أسبوع على استئناف محاولة تطبيق اتفاق الرياض: التقدم محدود!

المرصاد نت - متابعات

أكملت الجهود لإحياء اتفاق الرياض الموقع في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بين حكومة هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي" أسبوعها الأول منذ توقيع محضر البدء بتنفيذ الاتفاق بينAden Sanana2020.1.17 ممثلي الطرفين وسط تحقيق تقدم على صعيد نزع فتيل التصعيد، والتفاهم حول إعادة انتشار القوات في محافظة أبين، البوابة الشرقية لمدينة عدن، في ظلّ استمرار العقبات التي تتهم حكومة هادي حلفاء الإمارات في عدن أي "الانتقالي" بوضعها في طريق التنفيذ. هذه العقبات قد لا تكون مقتصرة على الشقّ "العملياتي" إذ وضع "الانتقالي"  أمس، عبر رئيسه عيدروس الزبيدي، الكرة في ملعب الطرف الآخر وحذر من انهيار الاتفاق الذي أكد "تمكسه" به.

وكشفت مصادر قريبة من حكومة هادي أن قوة من ألوية "الحماية الرئاسية" التي جرت إعادة تجميعها وترتيبها في مناطق سيطرتها بمحافظة شبوة، وتوجد حالياً في منطقة شقرة بمحافظة أبين، بدأت، منذ أيام، الاستعداد لدخول مدينة عدن، لتتولى تأمين القصر الرئاسي في منطقة معاشيق، والذي يعد بمثابة المقر المؤقت لحكومة هادي وعموم مسؤوليها في المدينة الجنوبية منذ سنوات. ووفقاً للمصادر فإن تأجيل تعيين محافظ جديد لمحافظة عدن ومديرٍ لأمن المدينة، ينتظر الانتهاء من الترتيبات العسكرية الخاصة بعودة هذه القوة إلى عدن، فضلاً عن الخطوات التي بدأتها اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة من عملية حصر للأسلحة الثقيلة والخفيفة الموجودة في المعسكرات الخاضعة للقوات الموالية في عدن، على أمل أن تشهد الأيام القليلة المقبلة تقدماً نوعياً في هذا السياق من شأنه أن يدعم استكمال التنفيذ من عدمه.

وكانت الأيام الماضية قد شهدت حراكاً سياسياً وعسكرياً سعودياً لإحياء اتفاق الرياض. فبعد رعايتها التوقيع على محضر بدء "المرحلة الثانية" من تنفيذ الاتفاق، في التاسع من شهر يناير/ كانون الثاني الحالي أرسلت الرياض لجنةً عسكرية إلى محافظة أبين لمقابلة القوات الحكومية والاتفاق على بدء انسحابات متبادلة لقوات حكومة هادي من مناطق شقرة نحو شبوة، وكذلك لقوات "المجلس الجنوبي الانتقالي" التي تسيطر على مدينة زنجبار، مركز المحافظة ومحيطها، على أن تتسلم المدينة قوات الداخلية وأجهزة الشرطة المختلفة.

وعلى الرغم من أن الاتفاق يسمح بعودة قوة من "الحماية الرئاسية" الموالية لهادي إلا أن تفاهمات اللجنة السعودية مع الجانب الحكومي لم تفض إلى عودة هذه القوات إلى مختلف معسكراتها السابقة في وقتٍ تثار فيه الشكوك بشأن التزام القوات الموالية لـ"الانتقالي" بالفعل بالانسحاب من عدن تنفيذاً لاتفاق الرياض الذي ينص على خروج كافة المعسكرات من المدينة، وتسليمها لأجهزة الشرطة، على أن تبقى قوة فقط من "الحماية الرئاسية" في المقرات الحكومية وأخرى لحماية "الانتقالي".

وفي السياق شهدت عدن منذ يومين تدشين عمل اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة المؤلفة من ممثلين عن الطرفين حكومة هادي و"الانتقالي"، وبإشرافٍ سعودي والمتعلق بعملية حصر الأسلحة الثقيلة والمتوسطة في المعسكرات الخاضعة لسيطرة "الانتقالي" وسط أنباء عن اختفاء جزء كبير منها الأمر الذي من شأنه أن يمثل عقبة جديدة في أي تقدم بتنفيذ الاتفاق المعلق منذ شهرين.

وكانت التشكيلات المدعومة من أبوظبي والموالية لـ"الانتقالي" قد سيطرت على عتادٍ كبيرة في ألوية ومعسكرات الحرس الرئاسي والقوات الحكومية خلال أحداث أغسطس/ آب الماضي (التي أدت إلى السيطرة على عدن) فضلاً عن وجود كميات كبيرة من الأسلحة في أيدي تشكيلات "المجلس" حصل عليها كدعمٍ من الإماراتيين أثناء المواجهات وينصّ اتفاق الرياض في هذا الصدد، على تجميع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من مختلف التشكيلات في معسكر واحد في عدن تحت إشراف التحالف.

وفي أحدث بيانٍ له، يوم الأربعاء الماضي تحدث رئيس فريق حكومة هادي في مشاورات تنفيذ الاتفاق، أحمد عبيد بن دغر، عن "تحقيق تقدم في خطوة مهمة" مشيراً إلى بدء الانسحابات العسكرية المتبادلة منذ الثلاثاء الماضي وهي سوف تستمر. كما لفت إلى قيام اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة بحصر بعض الأسلحة في عدن تمهيداً لجمعها. وقال بن دغر إن هادي "سيعين محافظاً لعدن ومديراً لأمنها وذلك بعد استكمال عملية تشاور واستناداً إلى صلاحياته الدستورية وفي مدة لا تتجاوز الأسبوع من اليوم (الأربعاء) لتبدأ من بعدها فوراً مشاورات تشكيل حكومة الكفاءات السياسية، وعلى قاعدة التشاور، كما ورد في الملحق السياسي من اتفاق الرياض".

الجدير بالذكر أن اتفاق الرياض وقع في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني 2019م وتضمن خطوات سياسية وأمنية وعسكرية، مزمع تنفيذها خلال ما بين أسبوع وشهرين إلا أن تعثر التنفيذ في الشق العسكري والأمني المفترض أن يفضي إلى وضع جديد لمدينة عدن أدى إلى تأجيل مختلف الخطوات بما فيها تشكيل حكومة جديدة من 24 وزيراً. ومن المتوقع أن تشكل الأسابيع المقبلة اختباراً محورياً لإمكانية المضي بتنفيذ الاتفاق من عدمه، في ظل العقبات على مستويات عدة، فضلاً عن حالة ضعف الثقة بين طرفي الاتفاق الرئيسيين.

إلى ذلك حذر رئيس "المجلس الانتقالي الجنوبي" عيدروس الزبيدي في مقابلة مع وكالة "فرانس برس"، أمس، من انهيار اتفاق الرياض، مؤكداً تمسك الانفصاليين به. وبحسب الزبيدي فإن "التأخير أو التعثر في تنفيذ خطوات اتفاق الرياض، يأتي من قبل جزء معطِّل في الحكومة وهم الإخوان المسلمون، أي حزب الإصلاح الموجودون تحت مظلة حكومة هادي". كما حذر الزبيدي من أن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في جنوب اليمن قد تشكل عاملاً إضافياً لإفشال اتفاق الرياض، وقال إن "العملة اليمنية تتعرض إلى انهيار كبير ومن المحتمل خلال أشهر معدودة أن ننتقل إلى (استخدام) العملة السعودية أو الدولار في الجنوب لأن العملة الوطنية ستصبح لا قيمة لها نهائياً". وانتقل الزبيدي في تعداد المخاطر إلى الجانب الإنساني محذراً من "النقص الحاد في المخزون الغذائي وتأخر الرواتب" وداعياً السعودية والمجتمع الدولي إلى تقديم مساعدات.

وكرر رئيس المجلس الانتقالي التمسك باتفاق الرياض و"بذل جهدٍ كبير تحت قيادة السعودية لإنجاحه" مشيراً إلى أن أهمية الاتفاق بالنسبة للمجلس تكمن في "حصولنا على اعتراف إقليمي ودولي، وسنمارس مهامنا بكل أريحية تحت مظلة اتفاق الرياض وبقيادة السعودية كراعٍ له". وفي خفض لسقف المطالب المرتفعة بما في ذلك الانفصال أصر الزبيدي على أن "المجلس لا يطمح خلال هذه المرحلة بالاستقلال بل بشراكة تضمن للجنوبيين حقهم في المشاركة في وفد المفاوضات الذي ترعاه الأمم المتحدة" في إشارةٍ إلى محادثات السلام اليمنية.

المزيد في هذا القسم: