المرصاد نت - متابعات
تتالت خلال اليومين الماضيين ردود الفعل المندّدة بحملة الاعتقالات التي نفذتها السلطات السعودية ضد نشطاء مهتمين بالدفاع عن حقوق المرأة. حملة رأى فيها معارضون «رسالة ترهيب» إلى دعاة الحقوق الاجتماعية والسياسية في حين قرأتها الأوساط الغربية على أنها نزوع لدى محمد بن سلمان إلى الاستئثار بـ«إنجاز» السماح للنساء بقيادة السيارة
يبدو أن حملة الاعتقالات التي نفذتها السلطات السعودية ليل الخميس ــ الجمعة بحق نشطاء مدافعين عن حقوق المرأة ستكون باكورة لـ«عملية تطهير» جديدة تستهدف هذه المرة مروحةً أوسع من «الخونة» بحسب توصيف الإعلام الرسمي وتتخذ أشكالاً أقلّ استحياءً وأكثر عنفاً مما شهدته «اعتقالات الريتز» وغيرها من الحملات التي نُفّذت تحت قيادة ولي العهد، محمد بن سلمان. مردّ ذلك سببان تجلّيهما بوضوح هويات المعتقلين أخيراً: أولهما أن ابن سلمان، وبعد سلسلة طويلة من القرارات التي مسّت التقاليد الدينية والاجتماعية المتقادمة في المملكة، يحتاج إلى خطوة استرضائية للمؤسسة الدينية وأنصارها، من النوع الذي يظهر قراراته استجابة لمعطىً داخلي وليس تفاعلاً مع مطالب نشطاء «متغرّبين».
وثانيهما أن الأمير الشاب يريد إفهام كل من يدور في فلك المطالبة بالحقوق الاجتماعية والسياسية أن لا مجال لأي «إصلاحات» في المملكة سوى ما يرتئيه الحاكم ويقرّره بناءً على حسابات خاصة به وبالتالي سيظلّ ممنوعاً العمل وفق «أجندة مشبوهة» لا يُقصد بها إلا الدعوة إلى إصلاحات سياسية.
يوم أمس توقعت صحيفة «عكاظ» السعودية أن «يُعلَن لاحقاً احتجاز أشخاص آخرين لهم صلة» بأنشطة المعتقلين السبعة الذين عُرف منهم: لجين الهذلول، عزيزة اليوسف، إيمان النفجان إبراهيم المديميغ وعبد العزيز المشعل ومحمد الربيعة ما يعني أن الحملة الجديدة قد لا تقتصر على من تمّ الزجّ بهم في السجون حتى الآن (وهو ما لمّحت إليه أيضاً حسابات تابعة للسلطات على موقع «تويتر»)، تمهيداً لإنزال عقوبات بحقّهم، قد تصل حدّ «القتل تعزيراً» بحسب ما أشارت إليه الصحيفة خصوصاً أن السلطات وجّهت إليهم تهمة «التواصل المشبوه مع جهات خارجية...
وتقديم الدعم المالي للعناصر المعادية في الخارج بهدف النيل من أمن واستقرار المملكة وسلمها الاجتماعي والمساس باللحمة الوطنية». تهمة لا يبدو مفهوماً توجيهها إلى شخصيات كالهذلول التي تصدّرت حملات كسر الحظر على قيادة المرأة للسيارة والأكاديمية في جامعة الملك سعود النفجان المعروفة بدعواتها إلى تمكين المرأة والأستاذة الجامعية المتقاعدة اليوسف الساعية إلى إسقاط قانون الولاية والمحامي المديميغ الذي سبق له أن تولّى الدفاع عن الهذلول لدى اعتقالها عام 2014، والناشط الربيعة الذي تربطه صلات بأولاد اليوسف.
لكن إذا ما نُظر إلى أن معظم هؤلاء معروفون لدى وسائل الإعلام الغربية، وتربطهم صلات بالمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، يصبح مفهوماً أن يتمّ اعتقالهم وتشويه صورتهم قبيل حوالى شهر فقط من الموعد المفترض لدخول قرار السماح للنساء بقيادة السيارة حيّز التنفيذ (24 حزيران/ يونيو)، وأن تتبع عملية اعتقالهم حملة إعلامية ضخمة موجّهة ضدهم وصلت حدّ وصفهم بـ«العملاء» و«الخونة» و«المتآمرين».
ذلك أن ابن سلمان الذي أقدم خلال الأشهر الماضية على مجموعة خطوات بدت كفيلة بقلب أعراف المملكة رأساً على عقب، يهمّه اليوم توجيه رسالة طمأنة إلى الجناح الديني وامتداداته الاجتماعية وكسب رضا المناوئين لقراراته والساخطين عليها من خلال شهر العصا في وجه من يُتّهمون بالسعي إلى تبديل هوية المجتمع السعودي بالاستقواء بثقافتهم الغربية، وتحوير ماهية خطواته حتى لا تظهر وكأنها «خطة لإحداث دين جديد» كما يقول الداعية السعودي عادل الكلباني في أحدث تنظيراته في صحيفة «الرياض» لـ«التغيير الحسن» الذي يقوده ابن سلمان.
هذه الرسالة توازيها رسالة أخرى موجّهة إلى كل من «يتلطّى خلف مسميات مطاطة من مثل ناشط أو حقوقي» على حدّ توصيف الصحف السعودية مفادها أن «الإصلاح» الذي صدّع ولي العهد رؤوس الإعلام الغربي به لدى زيارتَيه الأخيرتين إلى كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنما هو مفصّل على مقاس ابن سلمان وأن السماح للنساء بقيادة السيارة بعد طول انتظار لا يعني بتاتاً رفع الحظر عن أي دعوة ذات طابع سياسي أو حتى اجتماعي مغاير لما تريده «هيئة الترفيه» التي أنشأها نجل الملك. وهو ما أكّده باحثون سعوديون بوصفهم الاعتقالات الجديدة بأنها «رسالة ترهيب وتسكيت لأي صوت لا يزال يتكلم»، وتأكيدهم أن الإصلاحات الأخيرة الموصوفة بـ«الجريئة» ليست أكثر من «استعراض من أجل إرضاء إدارة دونالد ترامب».
هذا «النفاق» هو ما لمّحت إليه «منظمة العفو الدولية» في تعليقها على نبأ الاعتقالات وحملات التشهير التي أعقبته، حيث قالت إن «ادعاء ولي العهد السعودي أنه إصلاحي يتنافى مع حملة الاعتقالات التي طالت حقوقيين جاهدوا من أجل السماح للمرأة بقيادة السيارة»، داعيةً إلى الإفراج الفوري عن هؤلاء وعن «كافة معتقلي الرأي القابعين خلف القضبان بسبب عملهم في مجال حقوق الإنسان». وندّدت المنظمة بـ«حملة التشويه العامة التي قادتها السلطات السعودية ووسائل الإعلام التابعة للحكومة ضد الناشطين»، معتبرة ذلك «غير مبرّر على الإطلاق».
بدورها طالبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» بإطلاق سراح المعتقلين معتبرة أن «حملة الإصلاحات التي أطلقها ابن سلمان تثير قلق الإصلاحيين السعوديين الحقيقيين الذين يتجرأون على الدفاع علانية عن حقوق الإنسان وتحرير النساء». وقالت مديرة المنظمة في الشرق الأوسط: «يبدو أن الجريمة الوحيدة التي ارتكبها هؤلاء الناشطون تكمن في أن رغبتهم في رؤية النساء يقدن السيارات سبقت رغبة محمد بن سلمان بذلك».
ورأت «منظمة القسط لحقوق الإنسان» من جهتها في اعتقالات ليل الخميس ــ الجمعة «دليلاً على أن السلطات غير جادة في الإصلاح، وأن كل ما تدعيه هو للدعاية فقط»، في حين وصفتها «المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان» بأنها «جزء من نهج الحكومة ضد أفراد ساهموا في أن تأخذ قضايا حقوق الإنسان حيزاً على الصعيد العالمي» معتبرة أنها «تبعث برسالة ترهيب إلى بقية النشطاء بهدف الحد من أي نشاط مستقبلي».
المزيد في هذا القسم:
- السعودية.. قضية "إرضاع الكبير" تثير جدلا بين مدير "الهيئة" السابق في مكة ومغردين المرصاد-متابعات أثارت قضية "إرضاع الكبير" جدلا بين الداعية الإسلامي، أحمد الغامدي، المدير العام السابق لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة بالمملكة ال...
- العبادي يعفي فالح الفياض من كافة مناصبه الحكومية المرصاد نت - متابعات قطع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمس الشكّ باليقين مُصدِراً قراراً رسمياً بإعفاء رئيس «هيئة الحشد الشعبي» مستشار الأمن ا...
- مادورو يؤكد عزمه على الحلّ السلمي: وواشنطن تشترط تركيز المحادثات على رحيله ! المرصاد نت - متابعات مرة جديدة أظهر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو دعمه للمسار السلمي في البلاد إذ تعهّد قبل بدء المحادثات المقررة في النروج بين ممثلين عن حك...
- الحظر الأميركي الجديد .. بداية الحروب التجارية؟ المرصاد نت - عامر محسن لا ينبئ الحظر الإلكتروني الأميركي الجديد، فحسب بخسارات كبرى لشركات الطيران المتمركزة في الخليج والشّرق الأوسط بل قد يكون بداية لسياسة ح...
- انهيار جيب واشنطن في التنف ..والجيش يجهز لعملية عند المثلث الحدودي المرصاد نت - إيلي حنا تُنسج تفاصيل الاتفاق الأميركي ــ الروسي في سوريا بعيداً عن الإعلام والتصريحات الرسمية جولات متعددة من الكباش الدبلوماسي والتراشق السياسي ...
- تحالف «المحمّدين» يجدّد نفسه: جنوح نحو استراتيجية تهدئة! المرصاد نت - متابعات كثيرة هي اللقاءات بين الرجلين لكنّ زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أمس إلى الإمارات ولقاءه ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، يستحوذان عل...
- هجوم «المحمدَين» يتعثّر: رهانات خاسرة... إلى حين؟ المرصاد نت - دعاء سويدان تشارف الأزمة الخليجية على دخول شهرها الرابع من دون أي بوادر لحل يعيد وصل ما انقطع بين «الأشقاء». ومع مرور تلك الفترة المست...
- قمة بين الرئيسين الكوري الجنوبي والشمالي غداً المرصاد نت - متابعات أعلنت سيول أن رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن سيلتقي غداً الجمعة نظيره رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون عند الخط العسكري الفاصل. رئيس ا...
- فلسطين : المقاومة تتأهّب... و«حماس» و«الجهاد» إلى القاهرة المرصاد نت - هاني إبراهيم أبقت المقاومة الفلسطينية على جاهزيتها تحسّباً لأي عملية عسكرية إسرائيلية غادرة خصوصاً مع تلميح بنيامين نتنياهو إلى مرحلة ثانية من ال...
- نهاية «حرب داعش» في العراق: انتصار يفتح الباب لـ«معارك» مختلفة المرصاد نت - متابعات راكم العراق مشاكل طويلة على مدى سنوات «سلمه» وحربه الطويلة أثقلت كاهله في الحرب ضد «داعش» واليوم مع إنهاء سيطرة ا...