المرصاد نت - متابعات
تعيش العاصمة صنعاء حالة من الترقب ممزوجة بالخوف على خلفية التوتر المتصاعد بين شريكَي الحكم هناك «أنصار الله» و«المؤتمر الشعبي العام» اللذين دخلا منذ أيام سجالاً إعلامياً وسياسياً غير مسبوق.
وفيما لا يزال من غير الواضح على أيّ نحو ستسير الأمور يوم الخميس المقبل الذي سيشهد فعاليتين متوازيتين، يُخشى أن يؤدي الاحتقان المتضاد إلى حدوث احتكاك بين أنصار الطرفين، أو أن يدخل على الخط طرف ثالث ذو مصلحة في تعميق الخلاف
ما كان متَّقداً تحت الرماد طوال أشهر خرج إلى العلن توالياً، خاطّاً صورة قاتمة لتحالف القوى المناهضة للعدوان على اليمن. خلافات قطبَيْ صنعاء («أنصار الله» وحزب «المؤتمر») لم تعد مجرد إشاعات أو «هدرة قات»، أو شطحات لذوي الرؤوس الحامية، أو اصطياداً في الماء العكر من قبل «الطابور الخامس».
صحيح أن لهؤلاء جميعاً دوراً ومصلحة في تعميق الخلافات وإيصالها إلى نقطة اللاعودة لكن السجال الدائر بين وجوه الطرفين وقياداتهما يشي بأن ما يدور من الحقيقة والجدة بمستوى يستدعي عملاً مستعجلاً قبل أن «تقع الفأس بالرأس» وتصل الأمور إلى مرحلة يغدو فيها احتمال ضياع كل ما راكمه اليمنيون طوال أكثر من سنتين من الصمود الأسطوري خطراً داهماً.
خطر لا يبدو إلى الآن أن ثمة تنبّهاً إليه من قبل قيادة كل من الشريكين، على الرغم من بلوغ سيل التراشق السياسي والإعلامي بينهما الزبى. فبعدما تحدثت معلومات صحافية عن أن الوسطاء القبليين الذين أوفدهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح للقاء رئيس «المجلس السياسي الأعلى» صالح الصماد والذين يتقدمهم الشيخ ناجي الشايف البرلماني السابق عن حزب «المؤتمر»، تمكنوا من التوصل إلى تفاهم لخفض مستوى التصعيد نفى مصدر في مكتب رئيس «اللجنة الثورية العليا» محمد علي الحوثي حدوث أيّ تفاهم من هذا النوع. وإذ تحدثت تلك المعلومات عن اتصال تم بين صالح وزعيم «أنصار الله» السيد عبد الملك الحوثي تم خلاله الاتفاق على أن يتولى الصماد رئاسة اللجنة الأمنية لحماية المهرجان الذي يعتزم «المؤتمر» تنظيمه في ميدان السبعين يوم الخميس المقبل في الذكرى الـ35 لتأسيسه وعلى أن تتولى اللجنة نفسها تأمين الفعالية الموازية التي تنظمها «أنصار الله» تحت شعار «حشد المقاتلين إلى الجبهات» وضمان عدم حصول صدامات بين الطرفين أكد المصدر «(أننا) ماضون في تحشيد قوافل العطاء إلى ساحات الاعتصامات» آملاً أن «يتجه المؤتمر الشعبي العام إلى الاتجاه الصحيح المتمثل في مواجهة العدوان ودعم الجبهات».
هذا النفي لإبرام اتفاق كان مأمولاً أن تعقبه إجراءات «مشددة» وسريعة لتحصينه وضمان تنفيذه، يفتح الباب على سيناريوات «سوداء»، بالنظر إلى أن تبادل الاتهامات تجاوز الكثير من المحظورات التي تم تكريسها خلال الفترة الماضية ما رفع منسوب الاحتقان لدى أنصار الطرفين. كذلك فإن دخول طرف ثالث، أو ما جرى الوسط السياسي والإعلامي اليمني على تسميته «الطابور الخامس» على خط الفعاليات المرتقبة لـ«المؤتمر» و«أنصار الله»، والتي سيحتك المشاركون فيها عند الكثير من المفاصل (سيتوافد أنصار المؤتمر إلى ميدان السبعين من الصباحة وشارع المئة والرحبة وبيت نعم وهي المداخل نفسها التي ستحتشد فيها القوافل القتالية والغذائية لأنصار الله) يظهر احتمالاً قائماً وكبيراً وما «فَعلة» تمزيق الصور التي شهدتها صنعاء قبل يومين إلا «بروفا» لما يمكن أن يحدث في حال تمكن «الطابور الخامس» من النفاذ.
فيوم الأحد الماضي، عمد مجهولون إلى تمزيق صور للرئيس السابق، كان أنصار «المؤتمر» قد رفعوها في ميدان السبعين استعداداً لمهرجانهم. وعلى الفور سارع نشطاء في الحزب من بينهم سكرتير صالح نبيل الصوفي إلى اتهام «أنصار الله» بالمسؤولية عن ذلك. وقال الصوفي في منشور على «فايسبوك»: «إلى ما قبل يومين وكل صور المؤتمر وأنصار الله في الشوارع... وبعد خطابات عبد الملك الحوثي ومحمد علي الحوثي امتدت الأيادي لتقطيع صور الفعالية المؤتمرية». تصريح سرعان ما بادر رئيس اللجنة الثورية التابعة لـ«أنصار الله»، محمد علي الحوثي في الرد عليه مؤكداً أن «هذه الأفعال ليست من أخلاقنا ونحن من عانى من التمزيق في الأعوام السابقة خلال انتصار ثورة الـ21 من سبتمبر 2014». وحذر الحوثي من «وجود مندسين يقومون بهذه الأعمال اللاأخلاقية».
تحذيرات ترافقت مع الدعوة إلى «طاولة حوار تجمع أنصار الله وحزب المؤتمر الشعبي العام بحضور مستقلين بعيداً عن المناكفات التي لا تخدم سوى العدوان»، وذلك في أعقاب خطاب لصالح ألقاه الأحد لوّح فيه بفضّ التحالف مع «أنصار الله». وتوازياً مع تلك الدعوات التي ظهر أنها تسعى في كبح لجام التوتر جاء ردّ الناطق باسم «أنصار الله» محمد عبد السلام على خطاب الرئيس السابق صريحاً وشديد اللهجة في ما بدا توزيعاً للأدوار بين قيادات الحركة. وجدّد عبد السلام اتهامه «المؤتمر» بـ«التخاذل» عن رفد الجبهات بقوله: «كان لكم أنتم دهاقنة السياسة كما تسمون أنفسكم أن تفعّلوا ما لديكم من أدوات لدعم الجبهة العسكرية لكن لا ذا تأتى ولا ذا حصل». ونفى عبد السلام حديث «المؤتمر» عن سيطرة اللجنة الثورية على «كل صغيرة وكبيرة» وفق تعبير الأمين العام للحزب عارف الزوكا مؤكداً «الاتفاق على إنهاء دور اللجنة الإشرافي على المؤسسات الحكومية وهذا هو الذي حصل»، مستدركاً بأنه «كان الاتفاق أيضاً على استيعاب اللجان الثورية، وهذا ما جرت عرقلته».
ورداً على الاتهامات الموجهة إلى «أنصار الله» بـ«نهب مليارات الدولارات من خزينة الدولة» أشار عبد السلام إلى أن «الوزارات الإيرادية بأكملها من حصص حزب المؤتمر، والمطالبة بمعرفة أين تصرف مردودة عليه (على صالح)» مشدّداً على «ضرورة تقديم كشف عام ليطلع الشعب على حجم الموارد وأين ذهبت قليلة كانت أو كثيرة بل ومكاشفة حقيقية عن حجم تحديات الحرب ونفقاتها». وكان الزوكا، الذي ظهر في كل الجولات التشاورية المتصلة بالأزمة اليمنية جنباً إلى جنب عبد السلام مفاوِضاً باسم «المؤتمر»، اتهم «أنصار الله» بـ«نهب 4 مليارات دولار من خزينة الدولة، إلى جانب استمرار سيطرة اللجنة الثورية التابعة لهم على الميدان وعلى كل صغيرة وكبيرة، ومنعها الوزراء المحسوبين على الحزب من دخول الوزارات». كذلك اتهم الحركة بأنها «تعتقل المدنيين خارج القانون، وتسيطر على الإعلام الحكومي، وعدلت المناهج الدراسية (...)، وهذه قضية وطنية ومشكلة كبرى ستثير الفتنة».
وسبق ذلك التراشق بين قيادات الطرفين هجوم لزعيم «أنصار الله» على «المؤتمر» أعقبه رد من صالح الذي سارعت وسائل الإعلام الموالية للعدوان إلى تصدير تلويحه بالانسحاب من التحالف مع الحركة، والاحتفاء به. وأدى دخول الحوثي وصالح على خط السجال إلى رفع منسوب التوتر لأقصى مستوياته لدى أنصارهما، خصوصاً أن الرئيس السابق عمد إلى مهاجمة مَلازم مؤسس «أنصار الله»، حسين الحوثي، ما أسهم في نَكْءِ الجراح القديمة التي خلفتها الحروب الست على صعدة، والتي بدا أن محمد عبد السلام تعمد تذكير صالح بما لاقته قواته فيها بقوله: «وبشأن المَلازم، فمضحك أن تتحدث عنها وأنت من عرفت قبل غيرك ماذا صنعت من مواقف وأحيت من مبادئ صمدت في وجه الحروب الست، ولا تزال تصنع فعلها في الميدان».
ويأتي السجال الدائر اليوم ليضيف حلقة، ربما هي الأكثر خطورة، إلى مسلسل بدأ منذ أشهر، وتصاعد مع تشكيل حكومة الإنقاذ التي أضافت مادة خلاف جديدة إلى خلافات الطرفين، وبلغ ذروته مع طرح البرلمان، الذي ينتمي غالبية أعضائه إلى حزب «المؤتمر»، مبادرة لوقف الحرب، عدّها «أنصار الله» تساوقاً مع مبادرة المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، التي تستهدف مقايضة إيصال المساعدات لليمنيين بتخلي القوى الوطنية عن المواقع الاستراتيجية، ومنها ميناء الحديدة. ويعيّر «المؤتمر» حركة «أنصار الله» بأنها تفتقر إلى الخبرة السياسية والإدارية، ويشكو من «ممارسات» اللجنة الثورية والمشرفين و«تدخلهم» في الوزارات، ويتهم الحركة بعرقلة تعيينات لمصلحة الحزب من مثل تعيين قائد لقوات الحرس الجمهوري الموالية لصالح. في المقابل، تبطن «أنصار الله» شعوراً بثبات الحزب على إرادته «الاستئثار بالسلطة»، وتتخوف من مساومات تحت الطاولة يمكن أن يقدم عليها رئيس «المؤتمر» في حال شعوره بأن الأمور استتبت لمصلحته، دون مراعاة للمصلحة الوطنية العامة. كذلك إن مغالاة «المؤتمر» في ممارسات حزبية تبدو غير متسقة وزمن الحرب (التعبئة المتضخمة لإحياء ذكرى تأسيس الحزب، تدشين حملة واسعة لضم عشرات الآلاف من الشباب إلى عضوية المؤتمر) تستفز الحركة وتثير لديها هواجس متعددة.
وسط ذلك كله، وبالنظر إلى حساسية المرحلة التي يمرّ بها اليمن ومفصليتها، وبعد أكثر من عامين من صمود في الميدان أفشل خطط العدوان السعودي وأهدافه، يبدو أي تصدع في الجبهة المناوئة بداية للتدحرج نحو منزلق خطير، قد تجد فيه السعودية فرصتها «الذهبية» لاستعادة ماء وجهها، والخروج من المستنقع بمكسب إيقاع الشقاق بين اليمنيين. فهل يمنح «المؤتمر» و«أنصار الله» عدوهما المشترك هذه الفرصة؟
القبيلة... رافد إضافي للخلاف
في خضم التراشق الذي بدأ منذ أيام بين «أنصار الله» و«المؤتمر الشعبي العام»، برز لجوء كل من الطرفين إلى القبيلة كرافد لطروحاتهما. بدأ ذلك مع حزب الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي حشد، في 9 من آب الجاري، مشائخ قبيلة حاشد في مهرجان خطابي في مديرية خمر في محافظة عمران. وأثار البيان الذي صدر عن المهرجان، والذي أعلن تأييد القبيلة لمبادرة البرلمان، سخط قيادات في «أنصار الله»، عمدت إلى إصدار بيانات مضادة باسم أبناء «حاشد»، ترفض المبادرة وتصفها بـ«الخيانة». وأعقبت تلك الخطوات لقاءات قبلية منفصلة عقدها الطرفان في مختلف مديريات عمران، في محاولة لكسب ولاء القبائل الموجودة في محيط صنعاء. وأمس، عقدت «أنصار الله» في العاصمة اجتماعاً قبلياً تحت اسم «لقاء حكماء ووجهاء ومشائخ محافظة صنعاء». وأصدر اللقاء بياناً شدد فيه على ضرورة جعل مواجهة العدوان ورفد الجبهات «أولوية الأولويات»، داعياً جميع الأطراف إلى الحفاظ على وحدة الصف الداخلي، ومحذراً من «الدعوات والنعرات الحزبية والفئوية والتي تسعى لتفجير وتأزيم الوضع الداخلي». وكان لافتاً، خلال اللقاء، اتفاق المجتمعين على تشكيل لجنة سُمّيت باسم «لجنة لحماية وحدة الصف الداخلي».
دعاء سويدان - الأخبار
المزيد في هذا القسم:
- عقد جلسة في جنيف لمناقشة جرائم العدوان بحق اليمنيين المرصاد نت - متابعات عقدت في جنيف اليوم الجمعة جلسة موزاية لمجلس حقوق الإنسان لمناقشة الجرائم التي يرتكبها العدوان السعودي الأمريكي بحق الشعب اليمني.وشدد ا...
- مجازر غرباً وشمالاً... والمسار السياسي اليمني يراوح مكانه المرصاد نت - الأخبار شهدت المحافظات اليمنية تكثيفاً في العمليات الجوية لطيران تحالف العدوان السعودي في اليومين الماضيين حيث حصدت الغارات أرواح العشرات بين الح...
- الصراع الإقليمي وتقاطع المصالح مع مرتزقة الداخل المرصاد نت - إسماعيل المحاقري في صورة تعكس عمق الأزمة لتحالف العدوان وتقاطع المصالح مع مرتزقة الداخل لوحت صحيفة قطرية بتقديم بن دغر استقالته من منصبه كر...
- بينما الاحتجاجات تعمّ العراق ولبنان.. ماذا عن اليمن؟ المرصاد نت - متابعات لوحِظَ منذ وقتٍ قريبٍ أن التحرّكات الشعبية في العراق ولبنان تُثير ضجَّة كبيرة في الإعلام وفي بعض القنوات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية...
- تحالف العدوان مُموّهاً عجزه وفشله بالساحل بمزاعم كاذبة المرصاد نت - متابعات تواصل قوي تحالف العدوان محاولاتها فكّ الحصار عن قواتها ومرتزقتها الموجودة على جبهة الساحل الغربي من دون أن تتمكن إلى الآن من إحداث اختراق...
- قبائل عمران وعيال سريح والجبل تؤيد مسيرة الغد وتستنكر الانتشار المستحدث لميليشيات القشيبي ... عقدت مشايخ مدينة عمران وعيال سريح والجبل بمحافظة عمران اجتماعاً صباح اليوم في منطقة سحب أدانوا فيه الانتشار المسلح الذي استحدثه اللواء حميد القشيبي في ا...
- مقتل وكيل محافظة البيضاء أكد مصدر أمني بمحافظة البيضاء للمرصاد خبر مقتل وكيل محافظة البيضاء حسين قحطان ديان اثر اطلاق اعيرة نارية عليه صباح اليوم وهو أمام منزله حين كان يتحضر ليتجه ال...
- بعد أربع سنوات ونصف من العدوان والحرب... من المُستفيد في اليمن ؟ المرصاد نت - متابعات تدخل اليمن في عامها الخامس ومع أستمرار العدوان العسكري السعودي واندلاع الحروب في بعض محافظاتها وفي ظل أوضاع إنسانية كارثية وصلت البلاد عل...
- شرعية هادي بعد أزمة سقطرى: جعجعة لا تكبح جماح الإمارات المرصاد نت - لقمان عبدالله تستمرّ حالة التذمر والاستياء في أوساط حكومة هادي مُتّخِذةً هذه المرة شكل مواقف أكثر قوة وصراحة مما سبق أن بَدَر من وزراء في هذه الح...
- غارات هستيرية لطيران العدوان على مطار صنعاء وقاعدة الديلمي الجوية المرصاد نت - متابعات أفادت مصادر محلية قبل قليل بأن طائرات العدوان الأمريكي السعودي شنت سلسلة غارات عنيفة على مطار صنعاء الدولي وقاعدة الديلمي الجوية في مديري...