المرصاد نت - عبدالباري عطوان
أعمال “التطهير” العرقي والطائفي التي بدأت في عدن من يقف خلفها؟
وهل من بركات “عاصفة الحزم” أم جهات غربية؟ وهل “المرتزق” الكولومبي يحمل بطاقة شخصية يمنية تؤهله للقتل والإقامة والحركة كما شاء؟
في اليمن حروب، وليس حرباً واحدة، وأعداد القتلى فاق السبعة آلاف، حسب إحصاءات الأمم المتحدة، وقصف “طائرات الحزم” ما زال مستمراً، وان بوتيره اقل، لكن ما هو اخطر من كل هذا، ما يحدث في مدينة عدن “العاصمة الثانية” من تطهير عرقي طائفي لم يسبق له مثيل في اليمن في كل عصوره.
المرصد اليمني لحقوق الانسان دان اليوم، وفي بيان رسمي، نقلته وكالات انباء عالمية عدة، عن اجراءات تقوم بها السلطات اليمنية، وقوات امنها، تشمل عمليات ترحيل قسري لمواطنين يمنيين، معظمهم من محافظات شمالية من مدينة عدن الى تعز ومدن اخرى في الشمال.
شبكة “يوتيوب” مليئة بمناظر تقشعر لها الابدان الانسانية، حيث تقوم السلطات الامنية في المدينة “المحررة” بجمع المئات من اليمنيين وتضعهم في الحافلات، او صناديق الشاحنات، تماما مثل الحيوانات التي تساق الى المسالخ، ولا ذنب لهؤلاء الا الانهم لسيوا من اهل المدينة، وينتمون الى مدن شمالية غالبا.
***
الذريعة التي استخدمتها السلطات التابعة للحكومة الشرعية، والمدعومة من “التحالف العربي” وعواصفه، ان هؤلاء لا يحملون هويات، او بطاقات تعريف شخصية، وهي حجة واهية، ومريبة، فأكثر من نصف سكان اليمن لا يحملون مثل هذه البطاقات، وتعودوا على التحرك في طول البلاد وعرضها بدونها.
فهل يملك “المرتزقة” من شركة “بلاك ووتر” الذين يقاتلون على ارض اليمن بطاقات شخصية يمنية، وهل حملوا تأشيرات دخول قانونية عندما انتهكوا السيادة اليمنية؟ والشيء نفسه يقال عن القوات الاخرى المنضوية تحت راية “التحالف العربي”، الذي يقاتل اليمنيين على ارض اليمن.
انها بداية مخطط للتقسيم العرقي والمناطقي الطائفي في اليمن، وبذر بذور حرب اهلية بين الشمال والجنوب، وبما يعزز المناطقية والعصبوية، ويعمق الشرخ الحالي في النسيج الاجتماعي اليمني، واطالة امد الحرب الحالية، الامر الذي يتعارض مع كل قيم التعايش والمباديء الانسانية، وتعاليم ديننا الاسلامي الحنيف.
مدينة صنعاء العاصمة، تعج بأبناء جميع محافظات اليمن، الشمالية والجنوبية، الشرقية والغربية، ويتعايش هؤلاء فيما بينهم بكل امان، دون اي تمييز، او اضطهاد، ومستعدون للقتال حتى الموت دفاعا عن مدينتهم، فلماذا لا تكون كل مدن اليمن، بما فيها عدن، على النمط نفسه، والتعايش نفسه، وهي من المفترض انها “محررة” من قبل قوات تحالف يقول انه عربي؟ ويتطلع لخير اليمن، وامنه واستقراره ورفاهية شعبه.
هل تريد “عاصفة الحزم” ان تعيد تكرار سيناريوهات التطهير العرقي والطائفي والقبلي التي تدعمها في سورية والعراق وليبيا ولبنان في اليمن؟
كل الدلائل تشير الى ذلك ابتداء من عدن، حيث تؤكد تقارير مختلفة ان من ابرز اولويات هذه “العاصفة” فصل الجنوب اليمني عن الشمال، وفقا للاعتبارات الطائفية، وهذا ما يفسر ارسال قوات امريكية خاصة لتكريس هذا المخطط، تحت غطاء محاربة تنظيم “القاعدة”، وتدمير امارته في حضرموت.
عارضنا الظلم الكبير الذي وقع على اهل الجنوب في السنوات الاخيرة للوحدة، مثلما عارضنا اعمال النهب لثرواته واراضيه، من كل عصابات الفساد التابعة للحكومة المركزية في صنعاء، مثلما عارضنا تهميش ابنائه، وسلب حقوقهم السياسية، ومن المنطلق نفسه، نعارض بقوة اعمال التطهير العرقي هذه قبل ان تستفحل وتتعمق، ويصعب علاجها مستقبلا، فحتى عندما كان اليمن مقسما الى دولتين، كانت ابوابهما مفتوحة امام الجميع، دون اي حواجز عنصرية او قبلية او طائفية.
***
لا نعرف ما اذا كان المتفاوضون في الكويت تحت راية الامم المتحدة، وضعوا قضية التطهير العرقي والطائفي هذه، التي بدأت في وضح النهار، على جدول اعمالهم، ولكن ما نعرفه ان هذا التطهير الغريب في تاريخ اليمن وارثه الحضاري، يأتي في اطار “الفتنة” الرائجة حاليا في المنطقة العربية، وتهدف الى تفتيت “الدولة القُطرية”، وتأليب ابناء الشعب الواحد ضد بعضهم البعض، والانخراط في حروب طائفية او مناطقية دموية لعقود قادمة.
نطلق صرخة التحذير هذه لاننا نحب اليمن، كل اليمن، شماله وجنوبه، شرقة وغربه، ونعتبرهم اهلنا واخوتنا في العقيدة، ولاننا ندرك ان هناك مؤامرة تستهدفه وابناءه، حتى يظل فقيرا معدما، بدون اي سيادة، او حكومة قوية، لان هذا الشعب الكريم الشهم الذي يحمل في عروقه جينات حضارية تمتد لآلاف السنين لن يسكت على ما لحق به وبلاده من قتل ودمار وتشريد، والله العلي القدير يمهل ولا يهمل.. والايام بيننا.
عبدالباري عطوان.
المزيد في هذا القسم:
- "سقطرى" اليمنية.. جوهرة الجزيرة العربية تعصف بها رياح الأطماع الإماراتية! المرصاد نت - المهرة بوست جددت الإمارات تحركاتها المشبوهة في جزيرة "سقطرى" خلال الشهرين الماضيين الرامية إلى إثارة الفوضى فيها وتحويلها من منطقة آمنة إلى ساحة ...
- الإمارات في اليمن… من غواية الحرب إلى ملكوت المصالح! المرصاد نت - متابعات لم يعد الحديث بوسائل الإعلام السعودي والإماراتي عن فتح حواراً مباشراً مع حركة الحوثيين ” أنصار الله” حديثاً سرياً يتم تداوله خِــلسة بكوا...
- استهداف ممنهج للمنازل بالجوف المرصاد نت - الجوف لليوم الثاني دمر عملاء العدوان ما تبقى من منازل المواطنين بإحدى مديريات محافظة الجوف الثلاثاء 17 مايو2016 في استهداف ممنهج فيما رد...
- عدن : إنفلات أمني واغتيالات وسجون سرية لقوي العدوان ... ماذا بعد؟ المرصاد نت - متابعات قال شهود عيان إن دوي أنفجار هز دار سعد فجر الجمعة وسمع دوي الانفجار في أنحاء متفرفة من المديرية حيث أن الانفجار وقع بدراجة نارية كانت تسي...
- نيويورك تايمز : الحرب السعودية الخفية على اليمن المرصاد نت - متابعات تدخل مركبة عسكرية عبر بوابات فيلا فخمة حوّلتها الحرب إلى مستشفى ميداني مزدحم على شواطئ البحر الأحمر في اليمن. ينقل مقاتلون عائدون من المي...
- أزمات تُفاقم الجوع... تراجع الزراعة وانخفاض الأجور يهددان اليمنيين! المرصاد نت - متابعات يعيش اليمن انهياراً متسارعاً للأمن الغذائي وصل لمرحلة الخطر الكارثي وفق أحدث تصنيف دق ناقوس الخطر في مشكلة مزمنة تعاني منها البلاد لكنها ...
- التوجهات المستقبلية لقطر تجاه اليمن .. الممكن والمُستبعد المرصاد نت - متابعات مركز البحرين للدراسات ينشر ضمن ملف “قطر مستقبلا”، الذي يتضمن قراءات لمستقبل السياسة القطرية في ضوء صراعها مع الثلاثي السعودي ...
- بديل السعودية من الحسم: تشظية اليمن وتأجيج صراعاته ! المرصاد نت - لقمان عبدالله كثرت التساؤلات في الآونة الأخيرة حول شكل الحكم المقبل في اليمن والأخطار التي تتهدّد وحدة الأراضي اليمنية في ظلّ العجز عن الحسم العس...
- تسوية مرتقبة للأزمة اليمنية.. شخصيتها الجديدة "خالد بحاح" المرصاد نت - متابعات أثارت طريقة استقبال ووصول رئيس الوزراء السابق خالد محفوظ بحاح إلى مطار الريان بالمكلا جنوب البلاد جدلاً واسعاً في الشارع اليمني حيث اس...
- عدن.. وصول قيادات عسكرية إماراتية استعداداً لمعركة شبوة المرصاد-متابعات كشفت مصادر محلية، عن وصول فريق عسكري إماراتي، إلى مدينة عدن، جنوبي اليمن. وذكرت المصادر أن قيادات عسكرية إماراتية، وصلت أمس الثلاثاء، ...