معارك عدن تعطّل المؤسسات الخدمية وتفاقم الأزمات المعيشية!

المرصاد نت - متابعات

دخل الاقتصاد اليمني مرحلة جديدة من التدهور وحالة عدم اليقين على خلفية انقلاب المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات والداعي لانفصال الجنوب بعد سيطرته على العاصمة المؤقتة عدن Aden Men2019.8.13(جنوب البلاد) بالقوة العسكرية عقب معارك خاطفة خاضها ضد القوات الموالية لحكومة هادي الموجود في السعودية. وفرضت قوات الانتقالي سيطرتها على المؤسسات الحكومية بما فيها البنك المركزي وقامت باستبدال حراساتها بموالين.

وقال مسؤول في اللجنة الاقتصادية الحكومية إن موقف الرئاسة اليمنية الغامض والمتردد تجاه الانقلاب يدخل الاقتصاد اليمني مرحلة جديدة من "عدم اليقين" وقد يؤدي إلى عودة تقلبات سعر الصرف والانهيار المتسارع للعملة المحلية". وأكد المسؤول أن وضع البنك المركزي والمؤسسات الاقتصادية يعتمد على موقف السعودية التي تقود تحالفاً عسكرياً لدعم سلطة هادي.

وطالبت السعودية أمس قوات المجلس الانتقالي بالانسحاب من القصر الرئاسي والمؤسسات التي سيطرت عليها خلال يومي الجمعة والسبت ودعتهم إلى حوار لم تحدد موعده مع حكومة هادي في الرياض. وفيما أعلن ناطق المجلس الانتقالي موافقتهم على دعوة السعودية إلى حوار مع الحكومة في الرياض أعلن نائب رئيس المجلس في خطبة العيد رفضهم الانسحاب من المواقع التي سيطروا عليها مما قد يهدد بتعقد الوضع الاقتصادي وتعزيز الشكوك حول وضع البنك المركزي والعملة المحلية، حسب خبراء اقتصاد لـ"العربي الجديد".

واعتبر الباحث الاقتصادي حسام السعيدي أن استمرار سيطرتهم على المؤسسات الحكومية سيدخل الاقتصاد اليمني في نفق مظلم آخر مشيرا إلى أن حالة التشاؤم لدى المستهلكين سوف تستمر حتى بعد توقف المعارك، وأن تطبيع الأوضاع سيكون صعبا إذ تبقى التوقعات السيئة مرتفعة. وقال السعيدي المواجهات المسلحة التي حدثت في العاصمة المؤقتة عدن تضرب أداء الحكومة الضعيف أصلا، وتقف حجر عثرة أمام جهود البنك المركزي والحكومة في وضع السياسات الاقتصادية المختلفة وكذلك في إقناع المؤسسات الدولية بملاءمة المدينة للأنشطة الاقتصادية، وإمكانية ممارسة البنك المركزي وبقية مؤسسات الدولة لأعمالها بشكل طبيعي".

وأشار السعيدي إلى أن قطاع البنوك والمؤسسات المصرفية أكثر تضررا نتيجة لحساسيتها العالية تجاه النزاعات المسلحة مؤكدا أن الآثار الاقتصادية وخيمة ليس فقط على مدينة عدن وإنما على الاقتصاد اليمني بشكل كامل.

وتأثر البنك الأهلي الحكومي بالمواجهات التي دارت في منطقة كريتر بالقرب من القصر الرئاسي والتهم حريق هائل جزءا من المبنى الرئيسي للبنك في عدن ظهر أول أمس السبت بعد سقوط قذيفة في حوش المبنى. وطمأن البنك عملاءه بأن الحريق الذي نشب في جزء من المبنى الرئيسي عدن تم إخماده. وقال في بيان إن الحريق بسبب قذيفة أصابت الحوش وفيه مولدات الكهرباء وخزانات الديزل، وامتد إلى غرفتين من المبنى وأكد أن الأضرار اقتصرت على الجانب المادي.

كما نفى البنك الأهلي حدوث عمليات نهب طاولت أموال البنك خلال المعارك بين قوات حكومة هادي وقوات المجلس الجنوبي . وقال رئيس مجلس إدارة البنك محمد حلبوب "لم يتعرض البنك لعمليات سطو مسلح أو نهب أموال كما تحدثت بعض المواقع الإلكترونية المحلية ما عدا الحريق الذي التهم جزءا من الطابق الأرضي".

واتهم المجلس الانتقالي الجنوبي قوات الحماية الرئاسية الموالية لهادي بالوقوف خلف حادثة حريق مبنى البنك الأهلي كما اتهمها بنهب أموال البنك خلال المعارك. والأهلي بنك تجاري يمني مملوك بالكامل للحكومة ويخضع للإشراف المباشر من وزير المالية ويقع مقره الرئيس في العاصمة المؤقتة عدن.

وتعطلت حركة البيع والشراء بالمدينة في واحد من أبرز المواسم الاستهلاكية وهو عيد الأضحى وتكدست البضائع وتعرض بعضها لقذائف أو لأعمال نهب وتخريب. كما أدت المعارك إلى توقف حركة المطار وتأثر نشاط الميناء ومصافي تكرير النفط جزئيا أو بشكل كامل بالإضافة إلى تضرر البنية التحتية وتخريبها.

كما شهدت مدينة عدن اقتحامات وأعمال نهبٍ تنفذها قوات "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعومة إماراتياً  لمنازل مسؤولين في حكومة هادي بعد يومين من إكمال بسط سيطرته الكاملة على المدينة وأكدت مصادر مقربة من محافظ البنك المركزي اليمني حافظ معياد أن المسلحين الموالين لـ"المجلس الانتقالي" اقتحموا مقر سكنه في عدن وعبثوا بكلّ محتوياته بما في ذلك غرفة نومه، بالتزامن مع حملة مداهمات واقتحامات نفذتها قوات المجلس ضد منازل مسؤولين في المدينة.

واندلعت اشتباكات عنيفة مساء أمس الأحد في حي "خور مكسر" لدى محاولة القوات الموالية للإمارات اقتحام منزل القيادي في ما يُعرف بـ"المقاومة الجنوبية" سليمان الزامكي حيث قامت بمحاصرة المنزل تمهيداً لاقتحامه. وأشارت مصادر محلية إلى أن الاقتحامات وأعمال النهب طاولت منازل مسؤولين في "حكومة هادي" وقيادات في قوات "الحماية الرئاسية" ولم يصدر عن "المجلس الانتقالي" تعليق رسمي بشأنها.

 وكان وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري في أول ظهور أمس عقب الأحداث التي شهدتها عدن تقدم بـ"الشكر" لقيادات "المجلس الانتقالي" على ما قاموا به من أعمال نهب للممتلكات والمنازل والعبث بمحتوياتها معتبراً أن ذلك يأتي على غرار ما قامت به جماعة الحوثيين خلال اقتحام صنعاء.

وكان مكتب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ذكر في بيان له أمس الأحد أن تقارير أولية أشارت إلى أنّ ما يصل إلى 40 شخصاً قتلوا وأصيب 260 آخرون في مدينة عدن الساحلية جنوب البلاد، منذ الثامن من أغسطس/ آب الجاري، في أحدث موجة من المعارك ونقل المكتب عن منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي قولها إنه "من المؤلم أنه خلال عيد الأضحى، هناك عائلات تبكي أحباءها بدلاً من الاحتفال معاً بسلام"، مضيفة: "همنا الأكبر هو إرسال فرق طبية لإنقاذ المصابين".

وتسببت معارك عدن في ظهور أزمة غذائية وتموينية وكذلك أزمة الوقود حادة ليست في مدينة عدن فحسب، بل ضربت جميع المدن الخاضعة لسيطرة حكومة هادي والتحالف. وأغلقت متاجر المواد الغذائية وأسواق الخضروات ومحطات البنزين. وقال سكان في مدينة تعز (جنوب غربي البلاد) إن المدينة تشهد أزمة وقود حادة وارتفع سعر البنزين في محطات البيع الرسمية من 7000 ريال (12 دولارا) إلى 10,000 ريال (18 دولارا) مقابل غالون سعة 20 لترا.

 

المزيد في هذا القسم: