اتفاق مسقط يعكس تخبطاً لدى قوي تحالف العدوان وأدواتها

المرصاد نت - متابعات

من تابع ويتابع الضغوط الأميركية/الغربية حيال إنهاء الأزمة اليمنية ومعها الابتعاد الاماراتي المستمرّ عن السياسة السعودية تجاه(العاصفة) والذي تجسّد بموافقة أبوظبي منفردة – قبل الرياضalgobair2016.11.19 – على خطة إسماعيل ولد الشيخ


وما افضت إليه المشاورات الإماراتية العمانية الأميركية أخيرا من إعلان إتفاق مبادىء لحل الأزمة صدربداية عن وزيرالخارجية الأميركي جون كيري الاثنين الفائت واعقبه بيان للخارجية العمانية وتصريح لوزيرها يوسف بن علوي أكدا على ذلك، واشارأيضا إلى نقاط رئيسة تضمنها.

من تابع كل هذه التطورات والجهود سيدرك

أولا: حقيقة التحوّلات العميقة في السياسة الدولية لدى دول المركز(الغرب) حيال عديد من الملفات ومنها الملف اليمني هذا من جانب ومن جانب آخرالتحولات الأعمق في المنطقة العربية.

ثانيا: تأكيد ما كُنا نطرحه مرارا منذُ بداية العدوان السعودي، وهو أن هذا الأخير هو الطرف واللاعب الرئيس في الحرب والعدوان وأنه لن يُشرك ما تُسمى بحكومة هادي في أي إتفاق يوافق عليه لإنهاء الحرب والعدوان وتشكيل حكومة جديدة تماما مثلما أنه لم يشركها في خطط العدوان وموعد انطلاقه وهذه النقطة الأخيرة سبق وأن أقرّها هادي بنفسه من خلال حوار تلفزيوني أجرته معه قناة اليمن الفضائية (نسخة المنفى) التي تبثُّ من المملكة.

ما تُسمى بالشرعية التي أتكأت عليها الرياض في العدوان وضغطت مع بريطانيا وغيرها من أجل استصدارقرار دولي رقم(2041) وُضِعت اليمن بموجبه تحت رحمة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وأعقب أيضا بقرار أقسى رقم(2216)، منح الرياض صكّ العدوان والحصار دون محاسبة، نتوقع أن تتحول هذه الأطراف من خانة الشرعية المشكوك فيها والمختلف حولها أصلا، إلى خانة التمرد المجمع حوله، بغض النظر عن وجود نوع من الحماية والدعم السعوديين للوحدات العسكرية والميليشيات التي تقاتل تحت هذه الراية.

رفض هادي من الرياض للاتفاق الأخير رغم الموافقة السعودية الضمنية عليه قد يكون من باب التكتيك وإستثمار عامل الوقت لتحقيق مكاسب على أرض الميدان كما هو حاصل حاليا في عدد من جبهات القتال التي رمت فيها المملكة بكامل ثقلها وعلى رأسها شرق محافظة تعز وحرض و ميدي في محافظة حجة الحدودية وكذا في جبهات خب والشعف والمصلوب والبقع في محافظتي الجوف وصعدة.

من يُراقب سيناريو الأحداث وتصريحات الخارجية الأميركية والعمانية وإعلاميين وسياسييين خليجيين ضف إليها جانب التحالف الوطني(صالح – الحوثي) وفي المقابل تصريحات الجانب الذي يمثل هادي وحلفائه المحليين يستشفّ أن في الأمر شيء، وأن هذا الأخيريعيش حالة إضطراب وبين خيارات يراه صعبة، أسهلها الانحناء أمام عاصفة التحولات، خاصة بعد الحديث الأخير لنائبه السابق ورئيس حكومته خالد بحاح الذي ادلى به لقناة الـ (بي بي سي) البريطانية ومعروف عن السيد بحاح طبعا بأنه على علاقة وطيدة جدا بالقيادة والحكومة الإماراتية /أبرز حلفاء السعودية في الحرب على اليمن كما أنه شخصية مقبولة إلى حد ما من معظم الأطراف محلية إقليمية دولية بما فيها الأبرز(صالح – الحوثي).

المهم الأمر الذي لايحتاج إلى تأكيد هو أن السعودية قد صارت غارقة في مأزق ورمال اليمن وتريد مخرجا، لكنها ما تزال تُكابر من جانب ومن جانب آخر متخوفة بالفعل من التمدد الإيراني، خاصة بعد التطورات التي حصلت وتحصل منذُ فترة في علاقاتها مع أميركا إبان إدارة أوباما، فما بالنا في ظل إدارة ترمب الذي وصف الممكلة خلال مهرجاناته الانتخابية بانها فقط بقرة حلوب، وقال فيها مالم يقله مالك في الخمر، وقد ينفذ ما قاله حيالها وستكون أحد أسلحته العقابية في هذا الشأن قانون جاستا.

الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت والسياسة دائما فنُّ الممكن متقلبة وليست ثابتة أبدا، فحليف اليوم عدو الغد والعكس.. وبالتالي ما يدرينا قد تأتي الإدارة الأميركية الجديدة وتطبق ما قاله سيد البيت الأبيض الذي قد يعامل المملكة السعودية وحلفاءها بصورة رسمية على أنهم مصدر خطر على الأمن العالمي، خاصة إذاما حدث بالفعل تناغم بين(ترمب – بوتين) ومشت واشنطن على خطى الاتفاق الذي ابرمته مؤخرا إدارة أوباما حول الأزمة اليمنية.

فلم تستيقظ حكومة الفار هادي من صدمة اعلان وزير الخارجية الأميركي جون كيري من الامارات عن “موافقة أطراف الحرب في اليمن على اتفاق يوقف اطلاق النار ويعد بتشكيل حكومة وحدة وطنية” في البلاد حتى نفت الخارجية الأميركية في تصريح تلفزيوني على لسان المتحدث باسمها كريستيشن جيمس ما جاء على لسان هذه الحكومة عن أن الأخيرة تلقت اعتذاراً بـ “الهذيان” الذي جاء على لسان كيري. من الطبيعي أن يثير كلام كيري حفيظة الحكومة غير الشرعية التي اتخذت منها واشنطن ومعها المملكة السعودية والامارات شمّاعة لاضفاء الشرعية على عدوان مستمر منذ أكثر من عام ونصف العام على البلاد.

بالعودة الى نيسان/أبريل من العام 2015 فقد أعلنت قيادة تحالف العدوان وقتها أن “انتهاء (عاصفة الحزم) وبدء حملة (إعادة الأمل) جاء بناءً على طلب هادي مستعرضة عدداً من الانجازات الوهمية التي حققتها العاصفة المزعومة. تظهر مجريات الأيام الأخيرة أن التنسيق الذي يظهره هذا التصريح وغيره من التصريحات، هو مجرد كذبة كبيرة  فمن لم يعلم ببدء العدوان على اليمن إلا عبر وسائل الاعلام فمن الطبيعي أن لا يعلم بأي اتفاق إلا من وسائل الإعلام بحسب تغريدة لعضو المجلس السياسي لحركة أنصار الله ضيف الله الشامي على موقع “تويتر” أول من أمس. فهل يعكس الاستغناء عن حكومة هادي وأنصارها في الداخل اليمني ادراكاً اميركياً ومن خلفه اقرارا سعوديا وخليجيا بأصل جدوى استمرار العدوان الذي برز الى العلن منذ أشهر عدة أنه بات يدور في حلقة مفرغة؟ خصوصاً أن هذه الأطراف اثبتت على امتداد أيام الحرب الستمئة أنها غير قادرة على تحقيق أي انجاز ميداني نوعي يمكن استثماره على طاولة المفاوضات بل على العكس فقد نجح أنصار الله والمؤتمر الشعبي بتكذيب أي انتصار وهمي من خلال اثبات قدرتهم حتى اللحظة وبالرغم من كثافة غارات التحالف على استهداف الداخل السعودي واحداث اصابات مباشرة في صفوف الجيش .

يمكن ادراج هذه العوامل كأحد الأسباب الرئيسية التي قد تدفع بواشنطن الى وقف حرب لن يؤدي استمرارها الى شيء سوى الى اثبات مزيد من القدرة لدى “ القوات اليمنية” على الصمود والقدرة على المبادرة في الميدان وبالتالي حصد المزيد من الأوراق في السياسة. يأتي ذلك في موازاة ما يتم الحديث عنه عن سعي الادارة الأميركية الحالية حصد انجاز وقف الحرب، قبل مغادرتها البيت الأبيض وهو أمر لم تكن لتسعى اليه لو سلك العدوان مساراً آخر محققاً ولو انجازاً واحداً يمكن الاستناد اليه. هنا يحضر السؤال الأبرز: هل ستنجح واشنطن في ايصال اتفاق وقف اطلاق النار والذي يستلزم عدم سقوطه كما حدث سابقاً التزاماً سعودياً بالدرجة الأولى الى خواتيمه السعيدة؟ أي أن تتوصل المفاوضات المتوقع انطلاقها نهاية الشهر الحالي الى نتائج مثمرة، في ظل التعقيدات الكامنة في التفاصيل، والتحدي الماثل أمام واشنطن في قدرتها على انزال المملكة عن شجرة تسلقتها بمباركة منها، وبالتالي محاولة اخراجها من هذه الحرب بأقل الخسائر الممكنة والتخفيف من وطأة الهزيمة وتداعياتها على الداخل السعودي المتخم بالصراعات والأزمات الاقتصادية. وهو ما ليس بالأمر السهل، في ظل القوة التي يتمتع بها الطرف المقابل، والتي ستجعل من التفاوض على المسلمات الوطنية أمراً مستحيلاً.

ربما يعكس اعلان السعودية على لسان مندوبها في الأمم المتحدة عبدالله المعلمي عدم الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار إلا إذا طلبت الحكومة اليمنية ذلك  نوعاً من المكابرة المتوقعة التي تحمل في خلفيتها تأكيداً للإدارة الأميركية بضرورة اخراجها من المستنقع اليمني بصورة مشرفة. ففي حال كانت هذه الادارة جدية في ايقاف الحرب فمن المؤكد أنها ستسعى الى تقديم تطمينات للمملكة وقتها سترضخ الأخيرة فهي لا تملك خياراً آخر وكذلك أدواتها الذين سيتوقفون عن الصراخ ويجلسون الى طاولة المفاوضات ولو كانوا خالي الوفاض من أي انجاز ميداني.

المزيد في هذا القسم: