المرصاد نت - متابعات
تعاني أبو ظبي من تخبّط سياسي عَكَسه التخبط والفشل الميدانيان في معركة الحديدة. وهو ما دفعها إلى إرسال وفد إلى واشنطن لتسويق وجهة النظر الإماراتية بالتزامن مع لقاءات المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث هناك، لتسويق مبادرته في شأن الحديدة لدى واشنطن حيث استعرض ما توصل إليه في مفاوضاته مع مختلف الأطراف.
يحضر الملف اليمني في أروقة واشنطن هذه الأيام وفي تحركات ديبلوماسية على أكثر من خط. جولة لافتة قام بها الإماراتيون على مسؤولين أميركيين بدت في الشكل والأسماء، عملية تجميلية ضمن حفلات العلاقات العامة، قبالة ارتفاع الانتقادات الحقوقية للممارسات الإماراتية في حرب اليمن، إلى جانب ملف الحديدة والتسوية.
بالموازاة يتواجد المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث في العاصمة الأميركية حيث التقى وزير الخارجية مايك بومبيو على أن يجتمع بمسؤولين آخرين بعد زياراته المتعددة إلى صنعاء وعدن والإقليمية إلى الرياض ومسقط وأبو ظبي.
جولة غريفيث الأميركية بدا واضحاً أنها تأخذ طابع التوقف عند الرأي الأميركي في ما عَرَضه حول خلاصة عمله، لا سيما التعثر في شأن التوصل إلى تسوية بخصوص معركة الحديدة بين أبو ظبي وصنعاء. وإلى جانب ملف الوساطة في شأن الحديدة يظهر غريفيث طالِباً العون الأميركي في عمله على تقديم خريطة حل سياسي واستئناف المفاوضات السياسية التي لم يتضح مصيرها بعد مع العلم أن الوسيط الدولي كان وعد بإطلاقها قريباً.
تعرف أبو ظبي أن معركتها المتعثرة في الحديدة بسبب الهزيمة العسكرية القاسية انعكست تخبطاً سياسياً على مسار التفاوض الذي كان يخطط له غريفيث. يومها، حط الأخير في صنعاء لأكثر من ليلة منتظِراً أن يخرج بتوقيع يمني على الاستسلام أمام التقدم العسكري الإماراتي الذي انكسر على أسوار مطار الحديدة. طار غريفيث والمطار لم يسقط وفوق ذلك حمل معه موافقة من صنعاء على إشراف الأمم المتحدة على ميناء الحديدة تسحب ذرائع معركة الساحل الغربي.
هكذا ببساطة وضع الميدان اليمني الإماراتيين وسط دوامة مخيبة تعاكس المخططات على الورق وتتناقض والآمال التي رسمها المخططون على مدار أشهر من الإعداد للعملية في الحديدة. والنتيجة مراوحة ميدانية للإماراتيين وخفوت حماسة واشنطن بعد ضوء أخضر قدمته لعملية خاطفة ونظيفة يمكن أن تبعد الجيش واللجان الشعبية عن السواحل وهي مهمة لم تفلح فيها الإمارات وسرعان ما أعلنت عن تجميدها بتصريحات لوزيرها أنور قرقاش.
في الأثناء كانت تتعالى الأصوات المنتقدة للتهديد الذي شكلته العملية على الملف الإنساني وعلى ميناء الحديدة شريان الحياة المتبقي لليمنيين. ورافق ذلك انفضاح المزيد من الجرائم الإماراتية في ملف السجون السرية وتعذيب السجناء. كلها تطورات انعكست سلباً على العمل الإماراتي في اليمن وأسهمت في استياء أبدته المنظمات الحقوقية الغربية من سياسات أبو ظبي.
لهذا الغرض أرسلت الإمارات وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي ريم الهاشمي إلى واشنطن لعقد لقاءات - بالتزامن مع تواجد غريفيث في العاصمة الأميركية - برفقة سفير أبو ظبي هناك يوسف العتيبة. يحاول الوفد الإماراتي تضليل رواية غريفيث للأميركيين عن موافقة حكومة صنعاء على تسليم ميناء الحديدة للأمم المتحدة وإقناع الأميركيين بعدم التخلي عن المعركة وتجنب السماح للأصوات الحقوقية المنتقِدة بالتأثير على الدوائر السياسية. لكن الأهم استطلاع عمل غريفيث وموقف الأميركيين من مبادرة المبعوث الأممي.
بحسب الإعلان الإماراتي الرسمي أبدى كل من العتيبة والهاشمي في لقاءاتهما مع مسؤولي الإدارة الأميركية والأمم المتحدة والتي شملت مبعوث المنظمة الدولية وأعضاء في الكونغرس دعم بلادهما جهود غريفيث للتوصل إلى حل سلمي مشدِّدَين على ضرورة أن يشمل أي اتفاق «تسليم صنعاء الحديدة سلمياً لحكومة الرياض» ومستعرِضَين «المساعدات الإنسانية» لأبو ظبي في اليمن.
وتناقض الزيارة الإماراتية تصريحات العتيبة من واشنطن والتي وإن اعترف فيها بالعمل كوكيل أميركي في الشرق الأوسط من خلال القول: «في إحدى المرات أبلغني مسؤول أميركي بأنه لا يوجد دعم شعبي لكي تفعل أميركا المزيد في الشرق الأوسط. حينما نسمع هذا الكلام فعلينا أن نقوم بالمهمة بأنفسنا» إلا أنه أضاف بلهجة «عتاب» على الراعي الأميركي: «عندما لا تريد حليفتنا (واشنطن) أن تدعمنا علينا أن نأخذ الأمور على عاتقنا. لكن لا تعودوا بعد ذلك لتطلبوا منا ألا نفعل هذا الأمر أو ذاك في اليمن. لا يمكنكم أن تتبنوا الموقفين معاً».
لكن الأبرز في لقاءات واشنطن كان اجتماع وزير الخارجية الأميركي مع غريفيث حيث توجّه بومبيو بالشكر إلى المبعوث الأممي «على جهوده الرامية إلى تقديم حل ديبلوماسي للوضع في الحديدة لتجنب المزيد من التدهور في الأوضاع الإنسانية» مُعلناً دعم بلاده لمبادرة غريفيث للتوصل إلى اتفاق سياسي شامل «يجلب السلام والرخاء والأمن إلى اليمن».
والجدير ذكره هنا أن صنعاء كانت أعربت عن استعدادها لإعطاء الأمم المتحدة دوراً رقابياً على ميناء الحديدة وعائداته رافضة أي تسليم للمدينة أو الانسحاب منها وفق ما تشترط أبو ظبي.
وتبقى معرفة نجاح غريفيث في تسويق مبادرته من فشله في تبديل ميل الأميركيين إلى موقف الإمارات المتعنت رهن الأيام المقبلة وانعكاس ذلك على الميدان في حال تجددت المواجهات في الدريهمي ومحيط المطار جنوب مدينة الحديدة.
وبينما يُستبعد قبول الأميركيين مجدداً بالرهان على الإدارة الإماراتية للمعركة بعدما أظهرته أبو ظبي من فشل ميداني واضح تغيب كذلك المؤشرات إلى استعداد أميركي لإعطاء الإماراتيين دعماً أكبر في المرحلة الحالية وهو ما يجعل مصير الحديدة مجهولاً ويُضيّق خيارات أبو ظبي لا سيما في ظل تململ واسع في معسكر حلفائها الجنوبيين تجلى بدعوة مشايخ الصبيحة إلى انسحاب المقاتلين من أبناء هذه القبائل من معركة الساحل الغربي.
المزيد في هذا القسم:
- علي محسن يستنجد بالرعايا العشرة ذكر مصدر خاص للمرصاد عن لقاء جمع مستشار رئيس الجمهورية الجنرال علي محسن الأحمر بوفود من سفراء الدول العشر لما يسمي بالتسوية السياسية في اليمن يوم الاربع...
- صاروخ يستنفر واشنطن ولم يستفزها الجرائم التي تنفذ يوميا بحق اليمنيين المرصاد نت - متابعات هو الصاروخ اليمني الذي لا يزال يتفجّر في الرياض حتى بعد أكثر من شهر على إطلاقه. شُحِنت بقاياه إلى واشنطن لإضفاء «صدقية» للسرد...
- اليمن بمراكـز الدراسات الغربية: المصالح قبل حقوق الإنسان وتكفي إدانة الجرائم المرصاد نت - متابعات اعتبر غريغوري دي. جونسن الباحث المقيم في «المؤسسة العربية» في واشنطن، وعضو فريق خبراء اليمن لمجلس الأمن الدولي من عام 2016 إل...
- نحو البحث عن أرضية لجولة ثانية: «تبادل الأسرى» يخرق جمود المشاورات ! المرصاد نت - متابعات خرق ملف تبادل الأسرى والمعتقلين أمس حالة الجمود التي سيطرت على طاولة المشاورات في السويد من دون أن ينسحب التقدم إلى ملفات أخرى ما يقلل فر...
- مأرب | أنباء على سقوط ضحايا مدنيين جراء غارات للتحالف على ماهلية المرصاد-متابعات أفاد مصدر أمني بمحافظة مأرب قبل قليل ، عن سقوط ضحايا في صفوف المدنيين جراء غارات لطيران التحالف استهدفت شاحنة محملة بالبطاطس في م...
- تعز : صراعات ومواجهات وتصفيات وتفكك يترجم هشاشة العدوان ومرتزقته المرصاد نت - متابعات تشهد مدينة تعز حاليا صراعات واشتباكات وتصفيات عالية الوتيرة داخل صفوف المرتزقة من منافقي العدوان كاشفة التباينات العميقة بين تلك الاطراف ...
- في إطار المساعي العمانية والأوروبية الوفد الوطني يلتقي دبلوماسيين عمانيين وبعض سفراء الـ18 المرصاد نت - الكويت التقى الوفد الوطني المشارك في مشاورات الكويت بدبلوماسيين من سلطنة عمان وسفيرة الاتحاد الاوروبي في اليمن وعدد من سفراء الدول الـ18 على ...
- الدعوات الأمريكية لوقف الحرب ملغومة وتشعل الجبهات ولا تطفئها ! المرصاد نت - متابعات انطلقت عجلة الدعوات إلى وقف الحرب على اليمن أمريكياً. من واشنطن تحددت ساعة انطلاقها عام 2015 ومن واشنطن أيضاً تُرسَم معالم نهايتها أقله ك...
- مؤتمر صحفي في لندن للاعلان عن المؤتمر الأول لدعم الشعب اليمني المرصاد نت - متابعات عقدت اللجنة التحضيرية للمؤتمرالأول لدعم الشعب اليمني في لندن اليوم مؤتمرا صحفيا حول أهداف المؤتمر الذي ينطلق السبت المقبل في العاصمة البر...
- لماذا لا يستطيع النظام السعودي إنهاء حرب اليمن؟ المرصاد نت - متابعات قال موقع ستراتفور الاستخباراتي الأمريكي أن النظام السعودي بعد عامين ونصف لا يبدو أقرب إلى هدفه وهوا متورط في حرب لا يمكنه الفوز بها. و...