المرصاد نت - متابعات
بعد أكثر من أربع سنوات من مشاركتها في الحرب على اليمن ، وأمام تنامي الإحساس بالتهديد بفعل تطورات الأزمة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية ، تقف الإمارات بصغار وخيبة من انخفاض المكاسب المتوقعة التي كانت تسعى إليها سواء في حربها على اليمن أو من تحالفها مع الولايات المتحدة الأمريكية ومن تزايد الخسائر المتحققة التي كانت تهرب منها.
أبرز تطور حصل في الأسبوعين الماضيين قرار الإمارات الانسحاب من المستنقع اليمني لأسباب قال مسؤولون إمارتيون إنها “تكتيكية واستراتيجية”، تمهيداً للانتقال بعد هذه الخطوة إلى “استراتيجية سلام” لحل الأزمة . الوضع المستجد بين ايران والولايات المتحدة الامريكية والذي لا تقف تداعياته على طرفيها المباشرين فقط، وارتفاع أسعار النفط، واضطراب طرق إمداداته، وضرب السفن واحتجازها، واسقاط الطائرة الأمريكية، ومكان وقوع الحرب وأهميته بالنسبة إلى الاستقرار والأمن في العالم، كل ذلك يعتبر تغيّراً خطيراً في بيئة الخليج عموماً وقواعد الاشتباك بين أطراف الصراع، واحتمالات التدحرج إلى مواجهات لا تقف عند سقف ومجال محدد .
وبناء عليه يمكن تسجيل الملاحظات الآتية على خلفية القرار الإماراتي بالانسحاب :
1ـ اليأس من تحقيق انتصار ناجز وواقعي بعد اربع سنوات من الحرب .
2ـ الهرب من تبعات الهزيمة .
3ـ الخوف من توسيع القوات اليمنية المشتركة ضرباتها عبر المسيرات والصواريخ البالستية لتتطال عمق الأراضي الامارتية .
4 ـ الخوف من تضرر حركة الاستثمارات المالية والعقارية فيما لو استمرت الحرب على هذا المنوال .
5ـ الانقسام داخل العوائل الامارتية الحاكمة وخصوصاً بين أبو ظبي ودبي واختلاف المقاربات حول الملف اليمني والإيراني. ففي حين تفضل دبي بشخص الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم الانسحاب والتراجع والتموضع الهاديء لحسابات تتصل بواقع دبي الذي يعتمد وجودها ونموذجها على الاستقرار والجاذبية التجارية، نجد أبو ظبي بشخص الشيخ محمد بن زايد ال نهيان مأخوذاً بالسقف الأمريكي السعودي في التشدد مع الحالة اليمنية ومع التهديدات الايرانية حيث يتمنى ان تخوض الولايات المتحدة الامريكية حرباً ضد ايران بالوكالة لاعادة رسم المعادلات في المنطقة، لكنه في الوقت ذاته يخشى من تدحرج الأمور الى حرب شاملة لا يقوى على تحمل نتائجها على استقرار حكمه .
6 ـ التمايز والاختلاف بين السعودية والامارات حول أهداف العدوان وتضارب المصالح الميدانية حيث عمدت الامارات على سبيل المثال الى سحب قواتها بعيداً عن العاصمة ومن معظم مواقعها في محافظة الحديدة تجنباً لمزيد من الخسائر البشرية والمادية، وفي الوقت الذي تعتبر الامارات أنّ معركتها في اليمن معركة نفوذ وسيطرة على باب المندب وميناء عدن وموانىء بحر العرب النفطية في الجنوب ، تعتبر السعودية أنّ معركتها هي معركة وجود وعمق أمني واستراتيجي وايديولوجي .
7 ـ فشل المبادرات الأممية يضع الإمارات بين خيارين الأول الاستمرار في الحرب دون أفق واضح واستنزاف بشري وسياسي واقتصادي مؤلم ، والثاني الانسحاب للحد من الخسائر، والتموضع في سياق تسوية تحفظ لها بعض المكاسب وتحمي جزءًا من دورها في اليمن.
8 ـ جذب اهتمام الإيرانيين للعب دور في التهدئة والتسوية تسمح من جانب آخر بفتح كوة في جدار الأزمة الإيرانية الأمريكية على قاعدة نخرج من اليمن في مقابل التفاوض من جديد مع الإدارة الأمريكية حول النقاط ١٢ التي وضعها وزير الخارجية مايك بومبيو لرفع العقوبات.
9 ـ اقتناع الإماراتيين أنّ أمريكا لا تريد الحرب بل تخشاها وتسعى عبر وسطاء لتخفيض التوتر، فالأولى لها حينئذ أن تنخرط في مبادرات السلم لا في مناورات الحرب .
10 ـ خشية الإمارات من أن يؤدي تكرار الصدامات في مياهها الإقليمية إلى الانزلاق في مواجهات محدودة أو واسعة وأنها لو استمرت على موقفها وتموضعها ستتحمل الأضرار والثمن الغالي في استقرارها وأمنها.
خلاصة: يمكن أن يكون الموقف والقرار الإماراتي تعبيراً عن الانزياح في موازين القوى داخل اليمن ومحاولة من الإمارات الهروب من إعلان هزيمة حتمية لقوى تحالف العدوان. فضلاً عن صراع الأجنحة بين العوائل الحاكمة وتحسسهم حراجة التوازن القائم بين إيران والولايات المتحدة في لحظة صراعية لا تحتمل المغامرات. نعم هي خطوة احتجاج وامتعاض وخوف وقلق وخشية من الآتي الذي يتطلب مراجعة نقدية لحسابات الربح والخسارة وحسابات الحرب والتسوية . الإمارات في موقف حرج وموقفها بالانسحاب زادها حراجة أيضا فلا هي قادرة على الاستمرار في الحرب ولا التراجع عنها ولا التموضع بالطريقة التي تريدها هي تبدو منطقية لحلفائها في لحظة استقطاب واحتشاد لمواجهة القوى المنافسة !
قراءة : د. صادق النابلسي
المزيد في هذا القسم:
- استشهاد وإصابة 40 مواطناً بغارات للعدوان في الجوف! المرصاد نت - متابعات استشهد وأصيب 40 مواطناً بغارات لطيران العدوان السعودي استهدفت تجمعاً لهم عند حطام الطائرة التي أسقطتها الدفاعات الجوية بمديرية المصلوب بم...
- مسودة للأمم المتحدة تضع التحالف السعودي في القائمة السوداء لقتل الأطفال في اليمن المرصاد نت - متابعات أعلنت «منظمة الصحة العالمية» أمس ارتفاع حالات الوفاة بوباء الكوليرا في اليمن إلى 2134. وقالت المنظمة في تقرير إنها «...
- لماذا يبدو صالح الكاسب الوحيد في حرب اليمن؟ المرصاد نت - متابعات ظاهريّاً قد يبدو لنا جميعاً أن المخلوع صالح أكثر الخاسرين في هذه الحرب فبسببها عوقب دوليّاً وُوضع تحت الفصل السابع؛وبسببها أيضاً بات مطارد...
- ندوة للتجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة بعنوان "الجنوب والعدوان السعودي علي الي... المرصاد نت - متابعات نظم التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة في العاصمة المصرية القاهرة ندوة علمية تحت عنوان (احتفالية بالذكرى الـ (65) لثورة 23 يوليو؛...
- الحرس الوطني السعودي إلى حدود اليمن بتدريب وإمداد أميركي المرصاد نت - لقمان عبد الله ما نقلته مجلة «فورين بوليسي» عن مسؤولين أميركيين وفيه قولهم إنّ «الغارات الحدودية والهجمات الصاروخية التي يشنها ا...
- الاتحاد الأوروبي يعلن استئناف برنامج المساعدات ويدعو لحوار يوقف العدوان المرصاد نت - متابعات شددت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في اليمن ماريا أنتونا كالافو اليوم الإثنين على أن الحل في اليمن هو سياسي سلمي عبر الحوار والمفاوضات للتو...
- كيف وصلت أسلحة أمريكا إلى القاعدة باليمن؟ المرصاد نت - متابعات صُنعت في ولاية تكساس الأمريكية وصُممت للتضاريس الوعرة ومقاومة المتفجرات وهجمات الكمائن ويحظر القانون بيعها ونقل ملكيتها لغير الحكومات لكن...
- استمرار التصعيد الشعبي ضد الجرعة والحكومة وتوافد قوافل الدعم الى ساحات الاعتصام على ضفاف ا... تتواصل فعاليات التصعيد الثوري الشعبي التي وصلت الى اقتراب مرحلتها التصعيدية الثالثة حيث يتوافد الالاف من المواطنين من العديد من المديريات والمحافظات الى تلك الس...
- المتهم الرئيسي باغتيال الديبلوماسي الفرنسي ضابط في الفرقة الأولى مدرع .. وأحد التكفيريين ا... "وائل عباد الوائلي" الذي قُتل خلال الاشتباكات وأحد المتهمين باغتيال الدبلوماسي الفرنسي وعضو الخلية المخصصة للاغتيالات : هو من منطقة وادي آل أبو جبارة "بم...
- انباء عن مؤتمر جنوبي استثنائي في القاهرة للتصويت على قرار عودة العطاس تداولت مواقع اخبارية خبر التحضير لعقد اجتماع قيادات جنوبية في الخارج لمناقشة عودة بعض القيادات والمشاركة في السلطة خلال المرحلة القادمة ووصف موقع عدن الغد ان ال...