من يعرقل عملية السلام في اليمن ؟ ولماذا ؟

المرصاد نت - متابعات

تتعالی الأصوات المطالبة بوقف العدوان على اليمن من كل مكان ويتفق الجميع أن الحل في اليمن لن يكون إلا سياسياً وإن الحسم العسكري لن يكون ولن يحل أزمات اليمن المتعددة.. لكن لماذا لاSanaaaa2018.11.29 يلزم المجتمع الدولي السعودية بإيقاف عدوانها على اليمن؟ ولماذا تتعثر عملية السلام منذ أربعة أعوام؟ ومن يعرقل الإتفاق بين اليمنيين؟

 في الحقيقة إنه لأ يختلف اثنان على ان النوايا الشريرة والأهداف التوسعية لمحمد بن سلمان ومحمد بن زايد في اليمن تقف حجر عثرة أمام أي تحركات لتحقيق السلام في هذا البلد حيث لأزال يصر المحمدان على أستمرار عدوانهم وحروبهم على اليمن بهدف السيطرة الكاملة على البلاد وتحقيق العديد من الأهداف السياسية والأقتصادية التي دخلوا الحرب من أجلها وأهمها خلق زعامة وقيادة لهم على دول الجزيرة العربية ولعب دور القوة الإقليمية المؤثرة في الشرق الأوسط غير أن هذه الأهداف لم تتحقق ولم يستطيعوا أن يفرضوها على اليمنيين بعد أربعة أعوام من الحرب نظرا للمفاجئة التي أظهرها اليمنيون من خلال مقاومتهم المستميتة وصمودهم الأسطوري الذي أذهل جميع المحللين الإستراتيجيين وشعوب العالم.

ويأتي هذا الصمود في ظل حصار مشدد وحرب غير متكافئة نظرا لعامل التسلح والوضع الاقتصادي التي تعيشه هاتان الدولتان مقارنة باليمن والاوضاع التي يمر بها هذا البلد من عام 2009 حتى اليوم ومنها الصراعات السياسية والثورات المتتالية وانهيار المؤسسة العسكرية بالاضافة الى التحاق العديد من الشخصيات العسكرية والحكومية بصفوف العدوان ومساندتها للسعودية والإمارات في حربهما على اليمن.

وفي ظل وضوح الدور السعودي والإماراتي في عدم رغبتهما في تحقيق السلام وعودة جميع الأطراف الى طاولة المفاوضات وإيجاد حلول سلمية ومرضية لجميع الأطراف اليمنية فإن الدور الأمريكي في أستمرار الحرب والصراعات في اليمن لا يقل أهمية عن الدورين السعودي والإماراتي بل ان العديد من المحللين السياسيين يرون ان دور واشنطن في أستمرار العدوان على اليمن أكثر تاثيراً خاصةً في هذه المرحلة.

ورغم ان أمريكا مشاركة بشكل رسمي ومباشر في العدوان العسكري على اليمن من خلال الدعم اللوجستي وغير اللوجستي فإنها ترى في أستمرار الحرب فرصة ذهبية من خلال بيع الأسلحة للسعودية والإمارات بصفقات كبيرة لم تتصورها واشنطن سابقا وكذلك الأموال الطائلة التي يتقاضونها من خلال دعمهم السياسي والعسكري والمخابراتي للنظامين السعودي والإماراتي في هذه الحرب التي أصبحت أحد عوامل الاستحلاب الترامبي للأموال الخليجية.

ومع كل هذه المشاركة وهذا الدعم اللأمحدود من قبل الإدارة الأمريكية فقد حاولت واشنطن خلال الأربعة أعوام الماضية مراراً وتكراراً التنصل من المسوولية الأخلاقية لهذه الحرب خاصة بعد المجازر البشعة التي أرتكبتها الطائرات السعودية والإماراتية بحق الشعب اليمني وكذلك ظهور الازمة الإنسانية المتمثلة بانتشار الأوبئة والأمراض والمجاعة التي أجتاحت البلاد من شمالها الى جنوبها ومن شرقها الى غربها بسبب تدمير البنی التحتية واخضاع البلاد لحصار شديد براً وجواً وبحراً وحاولت الإدارة الأمريكية أن تظهر نفسها بانها محايدة وانها تسعى الى ايجاد حلول للازمة وتقديم العديد من المبادرات الشكلية التي لم تصل الى طريق ولم تكن حقيقية باي شكل من الاشكال، وفي نفس الوقت فان الولايات المتحدة كانت تشدد على دعمها للنظام السعودي والإماراتي بل وتساعدهم ميدانياً خاصة في احتلال مناطق معينة بالساحل الغربي لليمن.

ومع أعتراف الولايات المتحدة بأن الحرب السعودية الإماراتية على اليمن أحدثت وضعاً إنسانياً صعباً ودمرت البلاد بشكل كامل الا انها كانت تبرر هذا العدوان البربري بانه يحارب ما تسميه بالنفوذ الإيراني في اليمن حتى لو كان ثمنه إبادة شعب باكمله.

ولم تكتفِ أمريكا بذلك بل ذهبت هي والنظامان السعودي والإماراتي في بعض مؤتمراتهم الصحفية ومسرحياتهم السياسية الى تحميل مسؤلية تدهور الوضع الإنساني وأستمرار الحرب للجمهورية الإسلامية الإيرانية تحت مبرر دعم إيران بالاسلحة لحركة انصار الله وإن ذلك أطال أمد الحرب في اليمن حسب زعمهم.

 وتاتي هذا الاتهامات في ظل معرفة الجميع بالحصار المطبق الذي يفرضه تحالف العدوان على اليمن براً وبحراً وجواً واستحالة تقديم اي دعم لليمنيين في مثل هذه الظروف بل ان واشنطن تناست انه لو لم يكن هناك دعم سعودي وإماراتي للمرتزقة بهذا الشكل لما شنت هذه الحرب أساساً بل ان الموافقة الأمريكية والدعم الأمريكي للنظامين السعودي والإماراتي وحثهم على غزو اليمن وضربه بالصواريخ والطائرات والقنابل الأمريكية واعطائهم غطاء سياسياً لارتكاب أبشع الجرائم والمجازر ادى بشكل قطعي الى هذه الكارثة بحق اليمنيين.

وقد كشفت العديد من المنظمات والشخصيات السياسية والحقوقية الدور السلبي لواشنطن في اليمن وان الإدارة الأمريكية لا ترغب في ايقاف هذه الحرب نظرا للفوائد المادية والسياسية والاقتصادية عليها فيما أعتبر العديد من المحللين ان النظامين السعودي والإماراتي مجرد ادوات في يد الإدارة الأمريكية.

وفي أحدث المواقف من هذه المنظمات الدولية التي تعتبر بعضها منظمات أمريكية دعت خمس منها باعتبارها من أكبر منظمات الإغاثة الدولية الولايات المتحدة إلى وقف دعمها العسكري للمملكة السعودية والإمارات  محذرة من استمرار الدعم الأمريكي وتحمل واشنطن مسؤولية ما قد تكون أكبر مجاعة في العقود المقبلة.

وأصدرت هذه المنظمات بياناً مشتركاً وهي أوكسفام - كير - لجنة الإنقاذ الدولية - منظمة أنقذوا الأطفال - ومجلس اللاجئين النرويجي. وجاء في البيان الذي يعتبر شهادة على الدور الامريكي السلبي أن الدعم العسكري الأمريكي يطيل امد الحرب في اليمن مضيفة أن توفيرالدعم العسكري والدبلوماسي المكثف للسعودية والإمارات ادى الى إطالة الحرب وعمق الأزمة الإنسانية باليمن وان لهذه الأزمة عواقباً فورية وشديدة على البلاد وأن المدنيين من يدفعون الثمن.

وبهذه الأشارة الواضحة من أكبر المنظمات الإنسانية وأكثرها مصداقية يتبين أن واشنطن أكبر المعيقين لعملية السلام في اليمن بأعتبارها الداعم الأول والأكبر لأستمرار بن سلمان وبن زايد في حروبهم ومغامراتهم باليمن.

ومن هذا المنطلق فإنه إذا توقفت المشاركة والدعم الأمريكي في هذه الحرب نستطيع أن نتحدث عن نوايا سلام في اليمن بأعتبار بن سلمان وبن زايد لا يستطيعان الأستمرار بمفردهما في الحرب على اليمن كما أن قطع الدعم العسكري والمادي عن المرتزقة اليمنيين على الارض سوف يجبرهم للجلوس إلى طاولة الحوار والبحث عن حلول للأزمة السياسة الداخلية فتاجر الحرب اليمني الذي يقيم في قصور الرياض وأبوظبي والمتسلح بصواريخ وطائرات وقنابل أمريكية وأموال سعودية إماراتية طائلة لن يميل للسلام والحوار وإيجاد حلول إلا بعد تجريده من كل هذه الامتيازات والضغط عليه للجنوح للسلم وأنقاذ ملايين البشر من الموت جوعاً.

لذلك فمن الواضح ان السلام في اليمن لايزال بعيداً رغم المأساة والأزمة الإنسانية الكبيرة جداً إلا إذا حصل تغير مهم وكبير في أمريكا من خلال الضغط على إدارة  ترامب في ايجاد حلول سلمية في اليمن تبدا بالتخلي ولو سياسياً عن بن سلمان والضغط عليه في إطار إيقاف حربه الهمجية على الشعب اليمني.

وفي هذا الاطار ومع أهتمام وسائل الإعلام الأمريكية في الأونة الأخيرة بموضوع الأزمة الإنسانية في اليمن وكذلك تكاثر ردود الأفعال المنددة بالحرب داخل الكونغرس الأمريكي والنخبة السياسية فان هناك تحركات جديدة لايقاف الحرب حيث أعلن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي بوب كوركر إن الكونغرس سيصوت قريباً على إنهاء التورط الأميركي في حرب السعودية باليمن غير ان العديد من المحللين يرون ان التحرك في الكونغرس قد لايؤدي الى ضغط حقيقي على ترامب وحكومته بخصوص إيقاف الدعم للسعودية بأعتبار ان الولايات المتحدة تحكمها شركات الضغط والأسلحة وهذه الشركات لا يفيدها إيقاف العدوان والحرب بل أن أستمرار هذه الحرب في صالحها.

قراءة : عبدالرحمن راجح - كاتب وإعلامي يمني

المزيد في هذا القسم: