واشنطن وباريس للتحالف السعودي: حرب اليمن يجب أن تتوقّف

المرصاد نت - متابعات

للمرة الاولى منذ بداية عهد الرئيس دونالد ترامب (20 كانون الثاني 2017) أطلقت الولايات المتحدة مواقف من العدوان على اليمن تحمل مؤشرات على قرب وضع حد للحرب في البلد الذيBarais2018.10.31 تشارك في حصاره ودعم الدول المعتدية عليه.

وقال وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو إنه حان الوقت الان لوقف الأعمال القتالية في اليمن والبدء بالتفاوض.

 واعترف بومبيو لاول مرة بأن صنعاء تستهدف الامارات والسعودية بالقصف الصاروخي و الطائرات المسيرة مشترطا وقف هذا القصف لوقف الغارات الجوية على ما وصفها بالمناطق المأهولة في اليمن.

وكانت الامارات نفت تكرارا أن تكون استهدفت بالقصف اليمني.

تطور سياسي جديد في الموقف الاميركي تجاه العدوان السعودي الاماراتي في اليمن؛ وزير الخارجية مايك بومبيو دعا السعودية وحلفاءها الى وقف كل الغارات الجوية في المناطق المأهولة وقال ان الوقت حان الان لوقف الاعمال القتالية. ودعا بومبيو الی مشاركة أطراف النزاع في المفاوضات التي تقودها الامم المتحدة في اليمن لانهاء الحرب المقرر بدأها الشهر المقبل.

الدعوة ذاتها وجهها وزير الحرب الاميركي جيمس ماتيس الذي كشف أيضاً عما اسماها خططا رئيسية لاحلال السلام في اليمن وقال ان خطته طرحت خلال مؤتمر عقد قبل ايام في البحرين وترتكز على تقسيم البلاد الى مناطق حكم ذاتي بعد عملية تدريجية لنزع السلاح واعادة حكومة هادي الى البلاد وينص الجزء الاول من الخطة على تامين الحدود اليمنية السعودية وافراغها من السلاح بالتزامن مع وقف الغارات السعودية.

وقال ماتيس:" نريد أن نرى الجميع حول مائدة سلام يعتمد على وقف إطلاق النار على أساس التراجع عن الحدود والتوقف عن شن الغارات بما يسمح للمبعوث الخاص مارتن غريفيث بجمع الفرقاء في السويد وإنهاء هذه الحرب، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي سنعتمدها لحل هذه الازمة".

ماتيس قال ايضا ان على الجميع التحرك نحو بذل جهود لاحلال السلام وانهاء حرب ادت بحسب التقارير الاممية الى مقتل واصابة الالاف من المدنيين وتحدث عن موافقة السعودية والامارات واستعدادهما للمضي فيها.

الخطة الاميركية الرامية لايجاد مخرج لدول العدوان من مأزقها العسكري في اليمن وازمتها الدولية بسبب المجازر التي ترتكبها ضد المدنيين لاقت ترحيبا فرنسيا حيث قالت وزيرة الدفاع فلورانس بارلي في حديث اذاعي ان بلادها تمارس ضغوطا بالتعاون مع الامم المتحدة للتوصل الى حل سياسي في اليمن لعدم جدوى الحلول العسكرية وعدم قدرتها على تحريك الازمة.

وقال ماتيس في مؤتمر عن الاستراتيجية العسكرية لبلاده في واشنطن: «لا نستطيع القول إننا سنقوم بذلك في المستقبل (وقف إطلاق النار، والمفاوضات). علينا القيام بذلك في الأيام الثلاثين المقبلة... ونضع حداً لتلك الحرب». أضاف الجنرال الأميركي المتقاعد: «نريد رؤية الجميع حول طاولة مفاوضات على أساس وقف اطلاق النار (...) وأعتقد ان السعودية والامارات على استعداد» للمضي في الامر.

كلام ماتيس أتى بعد أيام على «المبادرة» التي طرحها السبت الفائت من البحرين أمام مؤتمر «حوار المنامة» الأمني حيث رأى أن «الوقت حان للمضيّ قدماً في وقف هذه الحرب» مشدداً على ضرورة «البدء بالتفاوض على القضايا الجوهرية». واقترح الوزير الأميركي السبت «صيغة للتسوية» تتكوّن من شقّين:
1- أن تكون الحدود خالية من الأسلحة... يجب ألا يكون هناك شيء أكثر من الجمارك وشرطة الحدود؛
2- نزع الأسلحة الثقيلة. لا حاجة للصواريخ في أي مكان من اليمن. لا أحد سيغزو اليمن. نعود إلى اقتراح الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة، الحكومة التي تعطي الأوطان التقليدية للناس الأصليين. يكون الحوثيون في مناطقهم، ويحظون ببعض المقدار من الحكم الذاتي... لا يحتاجون إلى مساعدة من إيران.

هذا الموقف ــــ ورغم الشياطين الكثيرة في تفاصيله ــــ يحمل في طياته الكثير من الدعم لجولة المفاوضات التي يجري التحضير لعقدها بين طرفَي الحرب في السويد الشهر المقبل (أعلِن عن الجولة في أيلول الماضي).

كلام ماتيس أمس لم يقرن وقف إطلاق النار والمفاوضات بأي شرط، في مؤشر (لا يزال بحاجة إلى المزيد من الوقت للتبلور) على توجه غربي لوقف العدوان على اليمن بعد ثبوت فشله في تحقيق اهدافه. ففي الاتجاه نفسه أعلنت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي أمس أن «باريس تمارس ضغوطاً بالتعاون مع الأمم المتحدة من أجل الوصول إلى حل سياسي في اليمن لعدم فائدة الحل العسكري». واعتبرت بارلي في تصريحات إذاعية أن «الحل العسكري لن يؤدي إلى أي مكان» قائلة إنه «حان الوقت لكي تنتهي هذه الحرب». وتؤشّر التصريحات الغربية المستجدّة إلى أنه وبعد مضي قرابة أربع سنوات من الحرب بات جلياً للأطراف المشاركة فيها خصوصاً الولايات المتحدة أن الحل العسكري ليس ممكناً على رغم المحاولات المتكررة لتحقيق إنجازات على الأرض كانت الرياض وأبو ظبي أطلقتا وعوداً كثيرة في شأنها ومُنحتا تكراراً مهلاً إضافية مع زيادة الدعم لبلوغ الانتصار ولكن من دون نتيجة.

أدركت واشنطن ـــ على ما يبدو ـــ وصول الخيار الميداني إلى نهايته بالأدوات المتاحة (السعودية والإمارات والقوى المحلية)، وأن أي تغيير في الميدان بحاجة إلى تدخل أميركي مباشر وهي تمتنع عن ذلك في ظلّ تجربة احتلالها الفاشل للعراق. والظاهر أيضاً أن جريمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي وتداعياتها شكّلت فرصة مساعدة للبحث عن حلّ للأزمة في اليمن علماً أن الأفكار التي طرحها ماتيس تبقى وليدة الواقع ونتيجة طبيعية للحرب وقصور العدوان عن تحصيل المكاسب. أما تقييم مدى ربح كل طرف وخسارته فمرتبط باليوم الذي يلي بدء المسار السياسي لأن أصل الحلّ كما وصّفه ماتيس هو «أفكار عامة» تنتظر قيام الديبلوماسية بـ«وضع لمساتها السحرية عليها».

تسعى واشنطن لتحويل التهديد الناشئ جرّاء مقتل خاشقجي إلى فرصة على الساحة اليمنية. وهي ستحاول استغلال التراجع (إن حصل) في تحصيل مكاسب لها ولحلفائها. يعني ذلك أن الميدان اليمني هو الذي فرض نفسه بينما جاءت تداعيات قضية خاشقجي لتدفع هذه الأفكار قدماً. بمعنى آخر كشفت تلك الواقعة عن الوجه الحقيقي للسعودية عن عجزها وقلة حيلتها وأفسحت المجال أمام فتح جميع الملفات العالقة والتي تمثلّ إشكاليات كبيرة بوجه النظام السعودي ومنها الحرب على اليمن علماً أن جميع الأطراف كانت تدرك استحالة الحسم العسكري لكن العناد والمكابرة السعوديين منعا حتى مجرد قبول الحديث عن وقف الحرب.

لا يعني حديث ماتيس أن أفكاره ستتحقّق لكنه يشير إلى أن إرادة إنهاء الحرب باتت أكثر رجحاناً. وإذا كان من الطبيعي أن يبدأ الطرح الأميركي بطلب الحدّ الأقصى من المكاسب، فإن مآل الأمور عائد إلى قدرة المفاوض اليمني وحنكته مع التأكيد ابتداءً أن الأفكار الأميركية الجديدة لا تساوق النتائج الميدانية التي حقّقتها صنعاء من موقعها الدفاعي خلال سنوات الحرب. أفكار ماتيس تستأهل التأمل كثيراً. هي لا تعني أن الحرب انتهت لكن فرصة إنهائها باتت موجودة مع ملاحظة أن استراتيجية صنعاء التفاوضية قائمة على التقاط الفرص واستغلالها إلى أقصى حدّ ممكن لتحقيق الأهداف السيادية.

وكانت تصريحات ماتيس السبت أثارت ردود فعل داخل اليمن وخارجه. آخر الردود الصادرة من صنعاء جاءت على لسان وزير خارجية حكومة الإنقاذ هشام شرف الذي قال إن حديث ماتيس عن منح جزء من اليمنيين إقليماً مستقلاً «تخصّه هو» مؤكداً «(أننا) لن نقبل بانتقاص سيادة البلد» وأن «ملف الصواريخ يخصّ اليمن وتأمينه» مبدياً في الوقت نفسه «استعدادنا لـ(التعامل مع) أي مبادرة لا تمسّ بالثوابت الوطنية». ورأى عضو الوفد الوطتي التفاوضي عبد الملك الجعري في وقت سابق أن تصريحات ماتيس «تكشف عن نوايا الأميركيين التفتيتية المرفوضة من كل القوى الوطنية».

ويتقاطع «مقترح» ماتيس نهاية الأسبوع الماضي إلى حد بعيد مع المبادرة التي سبق أن أطلقها وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري في نهاية عهد الرئيس باراك اوباما. وحينذاك رُفِضت تلك المبادرة من الجانبين: «انصار الله» وحلفاؤهم رأوا فيها تهديداً لوحدة اليمن وخاصة لجهة الحديث عن «الأقلمة» و«الحكم الذاتي»؛ اما السعودية فلم تكن في وارد التنازل لمصلحة رئيس أميركي كان سيرحل من البيت الأبيض بعد أسابيع. أما كلام ماتيس في واشنطن أمس ورغم كونه مقتضباً إلا انه بدا أكثر ابتعاداً عن «مبادرة كيري».

«بلومبرغ»: ضغوط أميركية على الرياض بشأن قطر واليمن

 تتعرّض السعودية لضغوط من حليفتها الأميركيّة بشأن ضرورة تخفيف الحصار عن قطر واتخاذ خطوات تجاه إنهاء حربها ضدّ اليمن المتواصلة منذ ما يزيد على ثلاث سنوات ونصف السنة وفق ما أفادت به ثلاثة مصادر مطّلعة وكالة «بلومبرغ» الأميركية.

الوكالة ربطت في تقريرها بين الضغوط هذه وجريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول إذ نقلت عن مسؤول أميركي قوله إنّ إدارة دونالد ترامب تريد من السعودية أن تحلّ الأزمة مع قطر وأن تتّخذ خطوات مماثلة تجاه حربها في اليمن خصوصاً أنّ ذلك يسبّب حرجاً للولايات المتحدة ويضعها في «موقف صعب» على الرغم من أن وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون كان قد حاول مراراً ولكن من دون جدوى التفاوض لحلّ الأزمة القطرية وفق «بلومبرغ». في هذا السياق ذكّرت بتصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تلك التي قال فيها: «حتى اقتصاد قطر، قوي وسيكون مختلفاً ومتطوراً بعد خمس سنوات».

المزيد في هذا القسم: