المرصاد نت - متابعات
يوم 2 آب 2014 احتل «المقاتلون» بلدة عرسال وخطفوا جنود الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وقتلوا مدنيين حاولوا الدفاع عن بلدتهم.
لكن التأريخ لفترة احتلال الجرود يوجب التخلي عن السردية التي عممتها منذ عام 2011 آلة إعلامية ربما لم يشهد العالم لها مثيلاً. فالجرود اللبنانية التي تحررت أمس، ليست محتلة منذ عام 2014، بل منذ عام 2011.
عندما اندلعت الحرب السورية لم يكن لبنان بمنأى عنها. وكما فُتِحت الحدود التركية والأردنية و«الإسرائيلية» (الحدود مع الجولان السوري المحتل) والعراقية لدعم «مقاتلي الحرية» أريد للحدود اللبنانية أن تكون ممراً لإسقاط دمشق وحمص وما بعدهما: من وادي خالد إلى تلكلخ ومن عرسال إلى القلمون. ثمة يوم مفصلي صدف أنه عشية عيد الاستقلال عام 2011. يوم 21 تشرين الثاني من تلك السنة، دخلت دورية من استخبارات الجيش إلى عرسال لتوقيف أحد المشتبه في انتمائهم إلى تنظيم القاعدة (يُدعى حمزة القرقوز). مُنعت الدورية من إتمام مهمتها، واختُطِف الجنود، ودُمرت آلياتهم، وسُرِقت أسلحتهم. وبدل التعامل مع الحدث كاعتداء على الجيش أمّن فريق 14 آذار الغطاء للاعتداء على المؤسسة العسكرية. وكـ«برغيّ» في الآلة الضخمة التي تجنّدت لإسقاط سوريا ــ ومن خلفها كل محور المقاومة ــ أتمّ فريق 14 آذار مهمته المطلوبة على أكمل وجه. صارت عرسال، وجرودها، خارج سلطة الدولة. ومضت شحنات السلاح عبرها إلى سوريا بحماية رسمية. توسّعت رقعة سيطرة المسلحين، على جانبَي الحدود، ومعها كانت تكبر الأوهام. قدّر الأميركيون أن سوريا ستسقط. وبعدها، سيبدأ العمل لإسقاط حزب الله، بالضغط أو بالقتال. لم يكن الأمر خفيّاً. لكن آلة الدعاية الضخمة، كانت على الدوام تسعى إلى وضع هذا الهدف جانباً. أما ميدانياً، فالعمل نُفِّذ كما رُسم له: السيطرة على الحدود اللبنانية من الجهة السورية، لفتح طريق إلى البحر الأبيض المتوسط، بعيداً عن محافظة طرطوس السورية، أي عبر عكار اللبنانية. بقي هذا الهدف يراود المعارضين السوريين، وصولاً إلى آب 2014، يوم احتلوا، انطلاقاً من الجرود، عرسال البلدة. مخطط الوصول إلى البحر كشفته الحكومة البريطانية حينذاك، وقائد الجيش (السابق) العماد جان قهوجي، والتحقيقات التي أجرتها المؤسسة العسكرية مع الإرهابيين.
بقيت جرود عرسال محتلة ومعها جرود القاع ورأس بعلبك ونحلة... وصولاً إلى الزبداني السورية. ورغم سحبهم المظاهر المسلحة من شوارع عرسال عام 2014، قويت شوكة «مقاتلي الحرية»، فقتلوا مدنيين لبنانيين وسوريين ظلماً، وأرسلوا السيارات المفخخة، وأطلقوا الصواريخ على قرى لبنانية، وذبحوا عسكريين. لم يضعفهم سوى تحرير الجيش السوري والمقاومة اللبنانية للأراضي السورية المقابلة. ورغم ذلك، بقي تهديدهم قائماً.
التجرد من تأثيرات آلة الدعاية الكبرى يكشف للناظر ما كان يُعَدّ لسوريا ولبنان ودور الجرود في ذلك (قبل «حادثة» القرقوز كانت الجرود منطلقاً لاختطاف الأستونيين السبعة في آذار 2011، ومقراً لاحتجازهم فيها ثم استخدام فدية تحريرهم لتمويل «تنظيم القاعدة» في سوريا). كانت الأرض اللبنانية المحتلة في السلسلة الشرقية إحدى ركائز الأحلام الكبرى بإسقاط سوريا ومعها كل المشرق. لكن قتال المقاومة وحلفائها، أثبت لأصحاب المشروع انهم توهّموا. تكفي قراءة الوثيقة التاريخية التي أدلى بها السفير الأميركي السابق في دمشق روبرت فورد (صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية يوم 19 حزيران 2017)، لتبيان أن واشنطن توهّمت وأن جميع حلفائها في هذا العالم شاركوها العمل على تحويل أوهامها إلى حقيقة. ويكفي أيضاً النظر إلى عنوان الصحيفة نفسها (يملكها الملك السعودي وأبناؤه شخصياً) يوم الجمعة الماضي («صفقة بين «حزب الله» و«النصرة» في عرسال تشمل تهجير معارضين من القلمون إلى إدلب»). تحرير الأرض اللبنانية من محتليها تهجير. وذابحو جنود الجيش معارضون. في عقل المحور الذي عمل على إسقاط سوريا والمقاومة، جرود عرسال أرض لـ«مقاتلي الحرية» الذين يجب ندب هزيمتهم.
معركة الجرود لا تُقاس بالتفاصيل بل بالنظر إلى ما كان يُعَدّ لبلادنا. يوم 2 آب 2017 تحررت الأرض اللبنانية من إرهابيي جبهة النصرة وعادت الجرود إلى الوطن لكن الأهم أن الأوهام الكبرى سقطت إلى غير رجعة.
حسن عليق
المزيد في هذا القسم:
- مفتي عمان يهنئ الأمة الإسلامية بإعادة "آيا صوفيا" مسجدا! المرصاد نت - متابعات هنأ مفتي سلطنة عمان، الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، الأحد، الأمة الإسلامية والشعب التركي ورئيسه رجب طيب أردوغان بقرار إعادة "آيا صوفيا" في...
- العلاقات المصريّة السعوديّة: رأب الصدع أم زيادة التصدّع؟ المرصاد نت - متابعات بعد قطيعة دامت عدّة أشهر يزور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الرياض لعقد قمّة مشتركة مع العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز الزيارة ال...
- السعودية تمنع الخطاب المعادي لليهود بالمساجد وتحذف معاداة الصهيونية من مناهج التعليم المرصاد-متابعات ذكرت وكالة “فرانس برس” الفرنسة اليوم أن السعودية تضغط عبر بوابة التقرب من اليهود؛ على الرغم من تمسكها بتأجيل إقامة علاقة رسمية مع الد...
- السعودية اعتبرت طلب قطر تدويل الحرمين الشريفين عدواناً و"إعلان حرب" المرصاد نت - رآي اليوم لم يعلن وزراء خارجية الدول الأربع التي تفرض حصار برياً وبحرياً وجوياً على دولة قطر عن اتخاذهم أي إجراءات أو خطط "عقابية" جديدة في المؤتم...
- المعارضة تتّحد على إسقاط البشير: «تجمع المهنيين» يرسم خريطة الطريق ! المرصاد نت - متابعات يُمهّد اتحاد قوى المعارضة خلف شعار «إسقاط النظام» الذي يرفعه المحتجون منذ ما يقارب الشهرين لتغيير جذري في خريطة القوى السياسي...
- غداً.. المحكمة العليا ببريطانيا تنظر في شرعية بيع أسلحة للسعودية المرصاد نت - متابعات تنظر المحكمة العليا في بريطانيا غداً الاثنين في مدى شرعية بيع أسلحة بريطانية إلى السعودية.وقالت صحيفة «الغارديان» أمس...
- هل انتهى حزب الله في لبنان المرصاد-متابعاتفي خطابه اليوم رئيس الجمهورية اللبنانية بعد انتخابه وترديده للقسم اكد على تعهده بحصر احتكار السلاح للدولة فقط وعلى عدم القبول بمس سيادة لبنان من ...
- تنديد دولي بقرار ترامب وتحذيرات من التصعيد.. ودمشق تؤكد الجولان سيعود! المرصاد نت - متابعات أكدت الحكومة السورية حقّها في العمل على استعادة الجولان من الاحتلال الإسرائيلي بكل الوسائل الممكنة فيما ركّزت موجة الاعتراض والاستنكار ال...
- المؤتمر الأوّل لـ BDS في الكويت: لا للتطبيع الخليجي.. نعم لمقاطعة إسرائيل المرصاد نت - متابعات انطلقت أعمال مؤتمر مقاومة التطبيع في الخليج بالكويت الذي تنظمه حركة مقاطعة إسرائيل في الخليج تحت رعاية رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغا...
- ترامب يزور السعودية و"إسرائيل" خلال الشهر المقبل المرصاد نت - متابعات كشفت مصادر مسؤولة الأربعاء أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تدرس زيارة رئاسية إلى السعودية والكيان الإسرائيلي في مايو/ آيار المقبل. ...