المرصاد نت - لقمان عبدالله
يتّجه اليمن إلى فرض معادلات استراتيجية غير تلك القائمة في الوضع الراهن من خلال الإنجازات الميدانية المتلاحقة في فرضة نهم ومحافظتي الجوف ومأرب شرقي صنعاء. باستطاعة صنعاء توظيف الإنجازات الجديدة كعنصر حيوي في المساهمة في تحسين الاقتصاد والخروج من شروط الحصار المحكم عليها من قبل العدوان فضلاً عن ضرب مشروع التقسيم (الأقاليم الستة). وتتعدى الإنجازات الحالية التغيير في الخارطة الجغرافية على أهميته إلى كون محافظتي مأرب والجوف من المحافظات الحدودية والنفطية.
باستعادة مدينة الحزم مركز محافظة الجوف التي تقع في الجزء الشمالي الشرقي من صنعاء وتبعد عنها بحدود 143 كلم وتبلغ مساحتها ما يقرب من 40 ألف كلم مربع ستكون كامل المحافظة المحاذية للحدود السعودية تحت سيطرة الجيش و«اللجان الشعبية». كما أن السيطرة على مفرق الجوف مأرب ومديرية المجزر كبرى مديريات مأرب يعطي لقوات صنعاء أفضلية عسكرية للتقدم باتجاه مدينة مأرب. ويرجّح من خلال التسريبات الواردة من الميدان أن القيادة العسكرية تنتظر الأوامر من القيادة السياسية لمتابعة التقدم باتجاه المدينة. ويبدو أن الأخيرة لا تزال تتريث في إصدار الأمر بالسيطرة على مأرب لحسابات متعددة وإن كانت العمليات الأخيرة جعلت المدينة محاصرة من ثلاثة اتجاهات.
المفارقة أن الجانبين السعودي واليمني لا يزالان يتكتّمان على الاعتراف بالمجريات العسكرية للسقوط السريع للجبهة الشرقية لصنعاء وكذلك للتبعات السياسية والاستراتيجية لمنازلة فرضة نهم والجوف ومأرب. ولكل طرف منهما أسبابه التي تختلف كلياً عن الآخر. الجانب اليمني يفضل أن يقدّم لشعبه وكذلك للخارج النتيجة النهائية التي ستشكل من دون شك صدمة كبيرة وتبعث برسالة للجميع بأنه رغم سنوات الحرب المكلفة والحصار المحكم والخانق لا تزال صنعاء في موقع المبادرة والمناورة العسكرية. وهي مع الوقت تزداد قوة ومتانة وتمرساً في الفنون والتكتيكات العسكرية كافة وفي امتلاك القدرة على التطور النوعي للتقانة الفنية وتكنولوجيا المعدات والوسائل القتالية وكذلك حسن استخدامها على أفضل وجه. على المستوى السياسي وفّر الإنجاز الكبير للقيادة السياسية في صنعاء موقعاً متقدماً في الدفاع عن وحدة اليمن ورفض الشروط المجحفة المسبقة (لا سيما التدخل في مصير البلد والذي كان دوماً بمثابة طلب رفع الراية البيضاء) التي كانت الرياض ومن خلفها واشنطن خصوصاً والغرب عموماً يسعون لفرضه على صنعاء.
أما سعودياً فإن مشاهد السقوط المهين التي ينتظرها الأعداء قبل الأصدقاء لجبهات فرضة نهم والجوف وبعض مديريات مأرب سيخترق دويّها الجدران السميكة لقصور أمراء الحرب في الرياض. ولا يمكن لولي العهد محمد بن سلمان تجاهل أصدائها بعد أن أضيف إلى رصيد صنعاء انتشار إضافي بمئات الكيلومترات على الحدود السعودية في وقت لم تجفّ فيه بعد حبر التصريحات لنائب وزير الدفاع شقيقه خالد، ووزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير بأن المملكة لن تقبل بـ«حزب الله آخر» على الحدود مع اليمن.
ليس التجاهل السعودي المتعمّد لجبهات شرقي صنعاء وحده سيّد الموقف. سبقه الإرباك والضياع في إدارة العمليات العسكرية، فضلاً عن فقدان تام للسيطرة والتحكم. ضياع انسحب إلى أوساط النخب اليمنية الملتحقة بالتحالف، ولفرط ضياعها بادرت إلى اتهام القوات السعودية بالتواطؤ والانحياز إلى جانب «أنصار الله». والحقيقة أن الرياض قلّلت من الاستخدام المفرط لسلاح الجو، خشية من أن يفسّر اليمن كثافة الغارات بأنه خروج عن الهدنة التي أعلنت من طرف صنعاء، ما يوفر فرصة للأخيرة للرد من خلال استهداف النصف الآخر من «أرامكو».
الإنجاز النوعيّ الذي يتم تثبيته حالياً على أرض الجوف ومأرب ضرب في الصميم القرار الدولي 2216 و«المبادرة الخليجية» و«مخرجات الحوار»، التي صمّمت بأجمعها لإبقاء اليمن تحت الهيمنة والوصاية الخليجية والأميركية. وكسر الإنجاز السيف المصلت على رقبة صنعاء منذ سنوات كثيرة، وأزاح عنها قيداً غليظاً استخدم لتكبيلها على المستوى الوجودي. والأهم أنها باتت على مسافة مرمى حجر من حل جذري للأزمة الاقتصادية الخانقة في البلاد (نفط وغاز مأرب).
ولأن العدوان السعودي الأميركي صيف عام 2018 فشل في أكبر غزواته لخنق «أنصار الله» بغية حرمانها من الإطلالة على البحر الأحمر فقد نسفت الإنجازات الحالية في الجوف ومأرب مشروع الأقاليم الذي هدف إلى تقسيم اليمن فدرالياً إلى ستة أقاليم هي: أزال، الجند، تهامة، سبأ، حضر موت، عدن. المشروع مرّر عام 2014 خلسة بعد أن دبّر بليل أثناء الحوار الوطني في صنعاء من دون موافقة وتوقيع «أنصار الله» و«الحراك الجنوبي».
تعمّد مُعدّو المشروع (الأميركيون والسعوديون) فرض المشروع عبر الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي من دون نقاش مع المكوّنات اليمنية. المشروع حصر «أنصار الله» في إقليم أزال المتكوّن من محافظات: صنعاء، عمران، صعدة، ذمار. وهو من أكثر الأقاليم كثافة سكانية (زيدي) ولكنه حرم بشكل متعمّد على عكس باقي الأقاليم، من الإطلالة على البحر الأحمر ومن الاستفادة من الموارد النفطية والغازية، سواء المستخرجة من مأرب أو تلك المكتشفة في الجوف.
المزيد في هذا القسم:
- برعاية وزارة الشباب والرياضة والدائرة الرياضية لأنصار الله الإستعداد لإستقبال شعبي كبير لل... تحت شعار " الشعب معكم ... نحو الأفضل " وبرعاية وزارة الشباب والرياضة والدائرة الرياضية لأنصار الله تستعد صنعاء لإستقبال المنتخب الوطني لكرة القدم عصر يوم غدٍ ال...
- عضو في مكتب أنصار الله السياسي يكشف عن تجاوزات ما بعد اتفاق السلم والشراكة قال عضو المكتب السياسي لأنصار الله حمزة الحوثي بأن ثورة الـ 21 سبتمبر جاءت جراء غياب الدولة . وقال “خرج ابناء الشعب اليمني جميعا من أجل الهاجس الكبير لابناء شب...
- اليمن : معطيات وحقائق.. أبواب جحيم الميدان ستُفتح بعد فشل الهدنة متابعات : تشير المعطيات الى أن 48 خرقا عسكريا رسميا للهدنة تعتبر مؤشر نعي رسمي على وشك اكتماله..وخلافاً للمساعي المُعلنة حول بثّ الروح في “اتفاق و...
- الجندي السعودي على الحدود: غياب العقيدة يحتّم الهروب ! المرصاد نت - الاخبار عمدت السعودية في الآونة الأخيرة إلى رفع مستوى تجنيد أبناء الجنوب اليمني للقتال في معارك الحدود مع الجيش وأنصار الله للتعويض عن أداء قواته...
- إنكسار مليشيات العدوان في عدة جبهات ومقتل جنود إماراتيين في الساحل الغربي المرصاد نت - متابعات قتل عدد من الجنود الإماراتيين والعشرات من عناصر الجنجويد السوداني والمسلحين الموالين لتحالف العدوان السعودي عندما تمكنت قوات الجيش اليمني...
- حزب الإصلاح يشكل مجموعات تخريبية في محافظة أبين لشن هجمات على الجيش والأمن وتخريب المنشآت ... كشفت مصادر خاصة قيام حزب الإصلاح بتشكيل مجموعات مسلحة للقيام بإعمال تخريبية واستهداف المنشآت العامة في محافظة أبين يتزعمها احد المقربين من الرئيس المستقيل عبد...
- أرواح ودماء اليمانيين لا تعني شيئا للقادة (العرب والمسلمين) حول العالم ! المرصاد نت - متابعات تعرض شعبنا اليمني العظيم لعدوان ظالم ووحشي مُنذ صبيحة الـ 26 مارس 2015م من قِبل تحالف دول العدوان (العربي — الإسلامي) قُدر العدد يوم ذاك ...
- الوضع في عدن يتصاعد بشكل خطير ضد تحالف العدوان وحكومة هادي المرصاد نت - متابعات أغلق محتجون اليوم في عدن بعض الشوارع الرئيسية في المدينة احتجاجاً على تدهور الوضع الاقتصادي وانعدام المشتقات النفطية واستمرار تدهور الريال...
- الجنوب نحو الفوضى والصراع على النفوذ المرصاد نت - أحمد الحسني انفراط عقد الشراكة بين الحراك الجنوبي والمجلس الانتقالي من جهة وبين حكومة هادي من جهة أخرى بعد القرارات التي اتخذها هادي وقضت بإبعاد ...
- الحرب النفسية .. أخر أسلحة تحالف العدوان العربي الغربي باليمن المرصاد نت - متابعات خلافاً لمزاعم الإمارات والسعودية ووسائل الاعلام العربية الغربية المنتمية لهما فانه لا زال مطار الحديدة وجزء كبير من الساحل الغربي يخضعان ...