المرصاد نت - متابعات
لم تُبدِ الاجتماعات التي عقدناها في الرياض الأسبوع الماضي مع كبار المسؤولين اليمنيين والسعوديين سوى القليل من الأمل في قرب نهاية العدوان والحرب التي اجتاحت اليمن منذ أكثر من عامين
وتسببت في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. ونعترف أن الصورة التي تمكّنا من تكوينها ليست مكتملة. ومع ذلك كشفت محادثاتنا مع أولئك المسؤولين الكبار عن مواضيع قد تكون مفيدة لصانعي السياسات الأمريكيين الذين يبذلون قصارى جهدهم لإيجاد خيارات متاحة أمام الإدارة الأمريكية لكي تسعى لوضع حد للحرب المزعزعة للاستقرار في اليمن.
ولا يبدو اليوم أن هناك طريقاً صالحاً للسلام في اليمن. وبينما اتفّقَ جميع محاورينا على أن الحل السياسي هو وحده الذي سيضع حداً للعدوان العسكري والحرب إلّا يبدو أنهم مصممين على مواصلة القتال بحجة أن هناك حاجة إلى ضغط عسكري متواصل لإعادة الحوثيين إلى طاولة المفاوضات. وفي الوقت نفسه يبدو أن عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة قد توقفت تماماً.
ويقدّر كبار المسؤولين في العاصمة السعودية أن قوات هادي وشركائها في التحالف بقيادة السعودية تحقق تقدماً متواضعاً في عدة مناطق - في تعز على طول طريق مأرب شرق العاصمة صنعاء، وعلى ساحل البحر الأحمر ( الحدود الغربية لليمن). غير أن الحوثيين ما زالوا يسيطرون على الكثير من المرتفعات الاستراتيجية والمكتظة بالسكان في البلاد. ويركز السعوديون - برئاسة اللواء فهد بن تركي بن عبد العزيز قائد القوات البرية الملكية السعودية حالياً - على تطهير حدودهم وإقامة منطقة عازلة داخل اليمن. وأكد المسؤولون اليمنيون الذين التقينا بهم على أن قواتهم البرية انتقلت غرباً من مأرب وتبعد حالياً 30 ميلاً عن العاصمة، [مما يضعها] ضمن نطاق المدفعية. وبالمثل شددوا على التقدم المحرز في تطويق ميناء الحديدة الذي هو شريان الحياة في اليمن للعالم الخارجي على ساحل البحر الأحمر.
ومع ذلك تنطوي الخطوات المقبلة في كل حالة على مشاكل جمة. فمن المحتمل أن يتسبب الهجوم على الحديدة بتسريع انتشار المجاعة التي تكتسب الآن زخماً في البلاد. وبالمثل قد تسفر أي محاولة لتحرير العاصمة اليمنية التي يبلغ عدد سكانها ما يقرب من مليونيْ شخص عن إراقة دماء كارثية على الرغم من استمرار المسؤولين اليمنيين في تقديم حجج طويلة المدى بأن عدم الرضا الشعبي عن الحكم داخل صنعاء يتزايد باستمرار ويضعف قبضة الحوثيين على المدينة.
ومما يزيد الوضع تعقيداً هو أن كلا طرفَي الازمة يتداعيان داخلياً ولا سيما التحالف الحوثي - صالح. فقد كان هناك إجماع في الرياض على أن الرئيس صالح يمر بأضعف لحظاته حتى الآن في هذا الصراع حيث أكد البعض أن وحدات من الجيش كانت موالية له سابقاً قد انشقت عنه للانضمام إلى الحوثيين. لكن صالح يبدو عاجزاً عن التحرك ضد الحوثيين أو الخروج من التحالف. ولا يزال مدفوعاً [من حاجته] لضمان نفوذ عائلته المستمر في الحياة السياسية في اليمن.
وفي الوقت نفسه يعاني التحالف القائم بين حكومة هادي والنظام السعودي والإماراتي من ضغوط كبيرة أيضاً وقد تم تشكيل لجنة ثلاثية خلال شهر أيار/مايو في محاولة للتخفيف من حدة الخلاف فيما بين هذه الحكومات وتنسيق عملية صنع القرار. ويرأس نائب هادي الجنرال علي محسن هذه المجموعة التي تضم نائب رئيس المخابرات العامة السعودية أحمد عسيري ونائب الأمين العام لمجلس الأمن القومي الأعلى في الإمارات علي بن حمد الشامسي.
وليس من المستغرب أن يدّعي المسؤولون السعوديون واليمنيون مراراً وتكراراً أن عدم رغبة الحوثيين في الدخول في مفاوضات جدية تشكل العقبة الرئيسية أمام إنهاء العدوان و الحرب في اليمن. وقد اشتكى هؤلاء المسؤولون من أن الحماسة الدينية للحوثيين والولاء لإيران يجعلان التسوية السياسية أمراً مستحيلاً. وسواء كانت هذه التقييمات عادلة أم لا، فإن الحوثيين لم يحددوا مطالبهم السياسية بشكل واضح ولم يحترموا أي من التزاماتهم السياسية الرئيسية - التي تشمل ترتيبات تقاسم السلطة مع صالح.
وقبل بدء العدوان والحرب سعى الحوثيون إلى تمثيل أكبر في الحكومة والوصول إلى البحر الأحمر. ومع ذلك فخلال المفاوضات لم يختبر الحوثيون إلى حد كبير ادعاءات الحكومتين اليمنية والسعودية بأن بإمكانهما أن تلعبا دوراً هاماً في حكومة وطنية جديدة. وكانت الخطوة الهامة والوحيدة التي قام بها الحوثيون هي تأييد "خارطة طريق الأمم المتحدة" لليمن كأساس للتفاوض ومع ذلك رفض هادي "خارطة طريق الأمم المتحدة" وبالتالي أخفق هذا الجهد.
وانطلاقاً من المحادثات التي أجريناها في الرياض نعرض التوصيات التالية من أجل استئناف عملية السلام:
إعادة النشاط إلى عملية الوساطة برعاية الأمم المتحدة: تركز الأمم المتحدة على خطة تقضي بتكليف طرف ثالث بتشغيل ميناء الحديدة. ومع ذلك هناك حاجة إلى عملية سلام أوسع نطاقاً ويُعاد تنشيطها من قبل الأمم المتحدة وهي عملية تستفيد من المشاركة الفعالة لأكبر عدد ممكن من الدول التي لها القدرة على التأثير على أطراف النزاع.
وفي هذا الصدد يتعين على الولايات المتحدة أن تنظر إلى اليمن على أنه أكثر من مجرد مسرح يمكن أن تشن فيه حملاتها المناهضة لإيران والمكافحة للإرهاب. ينبغي على إدارة ترامب أن تضفي شعوراً بالحاجة الماسة إلى الجهود الدبلوماسية لإنهاء الأزمة. وتشير الخطوات الأخيرة التي اتخذها "مجلس النواب الأمريكي" للحد من الدعم العسكري الأمريكي للعدوان إلى قلق متزايد حول أثرها الإنساني وإلى تعزيز الحاجة إلى دبلوماسية أمريكية فعالة. ويمكن أن يشمل ذلك المزيد من التعمق للبحث عن صفقة تسرّع تفكك التحالف بين الحوثيين وصالح من خلال كفاءة سياسية دبلوماسية.
زيادة الضغط على الحوثيين: من الضروري ممارسة ضغوط سياسية وعسكرية إضافية على قوات الحوثيين وتلك الموالية لصالح. ومع ذلك يجب توجيه الجهود العسكرية ضد أهداف تقلص من المخاطر الإنسانية التي يتعرض لها السكان المدنيون (أي ليس الحديدة أو صنعاء). بالإضافة إلى ذلك ينبغي بذل جهود أكثر تواتراً ولكن أكثر استهدافاً لاعتراض طريق الأسلحة الإيرانية المتدفقة إلى الحوثيين لكي لا تؤدي العمليات البحرية للتحالف بقيادة السعودية إلى إعاقة تدفق المساعدات الإنسانية.
توضيح معايير اتفاقية السلام: يتنامى التوافق في الآراء حول قيام دولة يمنية كونفدرالية فضفاضة بينما تؤدي التطورات الجارية في الجنوب إلى تعزيز هذا الاحتمال. وقد ينتج عن ذلك فرصة لعرض شروط أكثر إلزاماً على الحوثيين في اتفاق سلام تشمل قدر أكبر من الحكم الذاتي في شمال اليمن مع منح الحوثيين حق السيطرة على ميناء ميدي الواقع على البحر الأحمر تحت إشراف الأمم المتحدة.
وفي الوقت الحاضر يجد الشعب اليمني نفسه رهينة من قبل زعماء تخلوا عن مسؤولياتهم. وهو مهدَّد بتفشي العنف والمجاعة والكوليرا في صفوفه. ويهدِّد عدم الاستقرار جيران اليمن - فضلاً عن مصالح الأمن القومي الأمريكي في العديد من النواحي. وقد آن الأوان لأن تضغط جميع الأطراف من أجل تحقيق السلام بالحزم نفسه الذي شنت به هذه الحرب.
معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني - ستيفن سيش و إريك بيلوفسكي
ستيفن سيش هو السفير الأمريكي السابق في اليمن (2007-2010) ونائب الرئيس التنفيذي الحالي لـ "معهد الدول العربية الخليجية" في واشنطن. إريك بيلوفسكي هو زميل مساعد في معهد واشنطن الذي عمل كمساعد خاص للرئيس الأمريكي وكبير المدراء لشؤون شمال أفريقيا واليمن في "مجلس الأمن القومي" في الفترة بين 2014 و 2017.
المزيد في هذا القسم:
- سياسي يمني ... يلخص أجواء مفاوضات الكويت ومصير هادي و خيارات الإخوان والتدخل الأمريكي المرصاد نت - رآي اليوم بعد رفع جسات المحادثات اليمنية في الكويت لمدة اسبوعين على أن تستأنف في منتصف يوليو/ تموز الجاري حسبما أعلن المبعوث الأممي اسماعيل ولد ا...
- مصرع العشرات من مرتزقة العدوان في صد زحف بالجوف ومأرب المرصاد نت - متابعات لقي العشرات من مرتزقة العدوان السعودي الأمريكي بمحافظة الجوف اليوم الأحد مصرعهم كما دمر طقم عسكري تابع لهم في صد زحف باتجاه مديرية ...
- مواجهات دامية وسط مدينة عدن بالتزامن مع وصول تعزيزات عسكرية سعودية! المرصاد نت - متابعات تشهد مدينة عدن جنوبي البلاد مواجهات دامية بين فصائل متناحرة من مرتزقة العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي وأوضح مصدر محلي أن مواجهات عنيفة...
- اليمن يكشف عن صاروخ جديد مصنع محليا ” الزلزال 3″ المرصاد نت - متابعات أزاخ قسم التصنيع العسكري للجيش اليمني واللجان الشعبية اليوم الأحد الستار عن صاروخ باليستي جديد محلي الصنع من منظومة صورايخ الزلزال يتم...
- بجهود اللجان الثورية .. ايرادات الضرائب تحقق اعلى ايرادات في تاريخها . على الرغم من الظروف الاستثنائية اقتصاديا الا انه وبفضل اللجان الثورية الرقابية تمكنت مصلحة الضرائب من تحصيل اعلى ايرادات ضريبية في تاريخها... سابقة جديدة تحسب ل...
- صحيفة عدن الغد تستأنف النشر بعد ايقافها من السلطات استأنفت صحيفة عدن الغد إصدار أعدادها اليوم بعد أن تم منعها من قبل السلطات اليمنية منذ الـ 23 من فبراير الفائت . وكان منع السلطات لطباعة الصحيفة أ...
- غريفيث : فرص التوصل إلى حل للأزمة في اليمن ضعيفة! المرصاد نت - متابعات أكد المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث اليوم الخميس فشل إتفاق كان مرتقب توقيعه اليوم بين حكومة هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي في الريا...
- اللجنة العسكرية برئاسة الامم المتحدة تنعقد بالحديدة لأول مرة ! المرصاد نت - متابعات عقدت لجنة عسكرية تضم طرفي الأزمة وترأسها الامم المتحدة، اجتماعها الاول في الحديدة لتبدأ رسميا مهمتها منع الهدنة من الانهيار والاشراف على ...
- بيـــــــــــــــــــــان هــــــــــــــــــــــــام بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ( صدق الله الع...
- السعودية تحول المهرة إلى محافظة منكوبة في كافة المستويات! المرصاد نت - متابعات حول النظام السعودي محافظة المهرة إلى محافظة منكوبة في كافة المستويات رغم أنها محافظة بعيدة تماما عن الصراع. ونشرت صحيفة الديلي تليغراف مق...