المرصاد نت - بي بي سي
عادت أوراق الأزمة اليمنية لتختلط من جديد على نحو معقد وغير مسبوق فعندما ظهر المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد السبت الماضي من العاصمة العمانية مسقط ليعلن اعتزامه المغادرة إلى الرياض لحث هادي على القبول بالعودة إلى مشاورات السلام وفقاً للخطة الأممية الأخيرة قرر هادي بشكل مفاجئ العودة إلى عدن جنوب البلاد.
وذكر مساعدو هادي أنه غادر لأسباب عدة من بينها الإشراف على سير العمليات العسكرية المتصاعدة في محافظة تعز بعد إرسال المزيد من التعزيزات العسكرية إليها من قبل تحالف العدوان ثم أضافت حركة أنصار الله وحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس السابق علي صالح عقدة جديدة إلى هذا المشهد بإعلانهما عن تشكيل "حكومة الإنقاذ الوطني" بالمناصفة بينهما.
تصعيد وضغط
وقلل البعض من أهمية ما يقوم به طرفا النزاع فحتى إذا كُسر حصار الجيش والجان الشعبية المفروض على تعز فإن ذلك لن يؤدي إلى هزيمة شاملة لهما تتوقف معها الحرب المشتعلة منذ عشرين شهراً كما أن تشكيلة الحكومة المعلنة في صنعاء من اثنين وأربعين وزيراً في ظل ظروف الحصار وانعدام الموارد والعزلة السياسية الدولية توحي بأن الهدف من هذه الحكومة سياسي فقط.
الأرجح هنا أن الهدف من هذا التصعيد على جانبي الصراع أن كلا الطرفين يريد فرض واقع جديد على الأرض لتعزيز مركزه التفاوضي قبل العودة إلى مشاوراتِ سلامٍ يبدو أن ضغطاً دولياً قوياً يدفع باتجاه استئنافها قريباً كما قال ولد الشيخ أحمد "مشاورات تتوج بالتوقيع على اتفاق سلام شامل" يتزامن مع انتهاء ولاية وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي يقود تلك الضغوط.
وما قد يؤكد على ذلك أن الكويت قالت من جانبها إن زيارة المبعوث الدولي لها في إطار جولته الحالية في المنطقة إنما "تهدف إلى التشاور وليس للتحضير لمفاوضات جديدة" حيث ترحب الكويت باستقبال ممثلي أطراف الصراع "للتوقيع على اتفاق" وليس لاستئناف المشاورات.
عقبات جديدة أمام السلام
لكن قسماً آخر من الساسة والمثقفين اليمنيين استطلعت بي بي سي آراء شريحة منهم حول الإجراءات التي قام بها طرفا الصراع، يكاد يُجمع على أن تلك الخطوات تتجاوز مجرد كونها "ضغوطاً تصعيدية تتعلق بالتفاوض" إلى خلق أوضاعٍ وعقبات جديدة أمام أي إمكانية للعودة إلى المسار السياسي والحلول السلمية للأزمة ..
ويقول محمد عبد السلام المتحدث الرسمي لانصار الله إن قرار تشكيل حكومتهم مع حزب المؤتمر الذي جاء بعد أيام من رفض هادي لتفاهمات عبد السلام مع الوزير كيري في مسقط "يأتي رداً على استمرار العدوان والحصار الإقتصادي والجوي ونقل البنك المركزي إلى عدن".
لكن المحصلة كما يقول الدكتور عبدالباقي شمسان أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء هي أن "تشكيل حكومة من قبل تحالف انصار الله - صالح أحدث واقعاً جديداً وجعل النموذج اليمني يقترب من الليبي بعد ما كان يماثل إلى حد كبير النموذج العراقي". بينما يرى الدبلوماسي اليمني السابق علي محسن حميد أن "الانقلابات لا تتأخر عشرين شهراً لتشكل حكومة وأن من افتقد المشروع الوطني من البداية لن يُقنع أحداً بصلاحية وجوده اليوم".
لكن حميد يؤكد أن "هادي هو من سمح للأوضاع أن تصل إلى هذا الحال لذا فإن نزع صلاحياته يصبح ضرورة وطنية وليس انتصاراً لخصومه إذ من غير المقبول تشطير اليمن بصورة جديدة واستنساخ الوضع الليبي أو نموذج غزة والضفة".
عواقب محتملة
أما بشأن التأثيرات المُتوقعة لتشكيل حكومة الانقاذ الوطني فيعتقد السياسي اليمني المقرب من الطرفين زيد الذاري أن هذه الحكومة "لن تحقق شيئاً استثنائياً على المستوى الوطني بل ستنقل عوامل التفجير والخلافات الى داخل (مؤسسة الحكم) في صنعاء إذا جاز التعبير".
واعتبر الذاري أن الوحدة -اليمنية - تلقت ضربةً موجعةً معربا عن خوفه من أن يتبلور "واقع كالذي كان في السبعينيات أي حكومة في الشمال يعمل فيها معارضون جنوبيون ضد الحكومة في الجنوب وحكومة في الجنوب يعمل فيها معارضون شماليون ضد الحكومة في الشمال".
ويرى الذاري أن انصار الله والمؤتمر قدَّما " خدمة سياسية كبيرة في توقيتها هادي وفريقه في لحظة حصار بدأ يتشكل دولياً على شخص هادي فكأنما جاؤوا لإنقاذه".
وتلتقي مع هذا الرأي رؤية أخرى ولكن من زاوية مختلفة حيث تجزم أستاذة العلوم السياسية د. وسام با سندوه أن حكومة انصار الله والمؤتمر "قطعاً لن تحظى بأي اعتراف دولي بل أنها مَنحت قبلة الحياة لحكومة هادي بعد أن ضاقت بالضغوط الدولية والاقليمية عليها مؤخراً كما انها خطوة محرجة للضامن الرسمي لطرف صنعاء وفق مبادرة كيري - إذا صح التعبير- لأنها تثبت أنهم في أي لحظة قد يأتون بأفعال أحادية الجانب خارج الاتفاق فما عساه يكون موقف الضامن الان هذا اختبار حقيقي؟! التوقيت غير موفق وفي وقت حرج والعام الذي جعله كيري سقفا يتجه لنهايته بالفعل".
ومع هذا الإجماع النسبي على عدم واقعية الخطوة التي اتخذها انصار الله والمؤتمر إلاّ أن كثيرين يشككون في قدرة هادي على الإفادة من هذه "الخطوة الخطأ" لصالحه بل أن ثمة من يعتقد أن تشكيل هذه الحكومة ربما جاء بإيعاز إقليمي دولي لممارسة مزيد من الضغط على هادي لإجباره على القبول بخطة السلام الأممية الجديدة التي تقلص من صلاحياته ودوره مستقبلاً لصالح الحل السياسي الشامل.
أنور العنسي
المزيد في هذا القسم:
- كواليس حوار جدة: هل تتخلى أبوظبي عن نفوذها بعدن للرياض؟ المرصاد نت - متابعات حالة من الترقب تسود في اليمن في أعقاب التسريبات الأولية بشأن مضامين مسودة اتفاق تسعى السعودية للتوصل إليه بين حكومة هادي وما يعرف بـ"المج...
- المهرة على خطا شبوة ... لا للإحتلال السعودي الإماراتي المرصاد نت - متابعات تبدو سياسة الإمارات في المحافظات الجنوبية في طريقها إلى التآكل والتفكك في ظل جرائمها وانتهاكاتها وتبدو صحوة الوعي الشعبي الجنوبي ال...
- كيف يعمل التحالف السعودي الإماراتي على تدمير الاقتصاد اليمني؟ المرصاد نت - متابعات كشف تقرير خطط التحالف السعودي الإماراتي في السيطرة على اقتصاد اليمن الذي تقود فيه الرياض حرباً منذ مارس 2015م. وأشار التقرير إلى أن النظا...
- اليمنيون يتحدون العدوان ويحييون شعائر عيد الأضحى المبارك ! المرصاد نت - متابعات أحيا شعبنا اليمني العظيم شعائر عيد الأضحى المبارك بالعاصمة صنعاء وادوا صلاة العيد وسط أجواء روحانية وعيدية تكسوها البهجة والطمأنينة في رس...
- دويتشه فيله: تصرفات الإمارات تهديد مباشر لخطط السعودية في اليمن ! المرصاد نت - متابعات كشف تقرير صادر عن إذاعة صوت ألمانيا “دويتشه فيله” أن خطط السعودية في اليمن مهدّدة بالفشل من قبل حليفها الأول في التحالف المتم...
- مجاميع إصلاحيه من عدة مناطق بتعز تتجه لمنطقة الصراري بصبر ووصول اسلحة من عدن الي تعز المرصاد نت - تعز أكد مصدر محلي أن مجاميع إصلاحيه من عدة مناطق بتعز تتجه لمنطقة الصراري بصبر وأكد المصدر وصول اسلحة من عدن الي تعز عن طريق التربة جزء منها يتجه...
- خيارات الرياض في كواليس الكويت .. هادي حاكماً فخريا في عدن والأحمر حاكماً عسكرياً في صنعا... المرصاد نت - بانوراما الشرق الأوسط تعطلت الجلسة الصباحية الثلاثاء 17 مايو 2016 لمحادثات السلام بين الأطراف اليمنية التي تسضيفها الكويت برعاية الأمم المتحدة...
- فورين بوليسي : القوات الخليجيه المشاركة في تحالف العدوان السعودي على اليمن تعود محملة في ... المرصاد نت - متابعات قالت مجلة فورين بوليسي إن الأنباء الواردة من اليمن تشير إلى عودة قوات دول مجلس التعاون الخليجي المشاركة في التحالف الذي تقوده السعودية عل...
- الجبهات تستعر: هل ينجح "مارتن" في إنعاش المفاوضات؟ المرصاد نت - متابعات بالتزامن مع تطور الأحداث في الميدان اليمني واستعار المواجهات العسكرية في جبهة الساحل الغربي تبدأ الأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن جولة...
- بيان هام صادر عن قناة الساحات التاريخ: 13/4/2014 بيان صادر عن إدارة قناة الساحات بالنظر الى المشكلات التي يثيرها السيد احمد الزرقه على خلفية إقالته من إدارة مكتب قناة الساحات في صنعاء واع...