المرصاد نت - متابعات
"لو كان أبنائي الثلاثة في طائرةٍ تواجه الخطر وخُيّرت أن تنزل في الدوحة أو تسقط في البحر لفضّلت الثانية". حاكِم البحرين الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة (من 1942 إلى 1961).
عرفت علاقات قطر بدول المُقاطعة الأربع حالةً من المدّ والجَزْرِ. فالدولة التي توصَف بالإمارة الصغيرة في المنطقة يؤخَذ عليها لعبها لدورٍ أكبر من حجمها تحديداً بعد اندلاع ما يُسمَّى بـ"الربيع العربي" مُستخدِمةً القوّة الناعِمة والمال الوفير.
الصِدام الأبرز بين السعودية وقطر يعود إلى العام 1992 حين وقعت حادثة "الخفوس" الحدودية ولكنه ما كان سوى محطّة من محطّات صِراعٍ مستمرٍ منذ تأسيس الدولة القطرية المُستقلّة عام 1971.
الصِدام الأبرز بين قطر والبحرين يعود إلى عام 1986 حيث اندلع نزاع مُسلّح بين الدولتين على هويّة أرخبيل جزر الحوار أحيلت على خلفيّته القضية إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي التي أصدرت عام 2001 حُكماً مُلزِماً بالسيادة الكاملة للبحرين على جزر الحوار، بينما حكمَت لقطر بسيادتها على مدينة الزبارة وجزر جنان وحد الجنان وفشت الديبل.
الصِدام الأبرز بين قطر والإمارات يعود إلى عام 1995 بعد إطاحة حمد بن خليفة آل ثاني بوالده ليصبح أمير قطر آنذاك ومَنْح الإمارات اللجوء إلى الوالد المخلوع في أبو ظبي.
ولكن ما بعد الاحتجاجات التي شهدتها بعض الدول العربية عام 2011 ليس كما قبلها. في الخامس من آذار/مارس 2014 استدعت كلٌ من السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين سفراءها لدى الدوحة. أنجبت الأزمة الأولى التي طالت تسعة أشهر اتفاق الرياض التكميلي لاتفاق الرياض العام 2013. أبرز ما تمّ التوافُق عليه في الاتفاقين كان عدم التدخّل في الشؤون الداخلية لأيّ من دول المجلس بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشر وعدم دعم الإخوان المسلمين أو أيّ من المنظّمات التي تُهدِّد أمن واستقرار دول المجلس، وعدم قيام أيّ من دول مجلس التعاون بتقديم الدعم لأية فئة كانت في اليمن ممَن يشكّلون خطراً على الدول المجاورة لليمن، والتزام كافة دول المجلس بدعم مصر ووقف النشاطات الإعلامية التي تُسيء إليها.
في حقيقة الأمر لم تلتزم الأطراف المعنية مباشرة بما تمّ التوقيع عليه، فكان أن تجمَّع جَمْرٌ تحت الرَماد.
في مُنتصف العام 2017 عاد الصِراع لينفجر مُجدَّداً بوجهِ قطر ولكن أضيفت مصر إلى الدول الثلاث وذلك بعد إشاعة ما نُسِبَ من كلامٍ لأمير البلاد تميم بن حمد عَبْر وكالة الأنباء القطرية.
مطالب "المُصالحة" الـ13 التي فُرِضت على قطر في هذه الجولة وصِفَت بالتعجيزية وبخاصةٍ المطلب الذي يتعلّق بوجه قطر الإعلامي والآخر المُتعلّق بـ"السيادة". أما الهدف فهو واضح يرمي إلى تحجيم دور هذه الدولة في مُحيطها المباشَر وفي الإقليم.
وربما يجدر بنا أن نُشير إلى ما اعتبره أستاذ العلوم السياسية الدكتور غانم النجار الأسباب الاستراتيجية للأزمة الخليجية إذ يقول بأن تضارُب المشاريع في دول الخليج هو ما أدّى إلى الوضع الراهِن.
يُعدِّد الدكتور نجار ثلاثة مشاريع في الخليج، ويقول بأن هناك مشروعاً قد اكتمل وهو المشروع القطري من الناحية السياسية (وصول تميم بن حمد) والعسكرية (قواعد أجنبية) والاقتصادية (التركيز على توسيع إنتاج الغاز وتنظيم كأس 2022) والإعلامية في حين أن هناك مشروعاً في نهايات الاكتمال وهو الإماراتي ومشروعاً في بداية التكوين وهو السعودي.
ولكن فلنعد إلى ما هو جديد. عقب اندلاع الأزمة الأخيرة دخلت الكويت على خط الوساطة باعتبارها طرفاً مقبولاً من قِبَل الجميع وتمكّنت على لسان أميرها من وقف تدخّل عسكري سعودي ضدّ الدوحة. وها هي اليوم تُعلن عن بُشرى سارّة بشأن الأزمة من دون الدخول في التفاصيل. فهل فعلاً هناك مؤشّرات حلحلة ما؟
في الـ27 من الشهر الفائت لفت وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الى أن محادثات تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي في السعودية شارك فيها مسؤولون قطريون وإلى أن التعاون الأمني مع قطر مستمر. البعض توقّف عند هذا الكلام ولكنه في الواقع لم يأتِ بأيّ جديدٍ إذ أن قطر شاركت بداية هذا العام في تمرين "درع الخليج المشترك 1" من دون أن يؤدّي ذلك إلى أيّ تقدّمٍ في حل الأزمة.
من الواضح بأن هناك فصلاً بين ما هو أمني وعسكري في العلاقات الخليجية وبين ما هو دبلوماسي وسياسي. فعلى العَلَن لم يظهر حتى اللحظة ما يؤشِّر إلى تقدمٍ ما في حل هذه القضية بل على العكس، تواجه قطر اليوم المطالب الـ13 لدول المُقاطعة والمبادىء الستة بشروطٍ ثلاثةٍ رفعتها منذ مدّةٍ قصيرة: الاعتذار للشعب القطري رَفْع الحِصار المفروض على الدوحة منذ اندلاع الأزمة والجلوس إلى طاولة الحوار.
يصعب على الرياض قبول الشرط الأول، فصورة المملكة ما بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول لا تتحمّل مزيداً من الاهتزاز والانتقاص، خصوصاً مع تشديد وزير الخارجية القطري على أن "عودة المياه إلى مجاريها مع دول الحِصار مستقبلاً لا تعني عودة السياسة السابقة".
كما أن السعودية الجديدة بقيادة وليّ العهد محمّد بن سلمان هي اليوم قاب قوسين أو أدنى من الرضوخ لوقف حربها "القذرِة" على اليمن المستمرّة منذ أكثر من 3 سنوات، ووَصْف "القذرِة" منسوب إلى وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان.
نقول "الرضوخ" لوقف الحرب استناداً إلى كلام وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس. هذا المسار الذي حدَّده الأميركي لإنهاء الحرب على اليمن لم نرَ ما يُشبهه حتى الساعة في الأزمة الخليجية التي استثمر بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
يقول وليّ العهد السعودي محمّد بن سلمان في حواره مع وكالة رويترز بأن أزمة قطر صغيرة جداً جداً. قد تكون كذلك إذا ما تيقّنا بأنها قد تنتهي بكلمةِ سرٍّ أميركيةٍ ووساطةٍ كويتيةٍ صادِقةٍ، ولكن حِصادها سيكون أسوأ بكثير مما يظّنه الأمير السعودي.
كتب : رانا أبي جمعة - إعلامية وكاتبة لبنانية
المزيد في هذا القسم:
- انطلاق نقاشات «بريكست»: ماي تتلقّى الصفعة الأولى من البرلمان ! المرصاد نت - متابعات بدأ النواب البريطانيون أمس خمسة أيام من النقاشات بشأن شروط «بريكست» دشّنت بضربة قاسية لتيريزا ماي عبر تصويت غالبية البرلمان ل...
- اردوغان يحكم قبضته على الاستخبارات ورئاسة الاركان المرصاد نت - متابعات أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان السبت، انه يريد وضع وكالة الاستخبارات ورئاسة اركان الجيش تحت سلطته المباشرة وذلك بعد اسبوعين من مسرحية...
- الجيش يتقدم في ريفي حمص وحماة ويصدّ «داعش» في دير الزور المرصاد نت - متابعات يركّز الجيش العربي السوري وحلفاؤه عملياتهم في محيط مدينة تدمر الشرقي وفي الريف الشرقي لحمص وحماة بالتوازي مع تثبيت نقاط وقواعد ارتكاز في ...
- الجيش السوري يفك الطوق عن ادارة المركبات بحرستا ويتقدم في أدلب المرصاد نت - متابعات حرر الجيش العربي السوري وحلفاؤه منطقة المطاحن وفكوا الطوق بشكل نهائي عن ادارة المركبات في حرستا بريف العاصمة السورية دمشق. وافاد مصدر ...
- «داعش» يضرب في كابول: «السلام» لا يبدو وشيكاً ! المرصاد نت - متابعات لا تشي صور ضحايا «الزفاف الأحمر» في العاصمة الأفغانية كابول بأي سلام مقبل في هذا البلد وإن كانت الوعود تقول خلاف ذلك. الهجوم الانتحاري ال...
- العربية والجزيرة ركزتا على "ميسي" وتجاهلتا أسماء الأسر الحاكمة .. الإعلام الخليجي وفضيحة ... متابعات : استيقظ العالم صباح الاثنين على خبر تسريب 12 مليون وثيقة عن إنشاء شركات بأموال شخصيات متهربة من الضرائب في بلدانها.رؤساء دول وحكومات ووزراء وملوك وأمر...
- ترامب: الخيار العسكري ضد إيران ما زال مطروحاً على الطاولة! المرصاد نت - متابعات قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم السبت إن الخيار العسكري ضد إيران "ما زال قائماً ومطروحاً على الطاولة". وأضاف "سنفرض مزيداً من العق...
- من أجل إقصاء الحاكم وتغيير النظام في العالم العربي ! المرصاد نت - متابعات تصطدم الحركة الشعبيّة في الجزائر والسودان بواقع صعب: نجحت الحركتان في إقصاء الحاكم لكنهما لم تغيّرا النظام بعد. الحركة الشعبيّة في البلدي...
- السيسي: لا أزمة بين مصر وإثيوبيا والسودان ونحن "دولة واحدة" المرصاد نت - متابعات أكّد الرئيس عبد الفتاح السيسي ألا أزمة بين مصر وإثيوبيا والسودان وأن الدول الثلاث "دولة واحدة" جاء ذلك في القمة الثلاثية التي عُقدت بين ا...
- مقتل 6 في باكستان إثر زلزال قوي ضرب جنوب آسيا متابعات : قتل ستة أشخاص في أنحاء شمال باكستان إثر زلزال قوي ضرب مدن كبرى في جنوب آسيا مطلع الأسبوع بحسب ما أفادت به السلطات اليوم الإثنين. وأفزع زلزال قوت...