المرصاد نت - يحيي محمد
مما لا شك فيه أن اتفاق الرياض الذي جرى توقيعه بين المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات وبين حكومة الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي المسماة بـ”الشرعية” كان بمثابة إعادة تحديد لمناطق النفوذ والسيطرة ليس بين موقعي الاتفاق بل بين المتفقين الرئيسيين أنفسهم وهما السعودية والإمارات.
العديد من القراءات لاتفاق الرياض ومقارنة ذلك بما هو حاصل على أرض الواقع تشير إلى أن الاتفاق ليس أكثر من مجرد تقاسم للسلطة والنفوذ بين السعودية والإمارات عبر وكلائهما المحليين، وهو ما يعني أن التحالف زرع باتفاق الرياض بذور مرحلة حرب عسكرية جديدة جنوب اليمن قد تدوم طويلاً.
ويرى مراقبون أيضاً أن مزاعم انسحاب الإمارات وإعادة انتشار قواتها في بعض المناطق الجنوبية كان فقط هدفه التمهيد لما حدث من صراع في أغسطس الماضي بين الشرعية والانتقالي وأفضى إلى طرد الشرعية من عدن ما يعني أن الإمارات لم تنسحب وإنما نفذت – بتوافق مع السعودية – خطة أوهمت بها سلطات صنعاء أنها انسحبت استجابة للتهديدات العسكرية بضربها بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية واستجابة لدعوات السلام كما ادعت من ناحية، ومهدت من خلالها الوضع لتشكيل خارطة نفوذ جديدة بين (السعودية والإمارات) عبر الانتقالي والشرعية جنوب اليمن من ناحية ثانية.
ولتنفيذ هذه الخطة المتفق عليها بين أبوظبي والرياض كان لا بد من إشعال فتيل صراع مسلح يمكن التحكم به سعودياً وإماراتياً وهو ما تمثل في “أحداث أغسطس” والنتائج التي تلتها وما أعقبها من مفاوضات انتهت بإخراج صيغة تقاسمية سميت “باتفاق الرياض”.
ويعتقد المراقبون إن التحالف السعودي الإماراتي وصل إلى حالة من الإنهاك بسبب الحرب على اليمن التي فشلت في الهيمنة على البلاد وهزيمة قوات صنعاء العسكرية وإن الضربات التي تعرضت لها السعودية خلال المرحلة الأخيرة دفعت بكل من أبوظبي والرياض إلى البحث عن حل يوقف النزيف العسكري والمالي لهما في اليمن وأن ما حدث في الجنوب هو في إطار خلق وضع جديد في اليمن يسمح ببقاء نفوذ الدولتين في اليمن بعد أن يذهبا إلى تفاهمات مباشرة مع سلطات صنعاء لوقف الحرب نهائياً لكن على أن يكون هذا الحل والوقف الشامل للقتال يسمح بـ”بقاء نفوذ الرياض وأبوظبي في الجنوب وفق ما جرى تقاسمه حسب اتفاق الرياض”.
ولكي يمر هذا المخطط يجب أن تضمن السعودية والإمارات موافقة صنعاء على هذا الوضع الذي تسعى الدولتان الخليجيات لرسمه لليمن مستقبلاً ولهذا حاولت الرياض أكثر من مرة إقناع صنعاء بهذا الوضع واستخدمت وساطات دولية رفيعة المستوى فمن باكستان إلى العراق إلى إيران إلى سفراء كبرى الدول الأوروبية إلى المبعوث الأممي نفسه الذي دفعت به الرياض للذهاب بنفسه إلى صنعاء في محاولة لإقناع قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي علّه يقبل بـ”وقف الحرب في اليمن تكون مخرجات اتفاق الرياض جزءاً من مستقبل اليمن القادم” لكن كل محاولات الرياض قوبلت بالرفض من صنعاء.
ويبدو أن السعوديين قرروا رفع مستوى التمثيل التفاوضي المباشر مع قيادة سلطة صنعاء، فبعد أن تم تشكيل لجنتين سياسية وعسكرية من جانبي الرياض وصنعاء يجتمعان بشكل مستمر منذ نحو أسبوعين عبر دائرة تلفزيونية، ها هي الرياض تسعى لرفع مستوى الشخصيات المفاوضة مباشرة مع ممثلي سلطة صنعاء في المفاوضات حيث أرسلت الرياض شقيق ولي العهد السعودي خالد بن سلمان وهو نائب وزير الدفاع إلى سلطنة عمان ورغم أن الأنباء الرسمية تتحدث عن أن الزيارة هدفها لقاء قيادة سلطة عُمان إلا أن مراقبين يؤكدون أن الهدف من الزيارة هو اللقاء بشكل سري بقيادة الوفد المفاوض عن سلطات صنعاء والذي يمثله محمد عبدالسلام المتحدث باسم جماعة أنصار الله والمتواجد في السلطة منذ أشهر.
لكن المؤكد هو أن ما لم يستطع خالد بن سلمان الحصول عليه من خلال الاتصال المباشر مع رئيس المجلس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء – أعلى سلطة في البلاد – مهدي المشاط لن يستطيع الحصول عليه من خلال لقائه وجهاً لوجه برئيس الوفد المفاوض عن صنعاء محمد عبدالسلام.
يضاف إلى ذلك أن خالد بن سلمان – فيما يبدو – أوكل إليه ملف إنهاء الحرب في اليمن وبما أن إنهاء الحرب يتطلب إبقاء شيء من الهيمنة السعودية على البلاد وفق اتفاق الرياض وبما أن السعودية تواجه معضلة تؤرقها جنوب اليمن هي وجودها العسكري المرفوض شعبوياً في محافظة المهرة اللصيقة حدودياً مع سلطنة عُمان فإن من المحتمل أن تشمل زيارة بن سلمان البحث عن وساطة عُمانية لدى أبناء المهرة للقبول ببقاء القوات السعودية في المحافظة وهنا يرى مراقبون إن مهمة بن سلمان ستكون صعبة ومعقدة للغاية كون ما تطرحه مرفوض جملة وتفصيلاً.
الخلاصة: أن اتفاق الرياض كان بمثابة وثيقة سعودية إماراتية تضع الخطوط الرئيسية لمناطق نفوذ الدولتين بشكل منفصل وغير متداخل وغير عشوائي وهو ما يعني أن هذا الاتفاق لا يهدف لتقاسم النفوذ في الفترة الحالية بل لبقاء هذا النفوذ ووفق هذا التقاسم سارياً لما بعد وقف الحرب نهائياً ولما بعد تشكيل دولة يمنية جديدة.
وتجدر الإشارة إلى أنه ومثلما أن اتفاق الرياض يعطي السعودية حق الوصاية على المحافظات الجنوبية لليمن من جهة وحق الوصاية على القرارات السيادية لحكومة “خليط الشرعية والانتقالي” القادمة من جهة ثانية وأيضاً يعطيها مشروعية حق التواجد العسكري في اليمن، فإنه أيضاً يعطي الإمارات الحق في المشاركة والتحكم بالقرار اليمني جنوباً وحق الوصاية على المناطق الجنوبية أيضاً وذلك لكون “الانتقالي الجنوبي وقواته” ستبقى أدوات بيد الإمارات وسيستمر هذا الوضع إلى ما بعد أن تتولى السعودية الإشراف على هذه القوات وفق ما ورد في بنود الاتفاق فأبوظبي تمسك بالعديد من الملفات على معظم قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي الذين من خلالهم ستتدخل في شأن اليمن جنوباً وفي شأن حكومة (الشرعية والانتقالي).
المزيد في هذا القسم:
- غزو اليمن انتهاك صارخ للقانون الدولي وارتكاب جرائم حرب واسعة المرصاد نت - متابعات قبل عام واحد من الإطاحة بعلي عبد الله صالح في 2012 أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي كان قلقا إزاء الأحداث التي كانت تحدث في اليم...
- في اليمن... «هَمّ فلسطين فوق همومهم» المرصاد نت - متابعات تحت تحليق مكثّف لطيران العدوان خرج عشرات الآلاف من اليمنيين أمس في صنعاء وصعدة نصرةً لفلسطين والقدس في حزيران الماضي خرج عشرات الآلاف ...
- الجيش واللجان يحرزون تقدما استراتيجيا في منطقة كرش ومقتل أبرز قادة المليشيات المسلحة المرصاد نت - متابعات أحرزت القوات اليمنية المشتركة تقدما هاما واستراتيجيا في ممنطقة كرش بمحافظة لحج وقطعت الطريق على المليشيات المسلحة الموالية لتحالف العدوان...
- حكومة هادي تعلن إفلاس البنك المركزي في عدن وصفقة بين هادي والاصلاح للاستحواذ على نفط مأ... المرصاد نت - متابعات أعلن البنك المركزي في عدن عن إفلاسه وعدم توفر أي سيولة نقدية بعد ثلاثة أشهر من قرار الفار هادي بنقل مقره من صنعاء. ونشرت صحفة البنك ال...
- بريطانيا شريكة في المجازر والجرائم التي ترتكب باليمن المرصاد نت - متابعات خرجت بريطانيا مرة أخرى لتثبت أن تجارة الأسلحة ومصالحها الاقتصادية والتجارية تفوق بأهميتها ليس فقط «حقوق الإنسان» والقانون الد...
- الحرب التي لم تترك من فتات البسمة شيئاً في اليمن! المرصاد نت - الميادين منذ سنتين إلا قليلاً اشتعلت الحرب في اليمن، كل اليمن وأخذ الوضع الإنساني والصحي للشعب اليمني بالتراجع حتى قيل أن "الحرب لم تترك من فتات ...
- تحالف العدوان على اليمن وإستراتيجية “التجويع” المرصاد-متابعات من الخطأ القول ان المجاعة التي تضرب الشعب اليمني اليوم وتهدد حياة الملايين منهم وبشكل جدي، هي عارض جانبي للعدوان الذي تشنه السعودية والامارات ب...
- بالارقام...حجم الخسائر البشريه والاليه التي تكبدها الغزاه والمرتزقه خلال عامين من العدوان ... المرصاد نت - خاص "تقرير احصائي شامل "ان الخسائر القاسيه التي تكبدها الغزاه والمرتزقه سواء البشريه او الاليه هي صادمه لاي محلل او خبير أومتخصص بالمجال العسكري ...
- الأحمر في مهمة تقليم أظافر إماراتية المرصاد نت - إبراهيم الوادعي بشكل مفاجئ وغير متوقع ظهر القيادي الاخواني حميد الأحمر في العاصمة السعودية الرياض وعلى وسائل التواصل الاجتماعي بثت له صورة في الر...
- بعد يوم من إقرارها : السعودية تكثف من استخدام القنابل العنقودية في اليمن المرصاد نت - جمال محمد الأشوال لم يكد يمر يوم واحد على إعتراف السعودية استخدام السعودية قنابل عنقودية في حربها على اليمن مقرة الى وقفها حتى شن العدوان السعودي ...