المرصاد نت - متابعات
منذ بدء لقاءاته مع الأحزاب والفاعلين الاقتصاديين والمنظمات المهنية في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي أعلن رئيس الحكومة المكلّف حبيب الجملي عدداً من المبادئ الكبرى التي سيتبناها في اختيار فريقه. أول تلك المبادئ هو «تحييد» الوزارات السيادية أي تكليف شخصيات غير حزبية على رأس الداخلية والدفاع والعدل والخارجية وثانيها اعتماده في تعيين الوزراء الحزبيين على قوائم بأسماء مقترحة يختار هو منها من يشاء. المنطق الكامن وراء هذا التوجّه الذي تبنّاه الجملي يقوم على إثبات استقلاليته التي شُكّك فيها كثيراً تجاه الأحزاب بصفة عامة و«حركة النهضة» على نحو خاص. بتعبير آخر لا يريد الرجل أن يكون في أعين الرأي العام مجرّد منفّذ لتوجيهات التنظيمات السياسية، ولا سيما منها «النهضة» التي اختارته للمنصب. وهو يتطلّع كما يكرر في أغلب تصريحاته، إلى أن تبعث التشكيلة الحكومية «رسائل كثيرة» عبر تحصيل أكبر حزام سياسي ممكن وإن شمل أحزاباً غير مُمثّلة في البرلمان، وكفاءات مستقلة.
لكن الجملي يواجه منذ اليوم الأول عراقيل تحول دون تحقّق مسعاه. فعلى رغم إعلانه أنه لن يُقصي أحداً من المشاورات إلا أن مواقف عدد من الأحزاب والمنظمات المهنية جاءت سلبية إزاء توجّهه. بداية، رفض «الحزب الدستوري الحر» الذي يدافع بتشدّد عن نظام زين العابدين بن علي وسياساته الجلوس أو التحاور. وهو ما تلاه رفض «حركة النهضة» و«التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب» و«ائتلاف الكرامة» المشاركة في حكومة يتواجد فيها حزب «قلب تونس»، بحجة أن هذا الأخير تلاحقه شبهات فساد مرتبطة بزعيمه نبيل القروي.
كذلك أصدرت «حركة الشعب» نهاية الأسبوع الماضي بياناً انتقدت فيه غياب الرؤية السياسية لطبيعة الحكومة ومهامها واعتبرت أن «الأسلوب والمنهج المعتمدين في تشكيل الحكومة استمرار للفشل» وأعلنت بناءً عليه تعليق مشاركتها في المشاورات. بدوره أعلن «التيار الديمقراطي» انسحابه أيضاً من المشاورات وبرّر موقفه بأن «النهضة» لا تسعى إلا لخدمة مصالحها. وأشار قياديون في الحزب بشكل خاص إلى رفضهم «تحييد» وزارات السيادة ولا سيما أنهم طالبوا منذ البداية بحقائب العدل والداخلية والإصلاح الإداري. وفي الاتجاه نفسه رفض الأمين العام لحركة «تحيا تونس» سليم العزابي المشاركة في الحكومة مختاراً موقعه في المعارضة. ويعود هذا الموقف في جزء كبير منه إلى فكرة «تحييد» وزارات السيادة في ظلّ أخبار رائجة حول رغبة زعيم الحركة يوسف الشاهد الذي يرأس حالياً حكومة تصريف الأعمال في تقلّد حقيبة الخارجية.
في مقابل هذا الرفض الواسع لمنهج حبيب الجملي في تشكيل حكومته لم يبق عملياً في قائمة الأحزاب الوازنة في البرلمان، والمستعدة للمشاركة في الحكم سوى حزب «قلب تونس». في بياناته عقب صدور نتائج الانتخابات الرئاسية، عبّر «قلب تونس» عن استعداده للمشاركة في الحكومة «خدمة للمصلحة الوطنية»، بشروط أهمّها أن يكون رئيسها مستقلاً وقد تحقّق ذلك بتكليف الجملي. والشرط الثاني المهم هو أن يكون الفريق الحكومي مكوّناً من «كفاءات»، وفي هذا يلتقي الجملي مع الحزب إلى حدّ بعيد. لكن مشاركة «قلب تونس» مباشرة في الحكومة تمثل إحراجاً لـ«حركة النهضة» و«ائتلاف الكرامة» المقرب منها، وخصوصاً أنهما خاضا الحملة الانتخابية على قاعدة معاداته سياسياً. وفي واقع الأمر، أثارت تلك المسألة بالفعل نقاشات حادّة داخل التنظيمين، عزّزتها خلافات أخرى حول التوجّه السياسي العام المتّبع منذ انتخاب البرلمان الجديد وكانت من بين آثارها استقالة الأمين العام لـ«النهضة» زياد العذاري من كل مناصبه في الحركة.
في ظلّ كلّ ذلك، يوجد سيناريوان محتملان لتطور الأوضاع. من ناحية يمكن استعادة التوجه المبدئي لـ«النهضة» والقائم على تشكيل حكومة يكون أعضاؤها من «التيار الثوري» لكن هذا يستوجب تقديم تنازلات لـ«حركة الشعب» و«التيار الديمقراطي». ومن ناحية ثانية، يمكن تشكيل حكومة يطغى عليها الملمح التكنوقراطي، مع تطعيمها ببعض المتحزّبين على أمل أن تنال ثقة «ائتلاف الكرامة» و«قلب تونس» في آن واحد إضافة إلى «النهضة». ثمة أيضاً سيناريو ثالث يتمّ بمقتضاه التخلّي عن الجملي وتكليف رئيس حكومة جديد. وعلى رغم أن السيناريو الأخير لا يبدو محتملاً الآن، إلا أن هناك آجالاً ضاغطة تنتهي بعد شهر وبضعة أيام يمكن بعدها لرئيس الجمهورية التدخل وتكليف شخصية من اختياره بتشكيل الحكومة.
المزيد في هذا القسم:
- بعد عملية القدس.. الاحتلال يشنّ حملة اعتقالات وإصابة عدد من الشبّان الفلسطينيين المرصاد نت - متابعات أفادت مصادر فلسطينية بإصابة عدد من الشبان الفلسطينيين خلال تصديهم لقوات الاحتلال الإسرائيلي السبت في قرية دير أبو مشعل غرب رام الله. ك...
- الخطة الأمريكية الجديدة لمواجهة "بریکس" المرصاد نت - متابعات أكد معهد "غلوبال ريسرتش" البحثي التحليلي إن أمريكا تسعى للحدّ من قدرات بلدان مجموعة بريكس"BRICS" من خلال عقود الاتفاقية التجارية الدولية ...
- الطلبة الجزائريون في مظاهرات الثلاثاء المتجدّدة: لا للدولة العسكرية! المرصاد نت - متابعات شارك اليوم المئات من الطلبة الجزائريين في مسيرات الثلاثاء الـ21 للحراك الطلابي الشعبي مجددين المطالب السياسية التي تتصل برحيل رموز نظام ا...
- ارتفاع عدد شهداء فض اعتصام الخرطوم إلى 35 شهيداً! المرصاد نت - متابعات ارتفعت حصيلة اقتحام قوات الأمن السودانية موقع اعتصام المحتجين في مقر قيادة الجيش وسط الخرطوم إلى 35 شهيداً وفق لجنة أطباء السودان ا...
- شاهد بالصورة : إنقطاع الكهرباء عن قصر اليمامة خلال استقبال التعازي بوفاه عبدالله بن عبدالع... انقطعت الكهرباء بشكل مفاجئ الأحد 25 يناير/ كانون الثاني عن قصر اليمامة بالرياض خلال استقبال الملك سلمان بن عبدالعزيز الوفود المعزية بوفاة الملك عبد الله بن عبد ...
- واشنطن و«طالبان» توقّعان اتفاقهما: لا أملَ بسلامٍ قريب! المرصاد نت - متابعات رُسمت خريطة طريق الانسحاب الأميركي مِن أفغانستان في محاولة لطيّ صفحة الحرب الأميركية الكُبرى. بتوقيع «اتفاق تاريخي» بين واشنطن و«طالبان»،...
- أمريكا تنشئ حلف مايسمي"ناتو عربي" لأبتزاز الأنظمة الخليجية من جديد! المرصاد نت - متابعات ادّعت الإدارة الأمريكية عقب إعلانها عن مشروع ما يسمى بـ "حلف ناتو عربي" أن هذه الخطوة "تصبّ في سياق التصدي لإيران والحؤول دون توسع نفوذها ...
- حزب الله يستخفّ بالجدار الإسمنتي: سنتدفق نحو فلسطين المرصاد نت - إيلي الفرزلي بعد سقوط طائرة «أف 16» بمضادات الجيش العربي السوري ازدادت الصورة الإسرائيلية هشاشة. الإجراءات الدفاعية التي تقوم بها إسر...
- «مصر السيسي»: هذا ما بناه مُبارك قبل الرحيل ! المرصاد نت - متابعات هادئاً جدّاً كان رحيل محمد حسني مبارك عن مصر. البلاد التي ثارت بـ«مليونيات» ضدّه لا يستطيع أحد فيها الآن الاعتراض على إعلان الحداد عليه ث...
- الإرهاب الإعلامي: بين تفخيخ الطفولة وتلطيخها بالدماء المرصاد نت - متابعات إرهاب طفولي تكفير إعلامي وشيطنة للملائكة عبارات قصيرة في كلماتها كبيرة في مفهومها تلخّص حجم الكارثة التي يمرّ بها أطفالنا اليوم تارةً بسب...