المرصاد نت - رشيد الحداد
في وقت يكتوي فيه اليمنيون بنيران ارتفاع الأسعار وشحّ الموارد الأساسية بفعل الحصار الذي يفرضه «التحالف» على معظم منافذ البلاد تأتي أزمة اختناق السوق المحلي بالغاز المنزلي لتضيف هماً جديداً إلى هموم المواطنين.
وبالنظر إلى تورط «رؤوس كبيرة» في إعادة تفعيل هذه الورقة بين حين وآخر لا يبدو معلوماً إن كانت حكومة الإنقاذ ستفلح عبر إجراءاتها الجديدة في الحدّ من الأزمة التي تطاول مناطق نفوذها بالدرجة الأولى.
تتفاقم في العاصمة اليمنية صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة لسلطة حكومة الإنقاذ أزمة الغاز المنزلي مضاعِفةً معاناة المواطنين الرازحين تحت وطأة الحصار المفروض على بلادهم منذ ما يقارب 3 سنوات.
هذه الأزمة التي شهدت تصاعداً غير مسبوق في الأيام الأخيرة تَشتمّ منها حكومة الإنقاذ محاولة متجددة من قبل «التحالف» وحلفائه في الداخل لـ«استخدام الورقة الاقتصادية في الحرب على الشعب اليمني» عادّةً ذلك «السلوك غير الأخلاقي» دليلاً على «فشل التحالف في مختلف جبهات القتال للعام الثالث على التوالي». وفي محاولة منها لمحاصرة حالة الاختناق التي يشهدها السوق المحلي بالغاز المنزلي والحدّ من تداعيتها وجّهت «الإنقاذ» خلال اجتماع طارئ عقدته مساء السبت بفتح باب استيراد الغاز من الخارج أملاً في تخفيف معاناة المواطنين الذين يصطفون في طوابير طويلة منذ أيام أمام محطات الغاز في شوارع العاصمة.
وجاء التوجيه الحكومي رداً على رفض كبار تجار الغاز الموالين لـ«التحالف» التزام السعر الرسمي الجديد المحدّد من قِبَل وزارة النفط في صنعاء والشركة اليمنية للغاز (حكومية)، وهو 3000 ريال (6.14 دولارات) للأسطوانة التي تبلغ سعتها 20 ليتراً بدلاً من السعر السابق الذي بلغ 6000 ريال (12.2 دولاراً) والذي وجدته «الإنقاذ» غير عادل. ووفقاً لمصدر في شركة الغاز الحكومية فإن العشرات من التجار وافقوا على التزام محضر اتفاق بينهم وبين شركة النفط، يقضي بخفض سعر مادة الغاز المحلي بنسبة 50% إلا أن كبار التجار الذين يستحوذون على 60% من السوق رفضوا التوقيع على المحضر وقابلوا قرار الحكومة بإخفاء مادة الغاز ووقف الإمدادات القادمة من منشأة صافر الغازية الخاضعة لسيطرة حزب «الإصلاح» إلى العاصمة صنعاء وبقية المحافظات في محاولة للضغط على «الإنقاذ» وحملها على التراجع عن القرار.
وأكد المصدر «مساندة حكومة هادي تجار الحروب ووقوفها بقوة ضد المواطن البسيط» موضحاً أن «عدداً من كبار المسؤولين في تلك الحكومة ثبتت مشاركتهم تجار الغاز في استلاب اليمنيين أموالهم» مضيفاً أن «عدداً من الوزراء والقيادات العسكرية والمدنية الموالين للتحالف يحصدون ملايين الدولارات شهرياً من مبيعات الغاز على حساب الفقراء والمعدمين». وبيّن المصدر أن «سعر الغاز المستورد لن يتجاوز 3400 ريال للأسطوانة الواحدة إن كان سعر الطن من البروبان 550 دولاراً» مشيراً إلى أن المحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة صنعاء «تستهلك شهرياً قرابة 50 ألف طن من الغاز المنزلي المصاحب للنفط».
وتعود أزمة الغاز المتجددة إلى منتصف شباط/ فبراير الماضي عندما بادر فريق حقوقي مكوّن من عدد من المحامين المتطوعين، في رفع قضية لدى النائب العام في صنعاء على 42 تاجر غاز يعملون في السوق السوداء معظمهم موالون للجنرال علي محسن الأحمر. ووفقاً للائحة الاتهام أكد الفريق القانوني ضلوع تجار الغاز ومورِّديه في عمليات فساد ونهب للمال العام وتلاعب بأسعار صرف العملة المحلية أمام الدولار متهماً هؤلاء التجار والموردين بالثراء غير المشروع واستغلال أوضاع المستهلكين من خلال المغالاة في تسعير مادة الغاز المنزلي التي تبيعها شركة صافر بسعر رمزي لا يتجاوز 1026 ريالاً (2.1 دولار) للأسطوانة التي تبلغ سعتها 20 ليتراً لتُباع في صنعاء بـ5300 ريال (10.8 دولارات).
وبالتزامن مع تحرك النيابة العامة للتحقيق في القضية واستدعاء تجار الغاز المُبلَّغ عنهم فرضت شركة الغاز الحكومية في صنعاء إجراءات رقابة على واردات الغاز من مأرب عند مداخل المحافظات الواقعة تحت سيطرة «الإنقاذ» وهو ما قابلته حكومة هادي بالتوجيه بوقف حصة الشركة اليومية من الغاز ليعقب ذلك إقدام التجار على وقف إمدادات العاصمة من «صافر».
المدير العام للإعلام في وزارة النفط بصنعاء حسن الزايدي يؤكد «وجود استغلال غير محدود في عملية بيع الغاز في صنعاء» لافتاً إلى أن «شركة صافر تموّن المحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة الإنقاذ بـ1750 طناً يومياً من إنتاج مأرب من الغاز والبالغ 2250 طناً يومياً مسعَّراً بـ88230 ريالاً للطن المتري الواحد (180.8 دولاراً للطن) إلا أن الطن يباع عملياً بسعر يبلغ 1057 دولاراً بربح يقارب 877 دولاراً» عازياً ذلك إلى «غياب الدور الرقابي لحكومة الإنقاذ على السوق وكبح جماح الاحتكار». من جهته يذكّر رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك فضل مقبل منصور بأن «اليمن يعتمد نظام حرية السوق ولذلك يُفترض أن تحاسَب حكومة الإنقاذ على عدم حمايتها المستهلك من احتكار التجار القلة» مبيناً أن «السعر العادل للغاز لا يتجاوز 1700 ريال (3.4 دولارات) للأسطوانة الواحدة».
وفي ظل احتدام الأزمة من جديد عاود الفريق الحقوقي المشار إليه آنفاً مطالبته النائب العام باستكمال إجراءات التحقيق مع تجار الغاز واتخاذ إجراءات صارمة بحق المتلاعبين بالأسعار تشمل الحبس والحجر على ممتلكاتهم فضلاً عن مصادرة أي مخزون من الغاز أخفاه التجار بحسب ما يفيد به عضو الفريق المحامي علي العاصمي. ويؤكد العاصمي أن «رجال القانون يقفون اليوم في مواجهة حقيقية مع تجار الحروب الذين يتاجرون بمعاناة الناس ويبنون إمبراطوريات مالية على حساب البسطاء».
ويلفت إلى أن «تجار الغاز كانوا يتذرعون خلال الفترة الماضية بارتفاع تكلفة نقل الغاز من مأرب إلى صنعاء التي وصلت إلى 5 ملايين ريال أي ما يساوي 10245 دولاراً لكل 25 طناً مترياً» مستدركاً بأن «تلك الذريعة سقطت بعد الكشف عن امتلاك كبار موردي الغاز أساطيل خاصة من صهاريج نقل الغاز يزيد عددها على 3270 صهريجاً إلا أنهم يفرضون أجور نقل تزيد بما يقارب 1000% على التعرفة السابقة التي كانت مفروضة قبل العدوان من دون مراعاة الظروف التي يعانيها المواطن اليمني».
«النفط اليمنية»: لا أزمة وقود في العاصمة
بالتوازي مع اشتداد أزمة الغاز في العاصمة صنعاء سرت إشاعات عن نفاد مادتي البنزين والسولار من السوق المحلي ما دفع المواطنين إلى التزاحم أمام المحطات للتزود بحصصهم قبل إغلاقها.
وعلى الأثر سارعت شركة النفط اليمنية إلى إصدار بيان نفت فيه تلك الإشاعات مؤكدة توافر كميات كبيرة من المشتقات النفطية في كل محطات العاصمة ومضيفة أن كميات أخرى من البنزين والديزل محفوظة في خزانات الشركة في ميناء الحديدة وأن سفناً موجودة في غاطس الميناء تنتظر إذن الدخول لتفريغ النفط.
واتهمت الشركة في بيانها من وصفتهم بـ«ضعاف النفوس» بـ«الوقوف وراء افتعال الأزمة»، داعية المواطنين إلى «عدم التهافت والانجرار وراء مطامع تجار السوق السوداء» ومشددة على أنه «لا توجد أي أزمة بل افتعال لأزمة لا غير من قبل تجار السوق السوداء».
المزيد في هذا القسم:
- عبد السلام : مفاوضات الكويت عرّفت المجتمع الدولي بحجم العدوان وعبثية الحرب على اليمن المرصاد نت - المسيرة أكد الناطق الرسمي لأنصار الله محمد عبد السلام بأن مفاوضات الكويت استطاعت تعريف المجتمع الدولي بحجم العدوان والحصار الذي يتعرض له اليمن، ...
- بالتزامن مع دعوات الهبة الشعبية.. تعزيزات سعودية تصل إلى منفذ صرفيت في المهرة ! المرصاد نت - متابعات وصلت اليوم الأحد تعزيزات عسكرية سعودية إلى منفذ صرفيت الحدودي مع سلطنة عمان في محافظة المهرة. وجاء استقدام التعزيزات بالتزامن مع دعوات قب...
- مجزرة الصالة الكبرى حية في ذاكرة اليمنيين ووصمة عار في جبين المجتمع الدولي المرصاد نت - متابعات ستظل مجزرة الصالة الكبرى في العاصمة صنعاء حية في ذاكرة اليمنيين وشاهدا على أكبر مجزرة ارتكبها طيران تحالف العدوان بقيادة السعودية والإمار...
- الناطق الرسمي لأنصار الله يوجه رسالة هامة لأبناء الجنوب نص الرسالة : التحية والشكر لإخواننا الجنوبيين .. التحية والإجلال بكل صدق وإخاء لإخواننا في الجنوب الذين رفضوا أن يكونوا في معركة خاسرة مع مشروع خاسر وفاشل ا...
- "محرقة الحدود": استدراج مقاتلين يمنيين عبر شبكات اتجار بالبشر لحماية السعودية! المرصاد نت - متابعات قالت منظمة "سام" للحقوق والحريات إن شبكات اتجار بالبشر تقوم باستدراج بعض العسكريين وعسكريين سابقين يمنيين وكذلك مدنيين بينهم أطفال للقتال...
- باحث في العلاقات الدولية: تطورات المنطقة تصب في خانة انهيار النظام السعودي وصعود الحوثيين ... المرصاد نت - متابعات يشهد إقليم الشرق الأوسط حالة من عدم الاستقرار أو الاشتباك المستمر سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا «يقتصر على فواعل من غير الدول أ...
- من نافذة التاريخ .. نعلم إلى أيّ اتجاه نعبر.. المرصاد نت - متابعات النافذة الذهبيه الوحيده التي يستطيع من خلالها المواطن اليمني أن يطل على مستقبله ويستشرفه هي ماضيه؛ وأقصد بماضيه تاريخه بالمعنى الأوسع إذ ...
- هادي والإصلاح يسعون لتعزيز تواجدهم في محافظة لحج المرصاد نت - متابعات قالت مصادر محلية مطلعة إن “هادي” و “الاصلاح” يسعون لتعزيز تواجدهم في محافظة لحج جنوب البلاد. وأوضحت المصادر أن...
- غريفيث يتوقّع «سلاماً» الشهر المقبل: تفاؤل لا يسنده الميدان المرصاد نت - متابعات أعادت التصريحات التي أدلى بها أمس المبعوث الأممي مارتن غريفيث من الكويت بعضاً من التفاؤل بإمكانية انطلاق عجلة المفاوضات في وقت قريب. لكن ...
- الأنفلات الأمني يفتك بأبناء الجنوب .. تفجير مبني الأمن بشبوة وإنفجار يهز مدينة الحوطة بـ ... المرصاد نت - متابعات فجر مسلحين مجهولين يشتبه بانتمائهم لتنظيم “القاعدة” اليوم الاثنين 23 يناير/كانون ثان 2017 مبنى تابع لقوات الأمن بمحافظة شبوة....