المرصاد نت - رشيد الحداد
أعادت السعودية في الأيام الماضية، تموضعها العسكري في مدينة عدن حيث تسلّمت مقرّ قيادة «التحالف» في المدينة والمطار وعدداً من المواقع والمؤسسات التي كانت توجد فيها قوات إماراتية منذ أربع سنوات، فيما أرسلت قوات سعودية تساندها أخرى سودانية إلى قاعدة العند العسكرية في محافظة لحج. على أن ما وراء تموضع المملكة في عدن وأبين والضالع ولحج أهدافاً أبعد تتصل بحرية نشر قواتها في وادي وصحراء حضرموت من جانب واستكمال السيطرة على محافظة المهرة عسكرياً لتنفيذ أحد أبرز أهدافها التوسعية شرقي اليمن من جانب آخر.
طيلة الـ60 عاماً الماضية حاولت الرياض أن تستغلّ الحروب الداخلية في اليمن لتحقيق أطماعها التوسعية في حضرموت التي تتسم بمساحة واسعة تساوي ثلث مساحة البلاد ويربطها بالرياض شريط حدودي طويل يمتد من الخراخير حتى شروره في نجران. وعلى مدى العقدين الماضيين تمكّنت السعودية من التوغّل في عمق الأراضي اليمنية في حضرموت مستغلة الحروب الداخلية والاضطرابات السياسية التي عانى منها اليمن للتمدد في الشريط الحدودي وابتلعت عشرات الكيلومترات على الحدود مع حضرموت. وخلال الفترة 2008 - 2015م استغلت أيضاً العديد من الظواهر التي تصاعدت في نطاق المحافظة كانتشار «القاعدة» وارتفاع ظاهرة تهريب المخدرات. وهي ظواهر يعتقد الكثير من اليمنيين بوقوف الأجهزة السعودية وراءها خصوصاً أن «القاعدة» نفّذت عمليات تخريبية لا يبدو أنها عشوائية. فخلال تلك الفترة وقعت حادثة قتل أحد شيوخ صحراء حضرموت على يد أحد العناصر الأمنيين، والتي استغلّتها السعودية لإيجاد ميليشيات موالية لها تحت مسمى «قوات تحالف حضرموت»، كما وصل بها الأمر إلى مضايقة الشركات النفطية في المحافظة.
ومنذ بدء العدوان على اليمن حرصت الرياض على إبقاء حضرموت الوادي والصحراء بعيدة عن الصراع، لإدراكها أن القوات الموجودة هناك موالية لها وأن لا صعوبات بالنسبة إليها في نشر أي قوات عسكرية لها هناك على عكس المهرة التي ترفض ذلك الوجود وتصفه بالاحتلال. ومع اتساع نطاق تحركات «المجلس الانتقالي الجنوبي» وتوعّده بالسيطرة على الوادي والصحراء، دفعت السعودية بقوات عسكرية ضخمة مطلع العام الجاري إلى مدينة سيئون عاصمة وادي حضرموت تحت ذريعة حماية جلسات مجلس النواب الموالي لـ«الشرعية» (حكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي). وعلى رغم انسحاب الكثير من تلك القوات، فإنها أبقت العشرات منها في المنطقة العسكرية الأولى في المدينة.
في الستينيات حاولت السعودية أن تضع يدها على محافظتَي حضرموت والمهرة بموجب اتفاق رعته بريطانيا في الثالث من أيار/ مايو من العام 1965م وتم توقيعه بين ممثل الحكومة السعودية وممثل السلطنة القعيطية في الجنوب بناءً على طلب المملكة السعي في إقامة الاتحاد الشرقي بين كلّ من السلطنات القعيطية والكثيرية والمهرية، مقابل قيام الحكومة البريطانية بمنح الاتحاد الشرقي الاستقلال الفوري. ونص الاتفاق وفق الوثائق التاريخية، على أن يراعي الاتحاد الشرقي المصالح البريطانية في الاتحاد المزمع، وأن يدمج الاتحاد الشرقي في اتحاد كونفدرالي مع الحكومة السعودية.
اليوم، تحاول المملكة العودة إلى تحقيق تلك المطامع التوسّعية القديمة بموجب اتفاق جدة الذي رعته الرياض أخيراً بين حكومة هادي و«المجلس الانتقالي» الموالي للإمارات والذي يمنح الرياض حق التدخل الكامل في شأن تلك المحافظات أمنياً وعسكرياً. الأسبوع الماضي انسحبت قوات إماراتية من مديريات ثمود الواقعة في نطاق محافظة حضرموت ومديرية رماة الواقعة في نطاق محافظة المهرة وأخلت أبو ظبي وجودها العسكري من عدة مواقع ومعسكرات كانت توجد فيها منذ أكثر من عامين ونصف عام وسلّمت مواقعها لقيادة المنطقة العسكرية الأولى الموالية لهادي وغادرت صوب المكلا عاصمة المحافظة.
ووفقاً لمصادر عسكرية في ثمود فإن الرياض دفعت خلال الأيام الماضية بقوات رمزية إلى معسكر القيعان في منطقة ثمود الصحراوية التي تقع شمال حضرموت وتعدّ جغرافياً امتداداً للربع الخالي. ومن المتوقع أن تعزز الرياض وجودها العسكري في ثمود خلال الفترة المقبلة لا لسدّ فراغ انسحاب القوات الإماراتية بل لأن الرياض حاولت مطلع ستينيات القرن الماضي إلحاق ثمود النفطية بأراضيها بعد أن أثبتت شركة «بان أميركان» عام 1961 وجود كميات كبيرة من النفط في صحراء ثمود وهو الأمر الذي أثار رغبة السعودية في ضم المديرية إليها ودفعها إلى اختلاق خلافات مع اليمن حينذاك.
وعلى إثرها توقفت الشركة إلا أن الرياض لم تتوقف عن محاولات ضم المديرية وإلحاقها بها بهدف الاستحواذ على الثروة النفطية. ووفقاً للمصادر التاريخية فقد أوعزت الرياض إلى أحد تجار حضرموت الحاملين الجنسية السعودية، ويدعى أحمد سعيد بقشان، بالقيام بعملية شراء أراض واسعة في ثمود. وبعد ذلك، حاولت الرياض فصل منطقة ثمود عن حضرموت وضمها إليها، إلا أن تلك المحاولات أفشلتها «الجبهة القومية» عام 1967م ولكن على مدى العقود الماضية وقفت السعودية عبر أياديها المختلفة أمام عدم استخراج الثروة النفطية في ثمود كما سبق لها أن أوقفت أعمال التنقيب عن النفط في الشريط الحدودي بين شروره وحضرموت طيلة العقود الماضية وها هي اليوم تعود إلى حضرموت تحت ذريعة إعادة «الشرعية».
لذلك يرى مراقبون أن السعودية قد تمكّن حكومة هادي و«الانتقالي» من ممارسة دور شكلي في إدارة محافظات عدن وأبين وشبوة والضالع ولحج ولكنها ستنفرد بالملفات في حضرموت والمهرة. ويتوقع مراقبون أن تستكمل الرياض استقطاب القيادات الاجتماعية في صحراء حضرموت. فالرياض سبق لها مطلع العام 2015 أن جسّت نبض الشارع الحضرمي من خلال توجيه عشرات المشائخ الموالين لها، والذين منحتهم جنسيات سعودية، نحو توقيع وثيقة تطالب الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بضمّ أراضي حضرموت لتصبح ملكاً من أملاك السعودية. تلك الوثيقة التي تعمّدت الرياض تسريبها لمعرفة ردود الفعل الحضرمية، تبنّاها الشيخ صالح بن سعيد بن عبد الله بن شيبان التميمي الذي يدّعي تمثيل مشايخ وأعيان قبائل حضرموت ويُعدّ من المشائخ الأكثر ولاءً للرياض. وأثارت الوثيقة التي حملت تواقيع قرابة 60 شيخاً ينحدرون من حضرموت ويعيش معظمهم منذ سنوات طويلة في السعودية ردود فعل متباينة وغاضبة بين أبناء حضرموت، وكشفت حينها عن وجود مشاريع أخرى كامنة، كتأسيس «دولة حضرموت» وضمهّا إلى دول الخليج.
السعودية تتسلّم عدن من الإمارات
أعلن التحالف السعودي ـــــ الإماراتي في اليمن انتقال قيادة الميليشيات التابعة له من القوات الإماراتية إلى السعودية. وجاء في بيان للتحالف: «تمت إعادة تموضع قوات التحالف في عدن لتكون بقيادة المملكة وإعادة انتشارها وفق متطلبات العمليات الحالية» وهو ما يعني الإعلان رسمياً عن انسحاب الإمارات من عدن على الأقل كلاعب أساسي. ويأتي هذا بعد الاتفاق بين حكومة هادي و«المجلس الانتقالي الجنوبي» على حل الأزمة بين الطرفين وتقاسم النفوذ برعاية المملكة.
بالتوازي مع ذلك رحّب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش بانسحاب بلاده معتبراً أنه «تطور إيجابي لمصلحة الاستقرار وتوحيد الأولويات وحشد الجهود». وأضاف قرقاش: «فخورون بانتصارات قواتنا ضمن جهود التحالف وتواصل الإمارات العمل مع المملكة لمستقبل أفضل لليمن وشعبه».
المزيد في هذا القسم:
- ماتيس: دعم «التحالف» في اليمن ليس «غير مشروط» المرصاد نت - متابعات أعلن وزير الدفاع الأميركي جايمس ماتيس أن الدعم الأميركي للتحالف السعودي على اليمن «ليس غير مشروط» وذلك في أعقاب صدور قرار جدي...
- أكثر من 30 غارة لطيران العدوان في ثالث أيام عيد الفطر المبارك المرصاد نت - متابعات أكثر من 30 غارة لطيران العدوان السعودي الأمريكي في ثالث أيام عيد الفطر دون عمليات الزحف الفاشلة في أكثر من جبهة في تصعيد سعودي يتجاوز ...
- الناطق الرسمي لأنصارالله الاستاذ محمد عبدالسلام: شن الطيران السعودي الصهيوامريكي مساء امس ثلاث غارات على منطقة شعارة مديرية رازح ودمرت منزلين ومسجد وبحمد الله لم يسقط أي ضحايا حيث لم يتواجد سكان في المنزلين . ...
- باعوم: صفقات النفط والغاز يذهب مردودها لـ«المندوب السامي الإمارتي» المرصاد نت - متابعات كشف رئيس المكتب السياسي لـ«لحراك الثوري الجنوبي» الأستاذ فادي باعوم عن «صفقات مشبوهة» لبيع النفط والغاز في كل من ...
- مكتب السيد عبدالملك الحوثي يُصدر بيان حول اللقاء الذي جمعه بوفد من تجمع الإصلاح (النص) أصدر المكتب الإعلامي للسيد عبدالملك الحوثي ، زعيم حركة أنصار الله بيانا حول لقائه يوم أمس بوفد من التجمع اليمني للاصلاح حصل موقع يمني برس على نسخة منة نصة الآتي...
- اهتمام أمريكي عسكري في حضرموت المرصاد-متابعات التقى محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي بوفد فريق الشؤون المدنية بالولايات المتحدة الأمريكية برئاسة رئيس الفريق الرائد كيفن. وحسب الصفحة الرسمية للسل...
- عشرة شهداء وجرحى وتدمير المنازل والسيارات بغارات طيران العدوان المرصاد نت - متابعات استشهد وأصيب عشرة مواطنين بينهم نساء وأطفال ودمرت المنازل والسيارات جراء 28 غارة شنها طيران العدوان الأمريكي السعودي على محافظات صعدة وال...
- تبديل محاور الهجوم في الحديدة: تكتيك لا يمنح الإمارات انتصاراً المرصاد نت - متابعات لليوم الثاني على التوالي بعد إعلان تحالف العدوان إطلاق «عملية عسكرية واسعة» في الحديدة صدّ الجيش واللجان هجوماً متجدداً على م...
- الزبيدي: سقطرى إماراتيه وبن زايد طلب منا الجزيره مقابل الإنفصال المرصاد نت - متابعات كشف رئيس المجلس الإنتقالي عيدروس الزبيدي موخراً انه مجرد اداة إماراتيه رخيصة لاهدف له ولامشروع سوى تهيئه الجنوب للإستعمار ومباركة المستعم...
- العدوان ومرتزقته يواصلون خرق وقف إطلاق النار لليوم الـ89 على التوالي المرصاد نت - محافظات يواصل طيران العدوان السعودي الأمريكي شن غاراته وتحليقه في عدة محافظات لليوم الـ89 على التوالي، فيما يواصل مرتزقته على الأرض قصف المساك...