المرصاد نت - متابعات
من دون أن تُترجم مساعيه على الأرض، يحاول الرئيس عمر البشير سحب فتيل الأزمة الاقتصادية التي أشعلت الاحتجاجات المستمرة للشهر الثاني على التوالي معتمداً في ذلك على الخارج، وتحديداً المساعدات من دول وصفها بـ«الصديقة»، بعضها تتنافس في البحر الأحمر وتخشى انجراف «بوابة أفريقيا» إلى الفوضى أو من خلال خَطب ودّ الولايات المتحدة سعياً إلى رفع اسم السودان من قائمة «الدول الراعية للإرهاب»، في شهر حزيران/ يونيو المقبل مثلما توقع وزير النفط، أزهري عبد القادر أول من أمس. لكن مساعي البشير الخارجية تصطدم في الداخل بتصميم المحتجين على المضي إلى آخر الشوط في معركتهم مع النظام.
وفي أسبوع جديد من التظاهرات انطلقت أمس ــــ بعد صلاة الجمعة ــــ في العاصمة الخرطوم ومناطق وسط البلاد مسيرات شارك فيها المئات فيما دعا «تجمع المهنيين السودانيين» إلى تظاهرات ليلية في الأحياء اليوم (السبت) واعتصامات غداً (الأحد) في ميادين تُعلن لاحقاً والخروج بـ«مواكب الريف» الاثنين و«مواكب الشهداء» الثلاثاء والتجمع الأربعاء المقبل الذي سيكون يوماً للاعتصامات. كما حدّد «التجمع» يوم الخميس موعداً لانطلاق «موكب الزحف الأكبر» من كلّ مدن السودان وقراه.
لكن السعودية أكدت أمس بعد شهر وأسبوع من اندلاع الاحتجاجات أنها «لن تتأخر» عن دعم السودان «تقديراً لجهود السودانيين في مجال التعليم» في المملكة. ومثلما أرسل البشير آلاف الجنود للمشاركة في العدوان على اليمن تحت شعار «أمن الحرمين خط أحمر» نقل الوفد الوزاري السعودي الذي زار الخرطوم أمس «بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين» عن الأخير قوله إن «أمن السودان أمن للسعودية واستقراره استقرار لها» لافتاً إلى أن هناك «خطة عمل واضحة وزيارة لاحقة لرجال أعمال سعوديين للسودان في هذا الصدد» وفق ما أعلن وزير التجارة والاستثمار السعودي ماجد القصبي. وفي إطار جولة للبشير إلى عدد من الدول العربية استهلّها الأسبوع الماضي بزيارة قطر أعلنت الحكومة أمس عن زيارة مرتقبة للرئيس للكويت (لم تحدّد موعدها) حيث «سيناقش العلاقات الثنائية بين البلدين والمبادرة الكويتية لحل الأزمة الخليجية» بحسب «المركز السوداني للخدمات الصحافية» المقرب من الحكومة.
ربما استطاع البشير بعلاقاته الخارجية المتوازنة مع دول الخليج وتركيا ومصر كسب الدعم لمواجهة الأزمة الاقتصادية غير أن التحدّي الأكبر الذي يواجهه حكمه المستمرّ منذ ثلاثين عاماً لا يبدو محصوراً اليوم بـ«النقود والوقود والقوت» مثلما وصّف الأزمة الناطق الرسمي للحكومة بشارة جمعة. كما لم تعد المسألة الاقتصادية تمثل العنوان العريض لوصف أسباب الاحتجاج إذ حلّ محلها شعار «إسقاط النظام» الذي بدأ المحتجون يردّدونه في وقت ظنّ فيه البشير أنه مجرد شعار شعبوي مشبّهاً ما يجري في البلاد بما حصل إبّان ما سُمي «الربيع العربي» عام 2011.
لكن اليوم باتت الأزمة السياسية تطغى على التظاهرات التي تتخذ شكلاً منظّماً يوماً تلو آخر وأسبوعاً بعد أسبوع مع اتساع رقعة قوى المعارضة الداعمة لها والتي انضمّ إليها أمس، زعيم حزب «الأمة» القومي المعارض الصادق المهدي الذي كان قد عاد من منفاه الاختياري بالتزامن مع اندلاع الاحتجاجات من دون أن ينضم حينها إلى القوى الموقعة على «ميثاق التغيير» والتي تعمل على جدولة التظاهرات في عموم البلاد مكتفياً بطرح «وصفة للحل» أمام الآلاف من أنصاره الذين تجمهروا لاستقباله تتلخص في إعداد مذكرة لـ«الخلاص الوطني يوقّع عليها جميع أبناء الوطن وممثلو الأحزاب السياسية والمجتمع المدني» ما أدى إلى انسلاخ عدد من أنصاره عنه مِن الذين عابوا خطابه وكانوا قد تهيأوا للنزول إلى الشوارع.
ثمة خريطة طريق للمعارضة بدأت تتبلور سواء من خلال برامج التظاهرات والشعارات أو الدعوات إلى تأليف حكومة انتقالية. وهو ما جدد الدعوة إليه أمس المهدي الذي كان رئيساً للوزراء في فترتَي 1967 - 1969 و1986 - 1989 تماشياً مع إعلان 22 من الأحزاب السياسية التي كانت موالية للنظام، مطلع الشهر الحالي رغبتها في الاحتكام إلى حكومة انتقالية يتوافق عليها الجميع الأمر الذي اعتبره حزب البشير يومذاك دعوة للقوات المسلحة إلى «انقلاب عسكري».
المزيد في هذا القسم:
- وما الحرب؟ بداية الألفية الثالثة: في تراكم مراحل الحرب وتأوّجها ! المرصاد نت - متابعات في الزمن الذي كانت فيه الولايات المتحدة الأميركيّة والرأسماليّة العالمية تحتفل بالانتصار على المعسكر السوفياتي وحلف وارسو، وتشعر بقوة لا ...
- هل تُعاد الانتخابات البرلمانية العراقية بعد إحراق مخازن صناديق الاقتراع؟ المرصاد نت - متابعات دعا رئيس مجلس النواب العراقي المنتهية ولايته سليم الجبوري اليوم إلى ضرورة إعادة الانتخابات البرلمانية على إثر حريقٍ كبير أتى على أكبر مخا...
- روسيا تسلم سوريا منظومة الدفاع الجوية “إس 300” بالإضافة إلى مقاتلات اعتراضية متطورة المرصاد نت - متابعات أعلنت وزارة الدفاع الروسية امس الثلاثاء تسليم سوريا منظومة الدفاع الجوية المتطورة “إس 300″، بالإضافة إلى مقاتلات اعتراضية متط...
- ترامب يكشف هشاشة إسرائيل: لولا بني سعود... لرحلَتْ ! المرصاد نت - علي حيدر لا تقتصر أبعاد موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن دور النظام السعودي في حماية وجود إسرائيل وأمنها على السياق التوظيفي الداخلي في السجا...
- عشقي السعودية يكشف عن اعتزامه زيارة تل أبيب مرة أخرى المرصاد نت - متابعات كشف مهندس التطبيع السعودي مع العدو الصهيوني والمسؤول السابق بالمخابرات السعودية أنور عشقي عن زيارة تل أبيب مرة أخرى ، وذلك في سياق سعي...
- واشنطن بوست: الهجمات على أرامكو ضربة موجعة للسعودية! المرصاد نت - متابعات تناولت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية الهجمات الكبيرة التي استهدفت قلب "إمبراطورية النفط" السعودية أمس السبت مشيرة إلى أنها موجة من هجمات ...
- مشروع "الناتو العربي" لا يردع الأعداء ولا يُغري الأصدقاء المرصاد نت - متابعات في السياسة كما في الدراما يرتسم مشهد فاصل يمكن للمرء من خلاله أن يضع حداً لما كان ولما سيكون. ويتّسع المشهد ويضمر بقدر اتّساع وضمور اللاع...
- سابقة ليست جديدة بين الحُكّام العرب وبن سلمان ! المرصاد نت - متابعات الجولة التي قام بها وليّ العهد السعودي محمّد بن سلمان إلى بعض الدول العربية ما هي إلا محاولة لاستعادة ثقته بنفسه أكثر من تبييض وجهه قبل أ...
- الغارديان: ترامب حقق المستحيل.. توحيد إيران! المرصاد نت - متابعات كتبت الباحثة في مركز "سنتشوري فونديشن" للدراسات دينا اسفندياري مقالة في صحيفة "ذا غارديان" البريطانية قالت فيها إنه بالنسبة للإيرانيين، ك...
- الأسباب التي سمحت للسعودية بلعب دور يفوق حجمها الطبيعي رغم فشلها المرصاد نت - متابعات تعتمد الدول كما الأفراد على عنصرين رئيسيين في سبيل تحقيق الأهداف المتوخّاة الأول ظاهر والآخر خفي ورغم أن القدرات الصلبة لهذه الدول ...