المرصاد نت - متابعات
الحرب والمجاعة والأوبئة والنزوح والانهيار الاقتصادي عناوين باتت تقترن باسم اليمن وترحل معه إلى العام الجديد 2019. كما تتصدر معاناة اليمنيين تقارير منظمات الأمم المتحدة وعناوين وسائل الإعلام الدولية مع دخول البلاد العام الخامس من العدوان والحرب على اليمن.
وفي ظل الدعوات المتلاحقة لإيقاف النزاع ومحاولات التهدئة في مدينة الحديدة التي يمثل ميناؤها شريان الحياة للبلاد، أعلن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك عن الحاجة لتوفير أربعة مليارات دولار أمريكي خلال 2019 من أجل توفير المساعدات الإنسانية والتخفيف من معاناة اليمنيين الذين تقتلهم المجاعة إلى جانب الحرب والأوبئة التي تفتك بهم.
تصف حنان البدوي مسؤولة الإعلام والاتصال بمكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث العام المنصرم 2018 بـالفترة السيئة على اليمنيين وما لحق بهم من معاناة إنسانية.
لكنها قالت إن هناك أملا بالانفراج خلال العام الجديد 2019 في حال تم تنفيذ اتفاق السويد وخصوصا ما يتعلق باتفاق الحديدة ومينائها الذي يعد الشريان الرئيسي لنقل المساعدات وكذلك واردات الغذاء إلى عموم اليمن. والأمر ذاته كان قد أكد عليه المبعوث الخاص لليمن مارتن غريفيث حيث قال إنه يأمل في أن يكون 2018 "آخر سنوات الصراع" ووصف حال اليمنيين فيه بـ"المروعة".
لكن هذا التفاؤل لا ينعكس على توقعات مراقبين ومحللين يعتقدون أن المستقبل لا يزال قاتما أمام اليمنيين وأن هنالك الكثير من العقبات التي لا تزال تواجه اليمنيين، من أجل استعادة دولتهم وتحقيق الاستقرار الاقتصادي وإنهاء المعاناة الإنسانية التي ترحل معهم للعام الخامس على التوالي.
وفي ذات الوقت الذي تشير فيه توقعات الأمم المتحدة إلى ارتفاع أعداد المحتاجين لمساعدات إنسانية خلال 2019 لتصل إلى نحو 24 مليون يمني يشكلون نحو 75% من عدد السكان يحذر برنامج الأغذية العالمي من خطر تحول اليمن إلى بلد "للأشباح الحية" خلال الفترة القادمة في حال لم يتوقف القتال الدائر منذ أربعة أعوام.
ولعل أبرز الأسباب التي تثير مخاوف اليمنيين من استمرار أزماتهم الإنسانية خلال العام الجديد وفقا لتقارير دولية هو استمرار الحصار الذي يفرضه تحالف العدوان السعودي الإماراتي على البلاد واتخاذه تدابير متشددة فيما يتعلق باستيراد السلع الأساسية وتحكمه بالمنافذ الحيوية للبلاد كالموانئ وحتى المطارات إضافة لانقطاع مرتبات ما يقرب من مليون موظف يمني وهو ما يهدد بمفاقمة الأعباء عليهم ويدفعهم إلى بئر الفقر.
وبناء على معطيات الأمم المتحدة وأرقامها حتى نهاية 2018، فإن نصف سكان اليمن -حوالي 14 مليونا- لا يزالون يواجهون خطر المجاعة كما أن هناك ثمانية ملايين لا يعرفون من أين يمكنهم الحصول على وجبتهم التالية، فيما بات ثلاثة أرباع السكان -أكثر من 22 مليونا- بحاجة للمساعدات الإنسانية، من بينهم أكثر من 11 مليونا يصنفون باعتبارهم في “حاجة ماسة” للمساعدة للبقاء على قيد الحياة.
وليست المجاعة وحدها ما يهدد حياة اليمنيين الذين كشفت تقارير دولية أن أعدادا منهم باتت تأكل أوراق الشجر حيث تضاعفت أعداد المصابين بالأمراض والأوبئة يوما بعد آخر نتيجة استمرار الحرب وارتفاع أعداد النازحين الذين يقدرون بأكثر من ثلاثة مليين يمني مع الدخول إلى عام 2019.
وشهد العام المنصرم انتشارا كبيرا للكوليرا في اليمن صنف باعتباره الأسوأ في التاريخ إضافة إلى الدفتيريا والحصبة والجدري وحمى الضنك والإنفلونزا وغيرها من الأمراض التي انتشرت خلال فترات الحرب.
وتحذر منظمات الأمم المتحدة من توسع رقعة انتشار هذه الأمراض والأوبئة خلال العام الجديد وازدياد ضحاياها في ظل انهيار الوضع الصحي في البلاد وتدهور الوضع المعيشي وانعدام الأمن الغذائي. ومن بين أبرز الأسباب التي تجعل المزيد من اليمنيين عرضة لتلك الأوبئة والأمراض هو تجمع المصابين في أماكن محددة يعيش فيها أغلب الفارين من جحيم الحرب في مخيمات مؤقتة للنازحين وذلك وفقا لتقارير اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
كما يقيم مئات الآلاف من هؤلاء مع عائلات مضيفة أو في مساكن عامة وبالتالي يكون انتقال الأوبئة المعدية أكثر سرعة وانتشارا.
ووفقا للتقارير الأممية فإن عدد المصابين بالكوليرا في اليمن تجاوز المليون فيما وصل عدد الوفيات بسببها إلى 2227 منذ أبريل/نيسان 2017 حتى نهاية 2018. أما الدفتيريا فقد بلغ عدد المصابين بها -وفقا لمنظمة الصحة العالمية - نحو 1300 شخص في البلاد وهي تفتك بواحد من بين كل عشرة مصابين، وقد تسببت في وفاة سبعين يمنيا خلال الفترة الماضية.
ولا تقف حرب الأمراض عند هذا الحد بل إن مئات الآلاف من اليمنيين يعانون من الإصابة بالفشل الكلوي والسرطان وأمراض القلب ومعاناة هؤلاء في ظل الحرب تزداد ولا سيما أن أغلبهم لا يجدون فرصة السفر للعلاج في الخارج، بسبب إغلاق مطار صنعاء الدولي فضلا عن عجزهم عن توفير تكاليف العلاج.
ومع بداية العام الجديد يأمل اليمنيون في أن تتخذ حكومة هادي مزيداً من الخطوات الحازمة لإنقاذ اقتصادهم الوطني من خلال اتخاذ المزيد من التدابير لمعالجة انهيار الريال اليمني بعد أن فقد أكثر من 30% من قيمته خلال الأشهر الأخيرة من عام 2018 وهو ما نتج عنه زيادة في أسعار المواد الغذائية بأكثر من 300% بالإضافة إلى زيادة مشابهة في أسعار المشتقات النفطية بحسب الباحث الاقتصادي اليمني عبد الواحد العوبلي.
الزيادة شكلت عبأ إضافيا على كاهل المواطن المحروم أصلا حتى من الراتب وعلى الرغم من محاولات الحكومة تخفيض سعر صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني خلال عام 2018 فإن تلك المحاولات باءت بالفشل وعاود الريال انهياره تدريجيا. وإن أبرز ما نتج عن انهيار العملة اليمنية كان ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية كما أن تحسن سعر الريال لم ينعكس على الأسعار بل على العكس فقد فاقم التحسن الشكلي لسعر صرف الريال من المشكلة.
وفيما يدخل اليمنيون العام الجديد بطموحات وآمال بأن يكون عام نهاية الحرب والمجاعة والأوبئة في بلد كانت السعادة يوما جزءا من اسمه يخشى قطاع كبير منهم من أن يدشن هذا العام دخول بلادهم عامها الخامس في حرب بين قوى إقليمية، لم يكن اليمنيون سوى وقود لها.
ولايبدو ان دول العدوان السعودي الإماراتي على اليمن جنحت للسلام وإيجاد مخرج سياسي للأوضاع هناك فبعد حالة الأمل التي طغت على معظم اليمنيين خلال الأيام والأسابيع الماضية بإيقاف الحرب على بلادهم وإحلال السلام خاصة بعد التوافق الغامض في السويد عادت المؤشرات للوراء نتيجة استمرار الخروقات والتصعيد من قبل هذه الدول وما تحيكها من مكائد سياسية لليمن واليمنيين.
مصادر يمنية مطلعة كشفت أن اتفاق السويد يواجه انتكاسة كبيرة بعد فشل الفريق الأممي المستقر في الحديدة في إيقاف الخروقات المستمرة من قبل قوات المرتزقة والقوات الأجنبية المتمركزة في محيط مدينة الحديدة وعلى امتداد الساحل الغربي، كما فشلت الأمم المتحدة في فتح طريق الحديدة صنعاء إثر تعنت قوات المرتزقة ورفضهم الانسحاب من الخط الفاصل بين كيلو 5 حتى كيلو 16 في هذه الطريق.
وكانت قوات الجيش واللجان الشعبية أعلنت عن تنفيذها المرحلة الأولى من عملية إعادة الانتشار وانسحابها من موانئ الحديدة التي نص عليها الاتفاق وسلمت هذه الأماكن لقوات خفر السواحل. غير أن دول العدوان رفضت هذه الخطوة وقالت إن هذه الموانئ يجب أن تسلم إلى قواتها، في إشارة واضحة لعرقلة عملية السلام في المدينة والخروج عن نص اتفاق ستوكهولم، وهو ما يمثل انتكاسة حقيقة وكبيرة للعملية السياسية والسلام في اليمن.
خروقات وتفسيرات العدوان للاتفاق الحاصل لم تكن فقط بشأن إعادة الانتشار الأمني في الحديدة وفتح الطرق والممرات الإنسانية، بل إن الغارات على الحديدة واستشهاد بعض المواطنين جراء القصف لازالت مستمرة، كما استقدمت الإمارات معدات عسكرية وقوات جديدة إلى الساحل الغربي، حيث أفادت مصادر يمنية أن ثلاث سفن محملة بالعتاد العسكري وصلت إلى المخاء وتم إرسال هذه القوات إلى الساحل الغربي.
ويعتبر إرسال هذه القوات مخالفة صريحة لنص الاتفاق الذي أكد على عدم إرسال تعزيزات عسكرية جديدة إلى جبهات الساحل الغربي وتشير هذه المعطيات على نية أبوظبي في الانقضاض على الاتفاق وإفشاله بعد أن فخخت الساحل بالعديد من المليشيات.
المؤشرات على انتكاسة عملية السلام وعدم رغبة دول التحالف لم تقتصر على الساحل الغربي واتفاق السويد بل ظهرت خلال الأيام الماضية مؤاشرات كبيرة جداً على نية السعودية في استمرار عدوانها.
وإذا ما أخذنا بالاعتبار كل هذه المؤشرات، يتضح جليا أن اتفاق السويد يواجه انتكاسة حقيقة وأن نوايا دول العدوان لازالت مبيتة، وأن هذه الدول لم تمل حتى الآن من دماء اليمنيين، بل إنها على مايبدو مصرة على قتلهم بشكل جماعي، نظراً لتفاقم الأوضاع الإنسانية وانتشار الجوع والمرض، خاصة في المناطق التي يسيطر عليها الجيش واللجان الشعبية.
المزيد في هذا القسم:
- لقاءات سرية تفضي إلى إتفاق أولي لتنفيذ المرحلتين الأولى والثانية من إعادة الانتشار! المرصاد نت - متابعات قالت مصادر سياسية ان الجنرال مايكل لوليسغارد سيعود إلى اليمن للاشراف على تنفيذ المرحلتين الأولى والثانية من إعادة انتشار القوات في موانئ ...
- أكثر من 18 خلية إرهابية تنشط في مدينة عدن... عدن على صفيح ساخن! المرصاد نت - متابعات تصاعد حدة التوترات والخلافات وما رافقها من تحشيدات عسكرية واتهامات سياسية وحملات إعلامية متبادلة بين فرقاء مرتزقة ومليشيات التحالف السعود...
- مجلس الأمن يعقد غداً الأثنين جلسة خاصة لمناقشة أوضاع اليمن! المرصاد نت - متابعات افادت مصادر مطلعة بأن مجلس الامن سيعقد غدا الاثنين جلسة لمناقشة الأوضاع في اليمن وحسب المصادر فأن المجلس سيستمع لإحاطة من المبعوث الأممي ...
- «أسوشيتد برس»: شبكة سجون سرّية في اليمن بإشراف إماراتي وأميركي! المرصاد نت - متابعات كشف تحقيق أجرته وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية اليوم عن وجود شبكة سجون سرية في جنوب اليمن تديرها القوات الإماراتية وعن اختفاء ...
- اليمن ساحة الصراع الخلفية .. وأهم أسباب انهيار حلف الخليج المرصاد نت - متابعات من الممكن أن نعتبر اليمن ساحةً خلفيةً للصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط، فهي أرضٌ تقوم عليها – بشكل أقلّ من سوريا – حروبٌ با...
- بعد مرور عامين.. هل يعي التحالف وتجار الحروب بأن الحل في اليمن لن يكون إلا سياسياً؟ المرصاد نت - معروف درينكلنا نعلم أن العدوان على اليمن بدأ في 26مارس2015م وقد أعلن ذلك سفير النظام السعودي في الولايات المتحدة الامريكية عادل الجبير أي أن الع...
- سكان الحديدة يتظاهرون اليوم احتجاجاً على استمرار انقطاع التيار الكهربائي.. تظاهر الالاف من مواطني مدينة الحديدة اليوم الثلاثاء في مسيرة غاضبة سارت بالشوارع الرئيسة بمدينة الحديدة للتنديد بانقطاع التيار الكهربائي المستمر الذي ...
- هل تعقد الجولة الجديدة من المشاورات اليمنية في الكويت؟ المرصاد نت - متابعات أفاد مصدر في الأمم المتحدة بأن الجولة الجديدة للمشاورات اليمنية ستكون في نهاية كانون الثاني/ يناير أو بداية شباط/ فبراير القادمين يأتي ذل...
- شوهد جوارها " انتماؤك لحزب الاصلاح يعزز من مكانتك الاجتماعية والوطنية " صواريخ كاتيوشا ف... نشرت وسائل إعلام مساء امس مقاطع فيديو كشفت عن ترسانة اسلحة تنوعت بين صواريخ الكاتوشا والعبوات المتفجرة إضافة الى كمية كبيرة من...
- معاناة المغترب اليمني تعكس الحقد السعودي على اليمن أرضاً وأنساناً المرصاد نت - متابعات هاجمت قوات أمنية سعودية مساكن المغتربين اليمنيين في حي البطحاء في الرياض بالساعات الأولى من فجر اليوم السبت واعتقلت العشرات منهم في خطوة ...