المرصاد نت - نور أيوب
«تصريحه حُرّف» هذا ما يؤكّده مقربون من حيدر العبادي في تعليقهم على موقفه من العقوبات الأميركية على إيران. موقفٌ «كان بالغنى عنه» إذ تسبّب بفتح اشتباكٍ سياسي محليّ يحمل بُعداً إقليمياً تحت عنوان: من «الوفي» لطهران؟ حربٌ من البيانات «خوّنت» العبادي أمس وإذا ما جُمعت مع أحداث الأيّام الماضية فإن ما جرى يدور في فلك «الولاية الثانية» والتي تبتعد عن الرجل شيئاً فشيئاً، فهل يدفع العبادي ثمن موقفه الرمادي؟
مفاجئاً كان موقف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إزاء العقوبات الأميركية على إيران. حلفاء الأخيرة في «بلاد الرافدين» لم يستسيغوا موقف رئيسهم متخذين من عبارة الشاعر الأموي الفرزدق «قلوبهم معك... وسيوفهم عليك» توصيفاً لقرار العبادي الداعي إلى الالتزام بالعقوبات الأميركية من دون أن «يتعاطف» معها.
العبادي الطامح لنيل «الولاية الثانية» والمدرك جيّداً أن حلمه مرهونٌ بتوافقٍ غير مباشر بين واشنطن وطهران على شخصه بات بعيداً نوعاً ما من السباق الرئاسي ليس من موقفه الأخير فحسب وتداعياته بل إنّ الرجل أبدى أمام عددٍ من زوّاره «تفهّمه» للموقفين الإقليمي والدولي إذ وقع «الخيار» على شخصٍ آخر لتبوّؤ منصبه الأمر الذي فسّره البعض شعور العبادي بأن «أيّامه معدودة».
العبادي وفي مطالعةٍ أمام زوّاره لتجربة سلفه نوري المالكي أكّد أن «عهداً مليئاً بالإنجازات» أفضل من «ولايةٍ ثانية قد تأتي بكارثة» في إشارةٍ منه إلى القضاء على «داعش» مطلع العام الحالي من جهة وخوفاً من أن تكون ولايته الثانية كارثيّةً كسقوط مدينة الموصل في حزيران 2014. كذلك فإن رئيس الوزراء المنتهية ولايته حرص قبيل إجراء الانتخابات النيابية (12 أيّار الماضي) على إطلاق حملةٍ للقضاء على الفساد والفاسدين في مؤسسات الدولة إلا أنّه اكتفى بالشعارات حينهاـ ليعود مطلع الأسبوع الحالي إلى إطلاقها مجدّداً، في محاولةٍ منه لامتصاص غضب الشارع المتزايد (تدخل التظاهرات اليوم شهرها الثاني) والمندّد بسوء الخدمات الحكومية والفساد المستشري في أجهزة الدولة وإداراتها وارتفاع نسبة البطالة عدا عن أن الموقف الأخير لـ«المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني) كان حازماً بضرورة تلبية المطالب الشعبية والقضاء على الفساد والفاسدين وإلا فإن «الغضب السلمي» سيأخذ مساراً تصاعدياً و«عندئذٍ سيكون للمشهد وجهٌ آخر مختلفٌ عما هو عليه اليوم».
إذاً موقف العبادي لا يُحسد عليه: محليّاً و«شرعيّاً» وإقليميّاً أيضاً. محليّاً بات واضحاً أن الشارع ناقمٌ على أدائه في الفترة الأخيرة محمّلاً إيّاه مسؤولية الفشل في تحسين الواقع المعيشي بمختلف جوانبه. الأزمة الكهربائية والمائية كانت «القشّة التي قسمت ظهره». انفجر الشارع الجنوبي وما زال؛ حيث كان لافتاً أمس، تظاهر العشرات من جرحى الجيش في محافظة الديوانية للمطالبة بحقوقهم المالية والإدارية مهددين بـ«الاعتصام المفتوح» إن لم تستجب الحكومة لمطالبهم. وفي تطوّرٍ لافتٍ أيضاً قرّرت وزارة الداخلية أمس «حظر تنظيم الاعتصامات المخالفة للقانون» من دون أن تقدّم تفاصيل إضافية ما ينذر بإمكان وقوع مواجهةٍ بين القوى الأمنية والمتظاهرين الأمر الذي سيزيد المشهد الجنوبي تعقيداً وخطورة. «شرعيّاً» وهو ما يمكن أن يُستشّف من المطّلعين على موقف «المرجعية» أن الأخيرة غير راضيةٍ عن أدائه وأداء الطبقة السياسية أيضاً. خطاباتها تشي بذلك والمعايير التي حدّدتها للرئيس المقبل (شخصية قوية، حازمة، شجاعة) لا تنطبق على شخص العبادي الباحث دائماً عن حلولٍ ترضي جميع القوى (محليّاً، وإقليميّاً، ودوليّاً)؛ وعليه فإنّ الرجل بات خارج «خيارات» النجف.
إحالة العبادي الأخيرة لعددٍ من المسؤولين إلى «هيئة النزاهة» حاول فيها إثبات «قوّته وعزمه» وأنّه المرشح «الأنسب» لرئاسة الوزراء إلا أن حديث «الأروقة السياسية» يؤكّد أن «الوقت قد فات... والحديث عن خياراتٍ أخرى قد انطلق».
إقليميّاً موقف العبادي إزاء العقوبات الأميركية جاء مخالفاً لما اشتهاه. حلفاء إيران ــ ومنافسوه ــ من قوى «البيت الشيعي» في بيانات الأمس سعوا إلى استثمار موقف العبادي للطعن في «وفائه» للعرفان الإيراني وتحريضاً ناعماً لطهران على رئيسٍ يتماشى مع الرغبات الأميركية ضد الجمهورية الإسلامية. فموقف «حزب الدعوة» (الحزب الحاكم، وينتمي العبادي إليه) جاء مخالفاً لموقف العبادي وموقف المالكي أيضاً ودعوته لخلفه أن «لا يكون طرفاً في العقوبات على إيران» إلى جانب مواقف الفصائل المقاومة التي أعربت عن «صدمتها» تجاه موقف الحكومة الاتحادية وتأكيدها أن «هذا الموقف هو غير ملزم للحكومة العراقية المقبلة».
طهران لم تخرج بموقفٍ رسمي تردّ فيه على بغداد إلا أن العارفين بطبيعة العلاقة القائمة بين بغداد وطهران يؤكّدون أن دوائر قرار الأخيرة «متأسفة» على موقف العبادي في وقتٍ ينفي مقربون من العبادي أي حديثٍ من هذا النوع بل يلفتون إلى أن العبادي «ملتزمٌ بالعقوبات الخاصّة بالتعامل بالدولار» لأن «التعامل بالدولار مع إيران سيعرضنا للعقوبات ويضر بشعبنا... ولا يمكن أي دولةٍ أن تتحدى ذلك، حرصاً على ثبات عملتنا».
أكّد رئيس وزراء «إقليم كردستان» نيجيرفان البرزاني، أن الحلول الجذرية للخلافات الواقعة بين أربيل وبغداد تنتظر تشكيل الحكومة الاتحادية المقبلة على أن تبدأ مفاوضات تشكيلها «الفعليّة» بعد التصديق على نتائج الانتخابات البرلمانية. وقال في مؤتمر صحافي إن «الشعب العراقي يستحق حياةً أفضل وهذا يعتمد على إرساء الاستقرار السياسي الذي لن يتحقق دون معالجة المشكلات، ومنها الخلافات مع الإقليم» واصفاً اجتماعه الأخير برئيس الوزراء حيدر العبادي في بغداد بـ«الجيّد إلا أن الحلول الجذرية للخلافات بين أربيل وبغداد بانتظار تشكيل الحكومة المقبلة». واستطرد قائلاً إن «العلاقات مع بغداد ودول المنطقة عادت إلى طبيعتها وليس لدينا أيّ خطوط حمراء على أحد في بغداد وما نريده ليس شروطاً» مطالباً الأخيرة بـ«تحكيم الدستور من أجل تحقيق الاستقرار».
المزيد في هذا القسم:
- أوروبا تفشل في الاتفاق على أزمة المهاجرين المرصاد نت - متابعات أخفق القادة الأوروبيون في اليوم الأخير من قمتهم في بروكسل أمس في الاتفاق على حلّ نهائي لمسألة المهاجرين التي أبرزت الخلاف العميق بين دول ...
- حراك الريف بالمغرب يستمر بعد القبض على زعيم الحركة الإحتجاجية المرصاد نت - متابعات تواصلت المظاهرات في مدينة الحسيمة المغربية مساء أمس الأثنين بعد أن اعتقلت الشرطة المغربية زعيم الاحتجاجات ناصر زفزافي. وفي هذا السياق ...
- زيارة الأسد إلى إيران تتويج الانتصار وسقوط أهداف الحرب الإرهابية ! المرصاد نت - متابعات اعتبر اللواء قاسم سلیماني قائد "فیلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني لقاء الرئیس بشار الأسد مع المرشد الأعلى السید علي خامنئي في طهران ال...
- إلى أي مدى أصبحت طرق الحل مسدودة في مباحثات جنيف؟ المرصاد نت - متابعات انطلقت يوم الثلاثاء الماضي في مدينة جنيف السويسرية، جولة جديدة من مباحثات جنيف لوضع حل للصراع الدائر في سوريا منذ ما يقارب السبع سنوات. ...
- وما الحرب؟ حرب تحرير الجنوب اللبناني والبقاع الغربي ! المرصاد نت - متابعات كان قرار الإمام الخميني منتصف حزيران 1982 تاريخياً مهّد لمرحلة جديدة في الصراع العربي – الصهيوني ليس عن طريق تحوّله إلى صراع إسلامي – صهي...
- السعودية أكبر زبائن السلاح الأمريكي في عهد أوباما المرصاد نت - متابعات باعت واشنطن أسلحة للخارج بأكثر من 278 مليار دولار خلال ثماني سنوات والرياض كانت أكبر الزبائن في عهد الرئيس الأميركي أوباما بلا منازع. ...
- "داعش" عند مفترق طرق: هل يعود مجدداً؟ المرصاد نت - متابعات نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تحقيقاً مصوراً عن واقع تنظيم "داعش" بعد سقوط دولته وخسارته الأراضي التي كان يسيطر عليها في كل من العراق وسوريا، ...
- الملك السعودي يطيح بولي عهده ويعين نجله محمد بن سلمان مكانه المرصاد نت - متابعات عيّن العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز فجر الأربعاء نجله الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد بموجب أمر ملكي أعفى فيه الأمير محمد بن نايف من...
- تويوتا تؤكد .. دول الخليج اشترت سياراتنا وسلمتها لـ”داعش” المرصاد نت - متابعات أسفرت التحقيقات التي أجرتها شركة تويوتا اليابانية لتصنيع السيارات أن دول السعودية وقطر والامارات والاردن متورطة بدعم تنظيم داعش في سور...
- العالم على أبواب الحرب العالمية الثالثة أكثر من أي وقت مضى المرصاد نت - الكسندر دوغين كما سبق أن قلنا مرات عديدة فإن الجانب الرئيسي من هذا الموسم السياسي ليس الانتخابات إنما هو الحرب ولكن إذا كان للانتخابات أهمية في مك...