المرصاد نت - رشيد الحداد
تعزّز الرياض وجودها العسكري في المحافظات الجنوبية بعد تسلّمها في الأيام الماضية من أبو ظبي المواقع العسكرية التي كانت تشغلها الأخيرة. تسليم وتَسلّمٌ يأتيان تنفيذاً لاتفاق جدة، الذي ستُشكّل بموجبه حكومة تجمع فريقَي «الشرعية» و«الانتقالية»، تحصيناً لجبهة العدوان قبيل أي مفاوضات يمكن أن تفتح عليها الوساطات الدائرة حالياً على خطّ الأزمة اليمنية.
تسلّمت السعودية رسمياً خلال الأيام الماضية، الملف الأمني والعسكري في مدينة عدن جنوب اليمن حيث أحلّت قواتها محلّ القوات الإماراتية التي أخلت مطار عدن وميناء الزيت بعدما حوّلته إلى ميناء عسكري لها على مدى ثلاث سنوات وسلّمت الرياض مقرّ قيادة «التحالف» في مديرية البريقة كما انسحبت من قاعدة العند العسكرية في محافظة لحج، تنفيذاً لاتفاق جدة الذي رَعَتْه المملكة بين «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي لأبو ظبي من جهة وحكومة هادي من جهة أخرى والذي لم تُعلَن بنوده بعد بسبب خلافات بين الطرفين على بعضها وفق ما يبدو. هكذا تتداول دول تحالف العدوان السيطرة على مدن جنوب اليمن تزامناً مع حلول الذكرى الـ56 لـ«ثورة 14 أكتوبر 1963» ضد الاستعمار البريطاني وذلك في إطار «تسوية» تستهدف إنهاء تنازع القوى المحلية الموالية لـ«التحالف» وتحصين جبهة الأخير قبيل إعطاء الضوء الأخضر لاستئناف المفاوضات السياسية التي تنشط على خطّها الوساطات الإقليمية راهناً.
وفقاً لمصادر محلية في عدن فإن السعودية عزّزت وجودها العسكري المحدود في المدينة خلال اليومين الماضيين عن طريق استقدام قوات ومعدّات وآليات إلى قصر معاشيق حيث توجد قوات تابعة للمملكة منذ عدة أشهر. وتفيد المصادر بأن تلك التعزيزات تُعدّ دفعة أولى من تجهيزات سعودية لإقامة قاعدتين لقوات «التحالف» في عدن. من جهتها تتحدث مصادر عسكرية عن وصول قوات سودانية برفقة ضباط وعسكريين سعوديين أول من أمس إلى المدينة موضحة أن هذه القوات ستُسنِد نظيرتها السعودية التي بدأت تتسلّم مطار عدن الدولي من القوات الإماراتية قبل عدة أيام. أما السجون السرية الإماراتية في عدن والتي يبلغ عددها قرابة 12 سجناً فلا يزال يكتنف مصيرَها الغموضُ حتى الآن في ظلّ تصاعد المطالب بسرعة الإفراج عن المئات من الجنوبيين المعتقلين من قِبَل القوات الموالية للإمارات خلال الأعوام الماضية.
وعلى الرغم من بدء التنفيذ الفعلي لاتفاق جدة، إلا أن التوتر لا يزال قائماً بين قوات «الانتقالي» والقوات الموالية لهادي في محافظتَي أبين وشبوة في وقت تتراجع فيه حدّة التوترات في محافظة حضرموت (شرق) بعدما عزّزت السعودية وجودها العسكري هناك خلال الأسبوع الماضي. ويتواصل التحشيد المتضاد في أبين في ظلّ أزمة ثقة متجددة بين الطرفين إذ استقبل عدد من مناطق المحافظة على مدى الأسابيع الماضية قوات ضخمة موالية لحكومة هادي تم الدفع بها من حضرموت والمهرة ومأرب توازياً مع إعادة استقدام أخرى من منفذ الوديعة ومن جبهات الحدود لمواجهة تشكيلات «الانتقالي» التي تلقّت خلال الشهر الجاري تعزيزات عسكرية كبيرة كانت وصلت ميناء عدن.
وفي ظلّ وصول تعزيزات حكومة هادي إلى مناطق العرقوب وشقرة ومودية أطاحت الإمارات قائد ميليشيات «الحزام الأمني» الموالية لها في المحافظة العميد عبد اللطيف السيد السبت الماضي من منصبه واستبدلت به قائداً آخر وذلك على خلفية تموضع القوات المناوئة لها في معظم مديريات أبين. وبحسب مصادر محلية فإن «الانتقالي» حاول تعزيز مكاسبه في أبين بعد سقوط شبوة تحت سيطرة خصومه الشهر الماضي لكن سيطرته ظلّت محصورة بزنجبار وسباح وسرار ورصد وأجزاء من مديرية خنفر مقابل تمركز قوات فريق «الشرعية» في مديريات المحفد والوضيع وجيشان ومودية ولودر وأحور وشقرة وأجزاء من خنفر وهي مديريات تمثل الجزء الشرقي من المحافظة وتتيح هامشاً واسعاً للتقدم نحو عدن. وتقول المصادر نفسها إن تراجع مكاسب «الانتقالي» على الأرض أسهم في تراجع مكاسبه السياسية في حوار جدة، وأدى إلى قبوله عدداً من الحقائب الوزارية في إطار حكومة جديدة من المتوقع أن تُشكَّل خلال الأسابيع المقبلة.
العشرات من الناشطين الجنوبيين اعتبروا انضمام «الانتقالي» إلى حكومة فريق «الشرعية» «خيانة لدماء شهداء الجنوب وبيعاً للقضية الجنوبية بثمن زهيد ومقابل مصالح سياسية لا تعكس مطالب الجنوب ولا تلبّي تطلّعاته إلى استعادة الدولة الجنوبية» الهدف الذي دائماً ما سوّق له المجلس مستغلّاً عاطفة أنصاره. لكن الموالين لـ«الانتقالي» يرون أن الأخير استطاع تحقيق مكاسب سياسية للمرّة الأولى منذ تشكيله، فيما عمدت وسائل الإعلام التابعة له إلى الترويج لفكرة تمكّنه من عقد «شراكة طويلة المدى» مع السعودية ستكون لها «انعكاسات إيجابية» على الأوضاع في الجنوب وعلى مركزه في المحافظات الجنوبية مستقبلاً.
على النحو المتقدم يسوّق «الانتقالي» للانتداب السعودي الجديد بعدما قضى أعواماً في التزلّف للإمارات وخدمة أجندتها وذلك في مقابل شراكة في السلطة التنفيذية بعيدة عن الأهداف «الحالمة» التي كان المجلس يحشد الشباب الجنوبي للقتال تحت رايتها. وفي هذا الإطار اتهم «تحالف قبائل المهرة» «الانتقالي» بعرض تسليم المهرة للسعودية مقابل تمكين المجلس من حكم الجنوب معتبراً «هذا العرض بتسليم جزء مهم من الوطن غير مفاجئ، لكون الانتقالي بات مستعداً لأن يسلّم الجنوب كله لدول الاحتلال مقابل سلطة شكلية».
المزيد في هذا القسم:
- بعد معارك استمرت لأكثر من خمسة أيام.. 'نهم تبتلع جيوش العدوان'! المرصاد نت - متابعات تمكن الجيشُ واللجانُ الشعبية من السيطرةِ بشكلٍ كامل على جبهة نهم شرق صنعاء وعلى أجزاء من محافظة مارب بعدَ أسبوعٍ من المعاركِ العنيفة.. وا...
- إطلاق صاروخ باليستي على تجمع للمرتزقة بالجوف المرصاد نت - سبأ أطلقت القوة الصاروخية للجيش واللجان الشعبية صاروخ باليستي على تجمعا لمرتزقة العدوان السعودي الأمريكي بمحافظة الجوف. وقال مصدر عسكري أن القو...
- هل تلعب واشنطن آخر أوراقها في معركة الحُديدة قبل وقف النار؟ المرصاد نت - قاسم عز الدين الضغوط المتنامية على السعودية والدول الداعمة لها في الحرب على اليمن تأخذ أبعاداً غير مسبوقة تنبىء بأن واشنطن لم تعد تستطيع الاستمرا...
- واشنطن لن تُسلّف تنازلات: نحو مفاوضات على «الحلّ الإنساني» المرصاد نت - لقمان عبدالله تكثّفت خلال الأسابيع الماضية جهود المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث لاستئناف مشاورات السلام في السويد بين القوى الوطنية في صنعا...
- وقفات احتجاجية استنكاراً لموقف الأمم المتحدة من العدوان في مختلف المحافظات المرصاد نت - متابعات نفذت قبائلُ الطوقِ الشماليِّ بمحافظةِ صنعاءَ وقفةً قبليةً حاشدةً استنكروا فيها التواجدَ الأمريكيَّ في اليمنِ واستمرارَ القتلِ والحصار ...
- غريفيث يعزّي بأستشهاد الرئيس الصماد والمشاط يؤدي اليمين الدستورية تحت قبّة البرلمان المرصاد نت - متابعات تتالت أمس ردود الفعل الداخلية والخارجية على اغتيال الرئيس صالح الصماد وبرز من بين تلك الردود موقف المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن الذي وص...
- مؤتمر صحفي لممثل الأمم المتحدة بصنعاء المرصاد نت - متابعات عقد الممثل المقيم للأمم المتحدة اليوم الإثنين مؤتمراً صحفيا له بالعاصمة صنعاء حيث أرجع سبب تفاقم المعاناة الإنسانية إلى ضعف تموي...
- نزيف الدم اليمني … وصمة العار الأبدية المرصاد نت - متابعات مرّت حوالي ثلاثة أعوام ونصف العام على بدء الحرب العدوانية ضد اليمن"26 اذار-مارس 2015" شهدت خلالها صورا مأساوية مؤلمة قل نظيرها في تأريخ ا...
- الجنوب اليوم .. انفجارات ومعارك وكمائن لقيادات عسكرية واحتجاجات! المرصاد نت - متابعات صدت قوات الحزام الأمني التابعة للإمارات في مديرية احور بمحافظه أبين أمس الخميس هجوما لقوات حكومة هادي وحزب الإصلاح بانجاه مبنى الأمن العا...
- واشنطن وأبوظبي .. إستداره لتحسين صورتهم القبيحة في اليمن! المرصاد نت - متابعات كل المؤشرات تتضافر لتأكيد رغبة أميركية بتدشين محادثات مع صنعاء تهدف إلى وقف حرب اليمن. رغبة واشنطن تظهر كعامل معجّل قد ينبئ بمفاجآت قريبة...