المرصاد نت - لقمان عبدالله
تتسارع الأحداث الميدانية في جنوب اليمن بين طرفَي النزاع: «الشرعية» اليمنية مدعومة من السعودية و«المجلس الانتقالي الجنوبي» مدعوماً من الإمارات وهو صراع تتغير فيه خرائط السيطرة والنفوذ بين يوم وآخر وليلة وأخرى. فالأحداث الميدانية تأخذ طابع الكر والفر وإن كانت الأرجحية لمصلحة «الانتقالي» في الساعات الماضية. تستخدم قوات الطرفين آليات رباعية الدفع تنقل المقاتلين من مكان إلى آخر، ولم يلحظ أن طرفي النزاع اعتمدا خطوطاً دفاعية عسكرية أو سواتر ترابية واستحكامات ثابتة، كما لم يلجآ إلى حرب المدن والعصابات ولا وجود لخطوط التماس بين جبهتين. وكلا الطرفين يفعّل علاقاته القبلية والمناطقية والحزبية لإغراء كبار ضباط الطرف الآخر أو الضغط عليهم بغية تحييدهم عن المعركة وفي كثير من الأحيان تنجح المساعي في الوصول إلى غايتها.
يستخدم طرفا النزاع مواد دعائية وتحريضية ذات أبعاد محلية بينما يستفيد «الانتقالي» من الشحن العاطفي والنزوع إلى الانفصال والاستقلال والدفاع عن الأرض مقابل قوى الشمال الغازية ومركز دعايته في هذه النقطة مأرب التي تعد محافظة خالصة لـ«الإخوان المسلمين» وذلك لتحفيز المقاتلين والمواطنين الجنوبيين وصبغ المشروعية على قتاله.أما «الشرعية» فتستخدم دعاية الحفاظ على وحدة الأراضي اليمنية من دعاة التقسيم الإقليميين (الإمارات) والمحليين. لكن طرفي النزاع متفقان على أن كلاً منهما يعمل لتنفيذ الأجندة الخاصة لدولة واحدة من دول «تحالف العدوان» (السعودية أو الإمارات) على حساب بلده وأرضه.
واللافت أنهما يعترفان بأنهما يعملان وفق مصلحة إحدى دول «التحالف» والذريعة أنهما يدافعان عن البعد القومي والإقليمي لليمن مع العلم بأن العديد من الناشطين السياسيين والنخب التي كانت تدين بالولاء لـ«التحالف» باتت تعلن مواقف علنية تتهم الرياض وأبو ظبي بأنهما يعملان لأجندتهما الخاصة دون الأخذ بالاعتبار مصالح الوكلاء المحليين.
رغم حملات التحريض والشحن للمقاتلين، فإن قوات الطرفين لم تتعاملا بعضهما مع بعض بالعنف والشراسة. وقد بث ناشطون أشرطة فيديو من الطرفين وهي تسيطر على مواقع الخصم ثم تطلق سراح عناصره دون أذى فضلاً عن أن الحافزية القتالية والروح المعنوية مفقودة ويغلب الجانب الوظيفي أو المعيشي على ما عداه من الجوانب. وتدرك الأطراف المحلية أنها تخوض الحرب دون أهداف وطنية وهي حرب الآخرين للسيطرة على أرضهم وتستخدم القوى المحلية فيها بيادق لطرفي التحالف السعودي ــــ الإماراتي.
الجانب الإماراتي الذي يستشعر قرب انتهاء الحرب يبدو أكثر استعجالاً في حسم المعركة لوكلائه فأدخل طيرانه الحربي وأغار على مواقع «الشرعية» أمس في مفرق العلم شرق مدينة عدن، ومدينة زنجبار مركز محافظة أبين ما أدى إلى مقتل العشرات ومئات الجرحى من القوات الحكومية وهي المرة الأولى التي يسقط فيها هذا العدد من القتلى في يوم واحد كما أنها المرة الأولى التي تتدخل فيها الإمارات مباشرة في الاحتراب المحلي الأمر الذي غيّر موازين القوى على الأرض لمصلحة قوات «الانتقالي» التي سيطرت على زنجبار فيما عمد مواطنون إلى نهب محتويات المقار الحكومية والأمنية فيها.
يرى المراقبون أن معارك الأصدقاء والحلفاء في المحافظات التي تسمى محررة لها نظير في الحروب، وأن هذا ما يحصل عادة بين الحلفاء في آخر الحرب فيتواجهون عبر الوكلاء ولا سيما إذا لم يكونوا متفقين مسبقاً على غنائم الحرب وتقاسم النفوذ. وفي العمق، تعتبر المعركة الحالية تعبيراً عن تطلعات أبو ظبي في الجنوب وهي أطماع أكبر من حجمها وفق المفهوم السعودي وقد سعت إلى فرض هذه التطلعات باقتطاع المحافظات الجنوبية أو على الأقل المدن الساحلية والجزر اليمنية وتطويبها على أساس أنها حصتها من غنائم الحرب، فيما ترفض الرياض عملياً هذا الطرح وتعمل بوسائل شتى على تقليص تطلعات الإمارات وإعطائها ما ترى أنه متناسب مع حجمها. تعمد الرياض إلى وضع خطوط حمر لمنع تجاوز أبو ظبي الدور الموكل إليها في «التحالف»، عبر وكلائها في الميدان («الشرعية» وحزب «الإصلاح» الإخواني) وفي الوسائل السياسية، وبالاستفادة من السلطات (الرئاسات) الدستورية اليمنية الثلاث التي تدين بالولاء الكامل لها.
لكن الجانبين السعودي والإماراتي حرصا على ألا يقعا في محذورين اثنين: أولاً لا عداوة علنية بينهما وما يجمعهما تحالف استراتيجي في مجمل قضايا الإقليم، والثاني ألا يؤثر خلاف الوكلاء في اليمن فيتحول إلى اشتباك سياسي بين الرياض وأبو ظبي. لكن هذه القاعدة تعرضت للاهتزاز أمس، إذ نقلت وكالة «رويترز» عن مصادر وصفتها بالمطلعة، في تسريب يبدو أنه غير بريء، أن «العاهل السعودي الملك سلمان خطا هذا الشهر في قصره بمكة خطوة غير مألوفة، إذ أبدى انزعاجه الشديد من الإمارات أقرب الشركاء العرب إلى المملكة». وفق الوكالة، يبدو أن هذا التعليق دليل على شرخ في «التحالف» الذي يقوده نجل الملك وولي عهده الأمير محمد، وولي عهد الإمارات محمد بن زايد.
على أي حال التطورات الإقليمية وجنوح الأميركي إلى خيار اللاحرب تجاه إيران والصمود اليمني اضطرت كلها الإمارات إلى أن تنتهج سياسة متوازنة بين الاستدارة الأخيرة القاضية بإنهاء العداء مع الجمهورية الإسلامية والانسحاب من اليمن والثبات في علاقتها مع السعودية، فضلاً عن بقائها كفريق ثانٍ في التحالف وهي مهمة معقدة وشائكة ودونها عقبات حتى الآن.
المزيد في هذا القسم:
- القيادي السلفي أبو العباس يكشف بالأرقام عن المبالغ التي تسلمها قادة مقاومة تعز من السعودي... المرصاد نت - متابعات كشف القيادي السلفي عادل عبده فارع “أبو العباس” عن استلامه مبالغ مالية كانت تأتيه من السعودية باعتباره مسئولا للمال في مجلس تن...
- بعد استقالته بساعتين فقط : اللجنة الثورية تحدد موقفها من استقالة الرئيس هادي.. بيان هااااام صادر عن اللجنة الثورية ايها الشعب اليمني الثائر تحية إعزاز لنضالكم الشريف وثباتكم الأسطوري وثورتكم المستمرة وإرادتكم ألفولاذيه التي لا تلين يا ش...
- أطفال ومرضى اليمن يدفعون ثمن السقوط الإنساني الأممي! المرصاد نت - متابعات يتسبب الإغلاق الذي يفرضه تحالف العدوان السعودي على مطار صنعاء الدولي بخسائر اقتصادية وانسانية كبيرة حيث يموت العشرات يوميا لعدم قدرتهم عل...
- جلسة مجلس الأمن .. اليمنيون ضحية مؤامرة ولد الشيخ وتحالف العدوان السعودي وحكومة هادي المرصاد نت - متابعات عقد مجلس الأمن الدولي مساء اليوم جلسته المقررة للنظر في مستجدات ملف الأزمة اليمنية حيث خصصت بداية الجلسة التي بدت ساخنة هذه المرة للاستما...
- قوات هادي تتسلم منطقة بلحاف وتحرر كامل شبوة من حلفاء الإمارات! المرصاد نت - متابعات أكملت القوات الموالية لحكومة هادي اليوم الاثنين استعادة السيطرة على مختلف مناطق محافظة شبوة جنوبي شرقي البلاد بما في ذلك منطقة بلحاف النف...
- غريفيث : اليمن في مفترق الطرق وعلى الجميع تقديم تنازلات! المرصاد نت - متابعات اختتم مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث اليوم الخميس اجتماعاً تشاورياً استمر يومين مع شخصيات عامة وسيا...
- كيف أفشلت جزيرة "سقطرى" اليمنية مخططات أبو ظبي التوسعية؟ المرصاد نت - متابعات تعلن الإمارات بين الحين والآخر تقديم مساعدات إغاثية لجزيرة سقطرى وتعطي لذلك مساحة كبيرة واهتمام واسع في وسائلها الإعلامية. ويدرك معظم أبن...
- فشل سياسة التحايل السعودية: الوكلاء عاجزون ! المرصاد نت - لقمان عبدالله استعادة الجيش واللجان الشعبية السيطرة الكاملة على جبهة فرضة نهم شمالي شرقي صنعاء، والتي تؤمّن مرتفعاتها امتيازات عسكرية بالرؤية وال...
- ولد الشيخ في صنعاء وسلطنة عمان ترفع شكوى ضده لمجلس الامن بانه غير حيادي ويحمل أجندات محد... المرصاد نت - متابعات وصل اليوم الاحد مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ الى العاصمة صنعاء في إطار مشاورات الحل السياسي لعرضها على انصارالله والمؤتمر وقا...
- سقطرى ... إحتلال ومسرحيات وطلاسم ! المرصاد نت - عبدالله الاحمدي الأحزاب التي أيدت العدوان وقعت في مستنقع الفضيحة. إنزال قوات الإحتلال الإماراتي في سقطرى وطرد قوات المرتزقة فضح كل المتنطعين فالإح...