1700 طن مواد إغاثية من مؤسسة "خليفة الإنسانية" إلى الصومال" ولكن الواقع على الأرض يختلف عن هذا الوجه "الإنساني" الموجود فقط على وسائل الإعلام والأزمة الأخيرة التي حدثت بين الإمارات والصومال فضحت الأهداف الحقيقية لأبو ظبي إذ كشفت وكالات الأنباء العالمية، عن طبيعة الصفقة بين حكومة دولة "الصومال" وأبو ظبي لإنشاء قاعدة عسكرية إماراتية في منطقة "أرض الصومال" (بربرة) بعد فشل المشروع ونشوب أزمة حادة بين "البلدين" مشيرة إلى أن حكومة صومالاند قبضت عدة ملايين من الدولارات من موانئ دبي العالمية، مقابل السماح لمحمد بن زايد باستثمار قاعدة باب المندب وهي نقطة الاختناق الأكثر أهمية في النقل البحري العالمي الذي يوفر للناقلات الوصول إلى البحر الأحمر وقناة السويس كما سعت أبو ظبي لإلحاق الميناء بمطارٍ عسكريٍ يوسّع من قدراتها على ساحل القرن الإفريقي.

وعلى إثر تدهور العلاقات بين البلدين بشكل كبير، كشفت الإمارات عن هدفها الحقيقي في هذا البلد الفقير وأمرت بوقف العمل في مستشفى الشيخ زايد بمقديشو الذي من المفترض أنه يعمل بهدف إنساني ولا يجب أن يتأثر بالخلافات السياسية، لكن السفارة الإماراتية في مقديشو أمرت طاقم العمل في المشفى بإغلاقه فوراً، أمر اعتبره الصوماليون استغلالاً لعمل حسبوه عملاً خيرياً محضاً للانتقام من الشعب الصومالي، مؤكدين أن دخول الإمارات في الصومال ليس نابعاً من استراتيجية مساعدة أهله إنما هو يأتي بدافع الغيرة والحسد من النفوذ التركي وتمدده في القرن الإفريقي.
الأمثلة عن التدخل الإماراتي الخارجي في شؤون بعض الدول عديدة ولا سبيل لحصارها من ليبيا إلى سوريا وصولاً إلى اليمن كلها محطات كانت شاهدة على تدخلات إماراتية علنية لبست لبوس العمل الإنساني لدعم الجماعات المسلحة وتدمير هذه البلدان.
المزيد في هذا القسم:
- بكين وموسكو : الاستراتيجية الأميركية إمبريالية ومن ذهنية الحرب الباردة المرصاد نت - متابعات وصفت «استراتيجية الأمن القومي» الأميركية الجديدة روسيا والصين بالـ«القوتين الغريمتين» لذا ندّدت كلّ من بكين وموسك...
- تصعيد متواصل بين طوكيو وسيول ..ترامب يهاجم الصين مجدداً ! المرصاد نت - متابعات في فصل جديد من مسلسل التصعيد المستمر بين اليابان وكوريا الجنوبية، الحليفتين للولايات المتحدة، أعلنت شركة الخطوط الجوية الكورية الجنوبية ع...
- الأردن يبحث عن هدنة موقتة والجيش يتقدّم في الجنوب المرصاد نت - متابعات تحاول عمّان بجملة من الاتصالات السياسية والميدانية الوصول إلى هدنة موقتة تتيح نقاشاً أوسع لملف «التسوية» في الجنوب السوري في ...
- أمريكا والسعودية اتفقتا على نقل 9 آلاف ارهابي داعشي من الموصل الى سوريا المرصاد نت - متابعات كشف مصدر عسكري دبلوماسي في موسكو أن واشنطن والرياض اتفقتا على تمكين مقاتلي "داعش" الارهابي من الخروج الآمن من الموصل قبل بدء التحلف الدول...
- تمهيد للحوار واسترضاء للخارج: البشير والإسلاميون... من يُقصي الآخر؟ المرصاد نت - فاطمة المبارك تصبّ قرارات الرئيس السوداني في اتجاه الطلاق بينه وبين الإسلاميين في خطوات تطغى عليها الدوافع الخارجية فيما يرى آخرون أن العلاقة الج...
- تصاعد غضب الاحتجاجات في تونس المرصاد نت - متابعات تبدو تونس للمُراقب من بعيد البلد الوحيد الذي نجا من تداعيات "الربيع العربي" يقال ذلك عادة بسبب الانتقال السياسي السَلِس الذي حدث بعيداً ع...
- مادورو يرفض المهلة الأوروبية لإجراء انتخابات وكوبا تعلن التأهب العسكري! المرصاد نت - متابعات رفض الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو مهلة كانت حددتها دول أوروبية من أجل الدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية في فنزويلا مؤكداً أنه لن يخضع لض...
- مكافأة إسرائيلية للسودان على.. "اعتداله" ! المرصاد نت - الاخبار كل من يعادي إيران والمقاومة أو يبتعد عنهما ويقترب من الفلك السعودي فإنه يدخل في حظيرة المرضي عنهم إسرائيلياً ويستحق تبعاً لذلك أن تتوس...
- الرئيس الفنزويلي مادورو في الصين لمواجهة «الابتزاز» الأميركي المرصاد نت - متابعات بدأ الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الذي تواجه بلاده أزمةً اقتصادية جراء ضغوط الولايات المتحدة عليها زيارةً اليوم إلى الصين استهلّها بزيا...
- عدد النازحين جراء الحروب في العالم وصل إلى 40 مليونا في 2015 المرصاد نت - متابعات أشار تقرير لمرصد أوضاع النزوح أن عدد اللاجئين في العالم بلغ 40 مليون شخص للعام 2015 نتيجة الحروب والنزاعات المسلحة مشيراً إلى أن أكثر ...